أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - يوم الحداد الوطني














المزيد.....

يوم الحداد الوطني


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 2025 - 2007 / 9 / 1 - 11:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فكرة جيدة أن نجعل من 23 يوليو كل عام يوماً للحداد الوطني، ليس هذا من قبيل تصفية حسابات مع عهد سابق، وإنما الشعوب الواعية هي التي تعتبر بدروس التاريخ، فهذا اليوم يصلح للحداد على مفهوم الوطن، الذي كاد أن يمحوه عهد الانقلاب من عقول وأفئدة المصريين لحساب قومية مدعاة، لم نجن منها غير الكوارث، وتبني قضايا خاسرة، جعلت مصر التي كانت دائنة لبريطانيا تتسول الآن من حفاة البدو ومن كل العالم، حداد على عهد جعل مصر الخالدة مجرد إقليم جنوبي، وهي التي تعرَّف العالم من خلالها على مفهوم الدولة مكتملة الأركان والمقومات، حداد على اسم مصر الذي محاه عبد الناصر، واستبدله باسم لا معنى له، ليعيده السادات ملحقاً بوصف العربية الزائف والمضلل، حداد على السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية، بعد أن زرع نظام يوليو الصدام والبغضاء بين كل مكونات الوطن: زرع الصدام والعداء بين مالكي العمارات والسكان، وصور الملاَّك كأنهم أعداء الشعب، وزرع الصدام بين ملاك الأرض الزراعية ومستأجريها، والصدام والكراهية بين العمال وأصحاب المصانع، الذين كانوا رواداً للصناعة في المنطقة، ووضعوا مصر على بداية عصر الصناعة، ليستدير بها نظام يوليو عبر مشاريعه الفاشلة، التي أدارها الضباط غير الأحرار ومحاسيبهم، لينهبون ثروة مصر، ويبددونها بإهمالهم وجهلهم بعلوم الإدارة والصناعة، وهمَّش المسيحيين في أجهزة الدولة، واستبعدهم تماماً من المواقع الحساسة، كأنهم ليسوا أهل ثقة، وهناك من خونة هذا الانقلاب من دعا إلى تهجيرهم للحبشة، وتفشت هذه الثقافة في الشعب الذي كان محتاجاً لمن يرتقي به، وليس من يغيِّب عقله، ويهبط به إلى أسفل سافلين.
لقد تم زرع بذور تدمير الشخصية والثقافة المصرية، بالإضافة إلى ما تم تدميره من مقومات مصر الاقتصادية والسياسية في الحلقة الأولى من هذا الانقلاب، أي في عهد عبد الناصر، لتنمو وتترعرع برعاية السادات، ثم تتفاقم لنكون على وشك الانهيار التام في العصر السعيد الحالي.
إذا كنا نحاسب اليوم من قال "طز في مصر"، فإننا يجب أن نحاسب من مهد له الطريق، نحاسب من وجد أن حجم مصر لا يكفي طموحه الإمبراطوري، وتطلع لإمبراطورية من المحيط إلى الخليج، تليق بالزعيم الملهم والقائد التاريخي، ليأتي صاحبنا "صاحب الطز" على نفس الأرضية ونفس النهج، ليطمح في خلافة إسلامية من أندونيسيا حتى نيجيريا، لا يكون في مصر فيها إلا وزن "طز"!!
في يوم الحداد الذي مازال إجازة رسمية لن يقف المصريون فقط دقيقة حداداً على ما حل بمصر والمصريين من تدمير جراء ذلك العهد، وإنما أيضاً هو يوم لنتدارس وننشر الأبحاث ونعقد المؤتمرات لاستعراض من وقعنا فيه من أخطاء وخطايا، في حق أنفسنا وفي حق الآخرين، فقد قدنا مثلاً ما يسمى بالأمة العربية إلى حروب خاسرة، وبشرنا وكنا مثالاً للحكم العسكري الدكتاتوري، الذي يسحق الشعوب وينكِّل بالأقليات، فكان صدام والأسد والقذافي والبشير، وكنا حملة لواء العداء للغرب موطن الحضارة المعاصرة وراعيها، وفيما سلكت شعوب العالم بعد الحرب العالمية الثانية طريق التقدم والحداثة، ضيعنا نحن الفرصة على شعوبنا وعلى من تأثر بنا، لنسلك طريق الصدام والعداء، ومن ثم الفشل الذي نمت في ظلاله تيارات التأسلم التي أنجبت الإرهاب العالمي.
سيكون يوم الحداد المصري فرصة سنوية لنراجع حساباتنا كل عام، ونقيم ما حققناه ونحققه من تطهير لعقولنا ونفوسنا وبلادنا من آثار يوليو الوبيلة.
لا نستهدف أن نحاكم أشخاصاً أو رموزاً هم الآن في ذمة التاريخ، لكننا يجب أن نحاكم رؤى وسياسات، هي المسئولة عن كل ما نحن فيه الآن من بلاء وابتلاء.
لقد وقعت ألمانيا في شراك النازية،وإيطاليا في الفاشية، وكذا اليابان وروسيا وسائر دول الكتلة الشرقية، كلها دخلت تجارب فاشلة دمرت الإنسان وأهلكت الزرع والضرع، لكنها جميعاً راجعت ومازالت تراجع نفسها بشجاعة وجسارة، وهي تفعل هذا ليس انتقاماً من ماض بغيض، وإنما إنقاذاً للحاضر من آثاره الأدبية والمادية . . هي إذن دعوة لنجعل من يوم الحداد المصري الذي نحتفل به كل عام عبرة متجددة، حتى لا نعيد إنتاج الماضي، وحتى نتيقن من تمام استئصال كل جذوره، فهكذا تفعل الأمم الحية، التي تهتم بالمستقبل، ولا تقدس الماضي وأصنامه، فمستقبل أبنائنا هو فقط ما يهمنا، ولو على حساب أصنام قدسناها لعقود.
فقط الأمم التي تنجح في التحرر من أسر الماضي، هي التي تستطيع الانطلاق إلى مستقبل أفضل.




#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الهيمنة
- العقل والميتافيزيقا والوجود
- الشرق وفلسفة التواطؤ
- وداعاً عمرو موسى
- البابا شنوده والانقلاب على الذات
- تساؤلات قبطي ساذج
- ومن العقل ما قتل
- خواطر عشوائية
- إلى المجمع المقدس: توسل ونداء
- يوميات علماني قبطي (3)
- يوميات علماني قبطي 2
- سؤال العلمانية والمستقبل
- الذئاب لا ترحم ولا تعي
- قداستي وقداسة البابا
- نحن نزرع الشوك
- سيناريوهات تركية
- الأقباط والاستقواء بالداخل
- الليبرالية الجديدة تمتد شمالاً
- الكنيسة والمسكوت عنه
- إطلالة على مؤتمر العلمانيين الأقباط


المزيد.....




- فيديو يظهر لحظة قصف دبابة إسرائيلية المبنى الذي كان يتواجد ف ...
- أول تعليق من حزب الله والحوثيين على مقتل يحيى السنوار: -حمل ...
- الرئيس الفرنسي يكرم ضحايا مظاهرات 17 أكتوبر 1961 ويعتبر أنها ...
- تفاصيل مقتل السنوار في غزة وردود الفعل ومن سيخلفه؟
- اتهامات أممية لطرفي النزاع في السودان باستخدام -أساليب التجو ...
- بعد مقتل السنوار... بلينكن يجري عاشر جولة في الشرق الأوسط من ...
- ترحيب غربي بمقتل السنوار وإيران تشدد على أن -روح المقاومة ست ...
- غداة مقتل السنوار... ملف غزة على رأس محادثات بايدن وقادة أور ...
- قمة -كوب16- في كولومبيا... ما هو واقع التنوع البيولوجي في ال ...
- المجلة: من هو يحيى السنوار.. وهل أخطأ في -الطوفان-؟


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - يوم الحداد الوطني