أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - المجالسة وأخلاقيات التمادح !















المزيد.....

المجالسة وأخلاقيات التمادح !


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 621 - 2003 / 10 / 14 - 00:43
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                                      ( احثوا التراب في وجوه المداحين .. حديث نبوي )
                                                                 

  لولا  الصحابي الجليل وصديق الفقراء الأول  أبو ذر الغفاري لما قدر لنا -ربما -أن نسمع بهذا الحديث النبوي النبيل . فمع نشوء وتشكل الدولة العربية الإسلامية وسلطتها نشأت علاقات جديدة متعارضة مع القيم اللقاحية العربية القديمة والرافضة لكل شكل من أشكال التسلط والزيف والتزلف . ومفردة "اللقاحية"  قديمة جدا وتعني رفض كل تسلط أو تحكم أو استبداد أو حد من الحرية الشخصية .  وأصل المفردة  ومعناها  في اللغات السامية القديمة كالسريانية كما أثلها أحد تلامذة الراحل العلوي وهو الزميل مالك مسلماني " البر البعيد وخارج العمار البشري " .ويمكن أن تكون هذه الكلمة مقابلا  دقيقا للحركة اليسارية المعاصرة التي ترفض كل نوع من أنواع الدولة والمعروفة باسم الفوضوية أو النقابية الثورية أو الشيوعية التحررية anarchism   ، وفي هذا السر" اللقاحي " تكمن أسباب عدم قيام أية دولة مركزية في الجزيرة العربية باستثناء اليمن التي شهدت نوعا بسيطا من تلك الدول . وإلى ذلك تشير المروية التي يرد فيها خبر عن محاولة قام بها الرومان البيزنطيون  لإقامة مملكة عربية عميلة لهم في الحجاز  قبل الإسلام على غرار دولة الغساسنة في الشام ففشلت المحاولة لسبب أجمله أحد كبراء  قريش بالقول ( قريش لا َتملِك ولا ُتملَك )  أي لا ُتحكَم بملك ولا َتحكم الآخرين بملك . ومع ترسخ الكيان السياسي الإسلامي في يثرب ، وقيام الخلافة الراشدة في عهد صدر الإسلام ، ومع ورود أموال وثروات الفتوحات بعد أن دمر العرب المسلمون الإمبراطوريتين السائدتين آنذاك الفارسية والبيزنطية  ، نشطت مجموعة من المتسلقين والوصوليين وطلاب السلطان وشرعت بالتحول إلى حاشية للحاكم المسلم وبدأت هذه الحاشية بالتأسيس لقيم غريبة عن الأعراف العربية اللقاحية ومن تلك القيم الجديدة التملق والنفاق والمبالغة في المديح لمن بيدهم الأمر ولكن اللقاحية العربية ظلت حية مع ذلك في أوساط المعارضات الجذرية التي رفعت السلاح مرات عديدة بوجه الدولة على امتداد قرون .
 وخلاصة تلك المروية تقول  :  ذات مرة دخل  أحد هؤلاء  الوصوليين  على الخليفة الراشدي الثالث وراح يكيل له المديح والتعظيم إلى درجة أحرجت الخليفة ذاته وكان الصحابي أبو ذر الغفاري حاضرا في المجلس فما كان منه إلا أن نهض وراح يحثو  " يقذف " التراب في وجه ذلك المدّاح المنافق . وحينها انتهره الخليفة وسأله عن سبب صنيعه هذا قال أبو ذر ما معناه أنه ينفذ أمرا ورد في حديث للنبي العربي الكريم ثم روى نص الحديث " احثوا التراب في وجوه المداحين " .
   إن المديح التملقي المغرض والمبالغ فيه يختلف تمام الاختلاف  عن الإطراء المنصف المعبر عن الإعجاب والتضامن والذي يعكس سجية الإنسان النقية الخالية من الغرضية والتزلف والمراء والدهان ،ويمكن أن نأخذ فكرة عن النوع الأول و السلبي من خلال مطالعة النثر السمج الذي يتكاثر هذه الأيام على بعض المواقع العراقية على الإنترنيت . فأحدهم يمتدح كاتبا أعجبه ويصفه بصفات تصل إلى درجة الغزل والوله فهو القمر المنير والنبيل العفيف والعبقري الموسوعي والرقيق الرفيق والشمعة التي تضيء دياجبر الهندس والقتام  ، فيرد الآخر  واصفا  مادحه بالبدر في تمامه  أو بأنه أسد بابل الهصور وضمير الشعب المتألق أو بأنه ملوية سامراء ولكن من  الذهب الخالص عيار أربعة و عشرين قيراط !
   وإذا ما حدث اختلاف بين المادح والممدوح فالصورة تنقلب إلى ضدها الأقصى فيتحول القمر إلى مستنقع ، والبدر إلى مبصقة وأسد بابل إلى فأر مصاب بالإسهال ،وضمير الشعب المتألق إلى حذاء متعفن وهكذا دواليك وهلمجرا  .
     لو أن هؤلاء المداحين ظلوا عند مواقفهم ومدائحهم لكان في الأمر بعض وفاء ورجولة ولكنهم وبمجرد حصول خلاف أو سوء فهم  بينهم وبين ممدوحيهم – كما أسلفنا - ينقلبون على أعقابهم ويهدرون بلغتهم الأصلية ،لغة الشتائم المقذعة والتي كان الأقدمون يسمونها اللغة الزقاقية " نسبة إلى الزقاق "  والتي لا يجيدها إلا هؤلاء المجالسة ( على زنة المفاعلة والأبالسة  ) أي المدافعون حقا أو باطلا عن مجلس "بريمر" للحكم المؤقت .
   لقد تجرأ مشكورا  أحد المواقع العراقية وهو " صوت العراق " على نشر أنموذج من هذا "النثر المجالسي " الذي ورد في رسالة من أحد المجالسة إلى الكاتب العراقي " سمير عبيد " تحت عنوان ( ليطلع العراقيون كيف يتناقش مجلس الحكم ومشجعيهم ..) ويمكن للقارئ بعد قراءة تلك الرسالة أن يتصور المستوى الحقيقي لأخلاقيات هؤلاء البشر . وفي الحقيقة لدي العديد من النماذج التي وجهت لي أو إلى زملاء آخرين من هذه "البرقيات" التي تعطينا صورة في منتهى الوضوح عن أخلاقيات " بعض " المجالسة . وقلت " بعض  المجالسة  " لكي لا نظلم الشرفاء من أخوتنا العراقيين الذين نختلف معهم سياسيا حول موضوع الاحتلال ومجلسه المؤقت للحكم والذين حافظوا على نظافة أقلامهم و ألسنتهم رغم الخلافات العميقة بيننا وبينهم ، ولكنني لا أجد في نفسي الجرأة على اقتباس ما تجمع عندي من تلك " التحف " أو نشرها لشدة نتانتها  .
  ومن التقاليد الغريبة التي يأخذ بها هؤلاء الشتامون هي صب جام غضبهم على كاتب ما لأنه نقل خبرا عن واحدة من فضائح مجلسهم وحلفائه نقلا مباشرا وحرفيا عن وسائل الإعلام المستقلة . فمثلا ، إذا كتبتَ شيئا عن الناقلات العراقية التي صادرتها وباعتها بعض الدول العربية ، وذهبت أثمانها إلى جهات غامضة وغير معلنة ، إذا كتبت ذلك نقلا عن تصريحات  لمسئول عراقي في إدارة الموانئ العراقية بالصوت والصورة لقناة فضائية عربية ردح أحد المجالسة قائلا بأنك أنت وأصحابك من قبض  أثمان تلك الناقلات ! وإذا كتبت شيئا عن  ملايين الدولارات من الأموال العراقية المجمدة  التي تمنحها الإدارة الأمريكية لضحايا تفجيرات واشنطن من الأمريكيين فلن ينفعك في شيء أن تشير إلى مصدر الخبر وهو نشرة إخبارية على القناة الفضائية الفلانية على الساعة كذا والدقيقة كذا بل سيقفز في وجهك مجلسي آخر  ليتهمك بالكذب والعمالة لنظام صدام ( مع إن هذا النظام أصبح في خبر كان هو الجرذان الذين دافعوا عنه طويلا أما الذين تحالفوا معه في جبهات وطنية عريضة ، والذين قبلوه على وجنيه قبلات بالكردية الفصحى ،فهاهم اليوم يتنطعون للدفاع عن مجلس بريمر وإفرازاته ) لماذا ؟  لأن قناة أخرى روت العكس ، عوضا عن أن يهاجم القناة الأولى أو يكتب رأيه "بنظافة وهدوء " فيوضح أن مصدرا آخر ذكر العكس .
  ولو انك تحدثت عن أحد يعترف الصهاينة أنفسهم  بعلاقاتهم الصداقية معه وبأنهم منحوه المكافآت والهدايا وأسندت الخبر إلى الجريدة الفلانية  هرع عدد من الجاهزين للتوقيع ونشروا بيانا تضامنيا مع المتهم ولكن متى ؟ بعد خمسة أشهر فقط لا غير !وكأنهم كانوا في إغفاءة إذ أن البيان الذي أصدرته رابطة الدفاع اليهودية وتحدث عن موضوع علاقة عدد من الشخصيات السياسية العراقية الموالية للاحتلال الأمريكي صدر للمرة الأولى قبل خمسة أشهر تقريبا ..وكم تمنيت مخلصا أن يكون ما قاله المتضامنون في نفيهم للتهمة عن صاحبهم صحيحا فلا ينقص الساحة العراقية عامة واليسارية خاصة المزيد من الفضائح خصوصا وقد "تمجلست " القيادة المهيمنة على أقدم حزب سياسي في العراق وهو الحزب الشيوعي وأصبح زعيمها عضوا في مجلس حكم شكله المحتلون الأمريكان " التقدميون " بعد أن جُعِلَ الحزب ذيلا صغيرا ملحقا بهذا الحزب الكردي القومي أو ذاك !
  الغريب هو أن النقد لا يتوجه إلى تلك الجريدة المعروفة التي نشرت ما نشرت بصدد الفضيحة " الصهيونية " والتي لا يمكن اتهامها بالعداء لأمريكا لأنها من أمريكا بمثابة البؤبؤ من العين وإنما  يتوجه الهجوم إلى من اقتبس عن تلك الجريدة وفضح ذلك الشخص المتهم بالعلاقة مع الصهاينة . وأستدرك بأن الموقعين في تلك الفزعة التضامنية لم يكونوا هم من هاجم المقتبس عن الجريدة بل هو  أحد صغار المجالسة من حملة الأباريق  وعلى صفحة الموقع المتخصص بالردح والشتائم " إياه ".
  بالعودة إلى أخلاقيات التمادح، أي كيل المديح من طرفين لبعضهما ، نضع أيدينا على فرق هام بين مداحي أيام زمان الذين حثا الغفاري التراب في وجه أحدهم وبين مداحي اليوم من المجالسة . فالأولون ،كانوا يعيشون حالة مد حضاري وصعود تاريخي لدولة جديدة ،فتية ،اكتسحت أعظم إمبراطوريتين في زمن قياسي وحولتهما إلى رماد ، أما مداحو اليوم فيعيشون أو يتعيشون في زمن هبوط حضاري وهزيمة ساحقة أمام جلاد فاشي متخلف انتهى عهده باحتلال بلدهم على يد أقذر  دولة  لم تسبقها دولة أخرى في كثرة المذابح في مشارق الأرض ومغاربها ولا في ضرب مدن وجزر بكاملها بالقنابل النووية وتذكروا هيروشيما وناكازاكي كمثال ، ومع ذلك تجد نفرا من المجالسة يصفقون لها ويطالبون ببقاء قواتها على أرض بلادهم .. فعفا الله عن مداحي أيام زمان عفوا  واسعا  وأذل مزيدا من الذل مداحي هذه الأيام وأسيادهم من أعداء الجنس ...آمين !
 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دروس في النحو الإملاء الدرس الخامس عشر :النحو الساكن / الهدف ...
- مجلس -بريمر- ومؤتمر -علي بن حسين - : والتنازع على -اللاشرعية ...
- الإباحيون الاقتصاديون بدأوا بيع القطاع العام بخدعة
- دروس في النحو والإملاء :الدرس الرابع عشر : النحو الساكن / مق ...
- قرارات مجلس - بريمر - حول الاستثمار الأجنبي : فضائح بالأرقام ...
- قرارات مجلس - بريمر - حول الاستثمار الأجنبي : عراق للبيع ..و ...
- قرارات مجلس - بريمر - حول الاستثمار الأجنبي - : مجزرة اقتصاد ...
- جريمة أمريكية جديدة بحق العراق : 64 مليون دولار من أموال الع ...
- دروس في النحو والإملاء .الدرس الثالث عشر : كيفية استخدام الم ...
- وشاهد شاهد ..من عراقيي صهيون !
- دروس في النحو والإملاء :الدرس الثاني عشر : قواعد الهمزة الن ...
- دروس في النحو والإملاء الدرس الحادي عشر : قواعد كتابة الهمزة ...
- دروس في النحو والإملاء الدرس العاشر : علامات الترقيم - المجم ...
- حول رسالة مجموعة من المثقفين العراقيين إلى جورج بوش : أمريكي ...
- دروس في النحو والإملاء الدرس التاسع : علامات الترقيم -التنقي ...
- تضامنوا مع المواقع العراقية الحرة على شبكة الانترنيت ! قاطعو ...
- اقرأوا هذا الخبر الكارثي !!
- جمهورية المثلث واحتمالات عودة - الشيخ - صدام : هل فات الأوان ...
- علاء اللامي كل يوم اثنين في تحليل إخباري على - المستقلة
- دروس في النحو والإملاء :الدرس الثامن : التاء المفتوحة والتاء ...


المزيد.....




- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - المجالسة وأخلاقيات التمادح !