أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - غازي الجبوري - ماهي سمات الاقتصاد المنشود ؟















المزيد.....

ماهي سمات الاقتصاد المنشود ؟


غازي الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 04:55
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


يطلق مفهوم "الاقتصاد الاشتراكي"على الاقتصاد الذي تشرف عليه الدولة مباشرة تخطيطا وتنفيذا ولا تسمح للأفراد والجماعات بممارسة مثل هذه النشاطات إلا على نطاق ضيق. وقد تباينت حدود هذا النطاق من دولة إلى أخرى ولكن في كل الأحوال لم تبلغ نسبة 50%من حجم النشاط الاقتصادي الكلي . وهو مايتيح للدولة الهيمنة المستمرة على الاقتصاد حماية لمصالح الأغلبية الساحقة من جشع وطمع النخبة الثرية المالكة وعادة ماتكون هذه الأغلبية فقيرة ومسحوقة وليس لها القدرة على إقامة المشاريع الاقتصادية صغيرة كانت أم كبيرة . وهذه السمة تكاد تكون الحسنة الوحيدة للاقتصاد الاشتراكي أو "العام" كما يطلق عليه أحيانا على الأقل بالنسبة للتجارب السابقة والحالية . فقد أثبتت التجارب العالمية فشل الاقتصاد الذي تديره الدولة مثلما حصل للتجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي لا سباب عدة ندرج فيما يلي أهمها:
1- فقدان الشعور بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية للعاملين في النشاط الاقتصادي تجاه الملكية العامة من أدنى الهرم الإداري والفني للبناء الاقتصادي إلى قمته بسبب تحديد الرواتب والأجور وعدم ربطها بقيمة إنتاجية كل فرد من الأفراد المشاركين في العملية الاقتصادية أو بقيمة الجهد المبذول .
2- انعدام التنافس بين الفعاليات الاقتصادية المتماثلة في تقديم الأفضل نوعا والأقل ثمنا من السلع والخدمات وهو ما يطلق عليه "نظام السوق" بسبب احتكار الدولة للنشاط الاقتصادي إنتاجا وتسويقا .
وهذه الأسباب أدت إلى قتل الإبداع وإيقاف عجلة التقدم الاقتصادي وهدر كبير في المال العام وبالنتيجة فشلا تاما على كل الأصعدة والمستويات. إلا إن إيجابياته تتمثل بتوفير حد أدنى من العدالة الاجتماعية بسبب الدعم الثابت والدائم لأسعار السلع والخدمات المقدمة للمواطنين بصرف النظر عن النوع والكم وتوفير فرص العمل لأكبر عدد منهم وهو ما يخفف عنهم بعضا من الأعباء المالية برغم كون ذلك احد معوقات التقدم الاقتصادي لان هذه العملية تنتج للمجتمع نوع من البطالة المقنعة ، والايجابية الأخرى هي انخفاض مستوى الفساد المالي والإداري قياسا لما موجود في نظام الاقتصاد الراسمالي .
أما الاقتصاد الرأسمالي فهو الاقتصاد الذي يهيمن عليه الاقتصاد الخاص أي الذي يمتلكه الأفراد والجماعات ذوو رؤوس الأموال ولا يبقى للدولة من دور في العملية الاقتصادية إلا في مجالات محددة ومتباينة من دولة إلى أخرى ولا سيما في المجالات الاستراتيجية ذات الصلة بالأمن الوطني . وقد أثبتت التجارب العالمية نجاح الاقتصاد الخاص نجاحا كبيرا أدى إلى تطور كبير في تلك البلدان للأسباب التالية :

1- الشعور العالي بالمسؤولية لدى المالكين والعاملين في النشاطات الاقتصادية الخاصة تجاه تلك النشاطات لكون المالكين سواء كانوا أفرادا أم جماعات مسئولين عن الإشراف على النشاط الاقتصادي في شركاتهم ومشاريعهم تخطيطا وتنفيذا لكونها ممتلكاتهم الخاصة .
2- هيمنة ظاهرة التنافس الحاد بين منتجي ومسوقي السلع والخدمات لتقديم الأفضل نوعا والأقل ثمنا من اجل تعظيم الأرباح التي تحقق لهم امتلاك ثروات طائلة "نظام السوق"مما يخلق الإبداع ويسرع عملية التقدم والنهوض والازدهار في كافة المجالات.
إلا أن هذا النوع من الاقتصاد يتسم بالكثير من الظواهر السلبية ندرج أهمها:
1- نشوء نخبة ثرية من كبار المالكين لرؤوس الأموال في المجتمع يشكلون أقلية في المجتمع تحتكر النشاط الاقتصادي وهو مايتيح لها الهيمنة على القرار السياسي في البلد والسيطرة على مقدراته خدمة لمصالحها الذاتية التي غالبا ماتكون على حساب المواطن دون اعتبار لأية قيمة إنسانية أو وطنية أو أخلاقية ولا تأخذها في تعظيم ثرواتها لومة لائم ، لان مصالحها فوق الاعتبارات الأخرى .
2- ارتفاع مستوى الفساد المالي والإداري في البلد بسبب وجود الأموال الكثيرة لدى الطبقة الثرية ما يمكنهم من استخدام وسائل الترغيب بل وحتى الترهيب عند الضرورة لشراء ذمم الآخرين ولاسيما السياسيين والموظفين في الدولة وعلى جميع المستويات تحقيقا لمصالحهم . وبسبب وجود أكثرية مسحوقة في المجتمع فبإمكان البعض منها أن يقدم الخدمات حتى الغير مشروعة مقابل المال طمعا بتحسين أوضاعهم المعيشية أو اضطرارا عند المرور بظروف حياتية عصيبة . ولاسيما في مجالات سرقة واختلاس المال العام وتهريب المواد الحكومية المدعومة والمتاجرة بالممنوعات وفي مجالات الضرائب والكمارك والتقييس والسيطرة النوعية والفوز بأفضل العطاءات وكذلك في الانتخابات السياسية بل وحتى في دوائر القضاء لما للمال من دور في التأثير على حياة الإنسان تبعا لظروفه وسلوكه وحالته النفسية .
3- حدوث صرا عات سياسية طبقية نتيجة استغلال الطبقة المالكة لجهود الطبقة العاملة من خلال منحهم أجور متدنية لا تتناسب مع مقدار ما يبذلونه من جهود وتقديم سلع وخدمات تفوق أسعارها إمكانيات المواطن بسبب انعدام الضمانات الصحية والاجتماعية والدعم الحكومي . وقد بلغت هذه الصراعات في أحيان كثيرة إلى مراحل عنيفة وثورات عارمة كما حصل في عدد من الدول .
4- تشكيل عصابات ومافيات إجرامية من قبل الأثرياء لاستخدامها في الحماية الذاتية والصراعات التي تحدث بينهم نتيجة ممارسة أعمال النصب والاحتيال والمضاربات ضد بعضهم البعض وردود الأفعال الانتقامية المقابلة والتي تطال في أحيان كثيرة المواطنين الأبرياء وتهدد امن واستقرار البلد.
5- التدخل في شؤون الدول الأخرى من قبل الشركات الكبرى ولاسيما ما يطلق عليها "عابرة القارات "التي تحتكر السلع الإستراتيجية في العالم وخاصة الأغذية الأساسية والمستلزمات الطبية الهامة والأسلحة والاعتدة الدفاعية من خلال ربط تقديم التسهيلات اللازمة لتوريد تلك السلع بشروط صعبة وخطيرة وتعجيزية أحيانا أو تقديم الدعم للأحزاب السياسية أو رشوة المسئولين أو ممارسة الضغوط المختلفة لإخضاعها لهيمنتها وبالتالي سلب حرياتها وثلم استقلالها السياسي والاقتصادي .
6- التغيرات الاجتماعية السلبية لدى طبقات المجتمع والناتجة من جراء التباين الكبير في مستويات المعيشة . ما يجعل سلوك الأثرياء متسما بالتعالي والغطرسة واحتقار الآخرين والنظر إليهم كمجرد خدم والشعور الدائم بعدم الثقة حتى بأفراد عائلته لاعتقاده الدائم أن كل من يتقرب منه إنما يفعل ذلك من اجل مصلحة ذاتية ولاسيما ورثته القانونيين حيث يعيش هاجس الخوف من اغتياله من قبلهم للسيطرة على أمواله . وفي المقابل يتسم سلوك الفقراء بالشعور بالنقص والتحسر والحقد إزاء الأثرياء ما يولد ردود أفعال غالبا ما تكون عنيفة .
ولذلك نعتقد أن النظام الاقتصادي المنشود هو الاقتصاد الذي تقوده الدولة مع الأخذ بايجابيات الاقتصاد الخاص التالية :
1- تبني اقتصاد السوق ، ويتم من خلال إنشاء أكثر من مشروع أو خط إنتاجي لتقديم السلع والخدمات لخلق التنافس الذي يحفز العاملين على الاستمرار في زيادة الإنتاج وتحسين نوعيته وتقليل كلفة إنتاجه وفي حالة عدم إمكانية إنشاء أكثر من مشروع لتقديم صنف واحد من السلع يجب استيراد السلعة من الخارج مقاربة لمواصفات السلعة الوطنية أو أفضل منها بقليل لخلق روح التنافس .
2- ربط الأجور والرواتب بنوعية وكمية السلع والخدمات من خلال جعل أجور العاملين تساوي نصف الأرباح المتحققة وتحويل النصف الآخر إلى الدولة لأنها صاحبة راس المال على أن توزع بين العاملين بموجب سلم درجات يأخذ بالاعتبار المستوى العلمي وكمية ونوع الجهد المبذول من قبلهم وطبيعة المخاطر التي يتعرضون لها أثناء العمل .
3- ترك مسؤولية اختيار ومحاسبة وعزل الهيئات القيادية للنشاط الاقتصادي إلى العاملين وليس إلى الدولة بحيث يسهل محاسبتهم واستبدالهم بالسرعة المطلوبة من قبلهم .
4- توزيع نصف واردات الدولة على المواطنين بالتساوي وتمييز العاجزين بسبب العوق أو المرض أو الشيخوخة وإنشاء دور خاصة لرعايتهم تتوفر فيها أحدث المستلزمات الحياتية في كل مدينة صغيرة كانت أم كبيرة ليكون قريبا من أهله وأقرباءه .
5- رفع جميع أنواع الدعم الحكومي للسلع والخدمات المقدمة للمواطنين وبيعها بسعر التكلفة مضافا إليه هامش بسيط من الربح باستثناء المصابين بالأمراض الخطيرة والمزمنة التي تتجاوز تكاليف علاجهم إمكانياتهم المالية .



#غازي_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معايير تحديد الرواتب في العراق
- مجرد تساؤل؟!
- الأممية والعولمة وجهان لعملة واحدة اسمها-الهيمنة-
- التنافس بين التيارات السياسية العلمانية والاسلامية الى اين؟
- هل ستسمح روسيا لأميركا بغزو إيران؟
- اشكاليات التعليم في العراق وطرق معالجتها
- نتمنى أن لا يكون ثمن القبلات راس حماس
- أفكار في الوقاية من الفساد المالي والإداري
- أفكار للوقاية من الفساد المالي والإداري
- هل سيبقى بوتين في الكرملين دون أن يضطر لخلع حذاءه؟
- تركيا العلمانية ترتدي الحجاب
- كيف نغير النظرة إلى المرأة من النظرة إليها بصفتها جسد إلى ال ...
- المسجد الاحمر اسم على مسمى
- كيف توزع واردات النفط العراقي على المواطنين؟
- لآتكن لينا فتعصر ولا صلبا فتكسر
- ليس كل مايعرف يقال
- ماهي أسباب تعثر المصالحة الوطنية في العراق؟
- كيف نساوي المراة مع الرجل في المجتمعات العربية والاسلامية ؟
- لكي لا تتكرر مأساة بغداد في كركوك
- كيف يبنى المجتمع الديمقراطي و ماهي سماته ؟


المزيد.....




- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...
- أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
- أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
- قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
- السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب ...
- نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ...
- اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ ...
- تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
- للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م ...
- مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - غازي الجبوري - ماهي سمات الاقتصاد المنشود ؟