|
في الطريق إلى -اللقاء الدولي-!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2028 - 2007 / 9 / 4 - 07:03
المحور:
القضية الفلسطينية
"اللقاء الدولي"، الذي اقْتَرَح عقده الرئيس بوش في الولايات المتحدة (وفي نيويورك على ما قيل حتى الآن) ولم يَدْعُ إليه رسميا بعد، والذي سترأسه رايس، سيُعْقَد، على ما يُقال، في تشرين الثاني المقبل؛ ولكنَّ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قال، غير مرَّة، إنَّ شروطاً عدة لنجاح هذا الاقتراح لم تُسْتوفَ بعد، منها وأهمها "تحديد الموعد"، و"تحديد الحضور"، ومعرفة "النتائج" التي سينتهي إليها.
ويخشى عباس أن يأتي "الموعد" من غير أن يكون هناك "اتِّفاق محدَّد على القضايا"، التي هي الآن مدار بحث، أو تفاوض، بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، فالذي يبدو واضحا الآن هو أنَّ الطرفين (ومعهما الولايات المتحدة واللجنة الرباعية الدولية وقوى أخرى دولية وإقليمية) يسعيان إلى التوصُّل، عَبْر التفاوض، الذي بعضه بعيد عن الأضواء، إلى "اتِّفاق" قبل، أو قبيل، عقد "اللقاء الدولي"، الذي بحسب ذلك، لن يكون مكانا للتفاوض (أو لتفاوض جوهري وأساسي) بين الطرفين.
ويبدو واضحا، أيضا، أنَّ الرئيس عباس (والمفاوض الفلسطيني على وجه العموم) يُفاوض إسرائيل، هذه المرَّة، وهو مُصِرٌّ على أن يتمخَّض عن هذا التفاوض "اتِّفاق نهائي"، أي أنَّ المفاوضات التي يُجْريها مع الطرف الآخر هي بحسب ما يقوله، تأكيدا أو نفيا، "مفاوضات الحل النهائي"، التي لا مكان فيها للحلول المؤقَّتة والجزئية والانتقالية كـ "الدولة ذات الحدود المؤقَّتة"، وينبغي لها، بالتالي، أن تفضي إلى اتِّفاق على حلول نهائية للمشكلات الأساسية والجوهرية، كـ "اللاجئين"، و"القدس (الشرقية)"، و"الحدود".
وإذا كانت الحكومة الإسرائيلية تُفَضِّل وصف "الاتِّفاق" الذي تفاوض الفلسطينيين توصُّلا إليه بأنَّه "اتِّفاق مبادئ"، أي "اتِّفاق على مبادئ وأسس قيام الدولة الفلسطينية"، فإنَّ الطرف الفلسطيني يُضَمِّن هذا الوصف للاتفاق أوصافا من قبيل أن يكون "واضحا"، و"مُحدَّدا"، و"مُفصَّلا"، أي أن يكون وثيقة سياسية تتضمَّن كل عناصر الحل لتلك المشكلات، ولو استغرق "التنفيذ" زمنا طويلا، وكان على مراحل، فإنَّ من الأهمية بمكان، بالنسبة إلى المفاوض الفلسطيني الآن، أن تُعْرَف (من خلال هذا الاتِّفاق) نهاية الطريق.
وإذا كان لا بدَّ من أن تكون "الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقَّتة" خطوة على الطريق المؤدِّية إلى الحل النهائي فإنَّها لن تكون كذلك في نصوص وتفاصيل الاتِّفاق، فـ "فكرتها" يمكن أن تغدو حقيقة واقعة من خلال "التنفيذ"، الذي سيكون على مراحل، وسيستغرق زمنا طويلا نسبيا؛ وقد تشقُّ تلك الفكرة طريقها إلى التنفيذ من خلال "إعادة الأوضاع في الضفة الغربية إلى ما كانت عليه قبل 28 أيلول 2000".
الفلسطينيون ينتظرون الآن انتهاء تلك المفاوضات التي يجب أن تنتهي قبيل عقد "اللقاء الدولي" في تشرين الثاني المقبل، أي في خلال زمن لا يزيد عن الشهرين. وينتظرون أن يُعْقَد هذا اللقاء، وأنْ يُعْلَن فيه "الاتِّفاق"، فإذا تحقَّق كل ذلك ينتقلون إلى الخطوة التالية التي لا تقلُّ أهمية عن الأولى، وهي جَعْل هذا الاتِّفاق، على ما وَعَد الرئيس عباس والتزم، يحظى بالشرعية (الشعبية) الفلسطينية من خلال "الاستفتاء الشعبي"، الذي ينبغي للناخبين الفلسطينيين جميعا في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي خارجهما المشارَكة فيه، أو من خلال "المجلس الوطني الفلسطيني"، فـ "إقرار" هذا الاتِّفاق (النهائي) إمَّا أن يكون عَبْر "استفتاء شعبي عام" وإمَّا أن يكون عَبْر اجتماع لـ "المجلس الوطني الفلسطيني"، بوصفه "برلمان الشعب الفلسطيني بأسره".
وأحسب أنَّ "الخطوة الثالثة" ستكون إنهاء الأزمة الداخلية الفلسطينية، وإعادة الوحدة بين الضفة والقطاع، فحركة "حماس" لا يُمْكنها أن تقف ضد أن يشمل "الاستفتاء الشعبي العام" قطاع غزة الذي تسيطر عليه؛ لأنَّها قد وافقت من قبل على أن يكون التفاوض السياسي مع إسرائيل من اختصاص رئيس السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، على أن يُسْتَفْتى الشعب الفلسطيني بأسره في أمر الاتِّفاق الذي ينتهي إليه هذا التفاوض، فقبولها أو رفضها الاتِّفاق يجب ألا يؤثِّر إيجابا أو سلبا في هذا الالتزام الذي التزمته، وهو استفتاء الشعب الفلسطيني (حتى في قطاع غزة) في أمر الاتِّفاق.
وهذا الالتزام لا يسمح لها، أيضا، بأن تَشْتَرِط عقد اجتماع لـ "المجلس التشريعي الفلسطيني" للإدلاء برأيه في الاتِّفاق؛ ولكنَّها قد تَعْتَرِض، ونُرجِّح أن تَعْتَرِض، على الأخذ بخيار إقرار الاتِّفاق عَبْر اجتماع لـ "المجلس الوطني الفلسطيني" قبل "تجديده" من خلال انتخابات جديدة، تُشارِك فيها، وتسبقها إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بما يُمَكِّن "حماس" من أن تتمثَّل فيها على النحو، وبالقدر، الذي تستحق، بحسب تصوُّرها.
ولكن، ثمَّة عقبة جديدة الآن في الطريق إلى انتخاب "مجلس وطني جديد"، فالرئيس عباس أجاز قانونا جديدا لانتخابات "المجلس التشريعي"، يَشْتَرِط، على ما بدا لنا حتى الآن، على المرشَّح لهذه الانتخابات (التي تجرى وفق نظام التمثيل النسبي الكامل) أن يلتزم "منظمة التحرير الفلسطينية" على أنَّها الممثِّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، و"ميثاقها"، و"وثيقة الاستقلال"، و"أحكام القانون الأساسي".
وغني عن البيان أنَّ تلك الشروط (السياسية) ستشمل، أيضا، الترشيح لانتخابات "مجلس وطني" جديد؛ وهذا إنَّما يعني انتخاب "مجلس وطني" جديد، إذا ما انْتُخِب، لا مكان فيه لـ "حماس" ولغيرها مِمَّن لا يستوفي تلك الشروط.
وأحسب أنَّ تلك الشروط يجب أن توضَّح وتُحدَّد أكثر، وبما يَمْنَع كل اعتقاد من قبيل أنَّ المرشَّح لانتخابات "المجلس التشريعي"، أو "المجلس الوطني"، ينبغي له أن يلتزم الالتزامات السياسية للسلطة الفلسطينية ولمنظمة التحرير الفلسطينية، فالاعتراف بإسرائيل، ومهما كان شكله، يجب ألا يكون شرطا للترشُّح لتلك الانتخابات، فشروط الترشيح لانتخابات برلمانية يجب أن تختلف، في هذا الأمر على وجه الخصوص، عن شروط الترشيح لانتخابات رئاسية.
إنَّ "الاستفتاء الشعبي العام" هو وحده الطريق القويم لإكساب "الاتِّفاق" شرعية (شعبية) فلسطينية، فإذا اُقرَّ "الاتفاق" من خلاله يصبح ممكنا، وضروريا، عندئذٍ، إجراء انتخابات (وفق نظام التمثيل النسبي الكامل) لـ "مجلس تشريعي" جديد، ولـ "رئاسة فلسطينية" جديدة، ولـ "مجلس وطني" جديد.
الخطوات المتعاقبة إنَّما هي التوصُّل إلى "الاتِّفاق النهائي"، أوَّلاً، فإعلانه في "اللقاء الدولي"، فإقراره عَبْر "استفتاء شعبي فلسطيني عام"، فإجراء انتخابات جديدة للمجلسين والرئاسة.
أمَّا إذا تعذَّرت "الخطوة الأولى والكبرى والأهم"، وهي التوصُّل إلى "الاتِّفاق"، فلا بد، عندئذٍ، من استراتيجية فلسطينية (وعربية) جديدة، تتمخَّض، أوَّلاً، عن حل الأزمة الداخلية الفلسطينية، بما يعيد إلى الشعب الفلسطيني وحدته القومية، ويُلْزِم قياداته السياسية جميعا استخلاص الدروس والعِبَر من فشل تجربة "الفرصة الأخيرة" للسلام، فليس للتجربة من أهميَّة تُذْكَر إذا لم يَخْرُج منها المجرِّبون بالدروس والعِبَر الأساسية.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوش يوشك أن يفتح -صندوق باندورا-!
-
مناقشة ل -الرأي الآخر- في مقالة -التسيير والتخيير في فتوى شي
...
-
العراق بين -التقسيم- و-التقاسم الإقليمي-!
-
-التسيير والتخيير- في فتوى شيخين!
-
هذا -التلبيس- في قضية -الربا-!
-
المال.. إله الحياة الدنيا!
-
غلاءٌ.. سَقْفُه السماء!
-
توصُّلاً إلى الفصل بين الدين والسياسة
-
التربية
-
بين -أيلول بن لادن- و-أيلول بوش-!
-
هناك مَنْ جَعَلَ الشفاء في الدواء!
-
هي الآن -خريطة الطريق- إلى بغداد!
-
الأخلاق والدين
-
أهو خيار فلسطيني جديد؟!
-
كثرة في -الأحزاب- وقِلَّة في -الحياة الحزبية-!
-
لا تلوموا هاولز!
-
وكان الدكتور علي جمعة قد أفتى ب ..
-
مفتي مصر يفتي.. ثم ينفي ويوضِّح!
-
إنَّها سياسة -المكابرة- و-الانتظار-!
-
هذا -التتريك- المفيد لنا!
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|