قبل سقوط سلطة صدام حسين بأشهر تم القبض على عناصر تنتسب الى جهاز المخابرات العراقية و الأستخبارات العراقية من قبل قوات الأتحاد الوطني الديمقراطي في كردستان العراق ، وأعترف ضابط الأستخبارات ( كاظم حسين محمد ) الذي تم القبض عليه من ضمن هذه العناصر أثناء أستجوابه ، أنه كان واحداً من 17 حارساً شخصياً عهد اليهم حماية زعيم تنظيم (( الجهاد )) الأسلامي نائب زعيم تنظيم (( القاعدة )) أيمن الظواهري حين زار بغداد وألتقى الدكتاتور البائد .
كما أفاد كاظم حسين أن لهم ( يقصد عناصر من الأستخبارات والمخابرات العراقية ) دور في أفغانستان وأرتباط بتنظيم القاعدة ، وأن الظواهري حضر الى بغداد مرتين وكانت لهم علاقة به .
ويسترسل كاظم ماوصفه بوجود ضباط أرتباط عراقيين ، وأنه وقع في الأسر حين كان يتصل بأحد قادة (( انصار الأسلام )) وأسمه أبو وائل .
وأبو وائل هو القائد الحقيقي لجماعة (( أنصار الأسلام )) ، وكان ضابطا ً في الجيش العراقي
و تخرج من كلية القانون وأكمل دروسه في كلية الشريعة وذهب الى أفغانستان عام 1995 وهو على أتصال دائم مع المخابرات والأستخبارات العراقية ، والمذكور ناشط في تنظيم جماعة الملا كريكار في منطقة كردستان العراق ، وتؤكد المعلومات الكردية أن أبو وائل يعد قناة الأتصال بين تنظيم ( القاعدة ) وبين النظام الصدامي البائد ويقود مجموعة من الرجال من الــعرب .
والملا فاتح كريكار هو أحد القادة الأوائل للحركة الأسلامية المتطرفة في كردستان الذين أنتقلوا الى أفغانستان خلال أوائل التسعينات وهو يحمل لقب (( أمير أنصار الأسلام )) ، والأسم الحقيقي للملا كريكار هو ( نجم الدين فرج ) ، وقد حصل الرجل على ماجستير في علم الحديث في الباكستان حيث عمل مدرساً في الجامعة الأسلامية ، ثم سافر في أوائل التسعينات الى النرويج حيث حصل فيها على اللجوء السياسي ثم حصل أيضاً على الجنسية النرويجية ، وبعد حصولة على الجنسية زار منطقة كردستان وأعلن عن تشكيل (( جند الأسلام )) .
كانت كوادر ومقاتلي هذه الحركة يتلقون التدريب في أفغانستان وبمساعدات عراقية رسمية ، ويرتبطون بعناصر من جهازي المخابرات والأستخبارات العراقية التي تسهل لهم عمليات تنقلاتهم في المنطقة بتوفير المال والمستمسكات المزورة وغير الحقيقية المستعملة .
وبالرغم من الحملة آلتي شنتها قوات الأتحاد الوطني للقضاء على الفلول الكامنة في منطقة حلبجة وبياره وجبل شنروي وفي منطقة خيلي حماة ، والتي كان جند الأسلام قد تمكنوا فيها من القضاء على عناصر من قوات الأتحاد الوطني مثلوا بجثثهم وقتلوهم بعد أن أوقعوهم أسرى خلافاً للشرائع السماوية والقيم وشجاعة الرجال ، حيث كانت أياديهم مربوطة الى الخلف عند قتلهم ، وكما تمكنوا من أرهاب المواطنين وتهديدهم وفرض ما يقررونه عليهم قسراً وبالأكراه .
وبالرغم من تطهير المنطقة من فلول هذه العناصر والقضاء على أكثرية تجمعاتها ، فقد توزعت العناصر المذكورة بحكم الأوامر والتعليمات الواردة من عناصر الأرتباط العراقية ، وأنسحبت من المنطقة بشكل مؤقت وأضطراري وسريع .
ولم يعد تواجد هذه العناصر في الجبال المحيطة بمدينة حلبجة والتي تضم أضافة الى العناصر الكردية المتطرفة والسلفية ، فانها تضم أيضاً بعض الأفغان العرب ، ولسهولة الهروب عبر المناطق الجبلية بأتجاه أيران والمفتوحة والوعرة ومن الصعب ضبط مراقبتها والسيطرة عليها ، اضافة الى سهولة تمكنهم الأنسحاب الى داخل العراق ، حيث توجد مراكز للتجمع والألتقاء أحتياطية ومتفق عليها مسبقاً فقد بات التحكم بالسيطرة على المنطقة صعباً .
أن عدداً لا يستهان به من هذه العناصر التي أنسحبت الى الداخل من العراقيين الأكراد والعرب والأفغان والذين تدرب أغلبهم في أفغانستان ، وتمكنت من الأستكمان في أماكن داخل العاصمة وفي مدن تحت سيطرة الأحزاب الكردية في كردستان العراق .
ولم تنته العلاقة الوثيقة بين عناصر هذا التنظيم وبين جهاز المخابرات والأستخبارات العراقي ، حيث بقيت تعمل من خلال الخط الثاني ( خط الظل ) بعد أنهيار السلطة والحكم في العراق ، والتي تحضر لها وخطط النظام الصدامي قبل أنهياره وسقوطه السريع ، ومن بين أهم التدريبات التي تلقاها عناصر هذا التنظيم القيام بالتفجيرات والأغتيالات والتخريب في المدن .
أن التنظيمات ألأرهابية تعتمد على أساليب القتل والموت بعمليات انتحارية وزرع المتفجرات كوسيلة لتخويف المواطن وأرهابه ، كما تعمد على التمثيل بالجثث والتطرف في النظرة الى حياة الناس وتصرفاتهم .وينسق قائد جماعة القاعدة من خلال ( الأرهابي أيمن الظواهري ) في العمل مع التنظيمات الفارة والمنسحبة داخل المجتمع العراقي ، مستغلة الوضع الأمني المربك والتسيب في الدخول والخروج من الحدود الدولية ، اضافة الى عدم معرفة المواطن العراقي من العربي أو الأفغاني من قبل القوات الأمريكية ، كما أن عناصر التطرف الموجودة داخل العراق تعاونت بشكل وثيق مع هذه العناصر ، وتم ترتيب عمليات الأخفاء والتستر والأيواء والمساعدة بعد كل عملية من العمليات الأرهابية من أغتيالات وغدر وتفجير وتخريب في المنطقة وخاصة في المناطق المعادية لوجود القوات الأمريكية أو الموالية لسلطة الطاغية .
ويعتمد قادة هذه التنظيمات على أدخال فكرة أساسية أولها أن قتال الولايات المتحدة الأمريكية جهاد في سبيل الله ، كما أن الموت أثناء هذه العمليات سيمحو جميع الذنوب والخطايا ويذهب فيها الأنسان شهيداً الى جنان الخلد ، وأن أية عملية أنتحارية تؤدي بفاعلها الى الجنة مباشرة دون تأخير ، وأن للوافدين العرب من الأقطار المجاورة تأثير على الشباب العراقي المنخرط في هذه التنظيمات ، وبالنظر للأندفاع الملموس من قبل هذه العناصر ، يصبح الأمر أكثر تأكيداً للعناصر العربية والكردية في الأندفاع ورائها في الفعل الأنتحاري كقتال في سبيل الله كما يزعم قادة هذه الفصائل .
وتعتمد الفتاوى التي يصدرها قادة هذه التنظيمات على ضرورة أستعمال العنف لغرض حماية الدين وأنقاذ الشريعة من تسلط الكفار ، وضرورة العمل بقوة على تطبيق الشريعة الأسلامية !! ومن خلال هذا المنطلق المبتور يعمد الشباب المتطوع بالنظر للسيطرة الذهنية والعقلية عليه ، وبالنظر لأصابته بالأنغلاق الذهني وعدم تمكنه من النظر أبعد من النقطة التي يقف فيها الى أستعداد الشباب لرمي أرواحهم الى التهلكة ، مما يمكن قياداته من أستخدامه أبشع أستخدام في عمليات أنتحارية يكون جسده الوقود فيهاكوقود في اللعبة السياسية .
أضافة الى التأثير النفسي والقدرة على السيطرة النفسية والتحكم في عقول الشباب المندفع تحت تأثير قدرة قيادات الأرهاب العراقي وتلبسها بلباس الدين كوسيلة لأيهام الشباب بنظافة الوسيلة والهدف الذين يعملان من اجلهما .
وأذا كانت الأعترافات التي أدلى بها ضابط الأستخبارات العراقي تدلل على بقاء الأرتباطات مستمرة ، وأذا كانت الأرتباطات بين هذه الفصائل وبين التنظيمات السرية لجهاز المخابرات العراقي والتي أستعدت للعمل في الخفاء بعد سقوط النظام ، لايمكن أن تكون عفوية وغير مرتبة وغير منظمة ، أضافة الى تمكن ( أيمن الظواهري ) وهو القائد البديل للقاعدة من زيارة العراق أكثر من مرة لابد أن يترك خلفه من العقول الجاهزة لتفجير نفسها باللحظة والمكان التي تختاره ، ويكون وقودها الأنسان المتفجر والواهم بأنه يقوم بترسيخ أسس الدين الأسلامي عند أرتكابه جريمة من أبشع الجرائم الأنسانية وبحق الله عز وجل .
وفي الوقت الذي تنفى فيه جماعة جند الأسلام على لسان أميرها الملا كريكار أمام الجماعة والذي تم عزله لاحقاً أي دور لها في عملية تفجير مبنى الأمم المتحدة في بغداد ، وتتهم فلول وعصابات صدام ، فأن جماعة متطرفة تدعى ( سرايا مقاتلي الجهاد الأسلامية ) أعلنت مسئوليتها عن هذا الفعل ، في حين أعلن تشكيل مايسمى ب ( جيش محمد ) ، أن سرية عبد الله بن عياض هي التي قامت بالعملية ، وفي موقع أصولي على شبكة الأنترنيت أعلنت كتائب أبي حفص المصري التابعة لتنظيم ( القاعدة ) مسؤليتها عن القيام بحادث التفجير ، ومهما أبتعدت هذه التشكيلات عن الحقيقة أو أقتربت منها فأن الأرهاب فعل يوحدها وتتسابق للزعم أنها من أرتكبته ، وأن التغييب عن الهدف الأساس والحقيقي من الفكرة يتم حجبه عن أنصارها ، وأن الجهة التي قامت بهذا الفعل أي كانت تسميتها تدلل ليس فقط على قصورها في التفكير وضحالتها في التصور والأختلاف ، أنما بأعتمادها الأرهاب كوسيلة ليس لديها غيرها أذ لم نسمع أو نشاهد أي وسيلة أو طريقة أخرى في عملها ، متناسية أن أيذاء الناس محرم في الديانات السماوية ومن قتل أنسان ظلماً وكان بريئاً فكأنما قتل الناس جميعاً ، وأن الطريق الى الجنة لايمر عبر المتفجرات والموت والخراب والدم والمأساة التي تتركها في نفوس الناس يشكون الى ربهم ظلم الفاعلين .
ويقيناً لن تكون عملية القاعدة المشتركة مع ذيول السلطة الصدامية في أغتيال الشهيد السيد محمد باقر الحكيم التي تمت في مدينة النجف الأشرف هي الأخيرة في العراق ، فستلحقها عمليات أخرى بالنظر لتوفر جميع الظروف التي تسهل لهم القيام بمثل هذه العمليات ، ومادامت السلطات العراقية وقوات الأحتلال لم تتخذ أساليب الردع والحماية المقبولة في غلق الحدود ومنع تسرب العناصر الأرهابية والأفعال التحريضية والتجسسية التي تقوم بها فضائيات عربية معروفة .
وليس غريباً أن يكون لبعض مراسلي القنوات الفضائية ممن يرتبطون بتنظيم القاعدة الأرهابي دور ملحوظ في العراق ، مثلما ليس غريباً أن يختفي عنصر القاعدة الخطير ( تيسير علوني ) في منطقة الفلوجة في العراق ليظهر في أسبانيا حيث يتم القبض عليه من قبل البوليس الأسباني بتهمة الأرهاب العالمي متلبساً بتهم عديدة قد يكون من بينها المساهمة في جرائم ضد الشعب العراقي ومد الإرهابيين بالمعلومات والتخطيط لعملياتهم .
والمتمعن ملياً في المشهد العراقي يجد أن الدور الذي تلعبه التنظيمات المتطرفة والأرهابية دور نشاز لامحل له في المشهد العراقي ، ويعبر عن غطاء فوقي وملامح يبدو انه بدا يأخذ علامة فارقة حين يتم أقتران الدين الأسلامي بالأرهاب ، وهي معادلة محزنة ويساء فيها الى الدين الحنيف ، دين السلام والمحبة والحوار .
ومع أن مشهد الأرهاب الذي انتقل من أفغانستان ومن بعض الأماكن العربية الى العراق لايبدو نشازاً أمام حالة الأنفلات وغياب السيطرة على مداخل ومخارج الحدود الدولية وحركة الأجانب داخل العراق ، اضافة الى توفر المواد الأساسية والأدوات المستعملة في الجرائم وتوفر عناصر من الشباب المندفع والمغيب عقليا ونفسيا ً تحت تأثير الحاجة المادية و الوهم الديني البعيد عن العقل والقيم السماوية وتسجيلهم كأرقام جاهزة للانفجار في أي مكان وضد أي شخص وفي الزمن الذي يقرره قادتهم ، مع عدم وجود الرادع القانوني الذي يمكن أن يؤثر في أيقاف هذه الأفعال ، ، وليس أكثر تجسيداً لكل هذا قيام أحد الانتحاريين تفجير نفسه وسيارته بقصد قتل أكبر عدد ممكن من العراقيين في مكان يتواجد فيه العمال العراقيين قرب مبنى الأمم المتحدة في بغداد وقيام انتحاريين بتفجير نفسيهما أمام مكوى في مدينة كركوك دون أن يقتلا سوى نفسيهما .