|
قابلية النصوص للتجديد ومواكبة متطلبات العصر ...؟
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 2041 - 2007 / 9 / 17 - 12:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هي فقط النصوص التي تحمل في جذورها نبض الحياة يمكنها أن تستمر في العطاء وأن تتكيف وفق معطيات الزمن ، إذن هناك نصوص جامدة لا يمكنها التكيف ولا تجاوز بنيتها المتسمة بالصرامة والجلافة وغير قابلة للتجديد والتحديث .. يتصف النص الديني الإسلامي بنبض حي وقابليته للجدل ومائدة للعقل ولوحة تنويرية يمكنها أن تتجاوز المسائل الشائكة وتوجد حلولاً عقلانية عندما يحاول الدارس أو المجتهد الغوص في بلاغتها ، فقول علي بن أبي طالب – ر- (القرآن حمّال أوجه) فيه الكثير من العقلانية والتنوير ومحل اجتهاد متطور .. والنص القرآني بحاجة إلى مجتهدين عقلانيين متنورين لا يقفون عند حدود اللفظ بل يتعدونه إلى مقصد الشارع ، فالشارع لا ينطق عن الهوى ، انها كلمات موجزة بليغة موجهة إلى الإنسان العاقل المتعلم وليس الأمي الجاهل ، بدليل أن الأية الأولى من القرآن لم تنزل على جاهل بل على قاريء متعلم بقوله إقرأ .. ومن لا يقرأ لايفهم قراءة القرآن ، بل يمكنه أن يحفظها غيباً ويرددها تلقائياً ويتعلم المعاني عن طريق الشارحين والمدرسين .. وبالتالي فهو يحفظ ويردد ببغاوياً ولا يمكنه أن يتجاوز تراثه الفكري هذا بوصة واحدة .. المتنور الأول في الاجتهاد الإسلامي وبجرأة رائدة ومبنية على فهم واع ولم يقيده النص عندما تعارض مع المصلحة العامة للمسلمين ، أخذاً بعين الاعتبار أن غاية النص النفع وليس الضرر ، وإذا ما كان هناك من ضرر ، يمكن تجميد هذا النص وإيقافه استناداً إلى العدالة الإلهية وقاعدة لاضرر ولا ضرار في الإسلام وان الضرورات تبيح المحظورات ، وتبدل الأحكام بتبدل الأزمان ( طبعاً هذا كله في نصوص المعاملات وليس في العبادات منها ) والمجتهد الأول والفقيه العبقري الذي لا ينازع والذي كان على فهم من غاية ومقصد الشارع هو الخليفة عمر بن الخطاب – ر- والذي لم ينازعه أحد في أوج فهمه وجرأته واجتهاداته الثورية بلا جدل ولم يستطع أحد من الفقهاء والمجتهدين أن يقارنه ويضاهيه فالفاروق عمر قد تصدى للمقدس ( النص) ..! اجتهد فألغى سهم المؤلفة قلوبهم مخالفاً للنص القرآني وأورد بعض ما كتبه خليل عبد الكريم في كتابه (شدو الربابة بأحوال الصحابة ...) : هناك مصرف آخر وجهه محمد بحنكة لخدمة هدفه وهو تطويع الصحابة ووضعهم في خدمة الدين الذي بشر به والدولة التي أقامها وهو (تأليف القلوب) وهو أحد مصارف الزكاة ولكننا سوف نرى فيما بعد أن منح(المؤلفة قلوبهم) النفحات الجزيلة لم يكن من الزكاة فحسب بل كان من الغنائم والفيء لأنّ محمداً كما قلنا مطلق اليد في هذا المجال فهو القائد والمشرّع في آن واحد وما يفعله تشريع لا يسع المؤمنين إلا إتباعه ؛ فقوله وفعله وإقراره سنة والسنة هي المصدر الثاني في الإسلام . وأوقف عمر حد السرقة على المحتاج وعطّله في عام المجاعة ، وعطّل التعزير بالجلد على حد شرب الخمر في الحروب ، خالف السنّة في تقسيم الغنائم فلم يوزع الأرض الخصبة على الفاتحين وقتل الجماعة بالواحد مخالفاً قاعدة المساواة بالقصاص ، مستخدماً عقله في التحليل والتعليل ولم يقف عند ظاهر النص مطبقاً روح الإسلام وجوهره من أن العدل غاية النص وان مخالفة النص من أجل العدل .. ونرى أن جمود النص لن يقف أمام الهدف النبيل للمجتهد فهو يحركه بعقله ويعطيه الروح والعطاء لخدمة الهدف الأسمى للدين وهو العدالة المتطورة عبر الزمن والتجارب الإنسانية فكنا أوردنا أن السلوك الذين كان يعتبر في بداية الإسلام مشروعاً ومسنداً بالنص .. فما كان يعتبر عملاً أخلاقياً في زمن مضى ماعاد ينظر إليه الآن إلا كممارسة تخلفية مكروهة منها مثلاً– وأد البنات – عرض المبارزة بالسيف أو المسدس بين المتخاصمين ، غزو الآخرين وقتلهم وأسرهم وسلبهم كان مشروعاً بين القبائل العربية قبل الإسلام واستمر بعده إلى غزو العالم ، استباحة النساء عن طريق ملك اليمين ..؟ إباحة المتاجرة بالإنسان (تجارة الرقيق، وأسواق النخاسة) بتر الأطراف عقاباً ، الجلد علناً ، الرجم العلني ، قطع الرؤوس علناً .. والعين بالعين والسن بالسن .. والمطلوب الآن المجتهد الذي ورث فطنة وذكاء وجرأة عمر ، ان ماصدر من نصوص منذ أكثر من 1400 سنة لم يعد يتناسب والقفزة الحضارية الهائلة من علم وثقافة وتغيير جذري للعادات والأعراف ، طفل السابعة اليوم يفوق بمعلوماته كهلاً في الستين من بداية الإسلام .. التقليد الببغاوي وحجب العقل زاد جهلنا جهلاً وأصبحنا في الدرجة الدنيا من السلّم الصاعد إلى الأعلى وفقاً إحصائيات مخجلة أوردها الدكتور أحمد أبو مطر ..: أن متوسط نسبة الأمية التعليمية في عموم الأقطار العربية هي النسبة الأعلى في العالم ، فأكثر من سبعين مليونا من إجمالي العرب ( 316 مليونا ) هم من الأميين أي الذين لا يجيدون القراءة والكتابة بشكل مطلق وهي نسبة تقارب 40 % من مجموع السكان ، والخطورة الصارخة في هذه النسبة أنها تصل إلى حدود 28 % في الفئة العمرية 15 سنة فأكثر ، مما يعني أن أكثر من ربع المجتمع المنتج أمي ، في حين أن غالبية الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية قضت على الأمية منذ عشرات السنين ، لأن المرحلة الأولى من التعليم التي هي عشرة سنوات كما في الدول الإسكيندينافية مرحلة إلزامية ( إجبارية ) ، تعرف دوائر الدولة في بداية كل عام دراسي عدد وأسماء وعناوين الأطفال الذين أنهوا السادسة من أعمارهم، ويجب عليهم بحكم القانون الالتحاق بالصف الأول الابتدائي وكل من يتخلف يجد البوليس ( نعم البوليس ) في اليوم التالي على باب منزله يستدعي والده ووالدته للتحقيق لمعرفة أسباب عدم التحاق طفلهم بالمدرسة ، والإجراءات والضوابط الرادعة في هذا المجال أشد منها فيما يتعلق بالتجنيد الإجباري ( الخدمة العسكري ) ... والواقع المرير الذي نمر به من تخلف في كافة المجالات .. ففي الصناعة تحت الصفر وفي الزراعة لم نزل بدائيين ونستورد كل شيء بدءاً من حبة الدواء وانتهاءً برغيف الخبز وحليب الأطفال .. وعليه لابد من ثورة نصية اجتهادية جريئة تواكب متطلبات العصر .. وهل يمكن أن يجود علينا الزمن بعمر عصري لنتجاوز جمود النصوص وعقلية المفسرين المحنطة ...؟
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قبائل من الجان الهنود الجائعين يحتلون البطون .. رواه أبو شها
...
-
هل يمكن أن نتجاوز كلمة السيد وسيدي في المستقبل المنظور ...؟
-
المواطن السوري متأفف....أم ..؟
-
هل العلمانية التركية في خطر ....؟
-
...الجنة تحت أقدام - أبو شهاب
-
صلاة الفتحاويون أقرب إلى الله من صلاة الحمساويين ...؟
-
(1) التغنيم والتنفيل - الفصل الثاني ...؟
-
الديموقراطية العلمانية وشعوب النخبة ...؟
-
القذافي خط أحمر ....؟
-
العلمانية قبل الديموقراطية ...؟
-
حديقة عزاء باسم الحوار المتمدن لشهداء سنجار وبئس القتلة ....
...
-
العلمانية أخلاق حضارية ...؟
-
بروفيسيره ... أم ريا وسكينه ...؟!
-
كول يتحدى النخبة الثقافية والعلمانيين الأتراك ...؟
-
أيضاً يجب أن لا يتعدى حوارنا لغة الأدب الرفيع من على هذا الم
...
-
(8-10) شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد
...
-
لنحافظ على هذا المنبر الحضاري عبر حوارٍمتمدن ...؟
-
ثقب طبقة الأوزون المهتريء أم ثقب الشرف الشرقي الرفيع ..؟
-
(9) شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد وا
...
-
(6-7) شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول- محمد و
...
المزيد.....
-
ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب
...
-
اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا
...
-
الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|