|
التخطيط الفني والتخطيط الاقتصادي
محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 2052 - 2007 / 9 / 28 - 09:48
المحور:
الصحافة والاعلام
مجلة الشرارة النجفية التي تصدر عن محلية النجف للحزب الشيوعي العراقي،من المجلات الرائدة في نشر الوعي الثقافي والسياسي في العراق،تمكنت رغم عمرها القصير من أثبات وجودها في الساحة العراقية بما تنشره من مواضيع حساسة تعالج الهم العراقي وقضايا فكرية وسياسية وثقافية،تتسم أطروحاتها بالجرأة والمصداقية البعيدة عن الانغلاق والتقوقع،مما جعلها تأخذ طريقها وسط الكم الهائل من الصحف والمجلات،بما تعبر عنه من وجه شيوعي ناصع،يستهوي طلاب الفكر الحر والثقافة التقدمية. وقد أشرف على تحريرها أساتذة أكفاء،فقد رأس تحريرها الأستاذ الفاضل أحمد الموسوي أبن أخ الرفيق الخالد سلام عادل"حسين أحمد الرضي"وأدار تحريرها الصحفي والشاعر والفنان كاظم السيد علي، يعاضدهم نخبة من خيار الكتاب والصحفيين،وشاء سوء الحظ أن أحشر بين كتابها،فأفردت لي مشكورة صفحتها الأخيرة لأبثها شجوني ونجواي،بسلسلة مقالات ارتأت لها هيئة التحرير عنوان دبوسيات أبي زاهد،وأكرم ما أسمتها فلو كان الأمر لي لأسميتها عبوات أبي زاهد لأميد الأرض تحت أقدام الخونة والمفسدين،فكان أن طلبت صورتي فأجهدت نفسي في عمل الماكياج،وأتعبت المصور في تجميل الصورة وتحسينها،لتكون لائقة لمجلة يطالعها الآلاف،فكان أن خرجت صورتي خالية من التجاعيد والغضون التي عكرت وجنتي وجبهتي،ونمقت الشعيرات التي تغطي صلعتي، ولكن هل يصلح العطار ما أفسد الدهر،فكانت والحق يقال أحسن من السابق،تظهر ما تظهر من حسنات،وتخفي ما تخفي من سيئات. وبعد أعداد قليلة فاجئني أخي ورفيقي الفنان كاظم السيد علي بمهاتفة،أنه خطط لي صورة ستزين مقالاتي أجهد نفسه في تخطيطها والعناية بها،لتظهر قسماتي وملامحي بشكل أجمل وأروع وأحسن وأكمل من الصورة السابقة،فحمدت له صنيعة،وأظهرت له شكري على عنايته بشخصي الضئيل،فلا زال في نفسي ما يدفعني للظهور بمظهر جميل في عيون الحسان،وما فتئ قلبي يتراقص بين جوانحي لمرأى الجمال،ولا زال شعري يتغزل بالكواعب الترب،والنواهد الشهب،ويردد أغاني الحب،فالنفس الشاعرة تتصيد الجمال أينما وجد،فانتظرت صدور العدد الجديد بفارغ الصبر،لأرى صورتي الجديدة،وافاجيء زوجتي بما لزوجها من جمال،ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه،وربما تصطدم الآمال بما يجعلها تعود القهقرى ناكصة تطاردها عوامل الفشل،فقد فوجئت عند صدور العدد،بما أحال فرحتي إلى حزن ،وبهجتي إلى غبن،فقد أحالها إلى رسم كاريكاتيري مضحك،تعافها العين وتمجها النفس،وتصدم من يراها،فقد جعل غضون وجهي أنهار وسواقي،وأعيني غائرة بين المآقي،وخطوط جبهتي مربعات سريالية، وصلعتي ساحة جرداء قاحلة من الشعر،وانفي يحاكي الجبال الشم بقمته العالية،وعيوني كثقوب المصفاة الناعمة،فما أسرع ما أخفيت الشرارة عن زوجتي، فقد تفكر بهجري بعد أن بان عجري وبجري، ولعنت التخطيط ومن أبتدع التخطيط،فهذه التخطيطات اللعينة هي وراء كل التشوهات والتعقيدات التي رافقت البناء الجديد،فكما كانت تخطيطات الرفيق كاظم قد شوهت صورتي،وعقدت حياتي،فقد كان فشل التخطيط في العراق وراء كل الإخفاقات والتداعيات الخطيرة الطارئة على الاقتصاد العراقي،فالفوضى الخلاقة التي مدت أطنابها في كل مفاصل الاقتصاد الوطني أضرت بالملايين من أبناء شعبنا،والمشاريع الارتجالية،والأعمار العشوائي وراء هذا التردي والانحطاط في العراق،ووزارة التخطيط والتعاون الإنمائي على ما يبدوا لا تدرك ماهية التخطيط،ولا ضوابطه أو أصوله،فالوزارات والمحافظات والدوائر كل يغني على ليلاه،ويخطط على هواه،فإذا قامت مديرية البلديات بتبليط الشوارع،فما أسرع ما تقوم مديرية الماء والمجاري بأعمال الحفر لمد شبكة الماء،أو أنابيب المجاري،وما أن تصلح البلديات ما أتلفت المجاري،حتى تسارع وزارة الاتصالات لمد خطوطها الهاتفية،وبذلك طبقنا الشعار الخالد،يد تبني وأخرى تهدم،وكل دائرة تضع خططها بمعزل عن الدائرة الأخرى،في تصور باهت لأساليب العمل الفيدرالي،وربما أن العدوى تنتقل إلى كل المفاصل الحيوية في العراق،فتقوم وزارة البيئة بتهديم ما تشيده وزارة الصناعة،لعدم مطابقته لشروط البيئة الصالحة،وما تقوم به الداخلية من اعتقالات للإرهابيين،تصلحه المحاكم العراقية بإطلاق سراحهم لعدم كفاية الأدلة، وقد نتقدم أكثر بهذه الاستقلالية فتقوم المدارس بإلغاء المناهج الدراسية المركزية والاستعاضة عنها بمناهج محلية توافق توجهات هذا أو ذاك،وربما ينسحب الأمر على الدوائر المختلفة،فيكون لكل دائرة اجتهادها،ولكل مديرية خططها،وكل محافظة تصوراتها،وبذلك يختلط الحابل بالنابل،وتنعدم الشرائع والقوانين.وتبقى وزارة التخطيط عاكفة على إرسال أزلامها للاشتراك بالدورات التطويرية،والمؤتمرات الدولية والإقليمية،وتصرف ملايين الدولارات فيما لا يغني عن جوع،فلا ندري ما هو التطوير والتغيير الحاصل في التخطيط العراقي،فلا زلنا نراوح في ذات المكان الذي كنا فيه،رغم جهد الوزارة في عقد اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية،والسوق الأوربية المشتركة،وجمعيات مريدي المباركة،وإصدار أوامرها المقدسة في رفع أسعار الوقود،ورفع الدعم عن البطاقة التموينية،وإلغاء رواتب المتقاعدين،وخصخصة منشأة الدولة،وتطبيق اقتصاد السوق،وتفعيل قانون الاستثمار والاستئثار والاستعمار،تعاضدها وزارة النفط الميمونة،والمالية المصون، في تشريع قانون النفط و"اللفط" ليكثر البلع والسرط ،وفتح المصارف اللاربحية المطابقة للمواصفات الإقليمية،وحبذا لو تستعين الوزارة الكريمة بالخبير الإستراتيجي في التخطيط المشوه كاظم السيد علي فسوف يغنيها عن ألخبراء الألمان والأسبان والطليان والحمران والصفران،فخبراته مما ينفع الوزارة للخروج من محنتها،بما يملكه من عقل نير في التخطيط والتفريط،وخبرات في الرسم السريالي والتخطيط الإمبريالي،وما سوف يبدعه من رسوم تخطيطية يستطيع من خلالها تغيير كل التصورات والبيانات التي عليها العالم في القرن الواحد والعشرين.ضحك سوادي الناطور حتى استلقى على قفاه حينما سمع ما قرأته وقال(رادله كرون كصوا اذانه،وصاحبك أجه يكحلها عماها،حسبالي يردك شباب،لكن هاي هي الوادم تبخل بكلشي حتى بالصوره الزينه،لو مخليك على الأولية أهواي أحسن،ما ادري خايف عالحبر،لو خايف تطلع أحلا منه،وفصلك وجه ما ينطلع بيه،وهذي نتيجة التخطيط،لو يصعدك للكمر لو ينزلك للكاع،واذا ظلينه بوره كاظم وتخطيط كاظم،نبقه طول عمارنه نركض والعشا خباز،ومن وره التخطيط والتسفيط ضاع الكدر علينه،وما عرفنه أولها من تاليها،وصارت كلمن أيده اله،أوحده بالشام أوحده بحلب،واحمد الله وأشكره زين ما سواك قرقوز...!!!
#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما ذا يحدث داخل القائمة العراقية
-
لغة البطون ولغة العيون
-
دولة العراق الأسلامية..هل هي أسلامية
-
الزمان والمكان في روايات غائب طعمة فرمان
-
سياحة عدنان الظاهر في عالم المتنبي
-
ومظات من تاريخ الحزب في الفرات الأوسط
-
مقاهي الشيوعيين في القاسم
-
أجتثاث الطائفية ،الطريق لبناء العراق الجديد
-
الحقوق المنسية لضحايا 8 شباط الأسود
-
هروب السجناء
-
ذوله وين...وأحبه وين
-
شمرّ بخير ما يعوزها غير الخام والطعام
-
السيف البتار لمن يقول أن المطر من البخار
-
موقف المرأة من رجال الدين
-
تجارة الجنس..تجارة لن تبور!!!
-
المفاهيم الدينية في الدارمي
-
الأثراء غير المشروع
-
الرجل العنكبوت
-
تيتي تيتي مثل ما رحتي أجيتي
-
أعادة أعمار معامل القطاع العام
المزيد.....
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا
...
-
-غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
-
بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال
...
-
في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
-
5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
-
قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا
...
-
خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة
...
-
اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال
...
-
اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|