أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سيار الجميل - العراق رواندا جديدة ؟














المزيد.....

العراق رواندا جديدة ؟


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 12:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ان مشروع الشحن الطائفي الذي يجري في العراق بتغذية متعمدة من اطراف محددة ومعروفة انتج وباءً تاريخياً لا يمكننا تخيل ابعاده ابدا ، والمشكلة ان كل الاطراف لم تعترف كل واحدة بنصيبها من اشعال الفتن وارتكاب الاخطاء .. وانها لم تتراجع عن كل ما اقترفته من خطايا قادت الى المأساة . ان التفكير بالابادة الجماعية قائم لدى بعض العراقيين احدهم تجاه الاخر ، بل وسمعناه من اكثر من زعيم عراقي سابق ! ناهيكم عن بعضهم سمعته يقول : لولا الامريكان لاستطعنا ان نسحقهم جميعا ! اما الطرف الاخر ، فيقول لولا الامريكان لاكتسحنا هذا الاقليم ! ويعلق آخرون انه لولا العمل بالفتاوى لقضينا على هذه الطائفة تماما !
ان مشروع الابادة الجماعية يبدو انه كامن في عقلية البعض ممن يغرق في تعصياته تجاه طائفته او فصيلته او قوميته او حزبيته .. وهذا كما يبدو اليوم يترسخ شيئا فشيئا في شرائح معينة من مجتمعاتنا في الشرق الاوسط خصوصا ! ان الابادة الجماعية كما عرفتها اتفاقية جريمة الابادة والمعاقبة لسنة 1948 ، انها تتكون من افعال معينة " ارتكبت بقصد التدمير الكامل لجماعة قومية او عرقية او جنسية او دينية ، جزئيا او كليا ، باعتبارها كذلك .. وان ثالث ابادة حدثت في القرن العشرين هي التي جرت في رواندا عام 1994 .. اذ قتل ما بين نصف مليون ومليون انسان توتسي وهوتي معتدل بعد انقسام سياسي واجتماعي مرير ! فهل يمضي العراق الى الكارثة ايضا ان لم يحدث تغيير جذري في الاسس المبدئية والسياسية المعتمدة في العراق الجديد ، وان لم يجر اي تأسيس جديد يقوم على اساس الاعتراف بكل الاخطاء ، فسوف نبقى ننتظر ولادة عراق حضاري مثالي وهذا لن يحصل لسنوات قادمة بفعل الاخفاقات المتتالية التي منيت بها كل الجهود ..
لقد كانت الامم المتحدة ممثلة المجتمع الدولي برمته تدرك تماما ان جريمة كبرى ستقع في رواندا ، وان تشبث الحكومة الرواندية بالحكم وخططها التي تقضي بالاعتماد على طرف دون آخر ، فقاد ذلك الى مذابح جماعية مروعة للتوتسيين في شمال البلاد بين 1993 و1994 بعد حرب اهلية انقسامية قاسية استمرت لاربع سنوات .. وكان مصرع رئيس رواندا ذريعة لتنفيذ الابادة .. واشترك الاعلام باطلاق تعليمات الى فرق الموت التي تدعى انتراهاموي (: المقاتلون معا ) وبلغت حدة التصعيد على المذابح ، ودعمت القوات الرواندية المسلحة تلك الفرق ضد المدنيين التوتسيين والتجمعات المنعزلة .. ان ما يحدث في العراق يكاد يشابه الى حد كبير حالات الانقسام في رواندا وسيناريو التمزق الذي اعدّ من اطراف عدة لصراع اهلي دام اربع سنوات ..
ان الانقسامات التي يعيشها العراقيون اليوم وهم يعانون من الصراعات الاهلية ستودي بهم الى مجازر وتصفيات للاقليات السكانية ، وخصوصا في المناطق والبيئات المختلطة . وان مذابح الروانديين كانت على مشهد من العالم كله اعلاميا ، بل مع وجود قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة على الارض الرواندية .. وقد وقف كل افرادها جانبا وهم يراقبون الفلم المرعب حقيقة .. ان الموقف العربي لم يزل صامتا ومحتارا ولا يعرف ما الذي يفعله ازاء الصراع في العراق ، فاللعبة الدولية لم تكتف في ان تقف جانبا ، بل انها تدرك حجم التدخلات الاقليمية في العراق ، كما وتدرك ان الاثمان التي يدفعها العراقيون غالية جدا واننا نخشى ان تنتهي بمجازر وحروب ابادة ما دام الصراع الداخلي قد انتقل الى مراحل متدنية جدا .. وهي وصمة عار وصفحة مخزية من التاريخ .
ان ما حدث ويحدث في العراق من مذابح وتهجير واختطافات وتفجيرات وتفخيخات .. يفوق كثيرا في صوره المرعبة ما جرى في رواندا .. وكنا وما زلنا نجد المجتمع الدولي يقف عاجزا عن تقديم اي حلول ومعالجات عملية وجذرية .. وتكاد تكون الصورة مشابهة تماما كما اتذكرها كتلك التي جرت في رواندا التي افرشت الجثث المتعفنة ترابها . ان الاستئصال السكاني لهذا الطرف او ذاك من العراقيين لا يمكن ان نرجعه الى " الارهاب " فقط .. صحيح ان منظمة القاعدة كانت ولم تزل لها جرائمها القاتلة بحق العراقيين ، ولكن ثمة تعقيدات لا يمكن حلها بسهولة .
علينا ان نوفّر اية علاجات لايقاف الكارثة الزاحفة ، وان نخضع العراق كله الى انعاش وعناية مركزة .. وعلى العراقيين ان يجتثوا بأنفسهم كل عوامل الصراع الذي تغذيه اطراف متنوعة وتتوزع جيوبه وميليشياته وحواضنه في داخل العراق سواء تلك المعلنة التي تعمل نهارا.. او تلك التي تعمل تحت الارض ليلا . وكما حدث من تعتيم اعلامي كامل في رواندا ، فثمة تعتيم اعلامي او اعلام مضلل يجري في العراق اليوم الذي تؤهله الى حيث الابادة والتهجير.
اننا لا نريد ان يمّر العراق بتجربة رواندا في الابادة .. وعلى المجتمع الدولي ان يساهم في ايقاف هذا النزيف.. ان عمليات التهجير والقتل نتاج فعلي لحرب اهلية لا يمكنها ان تبقى ابدا كي تصل مرحلة الابادة .. وعلى العراقيين ان يعالجوا مسيرتهم كلهم ، ويفكروا بالتنازلات احدهم للاخر ، وان يدرك الحكام الجدد بأن السلطة لا تحتكر ، وعلى المعارضة ان تدرك بأن الوطنية لا تحتكر هي الاخرى . وليدرك العراقيون ان تجربة الاختلاط والزيجات بين التوتسيين وبين الهوتيين تشبه الى حد كبير تجربة زواج السنة والشيعة او العرب والاكراد .. ومع ذلك ، فقد كانت هناك ابادات بشعة واستئصال مرعب .
واخيرا اقول : أن إبادة الراونديين كان يمكن منعها لو أن العالم الخارجي امتلك الإرادة لفعل ذلك. كانت الحقائق بيّنة. وكانت أسس التدخل القانوني موجودة، وما كان مفقوداً ليس إلا الشجاعة. فهل يمكن للعراقيين استيعاب هذا الدرس البليغ ؟



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيار المحافظين الجدد : الانتظار ام الاحتضار !
- تغيير النهج ام تبديل الوجوه ؟؟
- معضلة وطن ام مشكلة انسان ؟؟
- ستبقى تركيا حاضنة للمبادئ الكمالية !
- هل تنجح الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية ؟
- نداء من اجل حماية ذاكرة العراق !
- من الأمامْ سِرْ .. الى الوََراء دُرْ .. !؟
- المُؤرّخُ محترفََ سياسة ! رؤيةٌ مِهََنيِّةٌ لواقعِ الكتاباتِ ...
- اللقاء الأميركي - الإيراني الثاني: العراقيون آخر من يعلم!
- تعاسة المستقبل الفكر السياسي .. المجتمع المدني بين رجال دولة ...
- الاستراتيجية الامريكية تتحّدى من يفهمها !!
- عن حاجة الشرق الاوسط الى عناصر القوة !!
- القوى السياسية العراقية لما بعد التغيير
- نداء من اجل مستقبل العراق والعراقيين المبادئ لا تخضع للتعديل ...
- المحذوف من تفكيرنا التاريخي العراقي !!
- سلمان رشدي : من صنع هذه الظاهرة ؟
- نازك الملائكة رائدة الشعر العربي الحر
- البرلمان العربي : أين هو ؟ اين دوره اليوم ؟؟
- الفوضى: إنها بانوراما الشرق الأوسط...!
- معهد العالم العربي بباريس : مؤسسة من ينقذها ؟


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سيار الجميل - العراق رواندا جديدة ؟