انشغلت وسائل الاعلام خلال الايام الماضية باخبار حكومة مقتدى الصدر وجيش المهدي والاشتباكات التي تمت في النجف وكربلاء، وما اعقبها من تحرك لوفد من مجلس الحكم المحلي لمراجع دينية في النجف،ولقاء مع السيد مقتدى الصدر، واخرها تسريبات اميركية عن مذكرة اعتقال بحقه بتهمة الضلوع غير المباشر في مقتل السيد مجيد الخوئي، وتصريحات وزير الخارجية هوشيار زيباري عن نزع سلاح ميليشيا المهدي ولو بالقوة.
هذه الاحداث المكثفة والمتسارعة، طرحت على المراقبين السياسييين مرة اخرى قضية التيار الصدري باطيافه المختلفة في العراق، والدور المحوري الذي لعبه في الصراع الدامي ضد الطغمة البائدة وما ينتظر منه عراق المستقبل في مجال البناء الفكري والسياسي والاخلاقي.
وليس سرا ان هذا الارث قد جاء بعد تضحيات جسام قدمها الشهيد محمد باقر الصدر واخته بنت الهدى والشهيد محمد صادق الصدر ونجليه والالاف من الابرار الذين ساروا على هذا الخط ، وعليه فان هذا التيار يجسد اليوم في تاريخ العراق الحديث الوجه المشرك لجهاد دام استمر بالبذل والعطاء عشرات السنين دون ان تلين له قناة في مواجهة الظلم والتعسف والحكم الفردي.
وهذا التيار يتوزع الان بصورة اساسية على:
1- حزب الدعوة الاسلامية
2- المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق
3- مجموعة السيد مقتدى الصدر
ويبقى السؤال المحوري هنا بعد وضوح الاهداف والمنطلقات ، ماهو موقف التيار الصدري من ما يجري في الساحة هذه الايام؟
والجواب –باختصار- ان قسما من هذا التيار ممثل في مجلس الحكم والوزارات، كحزب الدعوة الاسلامية والمجلس الاعلى وقسم اخر لايقف بسلبية من هذا المجلس،رغم عدم تمثيله فيه اوفي الوزارات، وقسم ثالث لايعترف بالمجلس ولا بافرازات الاحتلال حتى كامر واقع كمجموعة السيد مقتدى الصدر.
اننا نعتقد بان صدر العراق الجديد لابد ان يتسع لمثل هذه الاجتهادات طالما لم تخرج عن المألوف من الممارسات التي تقّر بها لعبة الديموقراطية والتعددية، فهذه هي ضريبة الحرية، التي نحتاج الى" تمرينات" و"تمهيدات" فيها قد تكون قاسية في بعض الاحيان.
ان اعضاء مجلس الحكم يجب ان يكونوا ممتنين للسيد مقتدى اذا قام بتشكيل حكومة ظل، تقوم بمراقبة عمل الوزارات وتقدم حلولا اضافية للمشاكل الجمة التي يمر بها العراق، واذا استطاعت بقية الاحزاب والحركات ان تقوم بالشيء نفسه فهذا اثراء اضافي للحياة السياسية واسهام جاد في التنمية الديموقراطية في بلد عاني من القهر والاستعباد والديكتاتورية و غياب الرأي الاخر.
اما اللجوء الى وسائل غير ديموقراطية لفرض الرأي من اي طرف كان فهذا امر خارج اللعبة الديموقراطية ولا يتسع له صدر العراق المثقل بعشرات الملفات والاجندة التي تحتاج الى حل وليس الى مزيد من التعقيد .
*سياسي-اعلامي عراقي