السمات المشتركة للاصوليين

محمد نبيل صابر

الحوار المتمدن-العدد: 2030 - 2007 / 9 / 6 - 10:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

مقدمة:
تطلق كلمة اصولى عادة على الجناح الراديكالى اليمينى فى اى ديانة او مذهب ويعود اصل كلمة الاصولية Fundamentalism الى كتاب صدر فى العقد الثانى من القرن الماضى فى اميركا بعنوان الاصول
"Fundamentals" وهو يتناول الاصول والواجبات المتبعة لكى يصبح المسيحى الايفانجيلى جدير بدخول مملكة الرب.
وهذا المقال ليس بحث متعمق قائم بذاته بقدر ما هو محاولة لاثبات ان عيوب العقائد والديانات لا تنبع منها بذاتها بل تنبع من الاتباع ومن التفسير المتشدد وان هذا ليس خاصا بديانة معينة بل قائم فى كل الديانات
والاصولية طبقا للتعريف السابق سنجدها فى كل الديانات والعقائد سواء الديانات السماوية او العقائد الارضية مثل البوذية والشنتوية والهندوسية وغيرها وسنقتصر هنا على الديانات الابراهيمية السماوية الثلاث (اليهودية والمسيحية والاسلام) وسيمثل التيار الارثوذكسى فى اليهودية وتيار البروتستنانت الايفانجلين فى اميركا والتيارات الوهابية اليمينية فى الاسلام الاصوليين فى الاديان الثلاث باعتبارهم الابرز على الساحة.
السمات المشتركة للاصوليين
سنحاول اختصارها قدر امكن فى عدة نقاط
1. الايمان بقدسية النص الالهى: وتعد هذه النقطة اهم السمات المميزة لاى اصولى وفى نظرتنا للاديان الثلاث سنجد ان تلك النقطة شديدة الاهمية لهم حيث ان الديانات الابراهيمية باعتبارها ديانات سماوية يصبح النص فيها بالنسبة للاصولى لا جدال فيه ولا نقاش وفى نفس الوقت لايمكن تحويره او مناقشته طبقا لمعطيات الزمن بل تتحول معطيات الزمن لتطابق النص فيصبح النص هو الاصل والمتغيرات هى التى تقاس عليه ومن مفارقات هذا وجود جماعات اصوليه يهودية ترفض وجود دولة اسرائيل على اساس ان النص قال انها تقوم بقيادة المسيح ولا تقوم بمجهود البشر وهم يعادونها ويعتبرونها دولة للشيطان فى حين ان الجماعات الاصولية البروتستناية تعمل على تثبيت قيام الدولة اليهودية باعتبارها احدى علامات رجوع المسيح فيما اطلق عليه مصطلح الصهيونية غير اليهودية (ريجينا الشريف فى كتابها الرائع) او مصطلح المسيحية الصهيونية وبالنسبة للمسلمين الراديكاليين يصبح النص هنا غير قابل للجدال ويحلمون بتطبيق نفس ظروف المجتمع المدنى (نسبة للمدينة) فى حين يتناسون موقف مثل موقف عمر بن الخطاب مثلا حين تفادى النص من اجل مصلحة الدولة حين الغى تقسيم الفئ او حتى حين الغى نصيب المؤلفة قلوبهم من الزكاة رغم وجود نص صريح فى القرأن بخصوصهما ولكن اين هم من عمر؟
2. الايمان بالوعد الالهى: وهى نقطة مختلفة جزئيا عن النقطة السابقة اذ يعتقد الاصوليون فى الديانات الثلاث بقيام معركة اخر الزمان وان النصر سيكون حليف كل ديانة منهم بالطبع وهى نقطة يؤمن بها كل المؤمنون باى من تلك الديانات ولكن الاصوليون هنا يشغلون انفسهم بالتفاصيل والخطوات التى تجعل النصر الالهى حليفهم بدءا من دراسات التلمود لليهودية وانتهاءا بالتعميد ثانية فى البروتستانية وانتهاءا بتمنى كارثة نووية كجماعة التكفير والهجرة حتى يعود القتال لايام السيف والرمح
3. الاهتمام بالشروح وتوضيحات النص: وحقيقة يرفع الاصوليون تلك الشروح الى نفس درجة قداسة النص وهم يرفضون اساسا اى شروح او تفسيرات اخرى للنص من علماء مخالفين لهم وتحتوى تلك الشروح على تفاصيل تتعلق بكل جوانب الحياة اليومية منها او المستحدثة مهما كانت من القدم ويتألق هذا فى اليهودية حيث يحتل التلمود بجزئية المشنا والجمارا درجة تكاد تفوق درجة التوراة ذاتها اما فى المسيحية فتتواجد كتابات الاباء والقديسين القديمة التى توضح وتفسر علم اللاهوت الخاص بكل طائفة وهذا بالنسبة للارثوذكسية او الكاثوليكية اما البروتستانية فيحل محل هذا التفسيرات الخاصة بكل انسان حيث ان القداسة للفرد بحد ذاته ويختلف الوضع قليلا للاصولية البروتستانية فى اميركا حيث تحتل تفسيرات القساوسة الايفانجليين موقع الصدارة وهذا الوضع حدث منذ صدور كتاب انجيل سكوفيلد حيث اصبح المرجع الاول لليمين المسيحى فى اميركا اما بالنسبة للاسلام فالجناح الوهابى يعتمد بالكلية على اقوال ابن القيم وابن تيمية بالدرجة الاولى ويكاد يحفظهم عن ظهر قلب رافضا فى الوقت نفسه اى تفسير متساهل للنص
4. رفض الاخر: وهذا امر طبيعى لاى اصولى حيث ان الاصولى السائر على نهج النص المقدس دائما على صواب- فى اعتقاده بالطبع- وهذا الاخر يشمل العلمانى او المذاهب الاخرى فى ديانته ناهيك عن الديانات الاخرى كما فى حملة التكفير للمذاهب الاخرى للانبا بيشوى او مرسوم بابا الفاتيكان الاخير او حتى عدم اعتراف الوهابيين بالمذاهب الاخرى فيما يخالف تصرفاتهم
5. تقليل شأن المرأة: وهذه النقطة بالذات كانت مثار دهشتى فالاصوليين فى الديانات الثلاث تعتبر المرأة نجس او كائن ناقص وخلق فقط من اجل اسعاد الرجل والاهتمام به والاهتمام بالبيت والعناية بالاطفال والشروح فى الديانات الثلاث كفيلة بتوضيح تلك النقطة بنفسها
6. الاهتمام بالسيطرة على التعليم: وذلك من اجل غرس المبادئ الاصولية منذ الصغر فى عقول النشء باعتبار ان الاطفال هم رجال ونساء المستقبل ولهذا تمنح المدارس الدينية فى اسرائيل معاملة خاصة ويعفى طلابها من التجنيد الالزامى( وهو الذى يستمر حتى سن 55 عام للرجل) وفى المسيحية تبرز تجربة مدارس الاحد- وهى ليست تجربة اصولية فى حد ذاتها ولكن نتائجها كانت فى ازدياد التقوقع للارثوذكس الاقباط كما انها تمثل محاولة لاظهار تعليم دينى مسيحى- والمعارك القضائية لليمين البروتستانتى فى اميركا من اجل منح مزايا للتعليم المنزلى والزام المدارس بتدريس وجهة نظر سفر التكوين فى قصة الخلق او ايقاف تدريس نظرية دارون او حتى حق الصلاة فى المدارس وبالنسبة للاسلام تبرز المدارس الدينية فى الباكستان وافغانستان على راس ممثلى الاسلام فى تلك النقطة والتى خرجت منها طالبان وتلاميذ المسجد الاحمر
وهكذا يتخذ التطرف اشكال عدة فى كل الديانات ولكن يبقى الاساس واحد وتبقى التعاريف والنصوص سليمة والعيب كل العيب فى الاتباع الذين وقفوا حياتهم من اجل التطرف والمغالاة

#محمد_نبيل_صابر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات