|
العرب والألعاب الأولمبية !!
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 2050 - 2007 / 9 / 26 - 03:32
المحور:
عالم الرياضة
ما سرُّ عدم اشتراك معظم العرب في منافسات ألعاب القوى المتنوعة في الألعاب الأولومبية ؟ سؤالٌ أطرحه على نفسي كل أربع سنوات ، عندما يحين موعد الألعاب الأولومبية . فللعرب مجالات محدودة لا يطورونها أبدا ، فهم غائبون عن ألعاب الجمباز والقفز والرقص والسباحة وكثير من الرياضات الأخرى ، وهم لا يتواجدون إلا في ملاعب كرة القدم وبعض منافسات الجري . فما يزال كثيرٌ من العرب يمارسون (لذة) الفرجة على تلك الألعاب في سرهم فقط ، وما يزال أكثرهم أيضا يحرمونها في علنهم باعتبارها إثما وخطيئة لما فيها من عُري! غير أنني أرجعتُ سبب ابتعاد العرب عن كثير من ألعاب الأولمبياد إلى أسباب أخرى أضعها في صيغة أسئلة: هل يعودُ السببُ إلى عداوة العرب التقليدية مع أمة اليونان والرومان وأنهم ما يزالون يتذكرون الحروب الأولى ، وبالتالي فإن كل ما ينتجونه مكروهٌ ومحظور ؟ أم أنه يعود إلى أن أمة العرب ما تزال ترى في الرياضات [ وضاعة] وخسة ، فلا يمارسها إلا الطائشون الفاشلون الفاسقون ؟ أم أن رياضة الأولمب تتنافى ورجولتهم وشهامتهم وإبائهم الضيم ؟! أم أن الرياضة الوحيدة التي يعشقها العرب هي رياضة دخول الحروب بالسيوف والرماح والذخائر وما يتبعها من كرٍّ وفرٍّ؟!! أم أن العرب لهم رياضتهم الخاصة بهم والتي لا ينافسهم فيها أحد ، وهي رياضة [ الألسنة] ! التي ما تزال رائجةً حتى اليوم عندهم فقط ، فما تزال دول العرب مغرمة بإقامة الأمسيات الشعرية ، ومبارزات القوافي ، حتى أنهم أسموها [ مطارحات] شعرية ؟! وأمة العرب – رعاكم الله وأبقاكم – قادرة على إيجاد ملعبٌ أولومبي من كلمة [ لغوية] واحدة فعندما نرجع إلى قاموسٍ عربي متوسط الحجم فإننا نجده [ يفصِّل] من كل كلمة ملعبا واسعا ! وعلينا أن نفتخر بهذا المخزون اللغوي الثرّ وعلينا أن نعتبره أيضا أحد أهم بدائل الألعاب الأولومبية . ولنأخذ مثالا واحدا على لعبة [ المطارحات] الشعرية الأولومبية !! فمن معاني كلمة المطارحات : المطرح : هو الملعب أو المكان .. وتشمل أيضا ما يطرحه اللاعب على جسده من ألبسه ! الطُرُوح : هي القسي (جمع قوس) الشديدة الدفع للسهم وهي اللعبة التي تجري في الملعب السابق ! الطَّرّاح : اللاعب المنتصر الفائز بالذهبية ، والطِّرَاح هو المكان الواسع أي الملعب المملوء بالجمهور ! المطروح : هو المهزوم الذي يخرج من الملعب ! المطارحات : فهي الحروف والكلمات والقصائد التي تُطرح في ملعب الأولومبياد الشعري !! إذن فمن يرغب في رؤية ألعاب العرب الأولومبية ، عليه أن يفتح القاموس العربي أو المعجم - لما فيه من عجمه - على أية كلمة عربية فإنه سيجد فيها ما يروقه من معانٍ ! هكذا إذن بقينا نلعب طوال قرون ألعابا أولومبية في رياضة فن (شكل أواخر الكلمات) في (صالة) سيبوبه وابن جني والمبرد والزجّاج وفي رياضةالرقص على ألحان الأوزان والقوافي والأشطر والمسمطات والمخمسات في ملعب [جمنيزيوم] الخليل بن أحمد الفراهيدي ، أما لعبة تجريد الكلمات من ألبستها الزائدة وقلبها ففي[استاد]ابن منظور ... أما في لعبة المترادفات والمتشابهات والمتقاربات ففي [المجمع الرياضي] للفيروزأبادي . وما سبق كان سببا من أسباب انصراف أمة العرب عن ألعاب الأولمب ، غير أن هناك سببا آخر ، وهو سببٌ نفسي ، فنحن نعتقد اعتقادا راسخا بأن بذل جهد وتدريب طويل لفرد واحد أو مجموعة صغيرة حتى تفوز في الأولمبياد هو عبثُ ما بعده عبث ، وجهدٌ غير مشكور، فقد تطغى النُّعرات على المنافسات ، ويشتد الخصام بين المدربين والمتنافسين وتطغى الخصومات على الغاية الرئيسة ، وهي رفعة الوطن، لتصبح رفعة المسؤول عن إدارة تلك المنافسات . وبالإضافة إلى ما سبق فإن الوطن العربي ما يزال مغلقا في مجال [ منح الجنسية] حتى للمبدعين العرب الذين يتكلمون اللغة نفسها ، والبارزين من غير العرب ، وذلك من منطلقاتنا العربية ، وهي المحافظة على نقاء سلالتنا النقية!! ومنعا من تلويث (جينتنا) الطاهرة ! فعندما تفكك الاتحاد السوفيتي اختطف العالم الرياضيين والرياضيات واشتروهم ليس بالجنسيات فقط بل بالملايين ، أما نحن فاشترينا صفقات الأسلحة القديمة واستوردنا بعض الجميلات ليعملن في الفنادق ، وبعض الراقصات في الملاهي فقط لا غير ! فما يزال الوطن العربي حتى اليوم هو الوطن الذي يُهاجر منه ... لا الذي يُهاجر إليه ! كما أننا ما نزال على الرغم من ادعائنا بالتحرر والتقدم ومواكبة الحضارة ، وركوب قطار الألفية ننظر إلى رياضات النساء نظرتنا إلى الفاسقات الفاجرات المستهترات ، وما نزال نربط بين عريهن في صالات الرياضة ، وعريهن على أَسرَّةِ النوم ، وأن كل من تفعل ذلك في الملعب ستفعل الشىء نفسه عند طالب المتعة ! ولا يمكننا أن نتخيل بأن الفتاة قد تكون رياضية وصاحبة خلق رفيع ومبرزة في دراستها أو منتجة في عملها ، وأنها لا تختلف عن الرجل في شيْ أبدا ، بل قد تتفوق عليه ! وأخيرا يبدو أنني نسيتُ أمرا آخر ، وهو أننا لا نعشق ألعاب القوى والمنافسات الفردية في الأولمبياد لأنها لا تولِّد الشحناء والبغضاء مثلما تولده رياضة كرة القدم مثلا ، فالكرة تستدعي العنصريات وتعيد لنا [ المطارحات] والنزاعات وحتى الاقتتال ! وأعجب ما في الأمر أننا ما نزال نفاخر العالم بأننا نملك أروع سلالات الخيول ... وأن أفضلها هي الخيول العربية الأصيلة .. وكان مفروضا أن نتزعم نحن البطولات ألألومبية العربية لمسابقات الخيول ، غير أننا بقينا عند فخرنا الأزلي بنقاء سلالة خيولنا ، ولم نغادر هذا الفخر لنبنى رياضات فروسية عربية منتجة ومشجعة لأبنائنا ... والغريب أننا تركنا سلالة الخيول العربية لأهل رياضات الأولمب يكاثرونها ويتبنونها ويجلبون الأموال والأرباح يضيفونها إلى أوطانهم فخرا ... وتركوا لنا منها اسمها [ الخيول العربية] لنستمتع بالتسمية ونبتسم لهم قائلين : كثّر الله خيركم !!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جماهيرية غزة العظمى!
-
جماهيرية غزة العظمى !
-
مجالس [ نتف الريش] !
-
البحث عن غريب في رواية ( أزمنة بيضاء) لغريب عسقلاني
-
مخاطر احتكار الإعلام
-
إقصاء الشاعر معين بسيسو عن غزة !
-
اللغز!!
-
اللغز !
-
من طرائف أمة العرب
-
التنوير عند أحمد أمين !
-
تفخيخ العقول بمتفجرات الجهالات !
-
هل يمكن تنفيذ برنامج الكاميرا الخفية في فلسطين ؟
-
الحرب (المائية) الثالثة !
-
الحرب (المائية) الثالثة !!
-
كتيبة المليارديرات في إسرائيل
-
اغترب تصبح ثريا أو عبقريا
-
اغترب تصبح ثريَّا أو عبقريا
-
عصر الانتداب التجاري
-
هل معظم الأحزاب العربية أحزاب ( نكاية) ؟
-
من إنسان ( متفجر) إلى إنسان متحرر.
المزيد.....
-
خوان ماتا يقتفي أثر بيكهام ويستثمر في الدوري الأميركي
-
-فاتنة الحلبة-.. الحسناء سيدني تخرج عن صمتها بعد أن اشعلت من
...
-
بالفيديو.. رقصة ترامب تجتاح عالم الرياضة
-
سان مارينو المنتخب -الأسوأ- عالميا يكتب التاريخ في دوري الأم
...
-
غارة إسرائيلية -تقتل حلم- بطلة لبنانية في كرة القدم وتدخلها
...
-
بالأرقام.. هالاند يهدد أرقام الأسطورة كريستيانو رونالدو التا
...
-
لامين جمال يثير قلق برشلونة قبل مباراته في ملعب -بالايدوس-
-
مانشستر سيتي يحدد مبلغا ضخما مقابل تجديد عقد هالاند
-
مصر.. مبادرة إنسانية من النني تجاه عائلة اللاعب الراحل محمد
...
-
فيفا يُحقق في 50 حالة -اتجار- بلاعبين قاصرين في كتالونيا
المزيد.....
-
مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
/ ميكايل كوريا
-
العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء
/ إدريس ولد القابلة
المزيد.....
|