أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهدي بندق - وعي بالجهل أم تنمية معرفية ؟!














المزيد.....

وعي بالجهل أم تنمية معرفية ؟!


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 2032 - 2007 / 9 / 8 - 10:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ذات يوم طلب حواريو سقراط من عرافة معبد دلفي أن تسأل الآلهة تحدد لها اسم أحكم البشر. فذهبت المرأة ثم عادت قائلة: أحكم البشر في نظر الآلهة هو سقراط، فانطلق الحواريون إلى أستاذهم فرحين بالنبأ العظيم. بيد أن الفيلسوف الأكبر ما لبث أن علق بقوله: ذلك لأن سقراط أدرى الناس بجهله، بينما غيره جاهل لا يدرك انه كذلك.
بعد سقراط أنشد أو العلاء –شاعر العربية المفكر- بيتين مماثلين في مغزاهما لعبارة سقراط:
كلما أدبني الدهر ُ أراني ضَعـْفَ عقلي
فإذا ما ازددت علماً زادني علماً بجهلي
غير أن هذا الوعي بالجهل –وإن دل على تواضع خليق بالفلاسفة والشعراء المجيدين- ليس مما توصف به الإنسانية في مجملها. وآية ذلك تطور المعرفة، وانتقالها من مرحلة الأساطير والخرافة إلى مرحلة تلقي الوحي من السماء، وصولاً إلى المعرفة العلمية التي تعتمد على المناهج الدقيقة، والأجهزة المعاونة (التكنولوجيا)، والتنظيم الرشيد للحصاد الثقافي.
وبالطبع، لا يفوتنا أن ننوه بالدور السلبي الذي تلعبه الأيديولوجيات –القائمة على مبدأ اليقين وما يسمى بالثوابت- من إعاقة لنمو المعرفة العلمية، الأمر الذي يقود إلى لوم الثقافات ( والثقافة هنا مقصود بها تعريف تايلور Tailor من حيث هي نسق متعال ) في حين يُرفع هذا اللوم حين توضع الثقافة في موضعها الصحيح، باعتبارها تداخلاً سوسيولوجياً مع الاقتصاد والسياسة. عندئذ تغدو المصالح الحقيقة للشعوب والغايات الاستراتيجية للأمم، قابلة للحوار، على قاعدة الاعتراف المتبادل بين الأنا والآخر، وهي القاعدة التي أثبتت صحتها علمياً وفلسفياً، ومن ثم وجب أن تؤسس عليها وحدة المعرفة الإنسانية.
في هذه المرحلة العلمية المؤسسة على العلم وتقنياته المتسارعة، فإن حماية الإنسان لا تجد الوقت الكافي لتأمل الفرق بين ما تعرف وما تجهل، كما أنها -في مجملها- لا تتمتع بفضيلة التواضع، التي يكتسبها الفرد في مجال المقارنة بينه وبين غيره من الأفراد المغمورين، أما الإنسانية فليس لها من نظير أو قرين، فالمملكة الحيوانية، والمملكة النباتية، لا تعبران إلا عن عالم الطبيعة الصامت. ومن ثم فإن الإنسانية لن تجد أمامها سوى تنمية معارفها، قياساً على هذه المعارف المتحصلة لديها بالفعل، وليس قياساً على ما تجهله بالتصور، وآية ذلك أن ما تتيحه لها المعرفة المتحققة من إمكانيات، هو الذي يحدد لها الخطوات التالية. وهو ما يعني أن المعرفة لم تعد "جواهر" في غرفة تقبع ساكنة في انتظار مكتشفها من عالم البشر، بل إنها –أي المعرفة- تكشفت عن فاعلية إيجابية تساهم مع طالبيها في تنمية الوعي المعرفي، وتطوير الطبيعة (بما فيها الطبيعة البشرية) وتغييرها.
لقد كانت المعرفة القديمة نتاج تأمل فلسفي، غايته تفسير الكون، فصارت الآن –في مرحلة العلم- وسيلة لتغيير الكون، بما يجعله أصلح للعيش، وتحقيق المثل العليا التي طالما حلم بها الشعراء، وتمناها الفلاسفة.
ربما سأل أحد مستنكراً : أليست الإنسانية بهذا المعنى تعبيراً مثالياً عن كيان متصور، لا وجود ملموس له؟!
والإجابة: إن الإنسانية تعبير الأمم عن كيان واقعي، وملموس، ذلك هو "الأنا" و"الأنت" ما دمنا نتحاور، ما دمنا نكتب و.. نقرأ.
***
الممثل الشاب الذي اعترف بأنه تواصل بجسده مع فتاة يدينها أخلاقياً! إنما يعبر، وبامتياز، عن عقلية ذكورية سلطوية شائهة. عقلية لا تعترف بالآخر، بل تستخدمه فحسب لأغراض "الأنا". ومن ثم فهي تدعم كل ما يسحق الفلسفة، ويؤبد التخلف، ويضاعف شقاء البشر. حيث تستخدم القوالب "الأخلاقية" سابقة التجهيز لتؤدي إلى انحطاط الوعي الإنساني ذاته. فالوعي كما يقول هوسرل هو وعي بشيء، وكما يضيف عمانويل ليفناس : "وبشخص" . بينما العقلية السلطوية لا تدرك وجود الأشخاص أصلاً، ولا حتى وجود الأشياء. وبالتالي فهي بانغلاقها على متطلباتها إنما تضع نفسها خارج الوعي، بل وخارج الوجود.
يقول صلاح عبد الصبور : أنت تراني، لكن لا تبصرني، لــَعن الديــّانُ نفاقك.



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة .. والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً
- تحطيم سرير -بروكروست-
- ثقافتنا العربية أمام خيارين التحول أو التلاشي
- مياه الأمن القومى
- !السلام بين العرب واسرائيل ..كيف؟
- لغة عربية أم لغة مصرية؟
- الكاتب في عصر العولمة
- تفكيك العقاد العقاد مفككاً
- إلى أن تطل عيون المطر.
- الأصولية تلتهم الحداثة
- رفع الالتباس بقراءة ميثاق حماس
- ساعات بين الكتب
- احسان عبد القدوس وشمس اللبرالية الغاربة
- التراث المجهول
- حوارات مهدي بندق – 7 - مع أدونيس
- في رماد المحو
- استقالة من ديوان العرب
- مواسم الجفاف
- حوارات مهدي بندق - 6 - مع قطب اليسار أبو العز الحريري
- حوارات مهدى بندق - 5 - مع الدكتور مجدى يوسف


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ ...
- نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار ...
- مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط ...
- وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز ...
- دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع ...
- المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف ...
- في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس ...
- بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط ...
- ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهدي بندق - وعي بالجهل أم تنمية معرفية ؟!