أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - منذر مصري - هل من المحتم أن يكون للعرب مستقبل ؟















المزيد.....

هل من المحتم أن يكون للعرب مستقبل ؟


منذر مصري

الحوار المتمدن-العدد: 627 - 2003 / 10 / 20 - 03:10
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 كأنه اختيار ، كأنه مجرد سؤال على المرء أن يختار أحد جوابيه ، فلا يوجد جوابٌ ثالث ، ولا مجال لأحد أن يختار جواباً ثالثاً من عنده ، كما لا مجال له سوى أن يختار جواباً منهما ، وعلى الأخص ، لا مجال له أن يختار كليهما ! أعود وأقول ، كأنه محتم عليه أن يختار جواباً ، وجوابه يجب أن يكون أحدهما ، جواباً واحداً فقط من جوابين .. 
السؤال هو : هل تختار الماضي أم المستقبل ؟

وهذا السؤال مطروح في حالتنا علينا العرب .. كأفراد وكأمة .. رغم أن كون العرب أمة حقاً ،  أمر بحد ذاته ما زال ، بل راح يغدو أكثر فأكثر ، سؤالاً مشروعاً ، بالنسبة لعدد يتزايد من العرب أنفسهم ! ذلك أن العرب اليوم ، ككيان ، كيانُ موزع على دول كثيرة ، أطلق عليها صفة إقليمية ، مختلفة لحد التنافر أحياناً ، ومتباعدة تفصل بين بعضها قارات ، راحت كلٌّ منها تأخذ ، مع الأيام ، شكل أمةٍ لوحدها ، فيقال ولو بخجلٍ ، الأمة المصرية ، والأمة الكويتية ... ويأخذ سكانها ، شكل شعب . فيردد يومياً ، دون أي خجل ، الشعب السوري ، والشعب الجزائري ، والشعب الفلسطيني ، وإذا كان تعبير الشعب اللبناني ، واحداً من أوهى هذه التعابير ، لدرجة أنه ، مرة ، خلال نقاش حاد كنت أؤكد به أن الجريدة ..... لا أحد يقرها من الشعب اللبناني ، فإذ بمحاوري يقاطعني بسؤاله : ( وهل تظن أن هناك شعب في لبنان ! )  فإن في تعبير الشعب الفلسطيني مفارقة أشد قسوة بما لا يقارن ، لأنه في إقرار العرب بوجود شعب فلسطيني بحد ذاته ، فقد وقعنا بإشكالٍ قومي لم نجد له أي نوعٍ من الحلول ، سوى التظاهر بأنه غير موجود ، وهو: كيف يعتبر العرب أنهم شعب واحد ، وفي ذات الوقت يخالفون مزعماً إسرائيلياً ، يعتبر من أهم المزاعم الصهيونية التي تأسست عليها فكرة قيام دولة إسرائيل ( ولو أن أغلب الإسرائيليين الآن ما عادوا يأتون على ذكره ، فقد تخطوا مرحلة التأسيس بأشواط  ) بأنه لا يوجد شعب فلسطيني !! ولكن هذا موضوع شائك آخر .

أعود للسؤال وأقول إن العرب منذ بداية طورهم الجديد ، وبجهل أعترف به بالتورايخ وبكثير من التفاصيل والوقائع ، أستطيع تحديد هذه البداية ، بالفترة الأخيرة للحكم العثماني لبلادهم ، أي منذ بداية تململهم من سلطة الأتراك عليهم في نهايات القرن التاسع عشر و مطالع القرن العشرين ، ثم بثورتهم الكبرى ، بقيادة الشريف حسين . ولأسباب أظنها حقيقية ، مبررة ، موجبة ، اختار العرب ، كأفراد و كأمة ، على كافة الأصعدة ، الفكرية و السياسية  والاجتماعية ، جميع صنوف وألوان واحتمالات الأجوبة على السؤال المذكور ، وكأن ذلك الشرط المسبق ، بأن الجواب يجب أن يكون أحد الخيارين ، ولا مجال لثالث ، لم يكن وارداً ، إن لم يكن مرفوضاً . لا بل أن الجواب الذي لم يختاروه ، دون مشاركة أو مواربة أو تعليل ، والذي ربما كان يعتبر ، انتقاؤه لوحده ، خيانة ، ألا هو : المستقبل .

 إلاّ أن المستقبل كان دائماً جزءاً من خيارهم ، جزءاً ملحقاً بجوابهم . كانوا يريدون المستقبل ، دون قطع عرى الماضي ، يريدون المستقبل موصولاً مع الماضي ، مرتبطاً به ، امتدادا له ، يريدون مستقبلهم  مبنياً على ماضيهم ، ماضيهم التليد ، ماضيهم العظيم ، ماضيهم الخالد ، الذي يستطيعون أن يتميزوا به ، كبقية الأمم ، عن بقية الأمم ، والذي ، بعرفهم ، يحتوي على كل أسباب النهضة ، و .. المستقبل . حيث أن الماضي هو ما يشكل هويتهم ، بلى هو هويتهم ذاتها ،  الماضي هو ... هم أنفسهم . وذلك أسوة بغيرهم من الشعوب التي كانت تجد في ماضيها البعيد ( ايطاليا واليابان  ) والقريب ( فرنسا وبريطانيا ) الأساس الذي بنت عليه وجودها ، وما يمكن تسميته أيضاً ، سيادتها . أما ( ألمانيا ) فقد اضطرتها الحاجة إلى ماض ، أن تجعل ، على نحو ما ، من ( الإمبراطورية الرومانية  ) ماضيها . إضافة إلى ذلك تلك النظرة المزدرية التي ينظر بها العرب إلى أمم ليس لها ماض ، رغم حاضرها العظيم أو شبه العظيم ، مثل ( الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا ) ، باعتبارها أمماً لقيطة . وبالمقابل فإن أمة مثل ( تركيا ) تخلى قادتها عن ماض قريب مجيد ، بل ثاروا عليه ، كما تخلوا عمّا يمكن اعتباره  أساساً في حضارتهم ، كالدين ، والثقافة ، التي تم محوها فعلياُ ، بتغيير الحروف المعتمدة في كتابة اللغة التركية ، وكل ما يربطهم بمحيطهم  القديم ، فقد اعتبرهم العرب خونة لتاريخهم  ، خونةً لهويتاهم ، وشككوا دائماً ، بجدوى محاولتهم . الأمر الذي يجدون بما هي عليه تركيا اليوم ، من حيرة واضطراب ، الدليل على خطأ الخيار التركي ، وبالتالي ، على صوابهم ، وذلك  بغض النظر عما هم عليه أنفسهم .

 وقد توفر للعرب في هذا الماضي ، كما ذكرت ، كل أسباب التعلق به ، وخاصة عند مقارنته بحاضرهم . وهكذا وبطيف كبير ، وجد هذا الماضي دعاته بينهم ، فمن الذين رؤوا فيه المثل الذي يجب أن يستعاد بحرفيته ، أي النقطة التي يجب العودة لها والبقاء فيها ، رغم سذاجة مثل هذه الرؤية واستحالتها ، إلى الذين رؤوا به النقطة التي يجب العودة لها للانطلاق منها . وذلك بالقيام بعملية انتقائية معقدة ، تقوم على الأخذ بما في هذا الماضي من  علامات مضيئة ، وفي ذات الوقت ، ترك ما هو معتم ومظلم . أي الأخذ بما يفيد ، وترك ما يضر . و لزمن طويل ظلت هذه النظرة غالبة ، إن لم أقل أنها مازالت غالبة لليوم ، وبالفعل هي كذلك ، وكأن الماضي مخزن أو رف قابل لأن ننتقي منه ما نريد ونترك ما تريد ، أو كأنه ليس كُلاًّ واحداً بل أجزاء قابلة للتفكيك وصالحة لنأخذ منها ما يحلو لنا ، ثم نركب هذه الأجزاء كما نشاء أو نطعّم بها ما نقوم بتركيبه من شكل جديد ، أو كأن تلك العلامات المضيئة يمكن انتشالها من محيط مظلم ، ما كانت لتضيء لولا ظلامه . الأمر الذي ثبت مع الأيام ، فشله . لا بل ثبت ، أنه في ظروف ، إن لم أقل دائماً ، كتلك الظروف التي مرت على العرب ، عندما تمد يدك لتنتقي أفضل ما في الصندوق ، فإن أول ما يخرج لك ، أول ما يعلق على يدك ، ليس أفضله ، بل أسوؤه ! أي أنه بدل أن نأخذ من ماضينا ما نريده من أسباب النشوء والنهضة ، طلع لنا منه ، أول ما طلع ، ما كنا نعرفه ولا نعرفه من أسباب التدهور والانحلال ، ربما لأن هذه الأسباب هي الأقرب لنا ، زمناً وواقعاً ، أو ربما لأنها هي الأقوى ، ألم تتغلب في هذا الماضي ، على كل ما عداها .

وهكذا فإن تلك العلامات المميزة في ماضينا العظيم ، تعمل على نحو عكسي ، أي بدل أن تشكل ما يدفعنا إلى الأمام ، راحت تشكل ما يشدنا القهقرى إلى الماضي . وصارت حجة دامغة ضد كل من يدعوا لتجاوز هذا الماضي  ، وبدل أن تضيء لنا طريق المستقبل وتدفعنا إليه  ، راحت تشدنا إليها وإلى زمنها . وصار أولئك الموتى العظيمون يجروننا ، ليس إلى الحياة ، كيف لنا أن نتوقع منهم ذلك ، بل إلى الموت الذي يرتعون فيه ، إلى تلك المزارات الخضراء أو السوداء المذهبة والقبور الرخامية التي يريدون الخروج منها ، ووضعنا فيها بدلا عنهم في أقرب فرصة . لأنه صحيح ، فلقد رأينا ذلك مراراً ، بل عشناه كأسوأ كوابيسنا ، مثل تلك الأسطورة عن الأرستقراطية الأوروبية ، التي يرمز لها بالنبيل المجري دراكيولا ، الذي حكم عليه بلعنة أن يبقى حياً إلى الأبد ، ولكنه لا يستطيع أن يقتات إلاّ على دماء الأحياء ، أولئك الذين ما أن يقعوا ضحية له ، حتى يصيروا من تابعيه ، إن لم أقل عابديه .

 السؤال ، إذن ، هو هو : هل العرب مستعدون للتخلي عن الماضي من أجل المستقبل ؟  السؤال ... هو هو : ما هو خيارنا الأول والأخير نحن العرب ، الماضي أم المستقبل ؟  هل نفضل ، هل نريد أن ننتمي لأمة لها ماض وليس لها مستقبل ؟ أم إلى أمة أدارت ظهرها لماضيها ومضت إلى مستقبلها لا تلوي على شيء ؟ السؤال ، إذن ، هو هو ، وأحسب أن الأمور كانت ومازالت ، وهي فيما صارت عليه اليوم أقسى بألف وأربعمائة مرة عما كانت عليه البارحة ، لا تترك لنا مجالاً ، للمضي على  أكثر من طريق واحد ، للعب على أكثر من حبل واحد .  وهي تتطلب منا ، تأمرنا ، أن نحدد دون تردد ، فلقد ترددنا كفاية ، ودون تذاكي ، فلقد تذاكينا أكثر من اللازم ، خيارنا .

أما الحاضر ، الذي يبدو وكأنني لم أعره أي اهتمام ، فهو ربما الأشد خطورة  ، لأنه بالذات لحظة هذا الخيار المصيري الذي علينا القيام به ، الآن .

ثم  ، وبالعودة للعنوان ، نعم أعتقد ، ضمن هذه الأوضاع ، وبمواجهة كل تلك الصعوبات التي يصل بعضها إلى درجة الاستحالة ، أنه ليس من المحتم أن يكون للعرب مستقبل ، حتى وإن عملوا لأجله ، فما بالك بأنه من المحتم أن يكون لهم مستقبلٌ رغماً عنهم . هذا إذا استبعدت من تفكيري ، أنه من الممكن أن يقدم لهم الآخرون ، الآخرون الذين يملكون عدداً وأنواعاً كثيرة من المستقبلات ! مستقبلاً ما ، أو شيئاً آخر من هذا القبيل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ   اللاذقية



#منذر_مصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - منذر مصري - هل من المحتم أن يكون للعرب مستقبل ؟