|
مطالب الأقباط الاستفزازية الشاذة.. 2
جورج غالي
الحوار المتمدن-العدد: 2036 - 2007 / 9 / 12 - 04:13
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
كنت قد ناقشت في المقال السابق النصف الأول من حوار صحيفة الكرامة مع المفكر الإسلامي الدكتور. محمد عمارة، وخَلُص منه القراء الأفاضل إلى أن هذا العمارة لا يستند في أقواله على أية حقائق، بل أنه فقط يريد أن يظهر الأقباط في الداخل وأقباط المهجر على أنهم أعداء لمصر، واسمحوا لي أن أحلل الجزء الثاني من هذا الحوار، وهو الجزء الذي يظهر فيه مدى كره هذا "المفكر" لقيادات الكنيسة وخاصة "قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث" والذي يكن له كل المسيحيين في العالم وأيضاً المسلمين المعتدلين كل تقدير واحترام، حتى أنه حصل في رحلته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية على دكتوراة فخرية من معهد لورانس الأمريكي لجهوده من أجل المحبة والسلام فى المنطقة، حيث قال السيد لويس واكر رئيس المعهد: "إن رسالة قداسة البابا شنودة الخالدة عن السلام والمحبة الإنسانية والتسامح تتجاوز الحواجز العرقية والقومية والدينية"، كما جاء في البيان الصادر عن المعهد والذي نشرته بعض وسائل الإعلام الأمريكية "إنه رجل سلام بحق، يعمل بلا كلل لتحقيق المزيد من التفاهم بين جميع شعوب الشرق الأوسط ، بغض النظر عن إنتماءاتهم الدينية والقومية. إنه يرينا الطريق نحو المصالحة في تلك المنطقة التي مزقتها الحرب". هذا الرجل الذي يبجله العالم أجمع من أجل جهوده للحفاظ على وحدة الوطن قال عنه عمارة في حديثه: "أريد أن أطرح السؤال الذي لم يطرحه أحد. لماذا لم تعرف مصر أحداث التوتر الطائفي والفتنة إلا بعد مجيء البابا شنودة؟ حادثة الخانكة 1972." كما قال أيضاً: «إن البابا شنودة حول الكنيسة إلي حزب سياسي وإلي مشروع دولة وقام بما يخل بالأمن وحرك أقباط المهجر في مظاهرات ضد السادات عند زيارته لأمريكا وسعي إلي إثارة شعور الأقباط لحشدهم حوله واستغل ذلك في الضغط علي سلطات الدولة واستعدي الرأي العام العالمي علي الحكومة المصرية وأضر بسمعة البلاد ولقد صور له الطموح السياسي أن تقيم الكنيسة من نفسها دولة داخل الدولة تستأثر بأمور المسيحيين الدنيوية، وخرجوا بالكنيسة عن دورها السامي الذي حدده لها المسيح عليه السلام». يا سيدي.. ألم تفكر في أن بداية أحداث الفتنة الطائفية التي تقول عنها كانت مع بداية تولي الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" لحكم مصر وتبعيته الواضحة للسعودية التي بدورها بدأت تصدر الوهابية لنا في مصر والتي تحض على كره الآخر؟ سيدي.. "وعفواً أن كنت أقول لك سيدي، ولكنك في سن والدي ولا بد أن أحترمك، فهذا ما تعلمته" ألم تحاول وضع نفسك مكان قداسة البابا شنودة الذي بعد جلوسه على الكرسي المرقسي بعام واحد كانت أحداث الخانكة والتي تم خلالها حرق دار للكتاب المقدس وبيت كان يصلي فيه الأقباط بعد تدشين مذبح به "لعدم امكانية الحصول على تصاريح لبناء كنائس". ماذا تتصور لو حدث هذا للمسلمين حتى في بلد هم فيه أقلية؟ هل كان على قداسة البابا أن يصمت ولا يفعل شئ؟ لم يرسل قداسة البابا جيش لمحاربة الإسلاميين المتطرفين، ولم يلجأ للمنظمات الدولية لحل القضية القبطية، بل أصر على أن يكون الحل من داخل مصر، وكل ما فعله أن أرسل عدداً كبيراً من الأساقفة والمطارنة فى الصباح التالي واستقلوا أتوبيساً قاصدين الخانكة وكانوا يريدون أن يقف الأتوبيس على مشارف البلدة ويترجلون إلى مكان الكنيسة ليباشروا الشعائر الدينية وإذا لم يصلوا وقابلهم المسلمين المجرمين فإنهم يبغون الإستشهاد على إسم المسيح . ويتقدموا موكباً ضخماً من القسس صفاً يعد صف إلى ما بقى من مبنى " الكنيسة " ثم يقيموا القداس على أطلالة، غير أن السادات كان له رأي آخر حيث قال: "إن شنودة يريد أن يلوي ذراعي, ولن أسمح له أن يفعل ذلك". يا سيدي.. لو فكرت ولو قليلاً ستكتشف أن من بدأ هذه الفتنه هم المسلمون الوهابيون اللذين يكرهون رؤية صليب في بلاد مسلمة "المادة الثانية من الدستور المصري: دين الدولة الإسلام" واللذين حضوا الشباب في الجوامع والزوايا على أن هناك كنيسة تبنى ولا تسمحوا بذلك. قال عمارة هي حديثه أيضاً أن تعاليم المسيحية تقول «دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله» عفوا سيدي "اعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، بالطبع ليست نفس المعنى، فالكنيسة الأرثوذكسية منذ نشأتها وهي تصلي للرئاسات والسلاطين، فالتعاليم المسيحية لم ولن تطلب أن نترك البلاد وهمومها وحروبها ونعبد الرب. فالسيد المسيح قال اعط ما لقيصر لقيصر أي الضرائب والجيش وكل ما يمليه عليك بلدك وما لله لله أي العشور والخدمة إلخ... غير أن هناك تناقض واضح جداً في حديث الدكتور عمارة حيث قال: "لقد جاء في كتاب (الأقباط عبر التاريخ) لسليم نجيب القاضي القبطي الذي هاجر إلى كندا وأصبح رئيس الهيئة القبطية بها أن البابا شنودة كتب مقالاً في مجلة «مدارس الأحد» في يناير 1952 أثناء الكفاح المسلح ضد الإنجليز في قناة السويس وقتها أراد الإنجليز أن يحدثوا فتنة بين المسلمين والمسيحيين فأحرقوا كنيسة في السويس ولكن المصريين لم تنطل عليهم هذه اللعبة ساعتها كتب البابا شنودة بالحرف الواحد «لعل العالم عرف الآن أن المسيحيين في مصر لا يمنعون من بناء الكنائس فحسب بل تحرق كنائسهم الموجودة أيضاً ولا يعرقل فقط النظام معيشتهم من حيث التعيينات والتنقلات والترقيات والبعثات إنما أكثر من ذلك يحرقون في الشوارع أحياناً» البابا شنودة في ذلك الوقت كان اسمه (نظير جيد) رجل مدني لم يدخل الدير بعد كتب هذا المقال الإثاري بعنوان «حول جريمة السويس.. اهتزي أيتها السموات واقشعري من هذا أيتها الأرض».". ثم قال: "لماذا لم تعرف مصر أحداث التوتر الطائفي والفتنة إلا بعد مجيء البابا شنودة؟ حادثة الخانكة 1972" حتى لو كانت حادثة حرق كنيسة السويس من صنع الإنجليز لإحداث تفرقة في الشعب -وهذا ما أشك في صحته- ولكنه لم ينظر إاى باقي الجملة حيث أرخ فيها "نظير جيد" قداسة البابا حالياً وجود اضطهاد في التعيينات والترقيات والبعثات وعدم بناء الكنائس، لقد فات عليك سيدي أن نظام جمال عبد الناصر بما فيه من قمع للحريات لم يكن يسمح بالكتابة الحرة وكانت المعتقلات مليئة بأصحاب الأقلام الحرة وقتها، وما قبل السادات لم يكن هناك هذا التطور في الميديا الإعلامية التي تستطيع أن تنقل الأحداث بسرعة "في حموتها" حتى تجد الصدى المطلوب. لا أريد أن أطيل على القارئ العزيز في الدفاع عن قداسة البابا شنودة الثالث، فأنا لا أستحق هذا الشرف. وأيضاً لا أريد الخوض في أحداث الفتن الطائفية -التي دائماً ضحاياها أقباط وتنتهي بالجلسات البدوية على حسابهم- ولكن في النهاية أريد أن أوضح أن قداسة البابا شنودة الثالث لو أرادها مشتعلة لاستطاع إدخال قوات متعددة الجنسيات لإنقاذ الأقباط من الإبادة أو على الأقل لاستطاع حشد الرأي العام الدولي على الحكام في مصر-كما فعل الإخوان المسلمون ولم يستطيع أحد أن يفعل معهم شئ- ولكنه دائماً يقول أن مشاكل مصر تحل داخل مصر وليس خارجها. أرجو يا سيد عمارة أن تقرأ وتدرك أن الذي يشعل نار الفتنة الطائفية في مصر ليس هو البابا شنودة أو قيادات الكنيسة بل من يشعل الفتنة هم من يدّعون هذا.
#جورج_غالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مطالب الأقباط الاستفزازية الشاذة
-
متى يتحد الأقباط؟!
-
حكمة قداسة البابا
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|