فيتو أمريكا و تفجير غزة

نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 624 - 2003 / 10 / 17 - 02:16
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

بعد ساعات من استعمال المندوب الأمريكي في مجلس الأمن الدولي حق النقض الفيتو  لتعطيل وإسقاط مشروع قرار عربي قدم للمجلس لإدانة إسرائيل بسبب بناءها الجدار العازل فوق الأراضي الفلسطينية المصادرة بالقوة. وقع حادث خطير في منطقة بيت حانون بقطاع غزة في فلسطين المحتلة،وهو العملية التفجيرية التي استهدفت قافلة دبلوماسية أمريكية غير واضحة الهوية، فالإسرائيليون يقولون أن الأربعة الذين قتلوا في الانفجار هم من الحراس الأمنيين للسفارة الأمريكية، بينما يقول الوزير الفلسطيني صائب عريقات أن الأمريكيين الذين قتلوا ليسوا سوى مراقبين يعملون في المنطقة ومهمتهم مراقبة الخروقات التي تحصل بعد نشر خريطة الطريق. أما وكالات الأنباء العالمية والمحلية فقد قالت أن القتلى الأربعة هم من المخابرات الأمريكية السي أي آيه.

 

 على كل حال فأن الأهم في الموضوع هو تعرض الأمريكان لعملية مؤلمة ستكون نتائجها خطيرة على الجانب الفلسطيني. خاصة أن العداء الأمريكي للشعب الفلسطيني والوقوف الواضح للإدارة الأمريكية خلف شارون وسياساته الإرهابية، واستعمال حق النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي ،ضد أي مشروع قرار تتقدم به المجموعة العربية يدين إسرائيل لقيامها ببناء الجدار العازل على أراضي الشعب الفلسطيني المصادرة بالقوة، أو لخرقها الحقوق الإنسانية للسكان تحت الاحتلال وغير ذلك من الجرائم.

 هذا وجاء الفيتو الأمريكي الجديد اليوم بعد فترة قصيرة من الفيتو الأمريكي ضد مشروع إدانة إسرائيل على ضربها موقعا فلسطينيا في سوريا.

 

 هذه الحوادث المتلاحقة والتي أتت في نفس الوقت تقريبا تجعل الأمر وكأنه عملية ثأر فلسطينية من الإدارة الأمريكية ومواقفها العنصرية والعدوانية ضد الشعب الفلسطيني. لكن القضية أكبر من مجرد الثأر لأنها تأتي في منطقة فلسطينية وضد دبلوماسيين أمريكان ومراقبون دوليون كما قال الوزير عريقات.

 

إذا كان هؤلاء فعلا مراقبون للهدنة وللخروقات التي تحصل من الجانبين ومهمتهم هي الأشراف على مراقبة الخروقات من الطرفين، فأن عملية قتلهم تجعلنا نتوقف عندها ، للبحث والتفكير والسؤال عن الجهة التي لها مصلحة في قتلهم.

 

 نعتقد أن المستفيد الوحيد من قتلهم في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية هو إسرائيل بالطبع، لأن هذا سيضعف الموقف الفلسطيني الرسمي وسوف يزيد من العداء الأمريكي الرسمي الذي هو بالأصل عداءا شديدا للفلسطينيين ، ولا تحتاج الإدارة الأمريكية المحافظة لمبررات إضافية حتى تصعد عدوانها ضد القضية الفلسطينية.

 لكن الأمريكان سوف يوجهون أصابع الاتهام للفلسطينيين مع أن المنطق يقول بأن عليهم التحري والبحث عن الحقيقة ودراسة الموضوع بشكل جيد، لأننا نعتقد أن العملية إما نتجت عن خطأ ميداني ،حيث كانت العملية عادية تستهدف القوات الإسرائيلية لكن تصادف مرور هذه القافلة فوق اللغم الأرضي الذي أنفجر بها.

 أما الاحتمال الآخر فهو تورط إسرائيل رسميا في الحادثة أو  تورط بعض الجماعات الإسرائيلية التي لا تريد لهؤلاء المراقبين أن يبقوا في مراكز عملهم ، خاصة أن إسرائيل لا تريد ولا تحبذ أي وجود دولي يراقب أعمالها الوحشية والإجرامية في فلسطين المحتلة. حتى بما فيه الوجود الأمريكي المتمثل بعناصر من المخابرات الأمريكية التي هي في نهاية المطاف عناصر صديقة وحليفة لإسرائيل.

وهناك احتمال تورط جهات فلسطينية غير مكشوفة ولا تتبع لفصائل فلسطينية معروفة، أي ما يمكن تعريفه بمجموعات صغيرة تشكلت محليا ،وتمارس بدورها أعمالا ترى فيها مناسبة للانتقام من إسرائيل ومن المواقف الأمريكية السيئة ،المعادية للفلسطينيين. لكن حتى هذا الاحتمال يبقى ضعيفا لأنه لا يوجد أية مصلحة فلسطينية في ضرب الأمريكان خاصة أن وجودهم لا يشكل أي تهديد أو ضرر للفلسطينيين، بل هو وجود يزعج الإسرائيليين بالمقام الأول. لأنهم موجودون بمهمة مراقبة متفق عليها مع اللجنة الرباعية والجهات الأمريكية. فهل ستفهم الجهات الأمريكية أن هناك ما يجعلها تعيد النظر في تعاملها مع الواقع الموجود في المنطقة. وأن تعيد للعقل والمنطق دورهما في سياستها الغيبية التي تهدد الشعوب والأمم والبلدان والسلم في العالمين الغربي والشرقي. وعلى الادارة الأمريكية الاستفادة من الأخطاء وتحكيم  العقل في أعمالها ومواقفها من الصراع في شرق المتوسط، ثم ألا يكفي أمريكا وحل العراق ورماله المتحركة ، حتى تفتح على نفسها كل الجبهات ، ولأجل لا شيء حقيقي فيه استفادة للشعب الأمريكي، خاصة أن الشعوب العربية والشعب الفلسطيني ليسوا أعداءا لأمريكا بقدر ما هي نفسها عدوة لهم.

#نضال_حمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات