أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلطان الرفاعي - سوريا في زيارة طبيب نفسي














المزيد.....

سوريا في زيارة طبيب نفسي


سلطان الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2024 - 2007 / 8 / 31 - 07:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



سيدة تاريخها انشودة الزمان ، عيناها زرقة البحار والمحيطات ، شعرها سنابل القمح ، عنقها جيد الرحمن ، فمها كرز الشام ، باطنها لؤلؤ وخير ومرجان ، واسمها سوريا فخر الأوطان .


جاءتني ، شاحبة الوجه ، مثقلة بالهموم ، أوجاع في الرأس والجذع والقلب ، في كل مكان . آلام فظيعة ، تثير في نفسها شعورا مؤلما بالضيق والانزعاج داخل بيتها .

قلت لها :(( لنفترض أنك مستلقية على أريكتك المفضلة تستريحين لوقت قصير ، ولنفترض أن لمشكلتك لوناً معينًا ، فأي لون تختارين ؟))
فأجابت : (( اللون الأسود )) .
فقلت : (( حسناً ، ولكن ما قد يكون شكله ؟)) .
قالت : (( كتلة سوداء كبيرة تملأ أرجاء داخلي ، أشعر بأنها تخنقني )) .
ثم لاحظتها وهي تجيبني ، فإذا بيديها تصبح قبضتين شديدتين ، فسألتها : (( ماذا تريدين أن تفعل يداك بتلك الكتلة ؟ )) .
فردت قائلة : (( أريد أن أخرجها من هنا ، فما عدت أتحمل وجودها )) .
عندئذ قلت لها : (( لو أردت أن تطلقي على الكتلة اسماً ، فما عساه أن يكون ؟ )) .
فساد المكان صمت دام ثوان طوال ، وكأن عقلها اللاواعي كان يقوم بمسح دقيق لجميع الأجوبة الممكنة قبل أن يتوصل الى اختيار نهائي .
وبعد قليل بادرت تقول : يبدو أنه حزب !))
قالت ذلك وفتحت عينيها تنظر الي متعجبة ، وأضافت متمتمة : (( أهذا كل ما في الأمر ؟ هل ما أعانيه هو بسبب حزب ؟ )) .
فعقبت عليها : (( هذا ما قاله لنا لا وعيك . وأظن أن لا وعيك كان يعلم بالأمر منذ زمن طويل ، غير أنك لم تعرفي كيف تصغين اليه )) .
وعندما أخذنا نتفحص الاحتمالات عن كثب ، قالت : (( إن حزبي كيان يصعب إرضاؤه ، لقد استأثر بكل خيراتي ، وحرم أولادي من كل شيء جميل ، اختص لنفسه بالنور ، ولأخوته الظلام . له الماء الرقراق النقي ، ولبقية أولادي الماء الآسن . له كل متع الحياة ، ولبقية أولادي كل شقاء الأرض ، له الفضاء الواسع ، ولبقية أولادي الزنازين الضيقة ----)) .
فسألتها : (( وحتى متى ستبقين على الكتلة السوداء الخانقة في حياتك ؟ )) .
فصرخت لوقتها : (( أريد أن أغير الأوضاع على الفور !)) .
عندئذ طلبت اليها : (( أغلقي عينيك واستريحي . لقد اتخذت قراراَ بتغيير الأوضاع . والآن ، أظهري رد فعلك . هل ترين الكتلة ؟ )) .
قالت : (( نعم)) .
أضفت : (( أنت حرة في أن تقومي بكل ما تريدين في عين مخيلتك . فما الذي تقومين به ؟ )) .
فارتسمت ابتسامة على شفتيها ، وقالت : (( إني أتناول مكنسة من الخزانة وأكنس كالمجنونة ))
فسألتها : (( وكيف تسير الأمور ؟ )) .
أجابت قائلة : (( أحتاج الى شيء أكثر صلابة . أستعمل الآن مكنسة كهربائية ، فهي فعالة ، وهذا ما يسعدني )) .
عدت وسألتها : (( ومالذي تفعله الكتلة ؟ )) .
فتجهم وجهها الذي علته علامات النصر ، وقال : (( لا تريد أن تغادر ، ولكني سأجبرها على ذلك )) . ثم أضافت بعد برهة : (( ها قد أخرجت معظمها )) .
فسألتها : (( هل بوسعك أن تستعيني من الخارج بشيء أقوى لتتخلصي من الآثار المتبقية ؟ )) .
أجابت بحزم : ((لا )) ، وفتحت عينيها تنظر الي ، وتضيف : ((لا أريد أن أخرج أكثر مما أخرجته . وأنا أشعر بفرح كبير بالفسحة الجديدة التي خلقتها . لا أريد أن أخرج الكتلة تماما من داخلي ))
فقلت حينئذ : (( لقد أظهرت اليوم شجاعة رائعة ، فأنت واجهت ألمك ، وتمسكت بحقوق أبنائك البقية بصرامة . ويهمني أن أعلم كيف ستطبقين معرفتك الجديدة وتستعملين قوتك من أجل أن تحسني مستقبل شعبك . ولكني سمعتك تقولين أيضاً أنك ترغبين في أن تبقي على علاقة بحزبك ، علاقة من الطرفين ، لا من طرف واحد ))
فعلقت قائلة : (( هذا صحيح ، هؤلاء أولادي ، وأولئك أولادي ، ولكن لن أدعهم بعد اليوم ، يستغلون أخوتهم ويقمعونهم ويسلبونهم خيراتي . فإن تراجعوا عن غيهم وتسلطهم وجبروتهم ، عندئذ يبقون أيضا في عداد أولادي ))
فعدت وسألتها : ( وماذا لو رفضوا التراجع عن غيهم وظلمهم وقمعهم ؟ )) .
أجابت بدون تردد : (( في تلك الحال ، سيترتب عليهم أن يبقوا وحدهم معزولين ، حتى يقبلوا بما أريد . فأنا ما عدت أخاف الكتلة السوداء )).
دمشق 29- 8-2007
ملاحظة : الكتلة السوداء ، تعبير ، يسمح فيه الطبيب للقارئ ، باستبداله بما يراه أنسب .




#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة شرف
- سياسة (شلون ما كان )
- لقاء (حوار متمدن) مع رئيس الوزراء العراقي نوري
- ما للقحطانية عوجلت في صباها دعاها الى اردى داعيان : العرب وا ...
- حضارة بربرية تنتج برابرة متحضرين - قضية تنصر محمد احمد حجازي
- الصراع الطبقي في سوريا 3 مسؤولية الدين ؟
- مهلاً ماغي
- الصراع الطبقي في سوريا 2 دور السلطة
- الصراع الطبقي في سوريا ، ومسؤولية السلطة والدين .
- تفاقم التواجد العراقي في سوريا والحلول المقترحة
- c est trop يا وطن
- كل الحكاية عيون بهية
- الشاحنات السورية وتهريب الأسلحة action
- ابن لادن وجورج بوش وجهان لعملة واحدة
- بين الكرامة والسفاهة رد على صحيفة النهار اللبنانية
- معذرة سيدنا اجراس بكركي لن تقرع
- اعاصير دمشق4 الانقلاب الثالث نهاية الحناوي واستلام الشيشكلي
- العائلة التي دمرت لبنان
- اعاصير دمشق 3 بوادر الانقلاب الثالث
- اعاصير دمشق-انفلابات سوريا- 2-مقتل الزعيم والبرازي


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلطان الرفاعي - سوريا في زيارة طبيب نفسي