أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح عبد العاطي - قراءة نقدية في كتاب -صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي-















المزيد.....



قراءة نقدية في كتاب -صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي-


صلاح عبد العاطي

الحوار المتمدن-العدد: 2023 - 2007 / 8 / 30 - 11:17
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تمهيد:
يعد كتاب صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي، لمؤلفه صموئيل هنتنغتون، الصادر في سنة 1996 ، تطويراً لمقاله لذات الكاتب التي نشرها في مجلة (Foreign Affairs, Summer, 1993) تحت عنوان صدام الحضارات، وحسب ما جاء في الكتاب فإن المؤلف تجاوز المثالب والسلبيات التي تعاني منها تلك المقالة.
في هذا الكتاب يقول المؤلف بأنه يقدم العديد من البراهين والأدلة لتأييد أفكاره النظرية، ويغطي الكثير من الموضوعات والقضايا التي تم التطرق إليها بشكل يسر في المقالة المذكورة.
وهنتنغتون أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفرد وهو من أشهر المفكرين الاستراتيجيين في الولايات المتحدة الأمريكية وفي كتابه "صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي" يطرح أفكاراً نظرية في هذا السياق ثم يقدم العديد من البراهين والأدلة لتأييد أفكاره النظرية تلك، وهو بالإضافة إلى ذلك يغطي الكثير من الموضوعات والقضايا التي تطرق إليها وهذه تشمل: فكرة الحضارات، إشكاليتها حضارة إنسانية أو كونية، العلاقة بين القوة والثقافة، توازن القوة المتغيرة بين الحضارات، والتأصيل الثقافي في المجتمعات غير الغربية والتركيب السياسي للحضارات، الصراعات التي ولدتها العالمية الغربية، الأصولية الإسلامية، وإعادة تأكيد الصينية، ردود الفعل لنهوض القوى الصينية، أسباب وديناميات حروب خط الصدع (بين الحضارات) ومستقبل الغرب وعالم الحضارات.

عرض الكتاب:
الأطروحة الأساسية لهذا الكتاب هي أن الثقافة أو الهوية الثقافية، والتي في أوسع معانيها تعني الهوية الحضارية، هي التي تشكل نماذج التماسك والتفكك والصراع في عالم ما بعد الحرب الباردة.
وعلى هذا تكون الكتاب من خمسة أجزاء تحتوي على 12 فصلاً، وهذه الأجزاء الخمسة هي عبارة عن توسع وتطوير نتائج ذلك الافتراض الرئيس:
الجزء الأول: يرى المؤلف بأنه ولأول مرة في التاريخ فإن السياسة العالمية هي في آن واحد متعددة الأقطاب ومتعددة الحضارات وأن التحديث مختلف عن الغربنة.
الجزء الثاني: يتحدث عن توازن القوى بين الحضارات الآخذ في التغير؛ فالغرب يتقهقر في نفوذه النسبي، والحضارات الآسيوية تقوم بتوسيع قواها الاقتصادية والعسكرية والسياسية، والإسلام يتفجر سكانياً مصحوباً بنتائج عدم الاستقرار للدول الإسلامية وجاراتها والحضارات غير الغربية بشكل عام، وهي الآن تؤكد مرة أخرى قيمة ثقافاتها .
وفي الجزء الثالث: تحدث هنتنغتون عن انبثاق النطاق العالمي الذي أساسه التنوع الحضاري. فهناك مجتمعات تتقاسم روابط ثقافية تتعاون مع بعضها البعض، والدول تجمع نفسها حول الدول الأساسية أو الرائدة أو الكبرى من نفس حضارتها.
ويؤكد المؤلف في الجزء الرابع : على دعاوي العالمية والإنسانية التي يطرحها الغرب والتي تضعه بشكل متزايد في صراع مع الحضارات الأخرى، وبشكل أكثر خطورة مع الإسلام والصين، وعلى المستوى الإقليمي حروب خطوط الصدع والتي تقع بشكل رئيسي بين المسلمين وغير المسلمين تؤكد الحشود التي تؤيدها دولة تشاطرها حضارتها، وتهدد بتوسع حدود الصراع، وبالتالي تبذل الدول الكبرى مجهوداً من أجل إنهاء هذه الحروب.
وفي الجزء الخامس والأخير: يؤكد هنتنغتون على أن استمرار حياة الغرب تعتمد على الأمريكيين وهم بعيدون تأكيد هويتهم الغربية وعلى سكان العالم الغربي وقد هيأوا حضاراتهم على أنها متميزة وليست عالمية، وقد اتحدوا لغرض تجديدها وصيانتها ضد التحديات من المجتمعات غير الغربية.
هذا وقد شغل كتاب صدام الحضارات الجماهير والمثقفين منذ أكثر من عشر سنوات، فكتبت تعليقات ضد صاحب أطروحة صدام الحضارات برفضها، ومنها ما يؤيدها بصورة صريحة أو ضمنية ومنها من يقترح بديلاً عنها حوار الحضارات، وبما أن العرب من أكثر المستهدفين في هذا العالم الجديد، ولنشر الوعي بهذه الأطروحة الخطيرة التي بات تؤثر علي مسار الإحداث في العالم وخاصة منطقة الشرق الأوسط.
فقد جري من طرفنا إعادة قراءتها بهدف تحليل مضمونها، ودلالاتها بالنسبة للعالم والوطن العربي وتداعياتها المختلفة، وخاصة أن هذه الأطروحة تؤدي وظائف متعددة في المنظومة الأيديولوجية الأمريكية والغربية عموما، ولقد تم الاستعانة من طرفنا بعدد من القراءات السابقة لها أهمها: قراءة ادوارد سعيد والتي نشرتها مجلة الكرمل الثقافية، وقراءة محمد عابد الجابري للأطروحة في كتابة وجهة نظر في القضايا المعاصرة وعدد من القراءات والتي استفدنا منها في نقدنا للكتاب مع تبين وجهة نظرنا لفي الكتاب بعد إن نوضح المنطلقات الفكرية والسياسية لخطاب صدام الحضارات والآليات التي يعتمد عليها في طرح المفاهيم وفي إقناع الآخرين واكتساب المؤيدين، ثم قمنا بعملية قياس لتبعات هذا الكتاب ونظريته عالميا وعلي المجتمع العربي.
قراءة نقدية في الكتاب:
اجتهد هنتنجتون لصياغة رؤية تفسيرية، بالاستناد إلى مجريات الواقع الحضاري الذي يعيشه العالم، وبما أن كل رؤية تفسيرية تنطلق من ثابت منطقي ووجدي أحياناً، فإن هنتنجتون يعتمد مقولة الصدام، كتعبير عن لحظة الصراع الذي يجري وسيستمر في أرض الواقع، لكي تكون هذه المقولة ذات دلالات عامة وشمولية فإنه يحقنها بقوة دلالية مضافة لتصبح أكثر تعبيراً عن جوهرية هذا الصدام، واتساع شموليته، فمن الصدام الحضاري إلى الصدام الكوني، ومن الصدام الجزئي، بين طرفين أو ثلاثة إلى صدام كلي تشترك فيه مجمل القوى البشرية بمختلف تشكيلاتها.
وكما هو معتاد، فإن أي مفهوم إجرائي لابد أن يشتغل في مجال ما وإلا ظل سابحاً في فضاء معطل، فالتعبير يجري ضمن مجال، فأما أن يصل إلى التطابق بين إرادة التغيير، أو يصل إلى حالة الصدام والتنافر بين الإرادات المضادة، والمجال الذي يفترض فيه هنتنجتون (التغيير والصدام) هو مجال (الحضارات) فالتغيير يجري في وضعية الحضارات، والصدام سيكون فيما بينها، وهنا إقصاء لرؤية الانسجام والتوائم الحضاري، وإنزال التصادم والتنافر إلى حيزات الواقع الفعلي.
فالمفاهيم الواردة في الكتاب تتمفصل في خمسة محاور أساسية: مفهوم الحضارات، مسألة الحضارة الكونية، العلاقة بين القوة والثقافة، ميزان القوى المتغير بين الحضارات، التأصيل في المجتمعات غير الغربية، البنية السياسية للحضارات، الصراعات التي تولدها عالمية الغرب، العسكرية الإسلامية، التوازن والاستجابات المنحازة للقوة الصينية، أسباب حروب خطوط التقسيم الحضاري والعوامل المحركة لها ومستقبل الغرب وحضارات العالم فهي:
1 ـ لأول مرة في التاريخ نجد (الثقافة الكونية) متعددة الأقطاب ومتعددة الحضارات، التحديث مختلف بدرجة بينة عن التغريب، ولا يُنتج حضارة كونية بأي معنى، ولا يؤدي إلى تغريب المجتمعات غير الغربية.
2 ـ ميزان القوى بين الحضارات يتغيرن الغرب يتدهور في تأثيره النسبي، الحضارات الآسيوية تبسط قوتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية، الإسلام ينفجر سكانياً مع ما ينتج عن ذلك من عدم استقرار بالنسبة للدول الإسلامية وجيرانها، والحضارات غير الغربية عموماً تُعيد تأكيد ثقافتها الخاصة.
3 ـ نظام عالمي قائم على الحضارة يخرج إلى حيز الوجود، المجتمعات التي تشترك في علاقات قربى ثقافية تتعاون معاً، الجهود المبذولة لتحويل المجتمعات من حضارة إلى أخرى فاشلة، الدول تتجمع حول دولة المركز أو دولة القيادة في حضارتها.
4 ـ مزاعم الغرب في العالمية تضعه بشكل متزايد في (صراع مع الحضارات الأخرى) وأخطرها مع (الإسلام والصين)، وعلى المستوى المحلي، فإن حروب خطوط التقسيم الحضاري، وبخاصة بين المسلمين وغير المسلمين، ينتج عنها (تجمع الدول المتقاربة)، وخطر التصعيد على نطاق واسع، وبالتالي جهود من دول المركز لإيقاف تلك الحروب.
5ـ إن بقاء الغرب يتوقف على الأمريكيين بتأكيدهم على (الهوية الغربية)، وعلى الغربيين عندما يقبلون حضارتهم كحضارة (فريدة)، وليست عامة، ويتحدون من أجل تجديدها، والحفاظ عليها ضد التحديات القادمة من المجتمعات غير الغربية، إن تجنب حرب حضارات كونية يتوقف على قبول قادة العالم بالشخصية متعددة الحضارات للسياسة الدولية وتعاونهم للحفاظ عليها.
تُشير هذه المحاور إلى إن عالم ما بعد الحرب الباردة متعدد الأقطاب، يفتقر إلى تقسيم واحد ومحدد، كالذي كان أثناء الحرب الباردة، هذه الأقطاب هي (الحضارات) التي يتكون منها العالم، وهي: الصينية، اليابانية، الهندية، الإسلامية، الغربية، الأفريقية وأمريكا اللاتينية، وما يحكم العلاقات بين هذه الحضارات هو (الصدام)، هذا الصدام ينطلق ويعود بالاستناد إلى (الثقافة) أو إلى (الهوية)، ذلك ((إن الثقافة أو الهويات الثقافية، والتي هي على المستوى العام، هويات حضارية، هي التي تشكل أنماط التماسك والتفسخ والصراع في عالم ما بعد الحرب الباردة .. )) على أن العوامل الثقافية المشتركة والاختلافات هي التي تشكل المصالح والخصومات وتقاربات الدول، ونلاحظ إن أهم دول العالم جاءت من حضارات مختلفة، والصراعات الأكثر ترجيحاً أن تمتد إلى حروب أوسع، هي الصراعات القائمة بين جماعات ودول من حضارات مختلفة، وأشكال التطور السياسي والاقتصادي السائدة تختلف من حضارة إلى أخرى، والقضايا السياسية على أجندة العالم تتضمن (الاختلافات بين الحضارات)، والقوة تنتقل من الغرب الذي كانت له السيطرة طويلاً إلى الحضارات غير العربية، والسياسة الكونية أصبحت متعددة الأقطاب ومتعددة الحضارات.
إن رؤية هنتنجتون تتقاطع هنا كلياً مع رؤية (فرانسيس فوكوياما)، الباحث الأمريكي الجنسية الياباني الأصل، والذي قال: بأن انهيار القطبية الثنائية بانهيار الاتحاد السوفيتي، كإطار للشيوعية، أدى إلى انفراد الرأسمالية والليبرالية الغربية بالعالم وهو ما يمثل نهاية التاريخ، أو بتعبيره حالياً نشهد نهاية التاريخ بما هو نقطة النهاية للتطور الأيديولوجي للبشرية وتعميم الليبرالية الديمقراطية الغربية على مستوى العالم كشكل نهائي للحكومة الإنسانية.
فالتغير في مسار التاريخ والتغيرات المتلاحقة خلال ربع قرن لم تؤد إلى حالة من الانسجام أو التوافق الواحدي الاتجاه، بل على العكس من ذلك، أخذت تُشطي هذه القطبية المنفردة إلى أقطاب أخرى، فالصراع خرج من مجال ضيق بين نظامين هيمناً على البشرية خلال خمسة وسبعين عاماً إلى مجال أنظمة متعددة ومختلفة، ومن دائرة عقائدية ممنطقة ومُعقلنة إلى مجال أنظمة وجودية فكرية ترتبط بمفاهيم مؤصلة في الذات البشرية، ذات ارتباط معيوش لا يكاد ينفصل انفصالاً كلياً عن الوجود البشري في ظهوره الشخصي مثل: العرق، الدم، الطائفة، الدين، العقيدة، التقاليد، وهي ومفاهيم تُمثل: قوى للصدام، أو هويات ثقافية أو حضارية، مؤهلة للتنازع والصدام والتصارع بها بين التعدديات الحضارية، أو القُطبيات المختلفة.
الصراع الجديد إذن صراع هويات ثقافية أو حضارية وهو الذي سيحكم العلاقات بين البشر، وفي الم يُوصف بأنه مائع ترى الناس (يبحثون عن الهوية والأمان، وعن جذور وصلات لحماية أنفسهم من المجهول)، ومع نهاية الحرب الباردة بدأت الدول في أنحاء العالم تتلمس الطريق نحو التجمع، وتجد هذه التجمعات مع دول لها نفس الثقافة ونفس الحضارة، بمعنى إن السياسة الكونية يعاد تشكيلها الآن على امتداد الخطوط الثقافية، الشعوب ذات الثقافات المتشابهة تتقارب والشعوب والدول ذات الثقافات المختلفة تتباعد، الإنحيازات التي تعتمد على الأيديولوجية والعلاقات مع القوى الكبرى تفسح الطريق لتلك التي تعتمد على الثقافة والحضارة، والحدود السياسية يُعاد رسمها لكي تتوافق مع الحدود الثقافية والعرقية والدينية والحضارية، المجتمعات الثقافية تحل محل تكتلات الحرب الباردة، وخطوط التقسيم بين الحضارات تصبح هي خطوط الصراع الرئيسية في السياسة العالمية.
إن إرادة البحث عن هوية والعودة إلى فيافيها، رغبة أفرزتها متغيرات العصر، ويلاحظ (هنتنجتون) أكثر من ذلك، فلقد شهدت مرحلة التسعينات انفجار (أزمة هوية كونية)، فأينما تنظر تجد الناس يتساءلون: (من نحن)؟، (لمن ننتمي)؟، (من هو الآخر)؟ وهي أسئلة مركزية، ليس فقط للشعوب التي تحاول أن تصوغ دولاً قوية جديدة، كما في يوغسلافيا السابقة، إنما على المستوى العام، هذه الأسئلة أثارت لدى الباحث أسئلة أخرى، الإجابة عنها تقتضي النظر إلى الوقائع في كليتها وشموليتها، فلماذا تُسهل العوامل الثقافية المشتركة من عملية التعاون والتلاحم بين الناس؟، هذا السؤال الذي يطره هنتنجتون يريد به التوصل إلى تفسير لأسباب تركز العلاقات بين البشر على أساس مبدأ أو مرجعية، ولغرض الإجابة عن هذا السؤال يرى:
1 ـ يوجد لدى كل الأفراد هويات متعددة، قد تتنافس مع بعضها، وقد تقوي من بعضها البعض، القرابة، المهنة، المؤسسة، الإقليم، التعليم، الحزب، الأيديولوجيا .. الخ.
2 ـ البروز المتزايد للهوية الثقافية على (المستويات الدنيا) قد يقوى بروزها على (المستويات العليا). 3 ـ الصراعات بين الجماعات الثقافية تتزايد أهميتها والحضارات هي الكيانات الثقافية الأوسع.
4 ـ البروز المتزايد (للهوية الثقافية) دفع القدرات الرائدة وقوة المجتمعات غير الغربية إلى إعادة تنشيط الهويات والثقافات الأصلية.
5 ـ أدى التحسن الذي حدث في مجالات الانتقال والاتصال إلى تفاعلات وعلاقات أكثر تكراراً واتساعاً وتناسقاً وشمولاً بين شعوب من حضارات مختلفة، ولذلك أصبحت هوياتهم الحضارية أكثر بروزاً.
6 ـ إن مصادر الصراع بين الدول والجماعات التي تنتمي إلى حضارات مختلفة كانت دائماً تولد صراعاً بين الجماعات كالسيطرة على الناس، الأرض الثروة، القوة، النسبية، أي القدرة على فرض القيم والثقافة والمؤسسات الخاصة على جماعة أخرى.
7 ـ الهوية على المستوى الشخصي، القَبَلي، العرقي، الحضاري، يمكن أن تعرف فقط في علاقتها بـ ((الآخر)) شخصاً آخر، قبيلة أخرى، جنساً آخر، حضارة أخرى.
8 ـ كلية وجود الصراع، فالكره شيء إنساني، ولتعريف النفس ودفعها يحتاج الناس إلى أعداء، منافسين في العمل، خصوماً في الإنجاز وفي السياسة، ومن الطبيعي أن لا يثق الناس في المختلفين عنهم ومَن لديهم القدرة على إلحاق الضرر بهم، بل يرونهم خطراً عليهم، حل صراع ما أو اختفاء عدو ما، يولد قوى شخصية واجتماعية وسياسية تؤدي إلى نشوء صراعات جديدة أو أعداء جُدد، نزعة الـ ((نحن)) والـ ((هم)) عامة تقريباً في السياسة، والـ ((هم)) في العالم المعاصر، وعلى نحو متزايد هم أُناس ينتمون إلى حضارة أخرى.
من كل هذا نلاحظ أن (هنتنجتون) لا يرى في انتهاء الحرب الباردة نهاية للتعدد، والانسجام والانفراد المتوقع بالكون محض وهم، التعدد وتأصيله في الكون البشري أصبح أكثر حقيقية وواقعية من ذي قبل، والحاجة إلى الذات والهوية والأصل والعرق والمجال المحدد أمست حاجة وجودية، لكنها تتركز في عالم اليوم بالهوية الحضارية، هذا الثابت هو أساس وجوهر الصراع والتنافس في حياتنا المعاصرة، والنزوع إلى الاختلاف بالطبع لا يلغي النزوع إلى التوحد والتوافق والانسجام.
ويرجح هنتنجتون الرأي بأن (أواخر القرن العشرين شهد انبعاثاً أو صحوة دينية في أنحاء العالم، وأدى ذلك إلى تقوية الاختلافات بين الأديان. ونظرته إلى المستقبل تُرجح انتصار الإسلام على المدى الطويل، فالمسيحية تنتشر أساساً عن طريق التحول، الإسلام ينشر عن طريق التحول والتناسل ونسبة المسيحيين في العالم ارتفعت إلى 30% في الثمانينات ثم استقرت وهي الآن تنخفض، وقد تصل إلى 25% من سكان العالم بحلول عام 2025م ونتيجة لمعدل الزيادة السكانية المرتفع جداً، فإن مسلمي العالم سيستمرون في الزيادة الكبيرة التي قد تصل إلى نسبة 20% من سكان العالم مع نهاية القرن الحالي وتفوق عدد المسيحيين بعد سنوات قليلة وربما تصل إلى نسبة 20% من سكان العالم بحدود سنة 2000).
إن عملية التأصيل الكونية هذه تتجلى بشكل واضح في الإحياء الديني الذي يجري في أجزاء كثيرة من العالم، خاصة ذلك الانبعاث الثقافي في الدول الآسيوية والإسلامية الناجم عن نشاطها الثقافي ونموها الديمغرافي، وتتبع هذه الصحوة في الجمهوريات الإسلامية كونها (رد فعل ضد العلمانية والنسبية الأخلاقية والانغماس الذاتي وإعادة تأكيد لقيم الانضباط والعمل والعون المتبادل والتضامن الإنساني، وهذا يعني على حد تعبير (وليم ماكنيل) حين يقول: إن إعادة تأكيد الإسلام مهما كان شكله الطائفي، يعني رفض النفوذ الأوروبي الأمريكي على المجتمع والسياسة والقيم المحلية، وهذا يؤشر على أن (صحوة الأديان غير الغربية هي أقوى مظاهر معاداة التغريب في المجتمعات غير الغربية، لكن الصحوة هنا ليست رفضاً للحداثة بل هي رفض للغرب والثقافة العلمانية النسبية المتفسخة المرتبطة به.
فالكتاب يرصد الصراع بين الاسلام والمسيحية على مدى قرون عديدة عبر التاريخ ويعالج الصحوة الاسلامية الحالية من جيش محمد في أندونسيا الى نيجيريا الى الشيشان الى البلدان العربية ويحذر الغرب من التدخل بشؤون المسلمين على طريقة أمريكا والتي ستدفع نحوالصدام, وهو ما قرأه هينكتون, حيث وقع الصدام في قلب أمريكا أوائل هذا القرن بعد سنوات معدودة من صدور كتابه، وان كنت أختلف مع الكاتب في رويته لحركة التاريخ ودوافعها وأسبابها , فما زال السبب الجوهري فيها من وجهة نظري هو الصراع الطبقي الذي ينكره هينكتون والذي يتمظهر على السطح بأشكال عدة تختلف باختلاف الزمان والمكان ، ولكنني لا أرى أن قابلة المجتمع الجديد هو العنف الثوري , بل هو الوعي الذي يفعل فعله في عصرنا الحالي كما فعل الرصاص في الماضي. وهنا أهمية الكتاب وقيمته عندي .
أن حضارات الجنس البشري بهوياتها الثقافية المتعددة تشترك جميعها في جانب إيجابي ، جانب الدعوة لاحترام الانسان وحقوقه , جانب رفض الجريمة والظلم والشر , جانب عدم قتل النفس البريئة ...الخ هذا الجانب الذي تجلت ثماره في الغرب وفي أمريكا بمظاهرات عارمة بلغ طولها عدة كيلو مترات وعددها فاق الملايين والتي قالت لا للحرب على العراق وكان العديد من شعاراتها داخل أمريكا معبر حدا . فالبديل عن الصراع " نظام قائم على الحوار بين الحضارات وعدم التدخل بشؤونها الداخلية.
وعلى هذا الأساس تُعد، الصحوة الثقافية والاجتماعية والسياسية العامة للإسلام اليوم التحدي الإسلامي الجديد، والحضارة الإسلامية تُعبر عن ثقتها بنفسها في تحدي الغرب بالاستناد إلى التعبئة الاجتماعية والنمو السكاني، هذا التحدي له آثاره على (عدم استقرار السياسة العالمية في القرن القادم).
يستقرأ (هنتنجتون) واقع حال هذه الأصولية ومُعطياتها، فقد 0لمست الصحوة كل مجتمع في العالم تقريباً، مع بداية السبعينات اكتسبت الرموز والمعتقدات والمبادئ والممارسات والسياسات والتنظيمات الإسلامية التزاماً متزايداً ودعماً في كل أنحاء العالم المكون من بليون مسلم والممتد من المغرب العربي إلى أندونيسيان ومن نجيريا إلى كازخستان، وقد اتخذت عملية بعث الروح في الأسلمة طريقها إلى الظهور من خلال ثلاث فئات، شأنها في ذلك شأن الحركات الثورية، وهي:
1 ـ الفئة الأولى: وتتكون من الطلاب والمثقفين الذين اجتاحا الاتحادات الطلابية، ثم الاختراق الإسلامي للجامعات في مصر والباكستان وأفغانستان وطلاب المعاهد الفنية وكليات الهندسة، ثم جيل التأصيل الثاني الذي عبر عن نمط جديد من الأسلمة في السعودية والجزائر. 2 ـ الفئة الثانية: جاءت من القطاعات الأكثر تقدماص في الطبقة المتوسطة كالأطباء والمحامين والمدرسين والموظفين في الدولة.
3 ـ الفئة الثالثة: من جماهير الإسلام الثوري كما يقول (روي): هم نتاج المجتمع الحديث القادمون الجدد إلى المدينة، ملايين الفلاحين الذين ضاعفوا وضاعفوا من عدد سكان المدن الإسلامية الكبرى، وهذا برأي هنتنجتون، استخلاص نظري، فالمهاجرون من المزارع والمكدسون في الأحياء العشوائية والحقيرة من المدن كانوا دائماً في حاجة إلى الخدمات الاجتماعية التي توفرها لهم المنظمات والمؤسسات الإسلامية وكانوا هم المستفيدين منها.
ومن ناحية ترتبط الصحوة الإسلامية بوضعية الحكومات الإسلامية فالعلاقة متداخلة ويحاول (هنتنجتون) استقراء مؤشراتها، فالحكومات التي تُمارس الحكم من منظور إسلامي عملياً هي قليلة في الآفاق الإسلامية، هناك إيران والسودان ودول الخليج العربي فضلاً عن دول أخرى خارج هذه الأطر الجغرافية، في السبعينات والثمانينات كان الصراع قائماً بين فكرة الديمقراطية الليبرالية والاتجاهات الإسلامية، لكن الحركات المتأسلمة تكتسب قوة في البلاد الإسلامية، التأسلم كان هو البديل العملي للمعارضة الديمقراطية للسلطوية في المجتمعات المسيحية، هذه الحركات إحتكرت غالباً عملية المعارضة للحكومات في الدول الإسلامية، ومن منظور (هنتنجتون) كانت قوة هذه الحركات تعود في جزء منها إلى ضعف مصادر المعارضة البديلة، والحركات اليسارية والشيوعية فقدت مصداقيتها ثم قل شأنها لدرجة كبيرة بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي والشيوعية العالمية، جماعات المعارضة الديمقراطية الليبرالية كانت موجودة في معظم المجتمعات الإسلامية لكنها كانت تقتصر عادة على أعداد محدودة من المثقفين وغيرهم من ذوي الارتباطات أو الجذور الغربية ومع إستثناءات قليلة كان الديمقراطيون الليبراليون عاجزين عن كسب الدعم الشعبي في المجتمعات الإسلامية، بل حتى الليبرالية الإسلامية فشلت في تكوين جذورها.
وبالمقارنة مع الأحزاب الديمقراطية فإن القوة الأصولية تنوعت عكسياً مع هذه الأحزاب، ومنها العلمانية والوطنية، هذه الأخيرة تبدو بلا قناع بينما الحركات الأصولية لديها غطاء شعبي واسع، فضلاً عن المؤسسات التي تدعمها .. ، وقوة الصحوة وجاذبية التأسلم أدتا إلى تبني الحكومات للممارسات الدينية ودمج رموزها في أنظمتها، وهو الأمر الذي يعني إعادة تأكيد الشخصية الإسلامية للدولة والمجتمع.
ومن وجهة نظر هنتنجتون هناك أسباباً لتعاظم القوة الإسلامية في مرحلة السبعينات والثمانينات ومنها، وهو الأهم، الطفرة النفطية التي حدثت في السبعينات حيث حفزت الصحوة الإسلامية وزدتها بالوقود، هذه الطفرة زادت لدرجة كبيرة من ثروة وقوة كثير من الدول الإسلامية ومكنتها من أن تعكس اتجاه علاقة السيطرة والتبعية التي كانت بينها وبين الغرب.
الصراع إذن حقيقة موضوعية عامة بين الشعوب، وأسباب(الصراع المتجددة بين الإسلام والغرب توجد في الأسئلة الأساسية للقوة والثقافة، مَن الفاعل ومَن المفعول به .. ، مَن الذي يجب أن يحكم، ومَن الذي يجب أن يكون محكوماً؟ .. )، وبما أن النم السكاني والثراء الاقتصادي يمثلان قوة أساسية عبر التاريخ، فإن(مستوى الصراع العنيف بين الإسلام والمسيحية، عبر الزمن كان يتأثر دائماً بالنمو الديمغرافي هبوطه، كذلك بالتطورات الاقتصادية والتحول التكنولوجي وشدة الإلتزام الديني، والعلاقات بين الإسلام والمسيحية، سواء الأرثوذكسية أو غيرها، كانت عاصفة غالباً، كلاهما كان (الآخر) بالنسب للآخر، وصراع القرن العشرين بين الديمقراطية والليبرالية والماركسية واللينينية ليس سوى ظاهرة سطحية وزائلة إذا ما قُرون بعلاقة الصراع المستمر بين الإسلام والمسيحية، أحياناً كان التعايش السلمي يسود، غالباً كانت العلاقة علاقة تنافس واسع مع درجات مختلفة من الحرب الباردة وهذا يعني إن (الإسلام ه الحضارة الوحيدة التي جعلت بقاء الغرب موضع شك .. ).
وعلى مدى القرون الماضية كان الصراع بين الإسلام والغرب يتركز في مظاهر أو ظواهر تطلع إلى الواجهة دون غيرها، وفي أواخر هذا القرن كانت الصحوة الإسلامية، ولكن وراء هذه الظاهرة أسباباً أو عوامل متشابهة كما يرى (هنتنجتون) زادت من حدة الصراع بين الإسلام والغرب ومنها:
1 ـ خلف النمو السكاني الإسلامي أعداداً كبير من الشبان العاطلين والساخطين الذين اصبحوا مجندين للقضايا الإسلامية ويشكلون ضغطاً على المجتمعات المجاورة، كهجرة الشبان المسلمين إلى دول الغرب.
2 ـ أعطت الصحوة الإسلامية ثقة متجددة للمسلمين في طبيعة وقدرة حضارتهم وقيمهم المتميزة مقارنة بتلك التي لدى الغرب.
3 ـ كذلك جهود الغرب المستمرة لتعميم قيمه ومؤسساته من أجل الحفاظ على تفوقه العسكري والاقتصادي والتدخل في الصراعات داخل العالم الإسلامي ولدت إستياءً شديداً بين المسلمين من الغرب.
4 ـ سقوط الشيوعية أزال عدواً مشتركاً للغرب والإسلام وترك كلاً منهما لكي يصبح الخطر المتصور على الآخر.
5 ـ الاحتكاك والامتزاج المتزايد بين المسلمين والغربيين يثير في كل من الجانبين إحساساً بهويته الخاصة وكيف إنها مختلفة عن هوية الآخر، وهو ما يفاقم الخلافات حول حقوق أبناء حضارة في دولة يُسيطر عليها أبناء حضارة أخرى، في الثمانينات والتسعينات إنهار بشدة ذلك التسامح بالنسبة للآخر في كل من المجتمعات الإسلامية والمسيحية.
إن هذه العوامل المشتركة، أي القائمة على أساس علائقي، ليست سوى ملامح تحيل إلى التشاؤمية في مستقبل العلاقة بين الإسلام والغرب، فمن المرجح أن تكون علاقات الغرب بالإسلام متوترة على نحو ثابت وعدائية جداً في معظم الأحوال.
وعلى المدى القادم فإن (العلاقة بين قوة وثقافة الغرب وقوة وثقافة الحضارات الأخرى هي السمة الأكثر ظهوراً في عالم الحضارات، ومع زيادة القوة النسبية للحضارات الأخرى يقل التوجه نحو الثقافة الغربية وتزداد ثقة الشعوب غير الغربية بثقافاتها الأصلية والالتزام بها)، لكن الغرب سيُعاني من مشكلات عديدة في هذا الاتجاه، فالمشكلة الرئيسية (في العلاقات بين الغرب والباقي بالتالي هي التنافر بين جهود الغرب لنشر ثقافة غربية عالمية وانخفاض قدرته على تحقيق ذلك)، ومن ذلك أيضاُ نُلاحظ مع هنتنجتون إنه (طالما أن الإسلام يظل و (سيظل) كما هو الإسلام، والغرب يظل (وهذا غير مؤكد) كما هو الغرب فإن الصراع الأساسي بين الحضارتين الكبيرتين وأساليب كل منهما في الحياة سوف يستمر في تحديد علاقتيهما في المستقبل كما حددها في مدى الأربعة عشر قرناً السابقة). إن هنتنجتون في نظريته (الصدام) يتوقف عند حدود بروز جهويات الإنسان الجديدة القديمة في نهاية القرن، وهي: العرق والتدين الطائفي وبمستوى أعم الهوية الثقافية أو الحضارية التي يقودها إلى حيز الصراع أو الصدام عنوة، وذلك بالاستناد إلى وقائع وأحداث إن هي إلا متغيرات يعدها هنتجتون مؤشرات تغير سيقع في المستقبل وهو الصدام المتوقع بين الغرب وبين الإسلام ضمن تصور صراعي أو صدامي بين حضارات متعددة هي التي تكوّن عالم اليوم.
إن فكرة (التصادم) إذن قديمة قدم الوجود الإنساني، وهي تتأثر بشكل أو بآخر بثقافة العصر وبطبيعة العلاقات الدولية في المجتمع الإنساني فضلاً عن تغيرات الفكر العلمي والفلسفي، أما فكرة التصادم في الأدبيات الغربية، الفكرية والسياسية والفلسفية والتي تطرح العلاقة بين الشرق والغرب كونها علاقة تصادمية، أو ستكون كذلك فإنها طرحت قبل هنتنجتون، كتحصيل حاصل لنظريات أو تصورات تفسيرية تستشرف العلاقة بين الشرق والغرب عامة والإسلام والغرب خاصة، وقد وجدنا أن روجيه غارودي الفيلسوف الفرنسي طرح فكرة التصادم، ولو بشكل سريع، يقول غارودي في مطلع كتابه: (الأصوليات المعاصرة، أسبابها ومظاهرها)، إن الأصوليات كل الأصوليات أكانت تقنوقراطية أم ستالينينية، مسيحية يهودية أم إسلامية، تشكل اليوم الخطر الأكبر على المستقبل، فانتصاراتها، في عصر لم يعد لنا فيه الخيار إلا بين الدمار المتبادل والأكيد وبين الحوار، يمكناه أن تحبس كل المجتمعات البشرية في مذاهب متعصبة منغلقة على نفسها، وبالتالي متجهة نحو المصادمة، كما إن هناك العديد من الباحثين والمفكرين الغربيين قد استشرقوا رؤية التصادم القادم بين الغرب والإسلام، وقد اعتمد هنتنجتون طروحاتهم لتعزيز تفسيره للصراع الحضاري القادم.
إن هنتنجتون لا ينظر إلا إلى الجوانب السلبية من ظهوريات الإسلام أو الأسلمة في العالم الآخذة بالازدياد، وهو في الوقت الذي يتابع ظهوريات الإسلام في الدول الغربية، وذلك أمر مهم، نراه يركز على أحداث ووقائع تعكس عنف العلاقة بين الغرب والإسلام، وهل فاته أن هذه الأحداث هي نتاج لماكنة السياسة الغربية في العالم، إن ما حدث عام 1991 حين شنت القوات العسكرية الأطلسية حربها الشعواء المدمرة ضد العراق، وطناً وشعباً، كان نتاجاً لقصدية سياسية ستراتيجية غربية في المنطقة، كما أن ما حدث وما زال يحدث وما زال في كوسوفو هو الآخر نتاجاً لإرادة سياسية بالدرجة والأساس، وقد اعتاد الغرب أن يتحين الفرص ويصطاد الأفكار، ويُنضد الايديولوجيات المرحلية ليصل بها إلى حالة التصارع الحضاري، أو الثقافي، إن المهم والأساس بالنسبة للغرب هو مصالحه الاقتصادية وتأمين احتياجاته المادية لحياته لا أكثر.
خاتمة:
بعد انتهاء الحرب الباردة بدأ الترويج للنموذج الغربي على أوسع نطاق والترويج لعصر العولمة التي تحقق الرخاء والتقدم وتزيل الفروق بين بني البشر.
لكن الواقع هو أن الشعوب ازدادت إحساساً بالظلم وبالقهر، واتسعت الشقة بين الطبقات الاجتماعية، وبين الدول، وساهمت وسائل الإعلام العالمية (التي تروِّج لنمط عيش واحد وثقافة واحدة) في جعل هذه الشقة واقعاً ملموساً ومعيشاً ومؤلماً في أنحاء الأرض قاطبة.
أما عن الوضع المتفجر في الشرق الأوسط، فهنا تصير كل القوى الدولية عاجزة عن فرض حلٍّ يحقق العدالة، ويحمي المدنيين، ويعيد الكرامة لمن جُرِّدت منه أرضُه، فبقيت هويَّتُه – وهي المستهدفة اليوم... ليست هذه القراءة لوضع العالم قبل 11 أيلول بالأشمل والأعمق، ولكنها، بلا شك، صورة قاتمة ومثيرة للقلق! وبعد، فماذا يمكن أن نتعلم من 11 أيلول؟ وما هي طبيعة الرسالة التي يمكن أن يحملها حدث من هذا النوع؟ وهل أتت أحداث 11 أيلول لتؤكد صحة نظرية هنتنغتون في "صدام الحضارات" وتبرهن عليها، بحيث تصير فصلاً من فصول الصراع بين الإسلام والغرب؟
فهنتنغتون بشر بان هناك كتلتين حضاريتين: الحضارة الغربية، من جهة، وكل الحضارات الأخرى اللاغربية، من جهة أخرى؛ وهو يعدد: الحضارات الغربية، الصينية، اليابانية، الهندوسية، الإسلامية، المسيحية، الأرثوذكسية، الأميركية اللاتينية، الأفريقية.
لقد تجاهل هنتنغتون في كتابه صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي وجود العالم العربي: فهو يعتبر أن الحضارة الإسلامية تتكون من "حضارات تحتية، هي الإيرانية والتركية والعربية والملاوية، ويتناسى الاختلافات بين هذه المكوِّنات، ومضامين هذه الاختلافات، وينسى أن هناك أكثر من حركة إسلامية! فكل المعطيات الجغرافية والسياسية والثقافية اليوم تشير إلى أنه لم يعد بالإمكان التحدث عن حضارة إسلامية تشكل جملة سياسية واقتصادية وعسكرية واحدة من شأنها أن تشكل تهديداً لأيٍّ كان! ويمكن بسهولة أن نكتشف، عندما نقرأ خارطة التحالفات الكاريكاتورية التي يرسمها هنتنغتون، أنه انطلق من تساؤله عما يمكن أن يشكل تهديداً للغرب، ومن ثم بنى نظريته وفقاً لإجابة شبه جاهزة وضعها مسبقاً.
ويبقى النقد الأساسي الذي يمكن توجيهه لمقاربة هنتنغتون هو أن الدين ليس العامل الوحيد الذي تتشكل حوله الحضارات، ولا هو بالعامل النهائي والمحدِّد لحدوث الصراعات. كما أنه يفترض أن هذه القراءة التي تستند إلى الأنموذج الحضاري – وهو المفهوم الذي استعاره من توماس كون- تسمح له بالتنبؤ بما سيحدث في المستقبل. ولكنها قراءة ضعيفة وتبسيطية إلى حدٍّ كبير، تفترض ضمناً حتمية الصراع وجمود البنى الحضارية والثقافية والاقتصادية التي يتم تناولها.
يقول هنتنجتون" إن للاختلاف الثقافي طابعا "جوهريا" لأنه : " يحدد العلاقات بين البشر والإله, وبينهم وبين الطبيعة والسلطة، وكل ما يؤدي إليه مثل هذا "الاكتشاف" هو إغلاق الأبواب المفتوحة, واختزال الثقافة واعتبارها مرادفا للعقيدة الدينية وافتراض أن كل ثقافة بالضرورة تطور مفاهيمها الخاصة للعلاقات موضوع البحث بطريقة جد مختلفة عن الثقافات الأخرى. ولكن التاريخ الفعلي للبشر يبين أن المفاهيم الدينية تتمتع بدرجة عالية من المرونة, أكثر بكثير مما يفترض. فقد اندرجت العقائد الدينية نفسها داخل أنظمة أيديولوجية يتشابه بعضها ويتباين البعض الآخر طبقا لظروف مستقلة عن المفاهيم الثقافية ذاتها.لقد فسّر دعاة النزعة الثقافوية السيئون _هل يوجد دعاة خيّرون ؟_ التخلف الصيني بالأمس,
وتطوره المتسارع اليوم بالكونفوشيوسية ذاتها. والعالم الإسلامي الذي بدا لكثير من المؤرخين في القرن العاشر, ليس أكثر بهاء, ولكن أيضا أكثر قدرة على التقدم من أوروبا المسيحية أثناء الفترة نفسها, كيف يمكن تفسير انقلاب الأوضاع فيه ؟ هل هو الدين (أو بدقة أكثر تفسيره الاجتماعي), أم شيء آخر, أم كلاهما معا ؟ وكيف تتفاعل هذه العناصر المختلفة للواقع مع بعضها ؟ وما هو العنصر الفاعل المحرّك لباقي العناصر ؟ أسئلة كثيرة لا تبالي بها النزعة الثقافوية حتى في صيغها الأكثر انضباطا من الصيغة التي يقدمها "هنتنجتون", وهي بالمناسبة صيغة شديدة الابتذال: "الثقافات هي الثقافات, وكل ثقافة منها تتسم بالخصوصية والاختلاف انتهى.
ولكن أي الثقافات نتكلم عنها ؟هل هي تلك التي يحددها الفضاء الديني, أم فضاء اللغة, أم فضاء الدولة الوطنية, أم فضاءالأقاليم المتجانسة اقتصاديا, أم الأنظمة السياسية ؟ لقد اختار هنتنجتون بوضوح "الدين" كأساس للمجموعات السبع التي يحددها:غربية (كاثوليكية وبروتستانتية)،)المسلمون) (أتباع كونفوشيو (مع أن الكونفوشيوسية ليست دينا).اليابان ) ويبدو أنه لا يعرف كيف يميّز بين الكونفشيوسية والشنتوية) الهندوس) (البوذيون)( المسيحيون الأرثوذكس(

يبدو واضحا أن التبويب الذي يقدمه "هنتنجتون" يلائم الاعتبارات السياسية في عالم اليوم. وهذا هو السبب, بلا شك, الذي جعله "يفصل" اليابانيين عن أتباع كونفوشيوس الآخرين, والمسيحيين الأرثوذكس عن الغربيين (لأن الإستراتيجية الأمريكية التي يعمل "هنتنجتون" في خدمتها ترى قضية اندماج روسيا في أوروبا كابوسا حقيقيا), ويتجاهل وجود الأفارقة, سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو وثنين, مع أن لديهم خصوصياتهم (هذا السهو يعكس اللامبالاة العلمية والتحيز العنصري السافر الذي أعماه عن وجودهم), ويتجاهل حتى سكان أمريكا اللاتينية (وبما أنهم مسيحيون, فهل هم غربيون كالغرب ؟ إذن, لماذا هم متخلفون ؟
يتبدَّى لنا أيضا وبسهولة أن هنتنغتون يمحو الشخصية العربية في إطار الشخصية الإسلامية؛ وهو أصلاً لا يتناول العالم العربي، رغم أن هذا العالم يشكل وحدة ثقافية وجيوسياسية متعارفاً عليها ومعترفاً بها، مثلما يخلط بين الإسلام وبين التيارات الإسلامية الأصولية. إذاً يمكن القول، في نهاية الأمر، أن هنتنغتون يرى في الإسلام والعرب والتيارات المتطرفة تعبيراً عن هوية واحدة وتطلُّع واحد!
ومن الصعب بمكان أن يستعرض المرء قائمة التصنيفات السخيفة في هذا العمل الذي يعتمد على القص واللصق, والذي ينبغي التعامل معه كخطاب مركزي امريكي من الدرجة الثالثة، فهنتنجتون" يبذل جهدا جهيدا للوصول إلى الاكتشاف العجيب بأن ستا من المجموعات السبع في تصنيفه تجهل القيم الغربية, والتي يدرج "هنتنجتون" في إطارها خليطا من القيم المتباينة, بعضها يرتبط بالرأسمالية (السوق), والبعض الآخر يرتبط بالديموقراطية. لكن هل السوق أسوأ في اليابان غير الغربية عن ما هي عليه في أمريكا اللاتينية المسيحية, أو في المناطق المسيحية جنوب الصحراء في أفريقيا ؟

ألا يعلم الجميع أن آليات السوق وممارسة الديموقراطية ظاهرتان حديثتان في الغرب نفسه ؟هل تجد المسيحية في العصور الوسطى نفسها في هذه القيم المسماة بالغربية ؟لا شك أن الأيديولوجيات _وخاصة الدينية منها_ ظواهر اجتماعية هامه, لكن هذا القول ليس أكثر من قول بديهي.....

وأنا مقتنع بأن سيادة الثقافة الرأسمالية (وليس الغربية) هي التي أفرغت الثقافات القديمة من محتواها. فالثقافة الرأسمالية الحديثة حلت محل الثقافات القديمة (بما فيها مسيحية القرون الوسطى في أوروبا وأمريكا الشمالية والكونفوشيوسية في اليابان) في بلدان المركز التي اتخذت الرأسمالية فيها أشكالا مركزية متطورة. إلاّ أن انتشار الرأسمالية في مناطق الأطراف لم ينجح تماما في إلغاء أثر الثقافات القديمة, أو في توظيفها توظيفا شاملا على غرار ما تم في المراكز.

وهذا الاختلاف لا يعود إلى خصوصيات ثقافية محددة (قدرة الثقافات "غير الغربية" على الصمود) بقدر ما يعود إلى أشكال التوسع الرأسمالي الذي أنتج أساسية جديدة بين مراكز المنظومة الرأسمالية وأطرافها.
كشفت الرأسمالية, في توسعها العالمي, عن تناقض شديد بين قولها بالعالمية, وبين الاستقطاب الذي تنتجه في الواقع المادي. وقد أدى التناقض إلى إفراغ القيم التي تتحدث الرأسمالية الحديثة عنها باسم العالمية (الفردية, الحرية, المساواة, العلمانية, حكم القانون, إلخ) من أي مضمون حقيقي, حتى بدت هذه القيم لضحايا النظام كأنما هي أكاذيب, أو قيم خاصة "بالغرب" فقط.

إ ن الاستعمار والنزعة الثقافوية رفيقا فراش منسجمان، فالاستعمار يعبر عن نفسه في الثقة المتغطرسة بأن "الغرب" قد وصل إلى نهاية التاريخ, وان الصيغ التي أبتكرها لإدارة الاقتصاد (الملكية الخاصة, السوق) والحياة السياسية (الديموقراطية) والمجتمع (الحرية الفردية) نهائية وغير قابلة للتجاوز. وهو لا يرى التناقضات الحقيقية التي يمكن ملاحظتها في كل مكان, وعندما يراها فإنه ينسبها إلى فعل القوى "غير العقلانية" التي ترفض عبثا الخضوع للعقلانية الرأسمالية.وفي هذا السياق يصبح الخيار أمام كل الشعوب الأخرى هو: إما قبول القيم الغربية بشكلها المتحقق في الرأسمالية القائمة أو الانعزال داخل الخصوصيات الثقافية الموروثة.

فالعالم العربي تبنَّى مع بدايات القرن العشرين الكثير من جوانب الحضارة الغربية، الثقافية والسياسية والاقتصادية. (فكرة القومية، مثلاً، بأشكالها المختلفة، تضرب بجذورها في الفكر الأوروبي.) ولكن هذا التبنِّي الذي لم تكتمل معالمُه أُجهِضَ بسبب الامتحانات المبكرة والمتكررة التي تعرَّض لها. وهكذا انقطع الحبل السري الذي يربط العالم العربي بعصر الأمة الإسلامية وعصر الخلافة (الذي يعتبره كثيرون عصراً ذهبياً إذا ما قورن بما يعيشه العالم العربي اليوم!)، كما فشل العالم العربي في السير على سكة التطور والتقدم. لذلك يجد بعضهم أن الغرب هو المسؤول عن تفتت الدولة الإسلامية؛ بينما يجد آخرون أن الغرب هو المسؤول عن فشل عملية تحرر العالم العربي وتطوره.
وبعد هذه القطيعة التاريخية جاءت العولمة لتيسِّر انتقال الأفكار والثقافات والإعلام ورؤوس الأموال، فوضعت المنطقة في مواجهة أفكار جديدة وتحديات بكر لم تكن مستعدة لها وتتعارض مع كل ما توارثتْه ومع كل ما يجثم في لاوعيها الجمعي. وهذا ما نجمت عنه أزمة ثقافية واقتصادية وسياسية حادة انبثقت منها أزمة هوية عميقة، ارتدَّ من جرائها الناس إلى تقليدهم وتراثهم ومعتقداتهم الدينية، مع رفض قاطع ونهائي لكل ما يأتي من "الآخر".
وأمام تراكم الإحباطات والهزائم والنكسات، والانشغال بالخلافات الداخلية والخارجية، وعجز البنى الاجتماعية والسياسية القائمة عن تقديم حلول أو عن تصور مثل هذه الحلول، صار العدو الخارجي حجَّة ومسوِّغاً: فهو سبب فشلنا الدائم، وهو مصدر كل علة! وقد استُغِلَّ هذا الوضع لتأجيج مشاعر الحقد والكراهية على حساب العمل على قيام وعي جديد يتعاطى بحكمة وموضوعية ومسؤولية مع المستجدات الاقتصادية والجغرافية والسياسية والثقافية.
فقد فشل العالم العربي في تطوير حلٍّ يساعد مجتمعاته على الخروج من أزمتها؟فهل سيأتي الحل السحري من الخارج؟ هل يمكن أن تكون أحداث من نوع 11 أيلول هي الحل الممكن؟ هل يمكن لأحداث من هذا النوع أن تكون هي مساهمة العالمين العربي والإسلامي في مسيرة التطور الإنساني؟ وهل يُخرِج هذا النوع من الأحداث "الأمةَ" من ضعفها وتخلُّفها؟ قطعاً لا...
من جهة أخرى، لا بدَّ من الاتفاق على أن الردَّ على"الإرهاب" لا يكون بتقسيم العالم إلى "محور خير" و"محور شر"، وعلى أن الردَّ على التطرف لا يكون بمزيد من التطرف، وعلى أن مكافحة العنف لا تتم بمزيد من العنف. لا بدَّ للقوى العظمى من أن تخرج من حالة النرجسية وتضخم الأنا، وأن تبحث بعمق في أسباب الخوف والقلق. وهذا يفترض، في جملة ما يفترض، أخذ هواجس العالمين العربي والإسلامي بالحسبان، وعدم الخلط بين الإسلام كدين، من ناحية، وبين الحضارة الإسلامية، من ناحية أخرى، وبين التيارات الاصولية او المتطرفة، من ناحية ثالثة. وإذا كان تحقيق الأمن وحفظه يتطلب خطة دولية فلا غضاضة في ذلك؛ ولكن فلنبدأ بالحدِّ من التسلح ومن صناعة الأسلحة وتجارتها. فالأمن ليس منع الإرهابيين من القيام بعملياتهم فحسب؛ والأمن ليس السلام. الأمن الحقيقي يتطلب تحقيق الأمن الاقتصادي و الاجتماعي والغذائي والصحي والثقافي؛ الأمن هو أن يحصل كل فرد وكل مجتمع على حقوقه وحاجته من الغذاء والصحة والتعليم – التعليم الذي يضمن حرية التفكير والشعور والتخيل؛ التعليم الذي يعلِّم الفرد أن ينتج وأن يتكامل، لا أن يلهث وراء الاستهلاك وأن يتصارع من أجل الكسب – وكلُّ ذلك دون ضغوط ودون استغلال، مع إتاحة الفرصة للجميع لكي يعبِّروا عن شخصيتهم وهويتهم، ومع إفساح المجال أمام الجميع للمشاركة في عملية التطور.
ونهايةً لا أعتقد أنه يمكن القول بـ"صدام الحضارات" وإذا كان التبسيط يقود العديدين إلى تبني هذه النظرية فلا بدَّ لنا أن نكرر أن الحضارات لا تقوم على البعد الديني وحده، وأنه لا توجد أصلاً حضارة نقية خالصة، فالحضارات تستوطن وتهاجر، الحضارات تتلاقى وتتعانق وتتحاور، الحضارات تتزاوج وتنجب وتنمو وتشيخ... وإذا كان هناك من حضارة خالصة فهي حضارة الإنسان. فكلنا يعرف اليوم أنه يمكن لأية صورة أو معلومة أو فكرة أو خبر أو دعاية أن تنتقل بطرفة عين إلى العالم بأسره، بواسطة الأقمار الصناعية، أو عبر الفضاء السيبري لشبكة المعلومات العالمية الانترانت. تلك الحاضنة العقلية الكوكبية التي تتلاقى فيها العقول الفردية والجماعية لتوجِد تكوينات اجتماعية أعقد وأرقى، تتمخض، بدورها، عن وعي إنساني فائق؟!



#صلاح_عبد_العاطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخادعون والمخدوعون
- المشاركة السياسية في المجتمع العربي
- إلف.. باء الحريات.. في مجتمع تتراجع فيه الحرية
- المرأة الفلسطينيةبين الواقع والطموح
- الواقع الاجتماعي والثقافي للشباب الفلسطيني
- الاستيطان الصهيوني في فلسطين حتى عام 1948
- مشروع الشرق الأوسط وتداعياته على الأمن القومي العربي
- المرأة الفلسطينية بين الواقع والمأمول
- الصهيونية المسيحية الأصولية الأمريكية المعاصرة
- كلام عن الحرية.. العزلة .. الانكشاف
- الاقليات وحقوق الانسان في المجتمع العربي
- الحركة السياسية الفلسطينية -دراسة تطبيقية- حركة القوميين الع ...
- العلمانية والأصولية في المجتمع العربي
- الموقف القانوني من الانفصال احادي الجانب واعادة الانتشار لقو ...
- الحماية الاجتماعية بين الحاجة .. و الإطار القانوني
- الفلتان الأمني .. ظاهرة خطف الأجانب.. تلحق أفدح الضرر بالقضي ...
- العمل النقابي في فلسطين ... بين الواقع والطموحات؟؟
- السلم الأهلي و نبذ العنف في القانون الأساسي والمواثيق الدولي ...
- المرأة والقانون
- المرأة الفلسطينية والمشاركة السياسية والاجتماعية


المزيد.....




- بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
- بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
- -وسط حصار خانق-.. مدير مستشفى -كمال عدوان- يطلق نداء استغاثة ...
- رسائل روسية.. أوروبا في مرمى صاروخ - أوريشنيك-
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 80 صاورخا على المناطق الشم ...
- مروحية تنقذ رجلا عالقا على حافة جرف في سان فرانسيسكو
- أردوغان: أزمة أوكرانيا كشفت أهمية الطاقة
- تظاهرة مليونية بصنعاء دعما لغزة ولبنان
- -بينها اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية -..-حزب ال ...
- بريطانيا.. تحذير من دخول مواجهة مع روسيا


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح عبد العاطي - قراءة نقدية في كتاب -صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي-