|
عائد من طرابلس:
السالك مفتاح
الحوار المتمدن-العدد: 2030 - 2007 / 9 / 6 - 05:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تبدو ليبيا مجرد ورشة في البناء، خاصة في الجوانب الاقتصادية والعمرانية ، الا ان البلاد من الناحية السياسية في نظر المراقبين تسير بسرعتين .. سرعة خطاب سبعينيات القرن الماضي في مقابل عالم التحولات السريع ، وروح الدمقرطة وما انجر عنها من خطاب الموضة الجديدة من احزاب وفضاءات غير متناهية . وبالنسبة لقضية الصحراء الغربية، يشعر الزائر بوجودها في مناسبتين. الاولى عندما يتعلق الامر بقضايا الاتحاد الافريقي، والثانية في الشارع الليبي حيث يسود الشعور بالانتماء لبلاد الساقية الحمراء ووادي الذهب . وفي غير ذلك فان المشهد السياسي والحضور الدبلوماسي للقضية الصحراوية تغير ان لم نقل اختفى بالمقارنة مع ما كان عليه الامر سنوات العنفوان قبل اتفاقية وجدة 1984 ..وما اعقبها من قطع للمساعدات الليبية للشعب الصحراوي والتي كانت سخية .. ذلكم ان قطع الدعم عن البوليساريو وتحييد الموقف الليبي من المسالة الصحراية ، كان اهم مكسب حققته الهجمة الشرسة المغربية قبيل الانسحاب من منظمة الوحدة الافريقية ، وابرز فعل حققته الرباط في الجبهة العسكرية والحرب الدبلوماسية التي ظلت تخوضها في المنطقة بالوكالة عن القوى الغربية،والتي ارادت وقتها بناء الجدران في الصحراء الغربية وتحصين الجيش المغربي من هجمات حرب الاستنزاف ، وفي الخارج تجفيف منابع المساعدة عن البوليساريو واطلاق العنان لحرب مسمومة وضرب مواقع و معاقل البوليساريو، في سياق استراتيجية اعدت بعناية وتقاسمت ادوارها دوائر في باريس وواشنطن وتل ابيب بتنسيق مع ملك المغرب الذي كان عراب التطبيع مع اسرائل في الشرق الاوسط والمغرب العربي. ومنذئذ باستثناء تواجد الطلبة الصحراويين الممنوحين من الجماهيرية الليبية ومكتب جبهة البوليساريو الذي لازال بنفس البناية التي كان عليها قبل ازيد من ثلاثين سنة ، يكاد دوره ينحصر في تنسيق قضايا انسانية واجتماعية .. غير ذلك ينتفي التواجد الدبلوماسي والاعلامي للدولة الصحراوية في بلد كان الاول من احتضن حركة البوليساريو ومدها بالسلاح ومولها بالممد وساهم بقوة في تكوين اطاراتها ومد مؤسساتها بالكفاءات ، بل ان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، اعلنت في طرابلس قبل ان تعلن في بئر لحلو سنة 1976، وكذلك فان حركة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب تاسست اول قواعدها الدبلوماسية والسياسية من طرابلس حيث استمدت اكثر من تجربة في الديمقراطية وفي الدعم وفي الاحتضان ، قبل اي كان .. ولاتزال مواقف القذافي تحفل بها صفحات التاريخ التي اعلنها قبل تاسيس البوليساريو سنة 1972، وتحفظها الاجيال ابا عن جد ..!! اتفاقية وجدة : اراد منها ملك المغرب تجفيف الدعم عن البوليساريو ..!! في كتابه "ذاكرة ملك" يقول ملك المغرب الحسن الثاني في رده على سؤال الصحفي الفرنسي ،ايريك لوران:" لا شك ان القذافي كان وراء ميلاد وظهور جبهة البوليساريو. وكانت هناك مراسلات فيما بيننا كان يرد فيها باستمرار يضيف القذافي " يجب القاء المحتل خارج الحدود(...) ، ينبغي خوض حرب ضد الاسبان ". وقال ملك المغرب في حواراته الذي نشرته الشركة السعودية للابحاث والنشر 1993: " لقد التقى مؤسس البوليساريو ، الولي بالقذافي الذي قال له " اني على استعداد لمساعدتك، لكن ينبغي ان يسمح الجزائريون بمرور الاسلحة التي سابعثها اليك " . ويكشف القذافي في معرض رده على سؤال من لعب الدور الاساسي في ميلاد وظهور جبهة البوليساريو ،هل هو بومدين ام القذافي ،بان الرئيس الليبي هو اول من امد البوليساريو بالاسلحة . لكن الحسن الثاني يكشف بوجود اتفاق صريح بين الاثنين اذ نقل عن بومدين القول : " انا على استعداد لمساعدة البوليساريو شريطة ان تصلني الاسلحة الموجهة اليه واقوم انا بعد ذلك بتسليمها له " . ويكشف الكاتب الفرنسي بان ملك المغرب ، رفض مشاركة القذافي في المسيرة "الخضراء" وذلك مخافة ان تنكشف حقيقتها كونها مجرد شماعة للتغطية على جريمة الحرب والاجتياح الذي تعرضت له المنطقة منذ الواحد والثلاثين اكتوبر 1975. ويقول الصحفي الفرنسي على لسان الحسن الثاني وهو يجيب عن سؤال : هل طلب منكم القذافي المشاركة في المسيرة ؟ :" نعم ، فقد وجه لي سنة 1975 عندما كنت بصدد وضع اللمسات الاخيرة لانطلاق المسيرة ، برقية رسمية يقول فيها " بصفتي ثوريا ، فاني اساندكم الفا في المائة ، واني اريد القدوم الى المغرب على رأس وفد ليبي للتصدي للاستعمار، عدونا المشترك " . ولكن ملك المغرب لم يعر ذلك اهتماما. وفي ذلك مخافة ، هنا يقول" لم يتوصل مني بتاتا باي جواب".. وبرر الحسن الثاني ذلك انه كان يتوجس من القذافي،خاصة والكل يدرك اليوم ان المسيرة المزعومة لم تكن سوى مطية للتغطية على الغزو البربري والهمجي الذي تعرض له الصحراويون وكان القذافي من قبل قد قال بان الوحدة بالقوة ستغير معالم وخريطة كل المنطقة بما فيها ليبيا والمغرب . ونقل الكاتب والصحفي عن الحسن الثاني في مذكرته ، معاتبة القذافي له بعيد توقيع اتفاقية وجدة 1984، بالقول " لم اتمكن من فهم رفضكم ". لكن الحسن الثاني رده عليه بالقول" اسمع ياصديقي العزيز، اود ان اطرح عليكم السؤال التالي وان تجيبوني عنه صراحة : لوكنتم قد شاركتم في المسيرة ، فهل كنتم ستتفقون معي عندما اصدرت الامر الى الثلاثمائة والخمسين الف مشارك بالرجوع ؟" ورد القذافي في الحال " لا ، ما كنت لاتراجع " فقال ملك المغرب عندها له : " في هذه الحالة كان من الاحسن ان لا تشارك في المسيرة ، لاني كنت ساضطر الى اقتيادكم الى الحدود بواسطة دركيين .. وذلك ما كان سيسبب حادثا دبلوماسيا مروعا" يعترف الحسن الثاني . وفي ذلك بيان عن حقيقة سيناريو تلك المسيرة، وحقيقتها...!! ولكن لماذا وقع ملك المغرب مع القذافي اتفاقية وجدة ؟! يجيب الحسن الثاني باعتراف صريح :" كان ابنائ يتعرضون انذاك لقصف مدفعين: احدهما جزائري ، والثاني ليبي . وكان من اوجب واجباتي اسكاتهما .و بتوقيع هذه المعاهدة تمكنت من جعل القذافي محايدا ، وحصلت على التزامه لي بعدم الاستمرار في تقديم ادنى مساعدة لاعدائ وللبوليساريو ، ووجدته صادقا ." واعترف الحسن الثاني انه تلقى الامتعاض من الولايات المتحدة الامريكية واللوبي اليهودي حيث كان ملك المغرب هو عراب التطبيع مع اسرائل في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، كما يروي في مذكرته .ويعترف قائلا: "عاتبني عديد المسؤولين وقال الامريكيون ان القذافي" اوقع بي". ولاحظ الصحفي الفرنسي على لسان ملك المغرب انه كان مدفوعا من باب المكره لتجفيف منابع الدعم عن البوليساريو ، فكان مستعد للتحالف مع الشيطان لاخراج جيشه الذي خارته عزائمه في حرب الصحراء الغربية في ظل اعترافات دولية واحتضان عالمي للدولة الصحراوية ...!! مواقف، بصمات ..عصية على النسيان ..!؟ فالقيادة الليبية والعقيد القذافي هو الذي كتب له التاريخ ان يكون الاول من دعم ثورة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب بالسلاح عبر المسالك الوعرة (1974) ، والاول من قال لاسبانيا عليها الرحيل (1972)، الاول من تصدى لتوسع ملك المغرب في رسالته:" لو كنت ايها الملك تقاتل انفصاليين داخل المملكة المغربية لقاتلنا معك ، ولو كنت تقاتل المستعمرين الاجانب داخل الصحراء لقاتلنا معك. اما ان تقاتل شعبا يقول .. لا.. فلن نكون معك . " ان الصوت الذي لا بد وان يصغى له العالم هو صوت شعب الصحراء سواء في الوحدة معك او الاستقلال بجوارك .." ففي برقية بعثها العقيد معمر القذافي لملك المغرب، الحسن الثاني مباشرة بعد اعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، بتاريخ 28 فبراير 1976. الحقيقة الثانية ان ليبيا الجديدة لن تكن ليبيا الماضي بكل المقاييس فالتحولات الجديدة تفرض التماهي معها في جميع الصعد وعلى كل المستويات وتفرض المواكبة والمسايرة ، على قدم وساق مع الممانعة السياسية والامنية والاقتصادية .. ونلك حتمية لا مفر منها في كل بلدان العالم الثالث ومنطقة المغرب العربي التي تتبوأ فيها طرابلس رئاسة الاتحاد المجمد منذ اكثر من عقدين بفعل اشكالية الصحراء الغربية التي بات حلها يشكل في نظر القوى الدولية عامل انسجام من عدمه في منطقة جد حساسة لموقعها الجيو استراتيجي في افريقيا وضفة المتوسط ، وذلك في ظل عولمة شبح حمى" الارهاب" وشبكات الهجرة العابرة للحدود، والاحتماء بدفء التكتلات الجهوية لمواجهة العولمة والسير بخطاها ولتكيف مع متطلباتها .. هوامش * انظر السجل القومي المجلد السنوي السابع "العقيدمعمر القذافي"75_1976 منشورات المركزالعالمي لدراسات وابحاث الكتاب الاخضر "بيانات وخطب واحاديث العقيد معمر القذافي ص347-349 ، ص 698-699 - مقال عابر سبيل لنفس الكاتب المنشور بالموقع يوليوز 2007 - ذاكرة ملك، الحسن الثاني منشورات الشركة السعودية للابحاث والنشر 1993
#السالك_مفتاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات التشريعية المغربية في الصحراء الغربية.. شان محلي
...
-
مفاوضات البوليساريو والمغرب : فرص لم تنضج .. ام حوار طرشان..
...
-
طرابلس 76 ليست طرابلس 2007 في احتضان البوليساريو..!!
-
في ذكرى يوم الشهيد : الاخ محمد الامين احمد -يكشف جوانب ومواق
...
-
الولي .. ضمير البوليساريو .. بطل المقاومة الحاضر الغائب
-
تحركات البوليساريو.. فوضى -خلاقة- ام عمل منظم ..!؟
-
البوليساريو... من داخل المواقع الجامعية المغربية ومن السجون
...
-
البوليساريو... زخم ثورة.. بركان غضب
-
هل تنعكس سخونة أحداث المغرب العربي ، إيجابا على الإشكالية ال
...
-
البوليساريو من سنوات المخاض والكفاح المسلح إلى حرب السلام ..
...
-
لماذا تفشل الامم المتحدة في ادارة و تسوية نزاع آخر مستعمرة ا
...
-
كيف يؤطر الإعلام استتباب السلام وردم الهوة.. في المرحلة الحر
...
-
جنوب افريقيا والصحراء الغربية ..تقاطع الرهانات وتقاسم التجرب
...
-
الالغام .. موت صامت يهدد سكان الصحراء الغربية، حسب اعترافات
...
-
جولة الى اكناف التفاريتي : ورشة لصنع السلام وقهر الطبيعة
-
حرب الاطروحات والمزايدة بين الرباط والبوليساريو ..!؟
-
مقترح جبهة البوليساريو من أجل حل سياسي مقبول ومتفق عليه ويفض
...
-
حكم ذاتي ببصمات مغربية في الصحراء .. فاقد الشئ لا يعطيه ..!؟
-
حكم ذاتي في الصحراء .. شاط الخير اعلى ازعير ..!؟
-
الصحراء الغربية بين الحكم الذاتي و الانتفاضة .. دراسة تكشف ا
...
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|