أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل عودة - مشروع الخدمة المدنية للعرب في اسرائيل .. بين القبول والرفض















المزيد.....

مشروع الخدمة المدنية للعرب في اسرائيل .. بين القبول والرفض


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 2029 - 2007 / 9 / 5 - 11:19
المحور: المجتمع المدني
    


مرة أخرى تطرح من جديد موضوعة الخدمة المدنية للعرب في اسرائيل ، خاصة بعد قرار حكومة اسرائيل اقامة مديرية لتطبيق الخدمة المدنية على العرب والمتدينين اليهود.
كالعادة كانت المواقف العربية ، من جميع الأحزاب والاطارات السياسية ، من أقصى اليسار الى أقصى اليمين ،من أكثر العلمانيين تطرفا في علمانيتهم ، حتى أكثر المتدينين تشددا في عقيدتهم ، هو موقف الرفض لهذا المخطط ، وأطلقت الشعارات ، وكان التنافس بين الأحزاب شكليا وبلا مضمون ، من يطلق شعارا أكثر " ثورية " ، وأكثر تصلبا ، في كلمات الشعار بالطبع ... لدرجة ان البعض دمج بين الخدمة المدنية وتشوية الهوية القومية ، وهناك من ذهب الى فانتازيات سياسية ،غارقة في الخيال السياسي الجامح ، وكله مشروع ومضمون في النظام الدمقراطي الذي يضمن ويحمي حرية الرأي والاختلاف والنقد والهجوم الحاد والدعاية والنشاط السياسي والاعلامي والقانوني اذا لزم المر ، الذي يوفره القانون الاسرائيلي للمواطنين العرب أيضا .. وهذه حقيقة وليس ادعاءا !!
بالطبع لا تبرير للسياسة الممارسة ضد الأقلية العربية في اسرائيل منذ 60 سنة . لا تبرير لسياسة الاضطهاد القومي والتمييز العنصري . لا تبرير لسياسة حرمان الأقلية العربية من المساواة الكاملة بمخصصات التطور والأرض . ولا تبرير لاستمرار التنكر للحقوق القومية للشعب الفلسطيني ، شعبنا .
أعرف انه ليس من السهل طرح رؤية مغايرة لما يبدو اجماعا وطنيا ، او قبليا اذا توخينا الدقة في التعبير السياسي .
اني أدعي ان مواقف الأحزاب العربية ، من هذه القضية الهامة المطروحة ، يغلب عليها التنافس الشعاراتي ، والمواقف التشنجية ، وتتميز بالعفوية والارتجالية ، وتخلو من أي طرح سياسي مبني على رؤية ورؤيا استراتيجية محددة المعالم والاتجاه والأهداف... وقادرة على التعامل مع موضوع الخدمة المدنية بموضوعية سياسية ، بعيدا عن التشنج والمنافسة بقوة الصراخ ، الذي بات يميز السياسة العربية في اسرائيل ، وللأسف يشكل مضمونها الوحيد .
يؤسفني القول ان استطلاعا للراي ، أظهر فجوة هائلة بين الشباب العرب ( أجيال الخدمة المدنية ) وبين مواقف الأحزاب ، يبين الاستطلاع ان الأكثرية من الشباب العرب لا يرفضون فكرة الخدمة المدنية ( وللتوضيح أقول ان اصطلاح الخدمة المدنية لا يشمل اطلاقا أي شكل من أشكال الخدمة العسكرية ) .
هذه هي الصورة العامة المرتسمة من موضوع الخدمة المدنية في المجتمع العربي داخل اسرائيل . اولا لنتفق ان الحديث يدور عن خدمات اجتماعية وصحية وتعليمية وبيئية وبلدية ، واطلاقا ليست خدمة لأي مجهود عسكري احتلالي أو غير احتلالي .
واضيف اني مطلع منذ سنوات عديدة على موضوع الخدمة المدنية في بعض مدارس الناصرة ومستشفياتها ، ولم أجد غضاضة ، أو خيانة قومية ، أو تنازل عن الانتماء وعن الهوية ، في الخدمات المدنية التي ينفذها المتطوعون .
بعض الفتيات والشبان ، جاؤامن بيوت شيوعية أو وطنية ، وأعرف على الأقل مجندين ينطبق عليهم هذا التعريف ، شاب من بيت شيوعي من الرملة ، وفتاة من بيت وطني من الرينة .. يخدمان في الناصرة ، في مدرسة ومستشفى ، وأعرف بالطبع شباب وصبايا آخرين ينفذون الخدمة المدنية في الناصرة بالأساس ، ولا يمكن ان نربط بين خدماتهم المدنية وبين أي خدمات تخدم جيش الاحتلال ، او المجهود الأمني الاسرائيلي مهما تعددت وتنوعت أشكاله .
قلت في مقال سابق اني لست مدافعا عن برنامج الخدمة المدنية ، ورأيي كان ان كل مجتمع مدني يحتاج الى خدمات تطوعية ، والتسمية ليست هي المشكلة . وانتقادي كان على القيادات السياسية العربية التي تتصرف بارتجال ومنافسة شعاراتية غوغائية ، تفتقد لأي منطق سياسي ، ولأي برناج سياسي واضح ومحدد الأهداف والتفاصيل . كنت أميل الى ان تقوم القيادات العربية بدراسة الموضوع المقترح ، وفهم أبعاده من مصادره الاولى ، والتأثير عليه بحيث يتحول الى رافعة لخدمة مجتمعنا وزيادة ترابطه واستعداد أبنائه للتطوع ، واذا لم ننجح بذلك نعلن موقفنا بشكل سياسي عقلاني منظم ، دون تشنج ورفض ارتجالي ، وصراخ غوغائي . وقلت ان هذه المواقف لن تقود الى شيء ، ومشروع الخدمة المدنية سيفرض من فوق ، وعندها ، لن نكون قادرين على جعله مشروعا اجتماعيا وطنيا ثقافيا تربويا ( حسب تصورنا ) لخدمة مجتمعنا وشبابنا . اليوم كما أرى المشروع ينفذ بشكل لا تشتم منه رائحة استغلال الشباب العرب في تقديم خدمات لا نقرها ، ولكني أعترف اني لا أعرف اذا كان الأمر سيبقى في هذا الاطار.
مثلا لا أرى غضاضة في تقديم خدمات في المراكز الصحية في المدن اليهودية ، وأن لا ننسى انها تخدم المواطنين العرب أيضا ، ويكاد لا يخلو مركز صحي في اسرائيل من أطباء عرب ، وفي مراكز مرموقة أيضا .
ومع ذلك الموضوع أكثر شمولا ، وأكثر عمقا ...
ما هو الدور الذي يجدر بنا القيام به ، كمواطنين عرب فلسطينيين في اسرائيل ، خدمة لمصالحنا ، وتثبيتا لكوننا جزء لا يتجزأ من الواقع السياسي في اسرائيل ؟
هل سياسة الانطواء والانعزال تخدمنا وتقدم مطالبنا ، وتخدم نضالنا الوطني من أجل حق شعبنا الفلسطيني باقامة دولته المستقلة الى جانب اسرائيل ؟
هل يجب ان نحول واقعنا ، كاقلية محكومة ، الى حالة مطلقة ؟ ام واجبنا ان نتطلع الى اختراق عزلتنا ، وان يكون على رأس سلم أولوياتنا النضالية ، شعبيا وبرلمانيا وقضائيا ، ان نثبت حقنا بأن نكون مشاركين في الحكم أيضا ، وليس محكومين فقط ؟
أنا لا أتجاهل التغيير العميق والانقلابي في وضعنا بعد اقامة دولة اسرائيل . ولكني ، لا أفعل مثل غيري وأتهرب من واقعي لأسمي المولود بغير اسمه ، وعلى أساس أوهامي السياسية أبني أجندتي ونهجي ومواقفي .
لا اتنازل عن فلسطينيتي ، ولكني أرفض أن أحول فلسطينيتي الى " صخرة سيزيف ". ان معاناتنا من السياسات الاسرائيلية ، في العقود الماضية اساسا ، وحتى اليوم بشكل عام ، يجب ان لا تجعلنا أسرى عقائد الرفض والانعزال . يجب ان لا نترك للرواسب المؤلمة حتى النخاع ، التي عبرناها في مواجهة أصعب هجمة شرسة على هويتنا وأرضنا ومستقبلنا ، ان تقرر مصيرنا وسياساتنا اليوم وللمستقبل .
من المؤكد ان أبرز هدف لنا ، يجب ان يكون تعميق جذورنا ، تعميق انتمائنا الوطني ، تعميق تكاملنا الاجتماعي ، والعمل على تطوير مجتمعنا ، وبتنا نملك الادوات والامكانيات الاقتصادية ، وتطوير جهاز التعليم ومستواه .
ما يقلقني ان المواضيع التي قد لانختلف على أولويتها ، هي مواضيع تكاد تكون مهملة . الانتماء الطائفي بات هو البارز ، والأسوا ان المختلف دينيا تطلق عليه تعابير مهينة تعمق التباعد والانفصال الاجتماعي ، وأخاف اننا نندفع نحو مجتمع من قطبين لا يلتقان .
من ناحية أخرى نفتقد للتخطيط الاقتصادي والبنيوي ولتحديد اهداف التطور الذي نحن بأمس الحاجة الية ، وبالتالي نقف عاجزين عن طرح مطالبنا المشروعة ، والعمل على الزام السلطة بالمساهمة في التنفيذ والتسهيلات ، والاقتصاد قد يكون رافعة لتعزيز هويتنا الوطنية وتكاملنا الاجتماعي لأن الاقتصاد لبنة اساسية في بناء الشخصية الوطنية والتكامل الاجتماعي .
مجتمعنا يرتسم اليوم كمجتمع مفسخ ومفكك عائليا وطائفيا ، والعنف أصبح آفة رهيبة تحرق كل أمل بالتكامل والتواصل بين أبنائه ، وكل ما تفعله أحزابنا ، انها "تتفق" على المنافسة بالشعارات والمواقف الارتجالية والمتشنجة ، في ظل غياب حوار سياسي ، اجتماعي وفكري .
وهنا أصل للسؤال الأساسي :هل يساهم مشروع "الخدمة المدنية" في تعزيز الترابط بين الأجيال التي يشملها المشروع ، أو بين الشباب ومجتمعهم ؟ وهل للمشروع تأثير على زيادة اندماجنا في المجتمع الاسرائيلي ، كمشاركين في السلطة ومؤثرين على قراراتها المصيرية ؟
وهناك أسئلة أخرى هامة : هل الاندماج في المجتمع الاسرائيلي يضعف هويتنا الوطنية ؟ هل نحن قادرون على التاثير عليه ، مثلما نحن منكشفون للتأثير المعاكس ؟
هل التأثير والتأثر سلبي أم ايجابي ؟ هل نحن قادرون على التأثير السياسي على المجتمع اليهودي ، دون التعامل الايجابي مع الأحزاب والقوى السياسية ومختلف الشخصيات ذات الوزن الاجتماعي أو السياسي او الأقتصادي أوالثقافي أو الأكاديمي في اسرائيل ؟
مرة أخرى : هل سياسة الرفض العشوائية لمشروع الخدمة المدنية ، وعدم التعاطي مع الواقع ، وتعريفه صراحة بأسمه ، هو الحل الذي سيقودنا الى انجاز مطالبنا بالمساواة في الحقوق داخل اسرائيل ، وانجاز الحلم القومي لشعبنا الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة الى جانب دولة اسرائيل ؟
تنقص قيادات الجماهير العربية في اسرائيل الجرأة السياسية . ينقصها الحنكة السياسية ،الحكمة ،الفكر والقرار السليم. ينقصها قبل كل شيء التخلص من الانعزال والتقوقع الرافض والسلبي باستمرار. المشكلة ليست في مشروع الخدمة المدنية ، المشكلة في مفاهيمنا المتخلفة !!

نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرويات حبيب بولس بين الحنين والجذور
- سطوع وأفول نجم سياسي
- اللغة العربية كأداة اتصال وهوية ثقافية ووطنية
- رحلة اسطورية الى بلاد الاغريق مع سعود الأسدي*
- الشاعر الراحل المبدع سميح صباغ .. وثقافتنا الغائبة
- أهلا وسهلا بشاعر فلسطين الكبير محمود درويش .. في وطنه
- لنبق الحصوة ونتصارح
- الجنرال براك يميني لتنفيذ مشروع يساري
- جوهرة التاج الأمريكية
- الكارثة تدق ابواب غزة
- الحزب الشيوعي الاسرائيلي بعد مؤتمره ال 25
- لننتصر على هتلر - كتاب مثير وغير عادي ، يثير عاصفة في اسرائي ...
- رسالة لأعضاء الحزب الشيوعي الأسرائيلي عشية عقد مؤتمره ال 25
- لبنان سينهض من جديد
- وثيقة حيفا - وثيقة أخرى تضاف للأرشيف
- حديث شائق وممتع عن تاريخ الموسيقى العربية وتطورها
- حرب يخافها الجميع
- الانتحار احتراقا
- كيف نمنع الحرب القادمة
- الرواية التي لم أكتبها


المزيد.....




- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- هآرتس: ربع الأسرى الفلسطينيين في سجون -اسرائيل- اصيبوا بمرض ...
- اللاجئون السودانيون في تشاد ـ إرادة البقاء في ظل البؤس
- الأونروا: أكثر من مليوني نازح في غزة يحاصرهم الجوع والعطش
- الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- الاونروا: الحصول على وجبات طعام أصبح مهمة مستحيلة للعائلات ف ...
- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- منظمة حقوقية يمنية بريطانيا تحمل سلطات التحالف السعودي الإما ...
- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل عودة - مشروع الخدمة المدنية للعرب في اسرائيل .. بين القبول والرفض