أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - حكم الضمير














المزيد.....

حكم الضمير


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2034 - 2007 / 9 / 10 - 07:12
المحور: المجتمع المدني
    


لا أعرف، وربما لم يقرر العلم بعد، أي جزء من الدماغ، أي فص من فصوصه، مسؤول عن هذا الذي نطلق عليه كلمة ( الضمير ). وهل الضمير ينمو ويتحقق في كينونة الإنسان نتيجة التربية ومؤثرات البيئة وتجارب المرء المبكرة فحسب أم أنه يورّث، ولو جزئياً، وينتقل من جيل إلى آخر عبر شفرات الخلية الحية، أو الحمض النووي؟. وعموماً فالضمير صفة بشرية يمكن تأشيرها من خلال السلوك في المجتمع ومع الآخرين، ولاسيما حين يصدر الإنسان قرارات صعبة وعادلة في ساعة محنة أو شدة أو غضب، أو في أي موقف.. قرارات تتطلب الصدق والتضحية والشجاعة والاعتراف بالجميل، أو تعبر عن مشاعر إنسانية كالحب والتسامح والشفقة والاحترام الخ.
قسّم فرويد النفس الإنسانية إلى ثلاث مناطق: الهو وهي التي تفور بالغرائز البدائية العارمة التي تبغي الإشباع بأية وسيلة. والأنا العليا المنطوية على القيم الاجتماعية والأخلاقية التي تسعى لكبح انفلاتات الـ ( هو ). والأنا التي تظهر في المجتمع كمعادل لموازنة الصراع الضاري بين الهو والأنا العليا. وكان أرسطو قد شبّه الغرائز البشرية بالحصان الهائج الذي يضبطه ويسيّره العقل وما يحويه من قيم.
تحيلنا صور الفظائع ( قتل، خطف، تدمير، سلب ونهب وسرقة، وحتى فساد إداري ) التي تتلاحق اليوم أمام أعيننا في الأمكنة التي نحيا فيها أو نسمع عنها من شهود عايشوها أو رأوها. أو نتعرف عليها عبر وسائل الإعلام. أقول تحيلنا هذه الصور إلى حالة اختلال مخيف في السلوك أو أزمة حقيقية في الضمير، عند شريحة في مجتمعنا. وبطبيعة الحال فإن المجتمعات تختلف فيما بينها في نسبة انتشار هذه الظاهرة.. ومن يصاب بضمور في الضمير لابد أن يسوّغ كل ما هو سيء ومنكر، ويشيع الخراب كلما سنحت له الفرصة، ويصنع التعاسة والأهوال للآخرين من بني جلدته، ولأخوته في الإنسانية.
ويبدو أن الإنسان، أو قسم من الإنسانية، لم ينضج بعد ويسمو في إنسانيته إلى الحد الذي يخضع فيه لحكم الضمير وحده في تصرفه وعلاقاته وعمله من غير خشية من عقاب أو انتظاراً لثواب. وكان المفكرون المثاليون ( الطوباويون ) قد حلموا بمجتمع خال من السجون وقوانين العقوبات لأن لا جرائم ترتكب فيه. ولأن هذا حلم حالمين بطرين ليس إلاّ فقد وجدت الدولة المحتكرة لوسائل العنف والقائمة على مبدأ العقد الاجتماعي حيث يتنازل المجتمع عن بعض من حقوقه وحريته مقابل حماية الدولة له وضبطه أو ضبط العناصر السيئة فيه. لكن الضمير يبقى ضابطاً أساسياً للسلوك حين يضعف الرقيب أو يسهو أو يختفي. والخالد الجواهري يقول:
من لم يخف حكم الضمير من سواه لن يخافا
أعتقد أن المعيار الأول لإنسانية الإنسان هو الضمير الذي ينشأ في نفس الإنسان ويفعّل من خلال التربية ووسائلها، في البيت والمدرسة والشارع والمؤسسات الاجتماعية المختلفة.. أوَلسنا في هذا الوقت العصيب بأمس الحاجة إلى فرع جديد من فروع التربية والتعليم نطلق عليه تسمية ( علم تربية الضمير ) أو أي اسم مناسب آخر؟.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق المثقفين: رؤية في الحالة العراقية
- في ( بذور سحرية ): نايبول يكمل مسار ( نصف حياة )
- منتخبنا الوطني، لا الطائفي
- العدالة أولاً
- سحر السرد
- حدود العراقي
- في مديح الشعراء الموتى: أديب أبو نوار.. وداعاً
- المثقف الآن
- أبيض وأسود
- البانتوميم نصاً أدبياً: محاولات صباح الأنباري
- ابنة الحظ لإيزابيل الليندي؛ رواية حب ونهوض مدينة
- تحوّل الاهتمامات
- أنا وحماري لخوان رامون خيمينث: بلاتيرو في العالم
- من لا يتغير؟
- مصالح
- الاستشراق والإسلام قراءة أخرى لشؤون الشرق
- -تقنية شهرزاد في -حكايات إيفا لونا
- مروية عنوانها؛ طه حسين
- -حياة ساكنة- لقتيبة الجنابي
- في الروح الوطنية العراقية


المزيد.....




- الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت ...
- الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت
- اعتقال حارس أمن السفارة الأميركية بالنرويج بتهمة التجسس
- الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
- عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي ...
- غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب ...
- أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - حكم الضمير