لم يحتج الإفراج عن السجناء السياسيين في السودان إلى معجزة، بل لمجرد قرار سياسي فتح أبواب السجون وأشرع صفحة جديدة طال غيابها في ميدان الحريات العامة. سبقه قرار في مصر بإطلاق سراح أعداد كبيرة من المعتقلين، وترافق مع نيل ناشطة لحقوق الانسان من العالم الإسلامي جائزة نوبل للسلام. ما حمل دلالات كبيرة ليس أقلها، دور العالمين العربي والإسلامي في نصرة قضايا الحريات وحقوق الإنسان بصفتها قضايا جوهرية وأساسية تفرضها حاجات الوضع الداخلي لا الضغوط والاشتراطات الخارجية.
لكن في سورية، لا نزال نتمنع عن الاستجابة لأولويات حقوق الإنسان، لا تزال المناخات الأمنية تتحكم في حياة المواطنين اليومية، ولا يزال مئات المعتقلين يقبعون في السجون، بعضهم دون محاكمة وآخرين نتيجة محاكمات صورية ، بالرغم من أعداد كبيرة منهم أنهت مدد أحكامها. ولا يغير من هذه الحقيقة الإفراج مؤخراً عن بسام عرار ومحمد سعيد الصخري بعد ضغوط كبيرة ودون بيان أسباب اعتقالهما !!.
إننا إذ نهنئ الشعب السوداني على الخطوة الأخيرة التي اتخذتها السلطات تجاه المعتقلين السياسيين، نجد كنشطاء حقوق إنسان وكمواطنين سوريين، أن مجتمعنا السوري بحاجة ماسة لمثيلتها، ولم يعد ثمة مبرر للتأخر في الإفراج عن السجناء السياسيين كافة، وطي ملف الاعتقال السياسي، مرة والى الأبد.
لقد استهلكت السجون ما يكفي من الأعمار والكفاءات، ومن حق المجتمع السوري أن ينعم أخيراً بالحرية والحياة الديمقراطية، فهي زاده الوحيد في تحديات البناء وتخطي آلام الماضي، واللحاق بركب الحضارة الذي فاته.
15/10/2003