أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - التمثال















المزيد.....

التمثال


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 623 - 2003 / 10 / 16 - 03:03
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



        التماثيل في أغلب الدول تقام للفنانين والأشخاص الذين تركوا بعد رحيلهم  أثارهم الثقافية أو العلمية أو الفنية أو الرياضية وتقام للرموز الوطنية التي قدمت عملاً ما لوطنها وشعبها وتقيمها  المحافظات والبلديات  ، وتحافظ البلدان على تماثيلها وتضعها  في أجمل الساحات ، ولا تتأثر هذه التماثيل  بتبدل الوزارات أو الملوك أو الرؤساء أو الجمهوريات  .
       التماثيل تقيمها البلديات والمحافظات  تكريماً للرموز التي قدمت خدماتها للبلاد وتركت أثرها وتأثيرها في خدمة الناس والبلاد ، وتهتم البلدية بمكان النصب وغالباً ما يكون وسط أجمل الساحات العامة وأشهرها ،  وتأخذ على عاتقها أدامة صبغه وزراعة الورود التي تحيط به أو تنظيف المكان الذي وضع فيه .
     التماثيل في أغلب الدول تشير الكثير منها الى رموز وطنية رحلت عن الدنيا فتم تكريمها رمزياً بأقامة النصب التذكاري ، قليل من رجال السياسة ممن أقيمت لهم تماثيل ، وحتى لو تقرر أقامة تمثال لهم فسيقام بعد رحيلهم عن الدنيا ، فكفة الفنانين والمثقفين أكثر من كفة السياسيين في النصب والتماثيل  المقامة  .
     التماثيل في البلدان الأوربية تحف فنية بقيت هذه الشعوب تحافظ عليها بأعتبارها جزء من تراثها وتاريخها الثقافي والحضاري ، تماثيل لملوك وأمراء يقيناً أنهم تركوا بصماتهم في السلطة أيام حكمهم ، وتحافظ الناس على أعتبارهم جزء من معالم مدنهم الحضارية ، كما يتم التعرف على تاريخهم وأصلهم وفصلهم وماقدموه للبلد وللمدينة التي أقيم النصب فيها .
      التماثيل التي أقيمت في المدن الأوربية قطع فنية جديرة بالمشاهدة والزيارة ، ويقصدها السواح والزوار للأطلاع على القيمة الفنية والجمال في الشغل والحركة والكتلة .
     التماثيل قليلة في بلدي ومع هذه القلة يعمد النحات عند تكليفه بعمل تمثال لشاعر أو كاتب بأدخال الفنون الحديثة على كتلة التمثال الصماء  لتضيع معها معالمه حتى لا يكاد يتعرف عليه أحد الا من أسمه .
      والتمثال الذي أقيم للشاعر بدر شاكر السياب يعاني من هذه الحالة  .
     وعلى غرار أوربا كانت السلطة في العراق  بدأت بأقامة تماثيل في ساحات بغداد العاصمة ،  متنوعة الأهداف والأسباب ، منها على سبيل المثال تمثال النسور وتمثال عنتر في ساحة عنتر ، لكن التمثالين لايعبران عن الحقيقة الا في أذهان الفنانين الذين يعرفون المدارس الفنية أكثر منا نحن البسطاء  في الفهم الفني .
      تمثال لفارس عربي يركب الحصان العربي أيضاً ويمتشق السيف كدلالة على القوة والحزم والأصالة العربية أقيم في مدخل بلدتي الطيبة و البائسة ( الديوانية ) الغافية على فرع من نهر الفرات  ، وفي يوم الأفتتاح أزاح السيد المحافظ الستار عن التمثال ، وأشد ما أثار أستغراب وحنق المحافظ وضحكات الناس ، حين وجدوا أن أحد الخبثاء كسر السيف من يد الفارس ووضع بدلها ( قنينة ربع عرق عراقي خالص  ) ، فما كان من المحافظ الا أن يأمر بأزالة التمثال برمته من مدخل المدينة وأبدل الحصان بتمثال حديث للرئيس الهارب وهو يحيى الفضاء الخالي .
     وحين ألتفت الرئيس البائد الى خلو العراق من التماثيل قرر أن يصنع تمثال لشخصه مقابل كل مواطن عراقي ، فعمد الى نصب التماثيل في الساحات العامة ثم قرر نصب التماثيل في الساحات غير العامة ، وفي مداخل بنايات الوزارات والدوائر الرسمية والمعامل ، وقدم هدية لكل محافظة من محافظات العراق تمثال بالنظر لألحاح الجماهير على تلك الهدية  كما يزعم .
      وتخلصاً من الأحراج الذي صار اليه الحال في طلبات التماثيل الخاصة بالرئيس البائد ، عمد الرجل الى أنشاء معمل سباكة لصناعة التماثيل الخاصة بالقائد البائد لأنتاج أنواع التماثيل وبأحجام متنوعة تتناسب مع المكان والزمان  ليلبي الطلبات الملحة  .
    وأنتشرت تماثيل الرئيس الهارب في كل ركن من أركان العراق حتى صارت على مسافة بين تمثال وتمثال يقع تمثال أو صورة مؤقتة ريثما يتم نصب تمثال .
      غير أن أغرب مافي الأمر أن السلطة الصدامية كانت توظف الشرطة وقوات النجدة وخفارات الرفاق لحماية هذه التماثيل من الشعب العراقي وتنفق الأموال في سبيل ذلك ، ولكنها لم تستطع تلك الحماية الى النهاية ، فقد تعرضت العديد من التماثل للرمي بالأصباغ وبمخلفات الأنسان  والحيوان ، كما كتب عليها شعارات معادية لسلطة الدكتاتور  .
    وكان في النية أن يتم تصدير التماثيل الى البلدان العربية المجاورة دون ثمن الكلفة معونة  مثل النفط العراقي  .
وصارت السلطة البائدة متعلقة بالتماثيل ، وأرتبطت بعلاقة جدلية معها ، ويبدو أن قوة السلطة كانت في قوة تماثيلها .
   أذ عند سقوط التمثال في التاسع من نيسان هذا العام سقطت السلطة دون حاجة الى بيان رقم واحد أو أنقلاب عسكري ، فقد كانت الحكومة متعلقة بالتمثال بشكل غير طبيعي  ، ولو لم يسقط التمثال لما سقطت الحكومة ، ولو لم يسقط التمثال لما هرب الوزراء وقوات الأمن الخاص ، ولو لم يسقط التمثال لما هرب الرئيس يختفي بين أنقاض التماثيل التي كسرتها الناس وسحلت أجزائها الأطفال تضربها بالنعال  .
ومع هذا فلم يزل هناك تمثال من  الشمع  وجدته عند زيارتي الى لندن  في (  متحف مدام توسو)  للرئيس البائد ، وكم كانت فرحتي حين وجدت التمثال يتصدر القاعة ، والرئيس البائد يتمنطق بالمسدس والملابس العسكرية  ، ويتميز به المتحف اللندني الشهير، وأخفيت عن متحف  مدام توسو  حقيقة أن الرئيس لم يكن عسكرياً ولايعرف الخدمة في القوات المسلحة  ، حيث لم أجد التمثال في أمستردام بنفس فرع  المتحف ، بالرغم من حداثته والتقنية الرائعة التي تستخدم في شرح الصور والتماثيل .
وبالرغم من كون الناس كانت تتصور مع تمثال صدام بأعتباره أحد طغاة العصر وواحد من أخطر المجرمين في التاريخ البشري  .
ما أفرحني  أن التمثال في لندن يقع ضمن مجموعة الأشخاص الذين أجرموا بحق البشرية وسببوا لها المآسي والألم .
ومع أني حزين أن يشار الى شخص عاش في بلدي وترعرع في بلدي وصار رجلاً في بلدي ولم يتعلم من قيم وأخلاق بلدي ولم يؤمن  بدين من الأديان الجميلة التي تنتشر في بلدي ، ولم يعرف حب الأنسان الذي رضعناه مع حليب أمهاتنا في بلدي  .
الا ان حقيقة صدام لايعرفها  حقاً بدقة  غير أهل العراق  مثلما يعرفون قيمة تماثيلة وجدارياته التي كانت منتشرة في العراق  وأصبحت  ذات أثر الا في متاحف الشمع والغريب من الناس في التاريخ .



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصمات جرائم القاعدة في العراق
- مكان أسمه - نقرة السلمان
- عصابات مافيا جديدة في العراق
- نظرية الخوف والتخويف في العراق
- المؤتمر الوطني للقوى والأحزاب الوطنية
- الشهيد القاضي محمد رئيس أول جمهورية لكردستان
- قوات البيش مركة
- كفاح وحقوق الأكراد
- القاضي مدحت المحمود أسم جدير بمهمة كبيرة
- متى نبدأ ببناء العراق ؟
- القضاء العراقي والمحاكم الخاصة
- أكراد العراق أرضية للشراكة الدائمة
- شهداء العراق تعالوا
- خيمة صفوان لم تزل تنشر ظلالها على العراق
- ولادة عراقية بعد زمن مرير
- الانتحار طريق للشهادة أم مخالفة لأمر الله
- الوثائق العراقية الدامغة
- سماحة حجة الإسلام والمرجع الأعلى للمسلمين آية الله السيد الس ...
- أعداد مسودة الدستور
- الضمير الغافي في زمن صدام ؟


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - التمثال