أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد طارق - في المسألة الإسلامية














المزيد.....

في المسألة الإسلامية


أحمد طارق

الحوار المتمدن-العدد: 2026 - 2007 / 9 / 2 - 11:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تلبية لدعوة غداء عند صديق أوروبي كنت في زيارة لمدينته, بادرني, وهوالدارس للغة والثقافة العربية ومشروع مستشرق كبير, بسؤال قد يبدو مسيئا إن صدر عن غيره. سألني " ألا ترى أن العالم الإسلامي متخلف على مختلف الأصعدة الحضارية والمدنية؟ لماذا لا تريد أن تعترف أن الإسلام هو أحد أهم أسباب تخلف الشعوب؟"
فجاوبت على الفور "لا أعتقد أن الدين قد يكون مؤثرا على تخلف أو تقدم المجتمعات, على الأرجح تعامل هذه المجتمعات مع الدين هو المؤثر الحقيقي.."
يطبع المجتمع صورته على دينه..

الدين والمجتمع, وعلاقة التأثير المتبادل:

الدين كما نراه الأن أثر وتأثر بثقافة المجتمعات التي تبنت الإيمان به...
كما يشكل الدين عاملا مهما في بناء المنظومة الأخلاقية للمجتمع, يشكل المجتمع مؤثرا مهما على الدين نفسه, تختلط فيه الأعراف والتقاليد و طبيعة المجتمع نفسه..
لا يحدث ذلك مرة واحدة.
بل يحدث ذلك طوال الوقت..
فالمجتمعات التي تطورت تطور معها دينها وأصبح أكثر موائمة للعصر وتبنى الكثير مما أنتجته هذه المجتمعات من منجزات ثقافية وفلسفية حضارية.
لعل قبول الفاتيكان لنظرية التطور مثال واضع على ذلك.

على الضفة الأخرى, المجتمعات التي تعج بالفوضى والفساد والعبثية والتخلف والجهل, أثرت أيضا على دينها و أصبح دينها جامدا, رافضا للأخر وللتطور, هدفه هو فرض نفسه على حياة المؤمنين به, وأحيانا على غير المؤمنين به, إن لم يكن بالإقناع فبالإرهاب. دين متمحور حول الحياة الأخرة وغير قادر على التواصل البراجماتي المنطقي مع الواقع.

لنتفق أولا, أن الدين مكون رئيسي من مكونات ثفافة المجتمعات البشرية. شاء من شاء و أبى من أبى, وسيبقى الناس متدينون حتى يرث الله الأرض ومن عليها..
إدراكا لذلك واجب المؤمنين بالدين تجاهه وتجاه أنفسهم أن يعيدوا دوما قراءة نصوصهم قراءة عصرية, خدمة منهم لأنفسهم ليلحقوا بركب الحضارة الذي تحرك منذ عصور النهضة من الصفر, وخدمة لدينهم الذي سيتطور مع المجتمعات ولن يتعارض مع وجودها, ولن يكتسب عداء الجميع ليبقى ملبيا لحاجات الإنسان الروحية ومرجعا أخلاقيا يدعو دائما إلى السلام والحب والمساواه بين البشر كما قدر له أن يكون, رسالة سامية تهدي الفرد إلى ما فيه صلاح لنفسه ومجتمعه...يقول الرسول" إنما بعثت لأتم مكارم الأخلاق" وإنما أداة قصر.

تململ صديقي وهو يملأ كأسه بنبيذ بوردو الشهير, وقال لي " تبريريا كعادتك يا طارق, تدور في دوائر فكرية لكي لا تدين أحدا", فقاطعته مبتسما " لا تدينوا كي لا تدانوا, أنا فقط أؤمن أن إدراك أبعاد المشكلة جزء أساسي في حلها". قاطعني وكأنه يريد تسجيل نقطة" إذا فأنت تعترف أن هنالك مشكلة, تعترف أن التعايش مستحيل مع دين يعلم البغض في الله والولاء والبراء وفسطاط الحرب وفسطاط السلام, دين لا يجد غضاضة في التضحية بالبشر, يتساوى في ذلك البشر من جماعته أو من خارجها, من أجل هدف ضبابي إسمه إعلاء كلمة الله في الأرض..." قاطعته بضحكة مجلجله مخالفا قواعد اللياقة, إذ لم أتوقع هذا النمو الهائل في قاموسه السلفي الذي يرجع الفضل فيه إلى البروباجاندة السلفية الجهادية التي أصبحت مرأة الغربي على مجتمعاتنا. إعتذرت عن سوء أدبي و رددت عليه" أن تختزل الإسلام بكل تياراته الثقافية ,من فلسفة إسلامية إسماعيلية وصوفية و إخوان صفا وإبن عربي وجلال الدين الرومي وغيرهم الكثير والكثير , في بعض المؤدلجين و الأصوليين المحتكريين للحقيقة لهو إجحاف كبير منك, ولا أستطيع أن أنكر أن القراءة الرجعية للإسلام هي السائدة بين المسلمين اليوم وذلك لأننا نتعرض لأزمة وجود وهوية بالإضافة إلى تعقيدات ثقافية وفلسفية"..
نظر لي بأسى ,وهو من تعلم العربية حبا منه في الفلسفة الإسلامية, وسألني بعينيه " والحل؟"
ميكانيزمات الحل في حد ذاتها أمرا معقدا ويستلزم عصف فكري طويل وحوار وجدال بين متخصصين ومؤمنين بمشاريع مختلفة, وكي يصبح ذلك ممكنا يجب أن نبدأ بخطوتين متوازيتين متزامنتين نبذ ثقافة إحتكار الحقيقة و إعادة قراءة النص بعقل تسلح بكل ما أنجزته الحضارة ثقافيا وعلميا..
- نبذ إحتكار الحقيقة
لتطوير نظرة المجتمع للدين, يجب أن تسود في المجتمع قيم الفردية.. يجب أن يحتفل المجتمع بتعدديته لأن المجتمعات التعددية اكثر ثراءا ثقافيا.. يجب أن يدرك الفرد أن كل إنسان تجربة خاصة قائمة بذاتها.. والحقيقة ليست هي ذاتها في عيون الجميع..
ما يعرفه كل مؤمن هو أن الإيمان حالة روحانية لا تشرح بالورقة والقلم ولا بعمليات حسابية أو بقوانين الفيزياء..
هي " لمسة الرب" كما وصفها لي صديق قس..أو حالة من التذوق الصوفي.
وإنطلاقا من ذلك يتوقف الفرد من فرض ما يراه حقا على من يرى الحق في غيره..
لكي ينضج المجتمع بإدراكه لنسبية الأمور.
وهكذا يحكم المجتمع أطر أخلاقية عصرية متغيرة عوضا عن أطر مؤدلجة تجاوزت حدود المكان والزمان. ليتطور المجتمع دون أن يرغم على الإختيار بين دينه ودنياه.
- إعادة قراءة النص
وتلك هي الخطوة الأخطر والأشجع, لأنك نطلب من المتخصصين, الذين إتخذوا التلقين أسلوب تعلم وتعليم, بإعادة قراءة المقدس على أسس عصرانية.
لا يخلو المشهد الثقافي الإسلامي من محاولات لإعادة قراءة النص وإن بقيت محاولات فردية كجهد نصر حامد أبو زيد أو تنظير محمد أركون..
دعمنا لتلك المحاولات, بغض النظرعن إتفاقنا أو إختلافنا مع ما تتوصل إليه, هي طوق نجاة للعقل المسلم المحاصر.
ولنتذكر أن خطوة مارتن لوثر الأساسية في إصلاح المسيحية كانت ترجمته للكتاب المقدس إلى الألمانية ليخلصه من الموروث الثقافي و حراسه الكهنوتيين..

ركبت الترام حتى الاستوديو الصغير الذي أنزل فيه وسؤال صديقي الأخير يأبى أن يتركني وحدي" هل وجدت الأيديولوجية لخدمة البشر ام وجد البشر لخدمة الأيديولوجية؟"



#أحمد_طارق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوامات الواقع الديدانية والعصف الفكري, سيرة ذاتية عامة
- دوامات الواقع الديدانية والعصف الفكري
- عربي أو لا عربي ...هذه هي المسألة
- أخر الترانيم العدمية
- جدتي ودعاة التوريث
- هذا الكوكتيل المسمى بالمصريين
- قبل أن نضرب بالجزمة
- في نقد الخطاب القبطي-2
- حماس والأردن وبحور الرمادي
- يا رايح كتر من الفضايح
- هكذا علمني الحكيم العجوزفي نفسي - أنا والتجربة
- هكذا علمني الحكيم العجوزفي نفسي - أنا والتجربة
- وفاء سلطان وشيخ الجامع
- هرطقة ابن الانسان- ترانيم عدمية.....
- الهيستريا الدينية
- هل هن فعلا ناقصات عقل
- في نقد الخطاب القبطي


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد طارق - في المسألة الإسلامية