|
الرد الأقوى على الاختراقات والتحديات
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 2034 - 2007 / 9 / 10 - 12:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من أجل مقاربة أفضل لاختراق الطيران الحربي الإسرائيلي للأجواء السورية ليل 6-7 /9 ، لابد من الإحاطة بما اكتنفه في تلك اللحظة السياسية من أحداث وتداعيات ، وبما هو مخطط لبلدان المشرق العربي تحديداً وبلدان الشرق الأوسط عامة . ففي إسرائيل مازالت حكومة أولمرت تحت سيف لجنة فينوغراد وما قد يترتب عليه من تداعيات ومسؤوليات سياسية ومعنوية ، ومازالت تعمل لإعداد العدة لرد الاعتبار لهيبتها التي هدرت في حرب تموز على لبنان في العام الماضي . وفي لبنان تجري معركة طاحنة بين مشروعين إيرا ني سوري وأميركي سعودي للهيمنة على لبنان من خلال انتخاب رئيس جمهورية جديد ، إذ أنه حسب العقيدة السياسية للرئيس الجديد سوف يتحدد مصير لبنان ومصير المقاومة ، وسوف يعدل ، إلى حد هام ، بموازين القوى الإقليمية ، وذلك بنقل المربع اللبناني إلى خريطة هذا المشروع أو ذاك . وعلى قدر لايقل أهمية يجري فوق التراب الفلسطيني صراع دام مؤسف بين الأشقاء ، حول الزعامة والشرعية والسلطة ومصير المقاومة ، وعلى نتائج هذا الصراع قد يتحدد مصير القضية الفلسطينية لحقبة طويلة من الزمن . وفي العراق يتخبط المشروع الأميركي تحت ضربات المقاومة من جهة وتحت ضغط المعارضة المتزايدة في الداخل الأميركي وعلى المستوى الدولي من جهة ثانية . وعلى امتداد الشاطيء الشرقي للخليج يصول الأسد الإيراني حالماً بعودة " نووية " لمليء الفراغ العربي المخزي على ساحة المشرق العربي كله . كما أنه لابد من مقاربة الوضع الداخلي السوري المأزوم على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، الذي تبرز أسوأ تجلياته با ستمرار إجراءات القمع والاعتقال ، للإبقاء على احتكار السلطة والدولة بيد " ألحزب القائد " ونظامه ، وباحتدام الصراع حول رفع الدعم الحكومي عن بعض المواد المعاشية والمحروقات وحول الخصخصة واقتصاد السوق ، ما يدفع إلى المزيد من ارتفاع الأسعار وتردي الوضع المعاشي وتعميق الشرخ بين المجتمع والدولة وازدياد حدة التمايزات الاجتماعية القهرية
وسط هذا المشهد الشرق أوسطي المتفجر والوضع الداخلي المأزوم ، جاء الاختراق عسكرياً ليطرح إقليمياً إنذاراً سياسياً باحتمال تغيير قواعد اللعبة الجارية منذ أربع سنوات في العراق ومنذ سنتين ونصف في لبنان ، ومنذ أربعين سنة بين سوريا وإسرائيل في الجولان وما حوله ، كما جاء محلياً ليطرح المسألة الوطنية السورية سؤالاً جاداً على أطياف السياسة السورية كلها
لهذا لايمكن التعاطي المسؤول مع هذا الاختراق ، كما العادة ، ماقبل بلوغ المشاريع الإقليمية والدولية المتصارعة هذه الدرجة من الاضطراب والإحراج ، وما قبل وصول التأزم الداخلي إلى هذه الدرجة من الشمولية والخطورة , وهذا ما يطرح جملة تساؤلات قد تساعد الإجابة الصادقة عليها لاتخاذ المواقف والاجراءات الصحيحة لملاقاة ا ستحقاقات القادم من الأيام ، هل سيقتصر الاختراق على مهمة الإنذار ، أم أنه جاء بمثابة بداية لسلسلة عمليات عسكرية ا ستفزازية تمهد لحرب لن يكون مجال تدميرها محصوراً على الجبهات العسكرية المتقابلة ، وإنما حسب التسلح الحديث سيمتد إلى الأعماق المدنية والبشرية في كلا الجبهتين ، وهو مرشح ليطاول بمقادير كبيرة أو محدودة دول المنطقة وما هو أبعد منها ؟ وهل سيكتفي النظام بالاحتجاج والوعيد بالرد المناسب في الوقت المناسب ؟ وكيف سيحقق التكافؤ العسكري التكنولوجي المتطور مع العدو ؟ وإذا كان لدى الآخر الأميركي الإسرائيلي ، كما يلوح في الأفق ، مخطط هروب حربي إلى أمام لإنقاذ مشروعه الاستعماري الأساس في العراق وفلسطين ولبنان ضمن مشروعه الكبير في الشرق الأوسط ، فماذا أعد النظام على المستوى الوطني من سياسات وقدرات لمواجهة ذلك ؟
الجدير ذكره والتأكيد عليه ، أنه رغم كل المفاعيل الميدانية السياسية والعسكرية والتكنولوجية الإقليمية والدولية المتصارعة في المنطقة ، يبقى الداخل .. بنيته .. وحدته .. قوته .. بالنسبة لسوريا هو العامل الأهم في ملاقاة الاستحقاقات الساخنة الراهنة ، وهو المكافئ الأهم للتفوق التكنولوجي المعادي . وإذا كان من الضرورات الوطنية أن يتقاسم النظام والمعارضة مسؤولية هذا الداخل ، فإن نصيب النظام من المسؤولية هو الأهم والأكبر إن لم يكن كامل المسؤولية .. فهو الذي يقود الدولة وبيده مقدراتها .. وهو من يقرر السياسة ويديرها إزاء الآخر .. وهو المطلوب منه المبادرة بالتراجع عن كل الممارسات التعسفية المضعفة والموهنة للصف الوطني . إن الرد الدفاعي العسكري الفوري أو في الوقت المناسب على اختراقات العدو هام وضروري صوناً للكرامة الوطنية ، لكن الرد الأقوى على ذلك والأكثر ضرورة لإنقاذ الكيان الوطني برمته هو الإفراج الفوري عن المعتقلين الساسيين ووقف الملاحقات الأمنية لنشطاء الرأي وإطلاق الحريات العامة وانتهاج سياسة انفتاح ديمقراطية حقيقية على كل مكونات الشعب السياسية ، ما يتيح مواجهة سريعة وجادة للعبث الاقتصادي وإنقاذ لقمة الشعب والثروات الوطنية
لقد عبرت رموز كثيرة من المعارضة عن موقفها الوطني المسؤول إزاء انتهاك حرمة السيادة الوطنية والتهديد للوجود الوطني ، باستعدادها للدفاع عن الوطن والقتال ضد الغزاة والمعتدين . والمطلوب من النظام موقف وطني مسؤول في مواجهة تحديات وا ستحقاقات لايمكن أن تتحقق دون أن يمتلك المواطن حريته وإرادته وكرامته
لقد كشف الاختراق الحربي الجوي الإسرائيلي من حيث لم يرد ، أن المسألة الوطنية ، تشكل في البنيان السوري تقاطعاً رئيسياً ومحوراً مركزياً لتلاقي القوى السياسية في البلاد .. كما فتح في المجال مجدداً لقوى المعارضة الأساسية لتعبر عن غضبها إزاء تهديدات وأطماع الخارج ، ولتؤكد مصداقية اندماج المهام الديمقراطية والوطنية في معركة التغيير الوطني الديمقراطي .. ووضع النظام أمام مسؤولية مصداقية وجدية تعاطيه مع المسألة الوطنية بقدر مواز مع المسألة الديمقراطية على أساس أنهما وجهان لعملة سياسية واحدة .. وعلى أساس أن الوطن .. للجميع ..وفوق الجميع
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحركة النقابية بين قيود السلطة ومطالب الطبقة العاملة
-
إنها لحظة انتزاع المبادرة ..
-
الجديد في - انتخابات - اللاتجديد
-
من هنا تأتي المعارضة
-
مئة عام من المقاومة .. تحولات وآفاق .. 2
-
مئة عام من المقاومة .. تحولات وآفاق .. 1 ..
-
أزمة أولويات أم أزمة نظام .. ؟
-
نداء شهداء معبر رفح
-
استحقاقات عودة الزمن النقابي
-
صفقات شيطانية
-
هل حقاً أن الشعب قد انتخب وأفتى .. ؟
-
اسقاط جدار العزل السياسي مهمة أولى
-
مأساة الديمقراطية في الشرق الأوسط
-
من أجل ضحايا الاعتقال السياسي .. والحرية
-
الجواب على سؤال الهزيمة
-
السلطة والثروة في الصراع السياسي
-
التجمع اليساري الماركسي ( تيم ) مابين التكامل والتمايز
-
خوفاً من ألاّ يفوز الرئيس المرشح للرئاسة
-
سوريا إلى أين في المنعطفات الإقليمية الجديدة .. ؟
-
في الأول من أيار .. عيد العمال العالمي
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|