أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نايف أبو عيشه - السيارة والسياسة وما بينهما !















المزيد.....

السيارة والسياسة وما بينهما !


نايف أبو عيشه

الحوار المتمدن-العدد: 2036 - 2007 / 9 / 12 - 04:02
المحور: القضية الفلسطينية
    


السيارة وسيلة نقل هامة جدا في حياتنا وعلى الرغم انها صارت من ضروريات الحياة العصرية ومتطلباتها , تهافت الناس على تعلم قيادتها في السنوات العشرين الماضية , حتى صار الاغلبية منهم يقتني سيارة او يقودها بالاجرة , او في بعض الاحيان يكتفي بالحصول على شهادة السياقة ويضعها في جيبه , ولاهميتها في توفير الوقت للوصول الى المكان المقصود في اقل فترة زمنية ممكنة فقد صارت قيادتها ميزة لكل من يتقن قيادتها . معظم الناس حين ترافقه في سيارته تشعر انها هي التي تقوده وليس العكس , فيخيل اليك احيانا انه سيصطدم بكل السيارات المتحركة على الشارع ذهابا وايابا , وتراه مرة يريد التجاوز عن المين ومرة يريد مسابقة الاخرين في طريق ضيق ومرة يريد الانتقال من مسار الى اخر دون ان يعطي اشارة تنبيه لمن هو خلفه , واحيانا يتوقف في منتصف الشارع ليحمل راكبا اشار له بطرف اصبعه وبقدرة قادر يتلافى السائق الذي خلفه حادثا مروعا, وتراه ينزل في المطبات والحفر , ولا يهديء سرعته حين يرى كرة تتدحرج على الشارع وينسى ان طفلا يلحق بها , واحيانا لا يتوقف على الاشارة الضوئية الحمراء ويجتازها بفهلوية ومجازفة خطيرة تنطلق وراءه شتائم كثيرة , والاهم من هذا لا يتفحص الماء والزيت قبل ان ينطلق في الصباح الباكر , ولا يتفحص الفرامل وباقي الاجزاء الهامة فيها والتي تؤكد صلاحيتها للسفر والتنقل طول النهار , سواء كان السائق لوحده او معه اشخاص اخرين او حمولة ثقيلة .
وكما هي السياقة فن , فالسياسة ايضا كذلك . لذا فانه ليس كل من يحمل شهادة سياقة يتقن فن السياقة , وكذلك الامر في السياسة. لذلك , عندما جاءت السلطة الفلسطينية للوطن , ومعها رجع احد الاصدقاء القدامى , تسنى لي مرة ان ارافقه وهو يقود سيارته من مدينة نابلس الى رام الله . منذ اللحظات الاولى التي انطلق فيها بسيارته مسرعا دون ان ينظر بالمراة الجانبية او الامامية ليرى حركة السير في الشارع قلت في نفسي , هذه واحدة وعندما لم يقف على الاشارة الضوئية الحمراء , لان سيارته تحمل رقما احمر, قلت اثنتين, وعندما لم يعطي حق الاولوية عند احد التفرعات قلت ثلاثة وعندما نزل في المطبات ولم يبتعد عنها قلت ثلاثة وعندما تجاوز بسرعة عن سيارة مسرعة في طريق ضيق عليه خط متواصل على منعطف حاد قلت في نفسي رحنا بداهية . وبما ان الطريق ما زالت طويلة امامنا اقترحت عليه بطريقة لبقة ان اقود السيارة عنه , واريحه بقية المشوار . استجاب على الفور وغيرنا الاماكن , وانطلقت بسرعة حسب الاشارات المثبتة على الشارع على الرغم من خلوه . وبعد ان قطعنا مئات الامتار , قال على هالمعدل ما راح نوصل اليوم .قلت له اسمعني يا صديقي ولا تزعل مني . انت قيادي ومسئول في الحزب الذي تنتمي اليه , ومن يكون في موقع كهذا عليه ان يتانى في قراراته وفي سياقته للسيارة . ضحك وسال , وايش جاب لجاب؟ قلت : اسمع , ربما تجربتي متواضعة بالنسبة اليك ولست قائدا ومسئولا مثلك , ولكن يا صديقي انت كنت في لبنان وعاصرت الاحداث والحروب والتطورات السياسية كلها , من البداية وحتى رجعتم للوطن والمفروض ان اتعلم منك وليس العكس. قال متفاخرا بنفسه: يا صديقي العمل السياسي والنضالي يحتاج لسرعة حركة وعدم تضييع الوقت لانه ثمين , واذا تقاعسنا فالعدو يسبقنا , وكذلك الجماهير تسبقنا في خطواتها النضالية ولهذا يجب ان نكون في المقدمة دائما. نظرت اليه باستغراب , وقلت: هناك فرق بين الديناميكية في العمل والانتباه لكل صغيرة وكبيرة في النضل والسياسة وبين التسرع في القرارات والتهور غير المدروس , او الغرور بالذات وعبادتها التي قد نضطر للتراجع عنها وتغييرها , بعد ان نكون قد خسرنا ودفعنا ثمنا باهظا. سال : كيف يعني ؟ قلت : بصراحة مرة اخرى وما تزعل مني , منذ ركبنا السيارة وحتى اللحظة التي بدات اقودها عنك , لاحظت انك اخطات اربعة اخطاء قاتلة . سال بدهشة : اوف , متى وكيف حصلت الاخطاء ؟ عندما ذكرته بها . ضحك من اعماقه وقال : لماذا لا تعمل فاحص في دائرة السير؟ واصلت بنبرة جدية كاني لم اسنع تعليقه. يا صديقي , كلامي جاد جدا معك. وطالما انك تقود سيارتك بهذه الطريقة ولا تهتم للاخطاء القاتلة واكيد للاخطاء الاقل خطورة منها, فانت بالسياسة ستفعل الشيء ذاته , وهذا بحد ذاته كارثة عليك وعلى الحزب السياسي الذي لك موقعا قياديا فيه . قال: في لبنان كنت اقود السيارة بسرعة جنونية ومع هذا لم يقع معي حادث. قلت : ربما لك بقية عمر وربما الاخرين تفادوا اخطاءك , وربما الشوارع تكون فاضية وربما كانوا يعرفن سيارتك ويصطفوا جميعا على اليمين. ضحك وقال: اظن ان الاحتمال الاول هو الصحيح. قلت بجدية: ان كان لك بقية من العمر اعتقد من الضروري التعلم فيه , كيف تقود السيارة وكيف تقود في السياسة. علق بنبرة تفاخر: انت تعرفني بالسياسة والخطب والتحليلات والمقالات وتراني في الفضائيات . قلت وانا ارمقه بنظرة جانبية: هناك فرق بين الكتابة والتحليلات والتصريحات امام وسائل الاعلام , وبين التطبيق لكل ما يقال . رد بعصبية, هل تعرف انك الشخص الوحيد الذي يتكلم معي بهذه الطريقة ؟ قلت : هذه مشكلة القادة السياسيين اذا صفقت له على ما يقول فانت احسن الناس , وان ناقشته وانتقدت اراءه وافكاره فلا يعجبه ذلك وتصير في نظره منافسا وعدوا. سالني بعد لحظة صمت: لماذا لا تنضم لحزب سياسي ينسجم مع اراءك وافكارك طالما لديك القدرة على النقاش والاقناع ؟ سالته: وهل هذه الشروط تكفي للانضمام لاي حزب سياسي ؟ قال: وحدها لا تكفي ولكنها مهمة. سالته : وهل يمكن ان اصير قائد كبير مثلك؟ ضحك من اعماقه وقال :انت وشطارتك , يعني بدك شوية وقت. قلت بعد تفكير: هيك احسن لي اقول رايي بصراحة , لا حدا يقول عني مشاغب ان عارضت رايه , ولا مداهن اذا ايدته , ولا محسوب على فلان ولا علان. عندما وصلنا رام الله , نظر الى ساعته ,وقال: اخذنا الحديث وتاخرت عن الاجتماع ربع ساعة . قلت: ان تاتي متاخرا , افضل الف مرة من الا تصل ابدا, هذا اذا لم يات غيرك متاخرا نصف ساعة او اكثر .
عندما بدات الانتفاضة , واقامت اسرائيل الحواجز الثابتة , انتقل للعيش رام الله , ومكث هناك كل الوقت ونادرا ما كان ياتي لزيارة اهله . التقيت به صدفة بعد سنوات , وكانت حماس قد فازت بالانتخابات وشكلت الحكومة وتفاعلت الاحداث السياسية وتطورت الى مرحلة جديدة في العلاقة بينها وبين حركة فتح , وخاصة بعد انقلابها الاخير في غزة وامعانها في الاجراءات القمعية هناك وسيطرتها على مقرات السلطة واجهزتها , وعلى مجمل الحياة الاجتماعية والامنية وغيرها , وتمادت في سياسة القمع للحريات المدنية والدينة لجماهير الشعب كافة, وتجاوزت كل الخطوط الحمراء في العلاقة الوطنية الفلسطينية مع القوى الاخرى, ومنعها للصلوات في الاماكن العامة, واعتدائها على المصلين والصحفيين واعتقال المواطنين وتغريمهم واعتقال النساء واعضاء مجلس تشريعي ولجنة تنفيذية وقيادين في فصائلهم واحزابهم , قال لي : تذكرت نقاشنا مرة وكلامك عن فن السياقة وفن السياسة , واعترف لك بصحة المقارنة بينهما , وبصراحة اكثر استفدت بشكل شخصي من الموضوع واخذت عبرة, حيث كنت اقود سيارتي مرة قرب احد المدارس وما رايت الكرة على الشارع حتى توقفت تماما لاني توقعت احد الاولاد وراءها, اما السائق الذي كان وراءي فقد تجاوز عني مسرعا فدهس الولد الذي قطع الشارع راكضا ليمسك بها. منذ تلك اللحظة تولدت لدي القناعة فعلا انه ليس كل من يقود سيارة يتقن السياسة . ولكن كل من يقول عن نفسه سياسي , بالضرورة يجب ان يقود سيارته بمهارة وفن وانتباه حتى لا يقع في المطبات والحفر, او يصطدم بغيره , او يدهس طفلا , او يسقط في وادي سحبق !



#نايف_أبو_عيشه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهنئة للتفوق ، واخرى للطموح !!


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نايف أبو عيشه - السيارة والسياسة وما بينهما !