أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد عيسى طه - هاجس الخوف غرسه فينا صدام وزاده الاحتلال















المزيد.....

هاجس الخوف غرسه فينا صدام وزاده الاحتلال


خالد عيسى طه

الحوار المتمدن-العدد: 2024 - 2007 / 8 / 31 - 07:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دردشة على فنجان قهوة
ليس في القانون دليلا يضاهي شاهد عيان .. فهو دليلا قانونيا قويا يصار به ادانة او براءة .. والشاهد العيان هو كاتب هذه السطور . وما يقال عن الخوف وهاجس الخوف وتجربتي الشخصية معه لا ارده من باب المزاودة على الوطنية او شيء آخر بل هو اعطاء صورة حقيقية عما كان يجرى في دائرة المخابرات العراقية في الرصافة ، تلك العمارة الضخمة التي معظمها تحت الارض . وبأعتقادى ان فترة تسعة اشهر وهي فترة التحقيق معي بتهمة ملفقة كافية ان تعطي من مر بها فرصة لنقل الواقع وما يجرى هناك . والقليل من كان يخرج ويستطيع ان يروي ماحدث له وما جرى عليه وكيف ان معظمهم كان يخوزق على قناني البيرة . وهذه الصور لازالت تتراءى لي بين حين وآخر .
هذه التجارب وحالة التحقيق والتعذيب اثناءه غرست في نفسي وفي نفس الغير الذين مروا بهذا النفق الرهيب الخوف والرعب حتى صار احدنا اذا سار في الشارع يتلفت يمنة ويسرة ووراءه خشية شخص يلاحقه ، وفي اكثر الاحيان يكون هذا الشخص لاوجود له ولكن بدافع الخوف يتخيل اشياء كثيرة ونراه ايضا اذا تكلم كان كلامه همسا حتى لايسمعه الغير اذ ان باعتقاده ان جيرانه وجيران جيرانه والأبعدون وبدءا من افراد عائلته هم جواسيس عليه من المخابرات فتراه منعزلا كئيبا بعد هذه التجربة القاسية .

ان هذه الحالة الرهيبة دامت خمسة وثلاثون سنة وتعمد النظام على تهويل قسوته وبطشه بألعراقيين وكيف انه يعامل هذا الشعب بقسوة وان اى روح من ارواح اى العراقي الذى يمر بدائرة المخابرات لاتسوه اكثر من روح عصفور او قطة .
استمر العهد السابق بطحن الشعب العراقي جماعات وأفراد فنصب هيئات ذو نفسيات معقدة في ثلاث مجارش هي كألاتي :
ا- المجرشة الاولى :
دائرة المخابرات وهي دائرة كبيرة واسعة التخصصات افرادها اختيروا من قبل السلطة من المتفوقين في الدراسة ومنهم من يحمل شهادات عالية متخرجا من جامعات اوروبية . اضافة الى انتمائهم الى حزب البعث . ويقال ان عددهم كان اكثر من 240 الف فرد فيهم النساء والرجال ومختلف الاعمار والمهن . وهذا العدد مقبولا ذهنيا اذ اظهر احصاء امريكي ان عدد افراد المرتبة الحزبية ( الفرقة ) يزيد عن مئة واربعين الف . ان دائرة المخابرات تملك لكل ادوات وآلات التصنت والتتبع والتعذيب وانتزاع الاعترافات على احدث الطرق زودتها دول متعددة منها المانيا الديمقراطية ،اذ ان رئاسة السلطة جعلت من المخابرات القاعدة والاساس بدوام حكم البعث وسيطرته ، وفعلا نجحوا بادامته 35 سنة لولا تدخل قوات الحلفاء للقضاء عليه لسيبقى الشعب العراقي تحت حكم صدام وعائلته ويكونون من اولاد قصي او عدي ومن اولاد اولادهم وان نزلوا حسب الشريعة الاسلامية .
ب- المجرشة الثانية :
تجاوز نظام العهد السابق على الدستور العراقي المؤقت والذى شرع في عهده واعتدى على القضاء العراقي اعتداءا فضا غير مقبول اذ انشأ محاكم استثنائية من قضاة عينتهم مباشرة وهم بالاصل من دائرة المخابرات ومن ضباط مخابرات .
فألرئيس ضابط مخابرات والعضوين مدنيين ينتمون الى المخابرات . وكان العراقيون يساقون كألنعاج في حملات وبأفواج تتكاثر عددا على مر الايام وكانت المرافعة مهزلة كاملة اذ انها في اصعب القضايا لاتعطي المحكمة وقتا اكثر مما محدد . فالمخابرات اساسا بعد ان تحقق تكتب قرار التجريم والحكم وترسل الاضبارة الى المحكمة الاستثنائية مع تحديد الوقت اللازم لاكمال مسرحية المحاكمة الصورية . وقد عشت هذه التجربة شخصيا اذ نقلت من دائرة المخابرات معصوب العينين مكبل اليدين واستمرت محاكمتي دقائق وكانت الاسئلة التالية ..اسمك .. عمرك .. اعترفت ام لم تعترف بألجريمة .. ثم القرار حتى بدون فترة مذاكرة وكان نصيبي من السجن بضعة سنين قضيتها في اتعس حالة في احدى زنزانات ابو غريب سيء الصيت .
استمرت هذه المحاكم المزيفة طوال مدة الحكم وزادت نسبة عدد السنين التي تحكم بها وذهب الالاف من العراقيين بهذا الطريق غير العادل الغير انساني البعيد عن الواقع والحقيقة وكانت التهم ترتب والتعذيب يجعل هذه التهم معترف بها وتحال قضية هذاالمتتهم الى محكمة مسرحية تقوم بنطق القرار .
ملات السلطة سجن ابو غريب وكان استيعابه الطبيعي بحدود الالفين الا ان النظام جعل الاستيعاب اثنا عشر الفا وكانت الغرفة الواحدة التي تسع ثمانية اسرة يناموا فيها اكثر من 36 واحد ارضا وعلى اسرة وكانت الممرات مزدحمة وكل القاعات مكدس بها البشر كأسماك الساردين في العلب وكانوا جلاوزة السجن وحراسه يتلذذون في تعذيب هؤلاء السجناء ومعظمهم ابرياء ويحاولوا اذلالهم وتجريدهم من انسانيتهم بأن يبداوا بعد السجناء قاعة قاعة في فجر كل يوم وعلى السجناء ان يتقرفصوا على الارض لاكثر من ساعتين والسجان يحاول عدهم وهم صابرون .. وضرب السجين عادة لمن لايحضر او يمتنع عن الحضور للتعداد الذى يطلق عليه المسطر بلغة السجون .
ج- المجرشة الثالثة :
ان العهد الماضي كوٌن لجنة عليا برئاسة وزير العدل وضم الى هذه اللجنة الكثير من علماء القانون والفقهاء في الشريعة واصدر قانونا اطلق عليه قانون الاصلاح القانوني وأخذ يصدر القوانين الجديدة ويعدل بعضها احيانا . برأى ان تلك القوانين كانت مأساة اذ انها كانت تتسارع في الاصدار وبصورة لاتمكن القارىء او المحامي من مواكبتها . ولم يألو جهدا النظام في وضع عقوبات مشددة على القوانين فتجد ان في هذه التشريعات الجديدة مواد الاعدام تضاعفت في قانون العقوبات الصادر في سنة 1982 وجعل من هذه القوانين قفصا لايستطيع القاضي ان يتحرك ابعد من مساحة هذا القفص اذ انه حدد العقوبة الادنى ولم يحدد العقوبة الاقصى ومثال ذلك ان الجريمة التي عقوبتها في حدها الادنى ثلاث سنوات جعلها النظام ستة سنوات فنجد ان القاضي لاخيار له بوجود هذه المادة في حالة التجريم او قناعة القاضي بألتجريم ان يحكم بأقل بما هو منصوص عليه في هذه المادة من ذلك القانون وهذا مخالف للتشريعات الانسانية ومخالف لكل الاعراف وما كانت عليه الحالة القانونية قبل هذه النصوص .
هذه القوانين هي شبكات صيد قانونية فألذى تضعه السلطة في هذا الشباك ضمن هذه القوانين فلا رحمة له ولا عطفا عليه يمر بأبواب منها دائرة المخابرات وينتهي بالسجون او المقابر .
هذا هو الجو الذى ادى الى الخوف من صدام ومخابرات صدام وجعل الانسان يتلفت في المشي ويهمس في الكلام ويرتعب حتى في اكثر اقسام الدار الخاصة . واكثرهم عمدوا الهجرة حتى وصل عددهم الى الملايين .
ذهب صدام وذهب نظام صدام وأخذ الشعب العراقي نفسا آملا ان تتغير الحالة ويتخلصوا من ارهاب المخابرات ، ماذا حدث .. حدث اسواأ من تلك الحالة واصبح العراقيون لايخافون من المخابرات وقوى الامن بل اخذوا يخافون بعضهم من بعض ويتمنون انهم لاتعلموا الكلام ولا النطق به . فاذا قالوا شيئا مع التيار الحكومي والامريكان، قتلتهم وحدات الاغتيال الارهابية وهم منتشرون بين البيوت واذا صرحوا انهم يناوءون الاحتلال فألاحتلال غير عاجز على مداهمة بيوتهم وقصفها بالطائرات والمدافع , ناهيك عن فقدان الامان بشكل مطلق حتى ان الام التي تريد اصطحاب اولادها الى المدرسة تربطهم جميعا بحبل واحد يلتف حول خصرها حتى تنجو من الاختطاف .
الكل خائفون .. الكل مرتعبون .. ! الكل هائمون على وجوههم ويسألون لاى جهة يتجهون فليس هناك جهة آمنة في العراق فألكل معرضين للقتل .
حتى وصل الخوف بألناس وبنفسياتهم المتعبة انهم لا يأبهون بما يحدث امامهم من جرائم . امس كلمني احد اصدقائي من بغداد وروى لي هذه القصة : ان شابا وسيما في مقتبل العمر يسوق سيارة مرسيدس اعترضته سيارة جيب نزل منها اربعة ملثمين بأسلحتهم فتقدم صاحب السيارة الشاب حاملا المفتاح يصيح خذوا السيارة وخذوا اى شيء وابقوني على قيد الحياة فأستلم احدهم المفتاح وجاكيت الشاب وتقدم الثاني بطعنه لحد الموت . هذه الحادثة في المنصور وفي الساعة الحادية عشر وشارع المنصور مزدحم وكل الذين تجمهروا لم يبدا منهم اى حركة او رغبة او ظاهرة بمساعدة الشاب المذبوح من الوريد للوريد والسبب هو الخوف لحد الرعب .
أيكون خوف الانسان بهذا الشيء وقد يطلق على الناس كلهم كلمة جبناء ولكن ان ما مر بهم جعلهم يتخوفون ويخافون من ان يصل القتل اليهم وهذا مايجب ان يكون محل دراسة .
هذا هو حال العراق الان واخيرا اريد ان اصرح بأني في العقد السابع من عمري لازلت اسمع صوت الجرس في منتصف الليل وانا في لندن وأتخيل ان المخابرات اتت مرة اخرى لسجني وانزل الى الباب فأرى اني واهم وان افكارى هي خيال في خيال فأبتسم واقول متى تنتهي هذه الفوبيا من عندي وقد مر على حادثة سجني 24 عاما .
علينا ان نصارح انفسنا بشكل واقعي ونقول ما العمل ..؟ برأيي ان هذا الجيل من الصعب شفاءه ولكن لنعمل على الصحة الكاملة للجيل القادم بفتح مدارس نفسية وتأهيل المرضى من الخوف بكل الوسائل الثقافية والنفسية والاجتماعية مع تثبيت قواعد الاطمئنان .. قانون عادل .. قضاء قادر .. قضاة نزيهين .. لاتدخل سلطة بسلطة وأن نزيل كافة هذه الحالات الاستثنائية من مداهمة بيوت الى قصف والى والى الوصول الى حالة تستطيع الدولة ان تقضي على جميع ظواهر الارهاب من سيارات مفخخة الى الاختطاف الى السرقة الى الاغتصاب التي يتعايش معها اليوم العراقيون كل العراقيون .
بهذا وبهمة الجموع وبتكاتفهم للوصول الى مجتمع عراقي صحي لايملك رعبا وهاجس خوفا بألشكل الذى يعم العراقيين الان . حيا الله المخلصين وأبقى الشعب العراقي حاملا راية الديمقراطية والحملة والمقاومة السلمية ضد الاحتلال الامريكي .



#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور السعودية في البصرة
- العدالة والديمقراطية هي الجسر نحو بر الاستقرار والامان
- نفطنا...واللصوص...
- اين خيمة الامان والاستقرار في العراق الآن
- صياغة دستور لا يضمن الديمقراطية بل اليد التي تطبقه هي التي ت ...
- البعد والاغتراب لا يمنع مشاركة العراقيين اليومية
- ايها الناس كفى هدرا للمال العام
- سَمِها ماشئت !!! ولكنها زلزال....
- ارمن العراق ومصير المنطقة
- انا دبليو جورج بوش ...من انتم!!!
- تدخل الامم المتحدة في الشأن العراقي...فائدة ..!ام مضرة..!!
- الوفاء للوطن الوطن أعلا مراحل الولاء...
- الدخلاء على السياسة اشقياء الساحة
- دماء اليزيديين امانة في ضمير الشعب العراقي
- القتل مع سبق الاصرار ادى لتطاير جثث اهلنا اليزييين
- فلتسقط الفدرالية
- ابشع عملية اجرام في ظل الاحتلال...!!
- الحكومة ان كذّبت الواقع يفضحهم
- دعما لانتصار ارادة الشعب العراقي في فرض ممثليه علينا الاعتنا ...
- في عراقنا رقصة موت ... في رعاش دموي ...!! سببه الاحتلال


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد عيسى طه - هاجس الخوف غرسه فينا صدام وزاده الاحتلال