نجيب المدفعي
الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 05:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يطول الحديث ويتشعب عن تدخل دول الجوار في الشأن العراقي. و تروى قصص شتى، و تساق دلائل عن تدخل إيران في الساحة العراقية. و مهما كانت دقة هذه الروايات و موثوقية الدلائل المساقة، فمن غير المنطقي أن لا تتدخل إيران في الشأن العراقي. فالساحة العراقية تمثل، في بعض المجالات، امتدادا للأمن القومي الإيراني ـ بمفهومه الواسع لا العسكري فقط ـ و كذا إيران بالنسبة للعراق. و اختزال إيران لرؤية جوانب أمنها القومي عراقيا في الزاوية العسكرية و الفعل المسلح يعتوره الكثير من الخطأ.
لا نريد التعميم على كافة مؤسسات الدولة الإيرانية، و لكن من الواضح أن هناك أطرافا داخل إيران لها يدٌ في ما يجري على الساحة العراقية. و الإيغال في خلخلة الوضع الأمني في العراق قد يخرج عن نطاق السيطرة، و بالتالي انزلاق العراق إلى نتائج لا تخدم مصالح دول المنطقة بما فيها إيران. فمن السيناريوهات الأكثر سوداوية هو تشظي العراق كدولة، و الذي بالنتيجة يستلزم من إيران أن تكون مستعدة للتنازل ـ عاجلا أم آجلا ـ عن أجزاء من أراضيها لصالح الدولة الكردية مثلا.
إن العديد من المتصدين للعمل السياسي في العراق اليوم، كانوا إلى زمن قريب "ضيوفا" على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، و هم يشعرون بالعرفان تجاهها. فالطبقة "السياسية" الحالية في العراق هي الأكثر استعدادا للانفتاح على إيران، إذ بمرور الوقت سيظهر سياسيون عراقيو الترعرع لا يجدون لإيران فضلا عليهم.
إن على صناع القرار في إيران إدراك أن الزمن الراهن هو الأفضل لهم للانفتاح على العراق سلميا، و عدم التلويح بالتدخل العسكري لملء فراغات ليس لإيران القدرة على النهوض بها في وجه القوى الدولية و الإقليمية، لا بل حتى المحلية العراقية.
على إيران أن لا تنجر إلى نفس اللعبة التي جـُرّ إليها الاتحاد السوفيتي السابق، لإرهاقها اقتصاديا من خلال إنفاق كبير على التسلح و التزامات مالية تجاه قوى إقليمية تدين بالولاء لإيران. و تلويح إيران بملء "فراغات" في العراق، يعني أن عليها إعداد العدة لاستنزاف اقتصادها بشكل ليس له حدود.
إن العمل على زيادة حشوة برميل البارود العراقي من قبل إيران و دول أخرى في الجوار أو أبعد، سيجعل تأثير انفجار هذا البرميل غير محمود العواقب عليهم.
و لا يمكن إلقاء اللوم على إيران و دول الجوار فقط، فهناك العديد من القوى العراقية الناشطة في يومنا هذا، تتوهم أن الاستقواء بالخارج هو الوسيلة الأمثل لنشاطها على الساحة الداخلية. و بذا فهي تقدم نفسها كبضاعة تباع و تـُشترى. وهي بضاعة يسيل لها لعاب القوى الدولية قبل الإقليمية. و كل أجنبي يبحث ـ بالتأكيد ـ عن مصالحه قبل مصلحة العراق.
#نجيب_المدفعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟