أشكر الرفاق في الحزب الديمقراطي التقدمي ، وأشكر الأستاذ عبد الحميد درويش الأمين العام للحزب على الدعوة التي وجهوها إلينا في الحزب الشيوعي السوري (( ميثاق الشرف )) وأحيي هذا اللقاء الاستثنائي ، الذي يحدث لأول مرة ، هذا اللقاء الذي يمثل جزءاً ، من النسيج الوطني الحقيقي في الجزيرة ، وأقول : جزءاً من النسيج الوطني لا كله ..؟! ، عموماً ان وجود ممثلين عن حزب البعث بيننا الآن ، مفاجأة ، غير مسبوقة !! وأرجو أن يغدو هذا بداية خير ، بداية مرحلة أخرى ، تنعكس علينا جميعاً كأبناء في هذا الوطن .
لقد استمعت بإمعان إلى المداخلات السابقة علي ، هناك مداخلات اتفق معها تماماً ، وهناك مداخلات بالمقابل ، أسجل عليها ملاحظاتي ، وبشيء من الجرأة ، فمعذرةً : هناك أيها الحضور الكريم من تحدث عن الجبهة الوطنية التقدمية ، ودورها ، .. الخ ، دعوني أقل هنا ، وبعيداً عن تقويم واقع الجبهة الآن ... ، انه لابد من معرفة ان الحالة السياسية الجديدة ـ في سوريا ـ وبعد مرور ثلاثين عاما على تأسيس الجبهة الوطنية هي أكبر وبكثير من الجبهة نفسها ، حيث احتضار وموت تيارات........... وولادة أخرى .
كما قد تم الحديث عن (( معاناة )) واحدة في سوريا ، أجل ، أؤكد من جهتي ان المعاناة في سوريا ، طبقياً ، تكاد تكون واحدة حقاً ، إلا ان المعاناة الكردية مضاعفة ، فهي طبقية .. وقومية في آن واحد ، و سأعرج على بعض من ملامحها ، ولا أدري لم غضَّ الأخوة ممثلو حزب البعث عيونهم عنها ، وكنت أتوقع غير ذلك ، فالخطاب القديم لم يعد مجدياً البتة ، اننا أمام مرحلة جديدة لها استحقاقاتها وخطابها . يجب أن نعترف جميعاً بهذا
وكما تعلمون أيها الأخوة .. أيها الأصدقاء .. أيها الرفاق ، انني كنت واحداً ممن وقعوا على بلاغ الـ /27/ مثقفاً كردياً ، آنئذ انطلقنا من مسائل كثيرة ، لم يدرك فحواها بعضهم إلا في ما بعد ، ما يهمنا منها هنا هو إننا استنكرنا العدوان الأمريكي على أطفال العراق و أبرياء العراق ، لئلا يؤخذوا بجريرة طاغية العصر المخلوع صدام حسين ، أحد الذين لم أتوان يوماً عن فضح جرائمه وفي مختلف المراحل .
كذلك عندما هددت أمريكا سوريا في الفترة نفسها ، وكانت مأساة العراقيين المروعة ماثلة أمام أعيننا استنكرنا التهديدات الأمريكية لوطننا ، وأركز على كلمة ( وطننا ) بشدة ، بل وحرصاً على ارواح اطفالنا?.... فكان ان تضمن ذلك البلاغ هذين الموقفين ، وقلنا آنذاك: ثمة أخطاء ينبغي تجاوزها ، والآن نقول : ثمة انتهاكات ينبغي أن تزول .
تحدث بعض الأخوة عن – النقد السلبي ! – أقول : لماذا لا يكون الحديث قبل ذلك عن إزالة دواعي هذا النقد السلبي ؟
انني شخصياً ، لا أستطيع أن أقتنع – البتة – بأن إحدى وأربعين سنة غير كافية لتجنيس مواطنين أكراد – أجانب ؟!! وفعلاً أنني ممن تفاءلوا بعد زيارة السيد الرئيس د . بشار الأسد بوضع حد لمشكلة الأجانب ، ولكن ها كما تدرون قد مضت أشهر كثيرة ، والغبن لما يزل بعد !! المشكلة يجب أن تنتهي اليوم قبل غدٍ ، بل كان ينبغي ألا تكون في الأصل ، إنها وغيرها من الممارسات مسؤولة عن أي شرخ في الوحدة الوطنية التي يدور حولها الحديث الآن .
لا بأس، سأتحدث، وبسرعة عن بعض أوجه الظلم بحق الأكراد ، تعلمون أن نسبة الأكراد في الجزيرة هي الأعلى، وبعيداً عن الأرقام والإحصاءات ، ليكن أن الأكراد هم نصف سكان الجزيرة (( فقط )) ، ألا يترتب على هذا الكلام أن يكون نصف برلمانيي الجزيرة في كل دورة تشريعية من (( الأكراد )) ولن أمضي أبعد من ذلك ، في ما يتعلق بالمسؤوليات الرفيعة في الدولة ..؟!!
أما آن الأوان أيها الأخوة ، لوقف حملة تعريب أسماء القرى ، وعرقلة تسجيل الولادات ، وفصل الطلاب من المعاهد ، فالفصل لا يزال مستمراً ، وغير ذلك .. وغير ذلك كثير .
لقد سمعت من يقول : هناك مدراء دوائر أكراد !! لا ضير أسأل : كم تشكل نسبة هؤلاء 2 % ؟ 5 % ؟ لا أعتقد أن تكون النسبة أكثر من ذلك ، ومن لديه رقم أعلى من ذلك فليعلمنا ... وهؤلاء جميعاً : بعثيون .. و .. دون استثناء .
أولا تعلمون أيها الأصدقاء .. أيها الأخوة!! أن نسبة البطالة في الجزيرة أعلى من أية منطقة أخرى في سوريا ؟ رغم اننا لو لجأنا إلى لغة الأرقام – وهو ما لا يسمح به الوقت هنا – فإن أكثر من ثلث الاقتصاد السوري : نفطاً – وزراعة – وخيرات أخرى..... ، إنما يؤخذ من الجزيرة ، تماماً ،إنها (البقرة الحلوب ) ، ورغم ذلك شبابها عاطلون دون عمل فلا يوجد فيها أي معمل (( حتى تلك المعامل التي تعتمد على الزراعة والنفط .. ويا للسخرية !! ))لذلك نشهد أبشع انواع الهجرة , فالوضع الاقتصادي رديء ... مزر ... ومؤلم ، ولقد استبشرنا خيراً بعد زيارة السيد الرئيس إلى الجزيرة ، إذ قيل لنا : لقد وجه السيد الرئيس بافتتاح (( منطقة حرة )) في القامشلي ، لأن في القامشلي – تحديداً – كل المقومات اللازمة لهكذا سوق حرة ، ولا داعي لإعادة التذكير بها ، فلقد كتبت عن الموضوع في جريدة حزبنا (( قاسيون )) وكانت أولى كتابة بهذا الصدد .
لقد رأيتم جميعاً أن السيد محافظ الحسكة د . سليم كبول عندما ظهر على شاشة التلفزيون السوري وراح يتحدث عن ( الأصداء والانعكاسات الإيجابية لزيارة الرئيس ) ، وذلك بعد هذه الزيارة بـ 48 ساعة ، مؤكداً أنه سوف يتم افتتاح سوق حرة في منطقة القامشلي ، وسيستفيد منها حوالي /4000/ عامل ، إضافة إلى تحريك الاقتصاد ، وتطويره .. إلخ ، ولكن ، ما حدث ، هو، انه وبقرار (( سياسي!! )) ولا أدري لماذا ، تم نقل هذا السوق إلى الحسكة ؟!! فلماذا ذلك ؟ إن المصلحة الوطنية ، والحرص على (( الوحدة الوطنية )) كانا يقتضيان أن تكون هذه السوق في القامشلي كما خطط لها لأول مرة .. وهذا ما أجدد طرحه هنا ، ثانية .
كما تحدث أحد الأخوة عن الانتخابات في الجزيرة ، وأقول هنا : إن الأخوة في فرع حزب البعث العربي الاشتراكي ، لا يكتفون بالأكثرية الساحقة للمقاعد المخصصة للحزب والجبهة ، وإنما ينافسون المستقلين على
(( مقاعدهم )) من خلال ما يسمى بقائمة الظل ، وغير ذلك من (( الطرق المستجدة !! )) مؤخراً ، لتفويت الفرصة أمام من لا يريدون إنجاحهم ، وما جرى لي مؤخراً صورة صارخة عن بعض هذه الممارسات ، فلقد ترشحت كمستقل لانتخابات الإدارة المحلية ، وللأسف أنه تم وضع جدولين للمستقلين : واحد في المدينة – وفيه اسمي – وواحد في الريف وقد شطب منه اسمي ؟!!
وهكذا فقد تم التصويت لي ( ومن أصل 220 مركزاً انتخابياً ) في /50/ مركزاً في المدينة فقط ، أما في الـ 170 مركزاً في الريف من المراكز التي حجب اسمي من جداولها ، فلم يتم تدارك الأمر من قبل شعبة الريف لحزب البعث عن هذا الخطأ إلا في الساعات الأخيرة ، وبعد فوات الأوان ، أجل لقد آن.... وكفى لكي يتم الإقلاع عن مثل هذه الممارسات في الانتخابات ، فليس معقولاً، طبعاً ، أن يأتي أعلى مسؤولَين في الدولة والحزب في المحافظة إلى أحد المراكز الانتخابية ، ويتم توجيه الناخبين للتصويت لصالح (( بعض )) المستقلين !!
كذلك لقد تم الحديث عن العدو الخارجي ، والمؤامرات الخارجية ، وهذا كله صحيح تماماً .. ولكن سؤالي : لماذا لا تبادر السلطة من جهتها لوضع حلول ناجعة للإشكالات والقضايا العالقة ، لئلا يتم استغلالها من قبل أحد ، وبالتالي قطع الطريق أمام أية مؤامرة من خلال إزالة أية ثغرة ... وانطلاقاً من هذا ينبغي ألا يكون وجود التآمر الخارجي (( ذريعة )) لإبقاء الأمور على ما هي عليه ، بل حافزاً ، وطنياً لإزالتها .. فوراً .
أما بخصوص – الاعتصام السلمي- الذي تم أمام مبنى البرلمان السوري في 10/12/2002م ومحاولة الأطفال الأكراد تقديم رسالة إلى منظمة اليونيسيف ، فأقول من جهتي :
لماذا لم يتم استيعاب هؤلاء الذين قادوا المظاهرة السلمية من خلال حل نهائي للقضايا المحقة التي نادوا بها ، بل وتكريمهم مادام أنهم جاؤوا (ليذكروا) الدولة بأحد واجباتها ، وذلك من أجل خلق لحمة وطنية, حقيقية ، لا أن يتم اعتقالهم كما تم ... وللأسف .. !!
كذلك في ما يتعلق بما تعرض له وفد الأطفال الأكراد في دمشق 25/6/2003م في يوم عيد الطفل العالمي ، أيضاً أقول : لماذا لم يتم تقديم وردة لكل طفل منهم في عيدهم .. ؟ بدلاً عن اعتقال مرافقيهم ، وهو بنظري : خطأ فادح لا يخدم اية (وحدة وطنية)نتحدث عنها كل منا على طريقته الخاصة، وهذا ما أقوله بصدد كل معتقلي الرأي الذين ينبغي أن يتم إطلاق سراحهم .. حالاً ..
ولأكن أكثر جرأة أيها الحضور الكريم : يبدو أن هناك تياراً ما في – حزب البعث – لا يريد أن تستمر الشفافية ، لأن ذلك يشكل خطورة على (( مصالحه )) ، ومن هنا فهو لا ي يريد لأية خطوة إيجابية .. أن تتحقق .. ولو كان ذلك على حساب تشويه صورة كل ما هو جميل .. !!
وأخيراً : كم كان جميلاً – أيضاً – لو ان مثل هذه الندوة عقدت في – مركزٍ ثقافي – لا كما هو حالها الآن في أحد بيوت الأحياء الشعبية .
شكراً لكم جميعاً