ابراهيم سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 2028 - 2007 / 9 / 4 - 07:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في ظاهرة مستجدة لا تختفي إلا وتظهر بوتيرة مستمرة منذ عقدين تقريبا .. يتناوب التائبين من المطربين والجمهور على إعلان توبتهم من ذنب الموسيقى والغناء ممارسة أو سماعا .. وأخرها قبل أيام صاحب موقع طرب المشهور على الانترنت .. وقبله قناة غنائية حولها صاحبها التائب إلى قناة وعظ وتخويف .
مسألة التوبة من الغناء والموسيقى هي قمة الفهم الخطأ للحياة والدين معا .. باعتبار الحياة نقيضا للدين .. وإذا تدينت فيجب ان تتخلى عن مباهج الحياة .. وربما يقول البعض ان هؤلاء التائبين معذورين بسبب التراث الذي وضع الغناء والموسيقى في خانة الذنوب والخطايا والمفاسد الاجتماعية التي تنقص من المرؤة ومن قيمة واحترام الإنسان في المجتمع .. مما جعل أهل الفن يحيون حياة الصعلكة والمجون والانفلات من الضوابط فهم بمجرد دخولهم مجال الفن يختم عليهم المجتمع ويدمغهم بالفساد فيصبح الطريق سالكا أمامهم لممارسة المزيد من الفساد سواء كان فسادا سلوكيا شخصيا بالمعنى الديني والاجتماعي وهو الشائع أو فسادا أخلاقيا إنسانيا وهو نادر جدا .. فالنظرة الاجتماعية المتخلفة للفن والفنانين تدفع الفنانين الى معاندة المجتمع الذي يحكم عليهم قبليا ومقدما .. و لهذا يشكل المجتمع ضغوطا هائلة على الفنانين سواء في دفعهم نحو ما يسمى الفساد او دفعهم نحو ما يسمى التوبة .. ولا يخفى ان المجتمع أساسا يقوم بالضغط المتواصل على أفراده عموما في السعي نحو الكمال الديني والقبلي , فما بالك بالضغوط التي
يواجهها الفنان أو المغني أو الموسيقي أو الممثل ..وتنتج هذه الضغوط ثمراتها بين الحين والأخر من خلال ظاهرة التوبة والعودة إلى حضن المجتمع القديم أو إلى الصورة الذهنية عنه كمجتمع صفاء ونقاء ديني وقبلي ..
وفي حين يعلن المجتمع سروره وابتهاجه بالتوبة من ذنب الموسيقى .. وذنوب الحداثة عموما .. فهو لا يعلن أبدا توبة أفراده من الغيبة والنميمة التي أصبح أفراد المجتمع فلاسفة وخبراء ومستشارين فيها خاصة إذا ختموا جلسات / الحش / بدعاء كفارة المجلس ..! وفي مجتمع ظل طوال تاريخه والى اليوم يفتقد للتسلية وأماكن الترفيه وتمضية أوقات الفراغ فأصبحت الغيبة والنميمة هي التسلية الأولى لأفراده ومصدر دخل لشركات الاتصالات .. هذا طبعا غير اللصوصية وسلب الأموال والحقوق التي لم ولن نسمع عن تائب منها لأنها من المحرمات السرية .. التي لا يعلم أحدا عن حرمتها ولا بقدر عشر معرفتهم عن تحريم الفنون ..
http://www.6rab.net/
#ابراهيم_سليمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟