معركة الشعب ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية في واد والطبقة الحاكمة في واد آخر

عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 2028 - 2007 / 9 / 4 - 10:54
المحور: حقوق الانسان
    

تشكلت تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية حلال شهر شتنبر 2006 بمبادرة من فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالرباط الذي دعى عدد من الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية للاجتماع للتداول حول ما يمكن فعله لمواجهة موجة الغلاء والتدهور المستمر للخدمات العمومية من تعليم وصحة ونقل ...الخ، وخلال هذا الاجتماع تشكلت أول تنسيقية بمدينة الرباط ونظمت وقفة احتجاجية كبيرة أمام البرلمان في 21 شتنبر 2006 بعدها بدأت مبادرات تشكيل تنسيقيات مناهضة الغلاء في جميع المدن والقرى المغربية بلغت في نهاية سنة 2006 حوالي 80 تنسيقية.
وقد ساهم في انتشار التنسيقيات بشكل واسع دعوة المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان جميع فروعها ال 75 على الصعيد الوطني إلى الدعوة إلى تشكيل تنسيقيات وتنظيم أسبوع وطني لمواجهة الغلاء خلال الفترة الممتدة من 02 إلى 08 أكتوبر 2006. كما بادرت تنسيقية الرباط سلا تمارة إلى الدعوة إلى ملتقى أول للتنسيقيات في 29 أكتوبر 2006 حيث تشكلت لجنة المتابعة الوطنية من 12 عضو كان من مهامها تنظيم ندوة وطنية حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية السائدة وموجة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، وكذا تنظيم وقفات لمجموع التنسيقيات متزامنة في الزمن ومتفرقة في الأمكنة في ذكرى انتفاضة 1990 أي بتاريخ 14 دجنبر 2006 وهي الانتفاضة التي حدثت نتيجة الزيادات المهولة في الأسعار. وأيضا تنظيم مسيرة وطنية للتنسيقيات في 24 دجنبر 2006 حضرها حوالي 12 ألف مواطنة ومواطن.
وفي يوم الأحد 25 فبراير 2007 انعقد الملتقى الثاني للتنسيقيات الذي جدد الثقة في لجنة المتابعة وخول لها مهمة تنظيم مسيرة وطنية ثانية للاحتجاج على استمرار موجة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية وذلك بتاريخ الأحد 25 مارس 2007، لكن هذه المسيرة منعت وتم تطويقها من كل جانب في شارع للا الياقوت بالدار البيضاء واكتفت التنسيقيات الحاضرة من تسجيل استنكارها بوقفة احتجاجية دامت أكثر من ثلاث ساعات.
وبتاريخ الأحد 03 يونيو 2007 انعقد الملتقى الثالث لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية حيث قدمت لجنة المتابعة الوطنية السابقة استقالتها وتكونت لجنة متابعة جديدة من سبعة أعضاء فوض لهم الملتقى مهمة تنظيم مسيرة وطنية بالرباط بتاريخ الأحد 02 شتنبر 2007 أي خمسة أيام فقط قبل الانتخابات التشريعية، إلا أن المسيرة لا علاقة لها بهذه الانتخابات فالتنسيقيات حركة اجتماعية تسعى إلى تنظيم مسيرة رمزية لتوجه رسالة واضحة للطبقة الحاكمة مفادها أن القوت اليومي للجماهير هو بمثابة خط أحمر بينها وبين الطبقات المسحوقة من الشعب المغربي لا يمكن تجاوزه بدون حدوث ردات فعل قوية على ذلك.
وبالفعل تم تنظيم المسيرة يوم الأحد 02 شتنبر 2007 بدون مساهمة كبيرة من طرف مكونات التنسيقية خاصة تلك المكونات المنخرطة في العملية الانتخابية بحيث رأت أن هذه المسيرة ستشوش على حملتها، علما أن الظرفية سياسية، ولا حظ للمطالب الاجتماعية لدى السياسيين خلالها إلا ما تتضمنه بيانات الأحزاب من وعود لا مجال لتحقيقها في ظل النظام السياسي والاقتصادي القائم، وقد كانت الأطراف السياسية تعتبر دائما أن حركة التنسيقيات تشوش على دورها وكانت تعترض دائما على الأشكال النضالية المعتمدة، ففي مسيرة مارس 2007 قيل نفس الشيء بأن الظرفية غير ملائمة ولم تكن هناك انتخابات، كذلك كان الأمر خلال مسيرة دجنبر 2006. لذا فتنيسيقيات مناهضة الغلاء قررت القيام بالمسيرة بالعشرات أو المئات أو الآلاف، المهم أن يتم تذكير الطبقة الحاكمة والقوى السياسية المتصارعة على الكراسي داخل قبة البرلمان الباردة بأن الشعب يتأوه جراء الغلاء وتدهور الخدمات العمومية.
لم يتجاوز عدد المشاركات والمشاركين في المسيرة 300، لكن تمتيلية التنسيقيات المحلية كانت حاضرة بقوة، وركزت الشعارات على غلاء الأسعار وتدهور الخدمات العمومية، كما كانت تنتقد في بعض الأحيان مسرحية الانتخابات التشريعية لأنها تتم في جو من تسارع موجة الغلاء والبطالة وتدهور الخدمات العمومية، لم يكن هناك حضور أمني كبير ورغم ذلك سارت المسيرة في جو منتظم حتى نهاية المسار المحدد لها، ورغم الانتقادات التي عبرت عنها بعض المكونات على مستوى العدد المشارك والظرفية التي تمت فيها المسيرة إلا أن هذه المكونات كانت تساهم قبل المسيرة في عدم تنظيمها وفي التشويش عليها بل أن مناضليها لم يساهموا ولو مرة واحدة في توزيع نداءاتها ولم يحضوروا يوم المسيرة، لذلك من السهل على أي مكون أن يصيغ انتقاذاته لمناضلي التنسيقية وهو جالس في قصره العاجي بل ويعمل على عرقلة عمل التنسيقيات.
إن ما قامت به التنسيقيات لحد الآن هو عمل جبار رغم مختلف الانتقادات، لأنها استطاعت أن تلفت انتباه الرأي العام المحلي والدولي إلى خطورة المشكلة الإجتماعية في المغرب، كما استطاعت أن تحضى بتعاطف شعبي واسع خصوص بين الطبقات المسحوقة والتي نفهم عدم مشاركتها بشكل واسع، لأن هذه الفئات المسحوقة لا تستطيع حتى إيجاد التغذية اللازمة لعيشها فكيف يمكنها أن تدفع مقابل تنقلها إلى مدينة الرباط للاحتجاج على غلاء الأسعار، لكن هذه الفئات في نفس الوقت تنتفظ كلما استطاعت ذلك في الأماكن التي تقيم بها، وهو ما نلاحظه في العديد من المدن والقري كبني تدجيت وبوعرفة وآيت يعقوب وخنيفرة وتنجداد ووارزازات .... الخ. فالطبقات المسحوقة تنتفظ في كل مكان حتى بدون وساطة ونحن كمناضلي تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية نحاول الالتحاق بهذه الحركات الجماهرية الاحتجاجية ونحاول أن نكون في مستوى أشكالها النضالية.

#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات