|
ما الأحلى في حلاوة هذا النصر ؟
سعيد علم الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2032 - 2007 / 9 / 8 - 06:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تصبح الكتابةُ والتعليق على نصر الجيش اللبناني المؤزر، والمنتزعُ انتزعا بقبضته من عصابة الغدر المصدَّر من وراء الحدود، نوعا من الصلاة بصمت على أرواح شهدائه الجنود التي ارتفعت إلى العلى بعد أن روت ترابه المقدس بالدم الطاهرِ المزكَّي برحيق الزهر الآتي من ربيعه الموعود. كيف لا، ولبنانُ قامَ من تحت رماد هذه المعركة الضارية كطائر الفينيق، استفاق من نومه العميق يحلو له التحليق بتجلٍ وسرور فوق ثرى المجد إلى شمس الحرية بأجنحةٍ من عقيق صنعتها له سواعد العسكريين: الشرفاء بشرف القسم، الأمناء على الوطن، المضحين بغالي الدماء ليرفف العلم، الأوفياء الحقيقيين بصدق لمصلحة "لبنان أولا"، والمندفعين بشجاعة البواسل من دون تأففٍ وتمنين ليحيا لبنان حراً سيداً ديمقراطيا عربيا مستقلاً بأمان، بعد هذا الذل والهوان المستمر منذ أربع عقودٍ من الزمان. سلسلة جبالِ لبنان الغربية مالت بقممها الشامخةِ مع أغصان أشجارِ أرزها الباسقةِ إلى سلسلته الشرقية محتضنةً سهلَ بقاعِ الخيرِ في الوسط بعطفِ الأب وحنان الأم، كما مال الشمال بدلال على صدر الجنوب، المحافظات السبع في عناق، والبحرُ المشتاق قَبَّلَ رأس بيروت في السراي الكبير. والكل في انحناءة تعظيمٍ وإكبار لشهداء الجيش الأبرار. انحنى الجمع بصمت وإجلال لأمهات وآباء وزوجات ال 164 شهيدا الذين صنعوا هذا الانتصار الرائع بعد طول عناء، بدمائهم الزكية وأرواحهم الطاهرة وقلوبهم النقية البيضاء نقاء ثلج الأرز. ولم ينسُ أن ينحنوا بإعجاب لمئات من الجرحى الجنود الشباب الذي ساهموا كل من موقعه بتكملة هذا الفوز. ولهذ لا بد وأن نحتفل بحلاوة هذا النصر : مع هذا الشعب الحي الذي قلب المعادلات المفروضه على لبنان، لمصلحة "لبنان أولا" في 14 آذار ، ومع الجيش الأبي الذي قلبَ المعادلات التي أراد البعض فرضها من خلال هذه العصابة على لبنان، لمصلحة "لبنان أولا"، وحققوا بجدارة هذا النصر في 2 أيلول! يكفي الجنود فخرا واعتزازا أنهم حاربوا واستشهدوا تحت أوامر قادة لبنان، وومن أجل أن يحيا لبنان، وليس تحت أوامر من وراء الحدود لتحقيق مشاريع آل أسد وبني ساسان على حساب الوطن المنكوب! ويحلو النصر في البارد، ليس لأنه نصر عسكري على عصابة شرسة مصدَّرَةٍ بلحى القاعدة إلى البارد ومفبركَةٍ في أقبية خبراء المخابرات السورية في الزعزعةِ والتخريب، ومدعومَةٍ من شعوب الخطوط الحمر في التهديد والترهيب. لا ليس من أجل كل هذا يحلو هذا الانتصار، وإنما يحلو هذا الانتصار لأنه انتصار ٌ: للقرار السياسي اللبناني الحر الذي اتخذته الحكومة في هذه المواجهة وأثبت صوابيته، للإرادة الوطنية الجامعة والصلبة التي تصلبت أكثر في الحق ورفضت الخنوع للإرهاب، لوحدة الجيش وقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة وقيامهم بالواجب الوطني دون تذمر، لالتفاف الشعب بجميع فئاته وطوائفه مقيمين ومغتربين حول الحكومة والدولة، مما أثبت لبعض قصيري النظر والمعاقين عقليا من الداخل والخارج بأن الشعب اللبناني ليس قاصرا ولا يحتاج إلى وصي أو ولي أو مرشد أو فقيه أو وجيه أو باب عالي أو "واطي" ليأخذ بيده كالطفل الصغير. ولأنه أيضا انتصار لقوى الاعتدال العربي على قوى تدمير الحلم العربي، ولكل الدول الشقيقة وعلى رأسها السعودية ومصر والكويت والإمارات والأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس عباس التي تضامنت بل تحالفت مع الحكومة اللبنانية والجيش والدولة لمصلحة الشعبين الشقيقين. علاوة على ذلك أنه نصر حقيقي وليس ادعاءً. فالنصر هنا واضح صريح ولا يحتاج إلى آلهة تدعمه من وراء الريح. يعرِّفُ عن نفسه ولا يحتاجُ إلى تعريف. إنه ببساطةٍ حدث على أرض الواقع والمنظور بالقضاء على العدو أو أسره وانتزاع الأرض التي كان يحتلها منه بالقوة العسكرية أي تحريرها من دنسه. فالنصر يعبر عن نفسه أفضل تعبير ولا يحتاج إلى فلسفة وتفسير. فالجيش لم يتراجع قيد أنملة عن شروطه إلى أن حققها بالكامل. والأحلى في حلاوة هذا النصر أنه جاء صادقا باهظ التكاليف، بعد طول مشقة وتعبٍ وجهاد ونَفَسٍ طويلٍ ودون وعود كاذبةٍ ومبالغات، وبعناء شديد من خلال معارك بطولية شرسة ومشاهد قتالية مريرة استمرت أكثر من ثلاث شهور خاضها الجيش اللبناني بجدارة وشفافية عالية المستوى. ولهذا لو ان الجيش قضى على هذه العصابة المقبورة خلال يومين مثلا لما كان للنصر هذه الحلاوة التي تحلى بها كل لبنان، والبهجة التي غمرت نفوس محبيه من أشقاء وأصدقاء في كل مكان، ورأيناها مرسومة على وجوه الشابات والشبان، والأعلام التي رفرفت بسلام فوق الرؤوس والمباني. يجب أن لا ننسى أن الجيش اللبناني النظامي خاض حرب شوارع مريرة وأزقة وأنفاق وملاجئ ومع عدو محتال غدار مخادع انتحاري لا يقيم وزنا للحياة، ولا للقيم العسكرية والإنسانية والشرائع. فألف مبروك بهذا النصر لدولة وحكومة وجيش لبنان. ولكل من وقف إلى جانبه في محنته من أشقاء وأصدقاء. وعقبال العراق الحبيب أن تنهض دولته وتنتصر على الإرهاب ومن وراء الإرهاب. وقد تخلدت هذه المعركة في الضمير الشعبي اللبناني ب 164 شهيدا. اقتراحي على الدولة والجيش والتيارات والأحزاب وأهل الجوار من لبنانيين وفلسطينيين أن يزرعوا في احتفال شعبي تخليدا لذكراهم 164 أرزة على ضفاف نهر البارد. وأن يكون لكل شهيد أرزة تحمل اسمه ليكون ذلك عبرة ومفخرة وعنوان للأخوة والوحدة اللبنانية الفلسطينية. وربما سنطلق عندها على نهر البارد أسما أجملا ومعبرا أكثر، هو: نهر الشهداء، أو نهر الأرز، أو نهر الشرف، أو نهر التضحية، أو نهر الوفاء! 07.09.06
#سعيد_علم_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا سلاح إلا سلاح الدولة اللبنانية!
-
أنا أذكى واحدٌ في الكون!
-
رسالةٌ مفتوحةٌ إلى الشيخِ حسن نصر الله
-
لحود والطريق المسدود
-
من فبرك -فرنكشتاين- العبسي يا قائد الجيش؟
-
عندما -يَتَشَرْبَكُ- حسن نصر الله بالخطوط
-
قبل أن نحتفلَ بذكرى نصرٍ ألهي
-
إذا كان لفرنسا نابليونُها فللبنان ميشال عونُها !
-
مبروك للفائزة قبل الفائز في الانتخابات !
-
المقامَةُ العونيةُ وما أدراكَ ما تحت الزُّنَّار
-
إنه أكبر من انتصار رياضي
-
الديمقراطي الحق، ليس انتهازيا
-
الواجب الوطني ينادي فلبوا النداء!
-
لماذا لم يتطرق الأسد في خطابه للوضع اللبناني؟
-
معاركُ الباردِ قَطَعَتِ الشَّكَ باليَقينِ
-
وارتفع العلم اللبناني خفاقاً
-
الدعارة الثورية
-
لحود إن وقَّعَ وإنْ لم يوقِّعْ سَيَّان!
-
عارٌ بل أكبر! فضيحةٌ بل أكثر!
-
لبنان لا يحتاج إلى قرارات دولية، بل قوات!
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|