طلعت الصفدى
الحوار المتمدن-العدد: 2042 - 2007 / 9 / 18 - 04:03
المحور:
القضية الفلسطينية
هل قرأتم تاريخ الطغاة ، والمستبدين بشعوبهم؟؟ هل استوعبتم دروس الثورات وانتفاضات المظلومين ، ودور الجماهير الشعبية في مقاومة الظلم ، والقهر ، والاستبداد ، والاحتلال ؟؟ الشعوب تمهل ولا تهمل مضطهديها ... وأن نهاية الديكتاتورية أكيد ، والمستبدين إلى مقابر التاريخ المخزية ، مهما تمسحوا بالشعارات والأكاذيب ، فأنهم يجلبون العار لأنفسهم ، ولشعوبهم ولأوطانهم ، فأدواتهم ومليشياتهم ، ومرتزقتهم ، ووسائلهم مكشوفة ، يمارسون التهريج ، والتهييج ، وإثارة العواطف والتلاعب بها ، بالألفاظ والكلمات التي لا تسمن ولا تغنى من جوع ... شعاراتهم طنانة ، وحيلهم مكشوفة .. لا يملكون برنامجا وطنيا، أو اقتصاديا ، أو اجتماعيا ، أو ديمقراطيا ، لمواجهة الاحتلال الغاصب ، ولبناء نظام ديمقراطي يؤمن بالتعددية السياسية ، وحقوق الإنسان ، وسيادة القانون ،ويفشلون في تحسين أوضاع الجماهير ، وإخراجهم من خط الفقر والبطالة ، ويتصارعون في سلب حياتها ، وامتصاص قوت يومها. ويساهمون في حصار شعبهم...!!!.
.يعودون للماضي ، وينسون الحاضر، والمستقبل ، يعيشون على أمجاد التاريخ القديم ، لا يعترفون بحركة التاريخ وقوانينها الاجتماعية ، ولا بدور الجماهير صاحبة التغيير ، ويتلاعبون بالمقاومة ، ويدعون أنهم الأحرص على الوطن ، ولا يفرقون بين الدين والسياسة ، ولا يفقهون أن الزمان لا يعود للوراء .
يخطئون، ولا يعترفون بخطئهم ، ويحرفون الصواب ، ويرمون خصومهم الذين يحاولون كشف زيفهم وخطئهم بالعمالة والخيانة ، ويحاولون للتغطية على ممارساتهم بإثارة الفتن ، وإلصاق التهم بالخصوم ، وكأنهم أعداء لله ، وأعداء للوطن ، وأعداء للشعب ، ينعتون من ليس معهم بالكفر والخيانة والزندقة..
الإكثار من الخطب ، والأحاديث المثيرة ، عبر وسائل إعلامهم الخاصة ، ومراكزهم وتجمعاتهم ، وفضائيات العهر العربي ، والتسويق للخديعة الكبرى ، وللعراب الامريكى ، التي تجافى المنطق والواقع والممارسة اليومية . يروجون للشائعات ، ولا يجادلون الخصوم بالحسنى ، وبالحجة تقابل الحجة ، وبالفكرة تناطح الفكرة ، ولا يؤمنون بالحوار الديمقراطي ، بل بالعنف والإرهاب ، ويناقضون ما جاء في القرآن الكريم (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) ، ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) ، ( ولو كنت غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ، ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ) ، بل بالتهديد والوعيد والعدوان ، وبتكسير وتهشيم العظام ، بأعقاب السلاح ، وبالعصي الغليظة ، وتحويل الخصوم لأجساد بلا روح مشلولي الحركة,
يكذبون ، ويتهمون خصومهم بالكذب .. يحرفون كلام الله ، ويتهمون خصومهم بالتحريف... يزيفون الواقع ، والحياة .. ويسمون اعتقال ، وتعذيب المواطنين ، وإطلاق الرصاص عليهم ، وكذلك الخصوم السياسيين بالكفاح.. ويروجون ، ويمارسون القتل ويعتبرونه جهادا في سبيل الله . يتمنطقون بالدين .. ويتمسحون بالشريعة .. ويجعلون من أنفسهم وكلاء الله على الأرض ... ويتحدثون باسم الوحي ,, وكأنهم أوصياء على عقول الناس ، والفتاوى جاهزة وحين الطلب ... أعماهم السلطان والحكم .. وافتتنوا بالسلطة ،، فالسيارات الفارهة.. والمليشيات المسلحة ، والمرافقين ، والخدم، والمال المنهوب والمهرب من قوت الشعب . يتاجرون بكلام الله وسنة رسوله. ، ويفرشون الأرض بدماء الشعب ،تمهيدا لإمارة غزة ، .ولكن ما هو مصيرهم؟؟ هل هم فوق التاريخ .؟؟ هل هم خارج الزمان والمكان؟؟؟
فهل يتعظون من تاريخ الشعوب التي انتفضت على جلاديها وطغاتها ، أم أن الشيطان لا يتعظ؟؟؟.
فالطاغية نيرون / الروماني : احرق روما عام 64 ميلادي بمن فيها ، اطعم الأجساد البشرية للنيران، التي تفحمت ، وشويت .. ولم يحركه ضمير انسانى ، قتل ، ونهب ، وأحرق ، ولم تهتز له شعره في بدنه ، لسماع صرخات الضحايا ، وأنات الأطفال والعجائز ، وهو جالس في برجه العاجي يتسلى بمنظر الحريق الذي التهم كل شيء . أهلك الآلاف ، واضطهد الشعب الروماني ، وسفك دمائه ، وأطعمهم للوحوش الكاسرة ، وتحول إلى عدو الشعب . فما هو مصيره ؟؟
والطاغية هولاكو/ المغولي: قائد جيوش التتار ، استولى على بغداد عاصمة الرشيد ، وعلى بلاد الشام ومصر ، وقضى على الخلافة العباسية عام 1258، أباد أهل بغداد ودمر حضارتها ، وأحرق تراثها ومكتباتها ، وارتكب جنوده الفظائع ، والمجازر والنهب والاغتصاب والتدمير، سقط في معركة عين جالوت بفلسطين عام 1260، وهزم إلى الأبد بفضل مقاومة الشعوب .
والطاغية فرانسيسكو فرانكو / الاسباني: الذي قام بانقلابه العسكري عام 1936 ، ضد حكومة الجمهورية الشعبية، التي فازت بالانتخابات العامة الديمقراطية ، والتي تشكلت من الديمقراطيين والوطنيين واليساريين والشيوعيين ، مما أدى الحرب الأهلية التي استمرت ثلاث سنوات ، بلغ ضحاياها مليون من البشر . حكم فرانكو اسبانيا بمساعدة هتلر وموسولينى ، وعن طريق مليشياته السرية ( الكتائب ) ، وأغرق البلاد بالدماء ،وحكمها بسياسة الحديد والنار ، ومنع إقامة الأحزاب ، وكان معاديا للفن والفكر والثقافة ، وكانت جريمته الكبرى إعدام الشاعر الاسباني العظيم لوركا دون محاكمة .
والطاغية أدولف هتلر / ألألماني : زعيم حزب ألمانيا النازية ، في البداية كسب ود شعبه من خلال وسائل الإعلام التي كانت تحت السيطرة المباشرة لحزبه ، اعتمد على البوليس السري ( الجيستابو) الذي مارس عمليات الإبادة والتهجير القسرى ، والتصفيات السياسية للمعارضين ، وامتلأت السجون بالديمقراطيين ، وبالتقدميين ، والشيوعيين ، وغزا واحتل العديد من الدول الأوربية في بداية الحرب العالمية الثانية ، تصدت له الشعوب الأوربية ، وقاومته ، وكان لبطولة الشعوب السوفيتية ، وجيشها السوفيينى ، وفرق الأنصار التي كانت تعمل خلف صفوف العدو ، أن أوقعت به الهزيمة القاضية ولاحقته حتى برلين ، وانتحر عام 1945.
والطاغية سلا زار / البرتغالي : الديكتاتور الفاشي ، اخضع البرتغال لحكمه بالدم والحديد ، وأنشأ الشرطة السرية ( البيد ) التي استبدت بالشعب الاسباني ، ولاحقت المناضلين والديمقراطيين ، وساقتهم إلى الاعتقال ، والإعدام ، إلا أن نضال الطبقة العاملة البرتغالية ، و إضرابات شغيلة النقل الحضري في لشبونة عام 1968 ، وعمال أحواض السفن في ليزناف عام 1969 ، وانتفاضة مجموعة من الضباط الثوريين ضد الديكتاتور ، وهجومهم على سلطته الديكتاتورية ،وبمساعدة الجماهير الشعبية التي نزلت إلى الشوارع ، وفتحت السجون ، قد انتصرت ووضعت حدا ونهاية للفاشية بالبرتغال ، وعادت الأحزاب العمالية للعمل ، وكان على رأسها الحزب الشيوعي البرتغالي.
والطاغية محمد رضا بهلولى/ إلايرانى : قام بانقلابه على حكومة محمد مصدق بمساعدة المخابرات الامريكية والبريطانية ، واستعاد عرش إيران ، ألغى الأحزاب السياسية ، وأعاد إلى الحياة الشرطة السرية السافك ، وفى عهده قمع المعارضين ، ووضعهم في السجون والمعتقلات ، واستخدم بحقهم كافة أنواع التعذيب ، والتجويع داخل السجون ، ومارس التصفية الجسدية ، وسحق أعضاء وقيادات حزب توده الشيوعي الايرانى ، وبعد نجاح الثورة الإيرانية ، هرب من إيران ، واحتضنه السادات في مصر .
والطاغية أوغستو بينوشية / التشيلي : قام بانقلابه العسكري ضد الرئيس و الزعيم الاشتراكي سلفادور الليندى ، الذي فاز بانتخابات تشريعية عامة ، واستولى على السلطة عام 1973، ومارس الإرهاب السياسي ، ومنع أي نشاط سياسي ، وطارد اليساريين والشيوعيين التشيليين ، وأباد الآلاف من المواطنين التشيليين ، وملأ السجون بالمعتقلين ، ومارس بحقهم التعذيب الجسدي والنفسي ، ولاحق الفنانين والشعراء والكتاب ، والمثقفين الديمقراطيين ، والتقدميين ، نسب إليه المفاسد السياسية والمالية ، واستخدم الاغتيال السياسي ، والإخفاء والتشويه ، طارد السياسية إيزابيل الليندى ، وكذلك الروائية إيزابيل الليندى.، وتم إعدام الشاعر بابلونيرودا الحاصل على جائزة نوفل للآداب .
هل شعبنا الفلسطيني المقهور من الاحتلال الاسرائيلى بحاجة إلى طغاة جدد ؟؟؟؟ هل يعود الانقلابيون الجدد ، ومليشياتهم المسلحة لحضن الوطن ، إلى شعبهم ، وأهلهم ، ويتراجعون عن انقلابهم ، ويساهمون في إعادة اللحمة للوحدة الوطنية ، ويتصدون مع شعبهم وقواه السياسية والوطنية للعدوان ، والاحتلال الاسرائيلى ، ويتعظون من المصير المحتوم لطغاة التاريخ ، أم أنهم لا زالوا في غيهم سائرون؟؟؟
#طلعت_الصفدى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟