أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - التحول في التركيبة الإجتماعية















المزيد.....

التحول في التركيبة الإجتماعية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2054 - 2007 / 9 / 30 - 11:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يقول الأديب المهجري ميخائيل نعيمة: إن الإنسان في العملية الأدبية يرى نفسه ونبضاته في نبضات غيره... وتطور بذلك الأدب وتطورت معه الحياة العامة وتطورت الملاحم الأدبيةوالقصص البلاغية والرقص والغناء إلى مادة فنية كالشعر والكتابة المسرحية( ).

إن هذه الأشكال الأدبية وخصوصاً القصة القصيرة نتيجة رؤيا فردية لمجتمع تحول من العيش داخل الجماعة والمشاعات إلى العيش داخل المدن مع إستقلال الفرد عن الجماعة، وبذلك أصبح الفرد يعرف قيمة نفسه وهذا عمل على إشاعة مذهب الفرد، وهذا فعلاً ما حصل مع العقاد، إذ أن حياته الطويلة وإعتماده على نفسه في نجاحاته عمل على تعزيز الفردية لديه، أما الحياه التي عاشها سلامه موسى وخصوصاً تصرفات أنسابئه معه حين رد عليه زوج أخته، كل الفدادين والأطيان التي كان أبوه سجلها بإسم أخواته، وكان يقول سلامه موسى عن أب زوج أخته أنه رجل مخلص ونبيل ولولاه ما حصلنا على شيء من أرض أبي، وبذلك فقد أثرت حياة الناس والجماعة على فكر سلامه موسى، وأثرت النجاحات الفردية على حياة العقاد، وأصبح لدينا نموذجين مختلفين، سلامه موسى المتطور والذي عاش طويلاً وهو يمجد الشعب ولغته. والعقاد الذي عاش تحت تأثير التغيرات الاجتماعية، التي حولت إنتماء الفرد من الجماعة إلى مؤسسات قانونية تعني بالفرد وتهتم بمصلحته ومشاكله الإقتصادية بعد أن كان يعيش الإنسان تحت حماية الجماعة مثل القرابة والعشيرة والعائلة الممتدة.

إن التحول في التركيبة الإجتماعية عملت على تطوير حياة الفرد، لذلك أصبح الفرد يعيش ويحيا بفضل عِلمه الشخصي وإرادته القوية والتنافس الحقيقي مع الآخرين وفرض الذات بقوة الشخصية.

وهذه الأمور هي التي وضعت تناقضاً واضحاً بين العقاد الذي عاش طوال عمره يكتب ليس من أجل الكتابة ولكن من أجل أن يبقى الأدب (أرستقراطياً) أما سلامه موسى فقد عاش عمره ليكون الأدب شعبياً، كي يكتب مؤلفوه بلغة الشعب، أما العقاد فقد كتب بلغة الأرستقراطيين، وقد إنتقد إحسان عبدالقدوس كتابات العقاد بهذا وقال:
"الفرق بين العقاد والآلة الكاتبة: هو، أن كلام الآلة الكاتبة مقروء". وهذا إنتقاد لإرستقراطية العقاد الفكرية.

ومن الممكن أن تكون القراءة الكثيرة قد ساهمت في تعزيز مفهوم الفردية والوحدة في حياته، وقد لا يكون هذا الكلام صحيحاً بدليل أن سلامه موسى أيضاً كان كثير القراءة وكذلك أغلب الاشتراكيين حيث أن الفردية لم تسيطر عليهم بل سحقوها من خلال إحترامهم وتقديرهم للحياة العامة والجماعة.
ولكنني أتفق مع مجيه الذين وصفوه بقولهم عنه:- أن العقاد محامي العباقرة".

وإذا أخذنا دراسة الشخصيات العبقرية في كل الحضارات نجد أن العبقري: شخص خارج على المألوف وبهذا عرَّف العقاد العبقري بقوله: إن العبقري لا يدين بكثير لبيئته ووراثته بقدر ما يدين لعبقريته وحدها وبهذا فإن العقاد لا يهتم بدراسة البيئة والظروف المحيطة بقدر ما يهتم بمفتاح الشخصية الذاتية العبقرية.
وقد قال عنه صلاح عبدالصبور: العقاد لا يقر بالشعب كما يقر بعظمة الفردية وهو من أكثر الناس إحساساً بذاته( ).
وأعتقد أن مناداة العقاد بمذهبه الشعري قد عزز لديه مفهوم الفردية حين رفض أن يكون الشعر تعبيراً عن الذي يجري خارج الذات الإنسانية، بل إعتبره تعبيراً عن الذي يجري داخل الذات الإنسانية، وهذا كلام مقبول ومقنع أما ما هو غير مقنع فهو حجة العقاد القائلة:
"لماذا يتخلى الأدب عن إمتيازه وينسى نفسه قل لهؤلاء الناس، هل يستشيرونا حين يذهبون إلى السوق لشراء ربطة عنق".

إن هذا المثل للعقاد يكشف بوضوح عن المعسكر الرأسمالي، والحياة التي عاشها سلامه موسى كانت تطورية أكثر منها إشتراكية. والتطور الذي يدعو إليه سلامه موسى يقهر روح الفرد ويخضعه للجماعة والبسطاء ويجعل من حياتهم ذات اهمية كبرى، فهو يراهن في جميع كتاباته على أهمية العامل والصانع ورجل الشارع العادي الذي يجلس على المقاهي وفي دور السينما، ويرفض ارستقراطية الحياة، التي لا تعتبر الاهمية في الحياة إلا للنخبة فقط، وأصحاب النخبة يصنعون القرار بمعزلٍ عن حياة الجاهير، وفي نهاية المشوار الطويل لحياة هذين الرجلين، تظهر ثورة 1952م وهي ثورة الضباط الاحرار، وتنقلب موازين الحياة رأساً على عقب ويستلم الضباط الاحرار مراكز الدولة في كافة قطاعاتها، ويطاردون اللصوص والمرتشون وتحل لعنة حقيقية على عملاء الإنكليز وصحفهم ومجلاتهم وتظهر الحياة بطعم جديد يشارك في صنعها العمال والبسطاء والمثقفون وتنتهي إسطورة الغرباء ولأول مرة يحكم مصر فيها المصريون أنفسهم بأنفسهم وتكون الغلبة فيها للجيل الجديد ويحمل الملك فاروق حقيبة سفره ويغادر مصر بلا رجعة، ولكن الحياة بعد ذلك تعتريها التناقظات، ويدب الخلاف بين أساتذة الجامعة المصرية في القاهرة، وينقسمون إلى فريقين، فريق يرى ثورة الضباط الاحرار على أنها إنقلاب عسكري، لم يشارك فيها الشعب بل النخبة ، وفريق يراها، ثورة إجتماعية وزعت الاراضي على الفلاحين وحاربت الإقطاع بكل أشكاله، وهذا النوع من الحياة مصبوغ بطابع سلامه موسى، وبذلك تكون أهمية الجماعة قد تحققت في حياة سلامه موسى، وخصوصاً مع ظهور الفنانين الجدد أمثال كمال الطويل ومحمد الموجي وعبدالحليم حافظ، وصلاح جاهين، وينتهي العصر التقليدي، ويظهر زمن المصريين بحلتهم الجديدة، يغني به عبدالحليم شبانة( ) بإحساس الفقراء ويذكرنا بزمن سيد درويش، وتكون كل الكلمات التي يغنيها تعبيراً ومتنفساً عن الضغط الطويل الذي عاشت به البسطاء من الناس، ويكون للغزل والرومنسية غرض واحد وهو نشدان الرفاهية التي يحلم بها كل مكبوت جنسي وعاطفي فالرومنسية الجديدة تعبير صريح عن حلم البسطاء في الحياة الجميلة التي طالما إنتظروها.

ولكن هذا الحلم لم يتحقق إلا على المستوى النظري والعاطفي، ففي مقابل ذلك تتحقق فلسفة العقاد الفردية، حين يرفض الضباط الاحرار إقامة إنتخابات سياسية حرة ونزيهة، وبنصيحة من (سليمان حافظ) ويوافق الضباط الاحرار على إنتزاع الدستور وإلغاء دعوة مجلس النواب للإجتماع وحجة سليمان حافظ واضحة وهي أن الإنتخابات الحرة سوف تؤدي إلى برلمان (وفدي) وكان سليمان حافظ من أشد اعداء الوفديين الذي يتزعمهم مصطفى النحاس، الذي شكل أكثر من خمس مرات حكومة وفدية في (العهد البائت) أيام الحكومة الملكية والثرايا، وبذلك يقع الإضطهاد مرة أخرى على الشعب المصري، ويطارد المثقفون والأحرار والإخوان المسلمين ويسجن منهم عدد كبير ويعدم منهم عدد قليل بحجة محاولة إغتيال (جمال عبدالناصر) اثناء خطاب له في الإسكندرية، ويعطل الدستور النيابي ويعتقل (اللواء محمد نجيب) الذي كان على حسب تعبير (توفيق الحكيم) عبارة عن (بجماليون الضباط الاحرار) ويقول توفيق الحكيم في كتابه (عودة الوعي) إننا رأينا أشياء كثيرة تتحقق مثل خلع الطربوش الذي نادى بخلعه صحفي مصري: وهو: محمود عزمي ، في فترة العشرينات، ولمسنا أشياء جوهرية في حياتنا مثل إلغاء الألقاب والباشوات مع إنهيار النظام الإقطاعي، ولكن أتساءل وهذا على لسان توفيق الحكيم: أين كنا نحن المفكرين والمثقفين على كل حال كنا منبسطين لطرد الملك فاروق فلم نلتفت لخطورة ضياع الحياة الدستورية لأننا كنا خارجين من مرحلة فقد الدستور فيها قدسيته وأفسدت الديموقراطية إفساداً جعل منها مطية للإنتهازيين والمستوزرين.

وهذه المرة الثانية التي يضيع فيها الدستور، مرةً حين إعتلى الملك فاروق العرش وهو شاب صغير، حين صور له أنصاره أنه فوق الدستور ليقفوا هم من خلفه أمثال: علي ماهر، وأحمد حسين، وهذا على الرغم من إلغاء حركة الضباط الأحرار للألقاب مثل: يا صاحب الرفعة والسعادة وكنت أسخر في كتابي (تحت شمس الفكر) من هذه الألقاب وأبتسم حين أسمع عن رجل مثل (تشرشل) حين كان يلقب بلقب (مستر) وهو نفس اللقب الذي يحمله سائقه.

إن الحياة بكافة تفاصيلها بعد ثورة 1952م توقفت عند الحدود التي بدأت منها، ما عدى حياة الفن والطرب والتمثيل السينمائي، ولكن حياة المثقفين والشارع السياسي والحياة النيابية كانت تجلد وتضرب على مواقع حساسة من تحت الحزام، وعاد السياسيون يفكرون في غرف مغلقة ومظلمة، وبذلك إنتصر سلامه موسى على المستوى النظري والعملي بعد أن إنتعشت الحياة العامة والرومنسية وسقطت فلسفته في الحياة السياسية والبرلمانية، وإنتصرت فلسفة العقاد الفردية، مع مارافقها بعد ذلك من تطور الحياة السياسية بعد عبدالناصر، وبعد تطور المجتمع المصري وظهور الفرد بأهمية أكبر من أهمية الجماعة لقد كان عصر الثقافة العربية في مصر بين شد وجذب على مستوى الفرد والجماعة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام هوالجناح العسكري اليميني للزعماء العرب
- حياتنا في رمضان
- الشيوعية قادمة
- الزعماء العرب في مواجهة الديمقراطية
- سعر التكلفة +الربح الوسطي في السوق الماركسي
- العلمانية هي الحل :في العراق ولبنان وفلسطين !
- الرحالة كارل ماركس
- حياة الناس تتجه للتغيير والحكام والملوك العرب يقمعون التغيير
- المرأة مثل الإعلان تجدد نفسها بالتكرار
- البروتستنت والكاثوليك 1
- مأساة برونو : الدين للناس والإلحاد للعلماء 1548-1600م
- حياتنا كعرب
- المرأة تعادي المرأة
- مدينة بلا حب
- الحب النقدي
- رسالة من إمرأة مثلها مثله1
- الملك حسين رجل كبير في بلد صغير
- حياتنا العامة أحيانا ليس لها علاقة بالسياسة
- العلمانية والداروينية هي الحل
- من ذكريات عامل في الريف والمدينة


المزيد.....




- هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش ...
- القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح ...
- للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق ...
- لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ...
- مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا ...
- رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
- الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد ...
- بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق ...
- فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
- العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - التحول في التركيبة الإجتماعية