أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جان كورد - متى يعلنون وفاة الحركة التصحيحية ؟!















المزيد.....


متى يعلنون وفاة الحركة التصحيحية ؟!


جان كورد

الحوار المتمدن-العدد: 620 - 2003 / 10 / 13 - 03:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


جان كورد / ألمانيا

عندما حدث إنقلاب الحركة التصحيحية التي قادها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عام 1970 كنت في معتقل الآمرية التابع للقوات الجوية على الرغم من أنني لم أكن قد خدمت الجيش بعد ولم تكن لي أي علاقة بالقوات المسلحة أو الجوية منها، وحقاً ما كنت أعلم أين أنا وفي أي معتقل إلا بعد أن نقلت من هناك إلى سجن المزة العسكري فيما بعد.                                                                                                     
           
كان يتناهى لسمعي وأنا في زنزانتي الإنفرادية في معتقل الآمرية التي لا أعلم حتى الآن أين موقعا من دمشق صوت مذياع من بعيد وهو يذيع بعض الأغاني الفيروزية والأخبار ومرة واحدة سمعت صوت أغنية كردية غمرت قلبي أملاً وفرحاً ربما كان مصدره جهاز تسجيل، وما عدا ذلك كنت أجهل ما إذا كان الوقت مساءً أو صباحاً أو ظهراً.. وفي وقت من الأوقات سمعت خبراً من راديو لندن : " وقع يوم الجمعة الفائت في سوريا إنقلاب بقيادة الجنرال حافظ الأسد الذي يعتبر موالياً للغرب ضد قيادة حزب البعث اليسارية الموالية للاتحاد السوفييتي وقوات اللواء صلاح جديد تحيط بدمشق بالدبابات.."                                                                                                                                
                                                                                                                                                              
بعد خروجي من السجن بأيام دعاني صديق لرؤية فيلم روسي يعرض في حلب يروي قصة مزارع روسي يبحث عن ولده الذي أرسله الشيوعيون للحرب العالمية الثانية، فيخرج من بيته باحثا عن فلذة كبده ويرى في طريقه فظائع الحرب وكيف أنها تهلك الحرث والنسل ولا يفهم لماذا كل هذا الخراب والدمار ولماذا تحرق المزارع وتهدم البيوت، ويحاول جاهدا إطفاء النار التي أتت على حقل قمح بمعطفه فيفشل، وفي النهاية ينخرط في تلك الحرب دون أن يقتنع بها أبدا.. فذهبنا معا إلى دار سينما وأول ما عرض في تلك الدار كان شريطا وثائقيا قصيراً بلا ألوان يصور لقاء الرئيس الراحل وهو ببذلته العسكرية مخاطباً الوفود في تجواله. ولا أزال أتذكّر جملة ترّن في أذني حتى الآن كان يرددها قائد الحركة التصحيحية: "إنها حركة للشعب لكل الشعب!" والجماهير تصفق متوهمة أن عهد البعث (اليساري) الدموي وصاحب الانقلابات المتلاحقة في فترة قصيرة والذي حوّل سوريا إلى سجن رهيب قد انتهى إلى الأبد بقدوم رئيس الحركة التصحيحية حافظ الأسد.                                                       
                                                                                                                         
ومضت الأيام بين آمال وآلام من كل الصنوف، فإذا بالحركة التصحيحية تتحول إلى جليد على صدر الشعب السوري، فاستمر منع الحريات السياسية ومنع الحركة الاقتصادية باسم النظام الاشتراكي ومنع النشاطات الثقافية غير المرتبطة بالحزب الحاكم أو غير الموالية للنظام، وتحول النظام إلى حكم عائلي وطائفي، بحيث نعم أبناء منطقة من سوريا بالكثير من الخيرات وحرمت مناطق أخرى من كل شيء، ولنا في مناطق الساحل السوري والجزيرة مثالان صارخان، فالأولى أصبحت في وضع اقتصادي سياحي مزدهر والأخرى صارت خرابا في خراب..وأصبح "الجيش العقائدي" أداة سياسية قمعية لهذه التركيبة العسكرية الحزبية وحارسا لها بدل أن يكون حاميا لتراب الوطن، فعجز عن تحرير شبر من الأراضي السورية التي تم احتلالها في حرب عام 1967 مما خلق نوعا من التذمّر الذي خلق رد فعل قوي وصلت من جرائه البلاد بعد سنوات عجاف إلى حرب أهلية طاحنة راح ضحيتها آلاف من أبناء الوطن الواحد أطاحت بكل احتمالات التقدم الاقتصادي ، إذ اقتحمت قوات النظام مدينة حماة لتحولها إلى مذبحة كارثية، كما اقتحمت قوات خاصة سجن تدمر العسكري لتمارس مذبحة أخرى راح ضحيتها أيضا آلاف السجناء السياسيين والمواطنين المعتقلين، مما خلق شرخا كبيرا بين أبناء الوطن وصراعا مستمرا لا يستكين اتخذ مع الأسف العنف وسيلة له مقابل قمع رهيب وسجون رهيبة وتعذيب وحشي وتشتيت عوائل وخطف رجال للتخلص منهم سراً في أقبية المعتقلات السرية أو رميهم وراء القضبان لأكثر من عشرين سنة، بل وأحيانا حتى الممات في أوضاع نفسية وصحية مأساوية كما جرى للعديد من أقطاب الحزب الحاكم نفسه مثلما حدث للمعارضين الشيوعيين والإسلاميين على حد سواء...كما طبقت في عهد الحركة التصحيحية مشاريع عنصرية على الشعب الكردي في محاولة إجرامية للقضاء على وجوده القومي وتعريبه باتباع سياسة شوفينية  على كافة الأصعدة، وهو شعب يشكّت ثاني قومية بعد القومية العربية في البلاد وله تاريخ نضالي مشرّف ضد الاستعمار وفي بناء وصيانة استقلال البلاد باعتراف زعماء سوريين كبار مثل رئيس الجمهورية السورية شكري القوتلي ورئيس الجمهورية البعثي محمد أمين الحافظ وغيرهما.                                                                               
                                                                                                                    
وسجلت الحركة التصحيحية خلال عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد على الصعيد السياسي فشلاً في فشل وتراجعاً بعد تراجع على الصعيد الاقتصادي وتركت وراءها آثار نزيف اجتماعي لاتزال ظاهرة للعيان في مختلف أنحاء البلاد، ومع ذلك رفضت التراجع عن أخطائها واعادة النظر في سياساتها التي جلبت لها الكوارث العديدة ومنها السياسة الخاطئة في لبنان، حيث لاتزال سوريا تؤكّد على حقها القانوني في البقاء على أرض دولة مجاورة ذات سياسة واستقلال متذرعة بذرائع عديدة، على الرغم من أن هذه السياسة قد تجلب لها دماراً و انهياراً سياسيا بل قد تنتهي بحرب تدمر النظام وتسحقه كما دمّر وسحق النظام البعثي الآخر في العراق.                                                                                                                                         
                                                                                                                  
ثم قضى رأس النظام نحبه كسائر أبناء البشر مخلّفاً وراءه عديداً من التماثيل العملاقة وشريحة من المنتفعين المتطفلين على قوت الشعب من وزراء وقادة عسكريين وإداريين وحزبيين ورجال أمن وصيتاً سيئاً في مجال خرق حقوق الإنسان وكبت الحريات السياسية، إضافة إلى بلاد تشبه من كل الجوانب خرائب مدين وسبأ، تصل فيها نسبة العاطلين عن العمل إلى درجة تثير الرعب في أوساط الاقتصاديين، وخزينة تترنح تحت وطأة الديون، وجيشاً صدئت أسلحته، وقوانين واجراءات ومراسيم تتطلب في مجملها التعديل أو التغيير الكلي أو الإلغاء، إضافة إلى استشراء الفساد الإداري والرشوة والمحسوبية على مختلف المستويات و...و...و.. بحيث لم يعد أحد يحسد الرئيس الشاب الدكتور بشار الأسد الذي ورث الجمهورية المفلسة عن أبيه على هذا المنصب الذي تقلّده في حركة دستورية بهلوانية لامثيل لها في أي مكان من العالم، بل يعتقد بعض المراقبين بأنه قد يتخلى بسرعة عن مشاريعه الإصلاحية لأنها لا تجدي نفعاً ولاترقع خرقاً في الثوب المهترىء فيترك الحكم ويعود إلى وظيفته كطبيب عيون أو ينقلب إلى دكتاتور كغيره ليتمكن من الاستمرار في الحفاظ على العرش ومصالح الفئات المنتفعة من بقائه على الحكم، أو أن عاصفة عاتية ستهب على البلاد لتقتلع  شجرة العلقم التي زرعها حزب البعث في أرض سوريا، فتقضي عليه وعلى من والاه ودافع عنه وسار معه أو وراءه...                                                                                                           
                                                                                                                                        
وكلنا يعلم بأن أحد المعارضين بعد أن قضى مايقارب العقدين في سجن افرادي لرفضه الدخول مع النظام في "الجبهة الوطنية التقدمية" الكارتونية التابعة لحزب البعث قد قال بأن الرئيس الراحل حافظ الأسد كان رجلاً ذكياً وسياسياً قديراً إلا أنه كان على حد قوله "دكتاتوراً دموياً".. وكان هذا الزعيم رأس النظام ومؤسس الحركة التصحيحية وأقوى من فيها على الإطلاق وبخاصة بعد أن قضى بديبلوماسية ماهرة على نفوذ شقيقه الدكتور رفعت الأسد الذي حاول السيطرة باستمرار على مقاليد الحكم لدى كل وعكة صحية تصيب الرئيس الذي أقعده المرض الشديد، والذي اتهمه بعض أبناء طائفته بأنه كان الآمر للمجازر التي حدثت في سوريا وأقام عليه دعوى لدى إحدى المحاكم الخاصة بحقوق الإنسان  والجرائم الواقعة على البشرية.. وصحيح أن "الحرس القديم" لايزال يحكم في البلاد ومنهم من رافق حافظ الأسد منذ أن كان وزيراً للدفاع في الستينات، إلا أن هذه التركيبة هي أضعف من أن تنقذ الحركة التصحيحية من الموت البطيء الذي تسلل إلى جسدها المرهق، وهي الفئة التي لعبت على الدوام دور الخادمة المنفّذة التي ليست لديها أي مبادرة أو مشروع أو اهتمام بإحداث إصلاح أو تغيير، بل تعيش في القفص الملكي متنعمة بالنعم التي أغدقها عليها سيدها.. فإذا لم يتمكن رأس النظام بكل قوته وبطشه وحنكته من تصحيح الأوضاع، فكيف بالقطط السمان الذين لاحول ولا طاقة لهم ، بل ليست لديهم مصلحة في القيام بالإصلاح..؟! ولذا يتساءل البعض كيف لم يصدر حتى الآن "بيان وفاة" هذه الحركة التصحيحية ومؤسسها قد رحل منذ أكثر من ثلاث سنوات، فالشعب السوري لم ير من التصحيح شيئاً حتى اليوم ، وكان يجدر بالأتباع أن ينشروا تلك الوثيقة مع رحيل مؤسس الحركة من عالمنا هذا.. ومن الناس من يتندر قائلاً: " لقد نسي هؤلاء بأن هناك حركة تصحيحة منذ سنين طويلة، بل لم يؤمنوا يوماً بأن مثل هذه الحركة كانت موجودة عملياً، وإنما كانت واجهة للسيطرة من خلالها على دفة السفينة..!!"                                                                                                                                        
    لذا كان عنوان مقالنا هذا : متى يعلنون وفاة الحركة لتصحيحية؟!                                                             
                          
                                                         



#جان_كورد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأكراد في سوريا يريدون إصلاحاً جذرياً في البلاد
- صدام لا زال حياً و... - ليخسأ الخاسئون
- جدار أمني في فلسطين وحدود مزروعة بالألغام في كوردستان
- مهلاً عزيزي السكرتير!
- أن نكون أو لا نكون في الجمهورية الموروثة.. هذه هي المسألة..!
- هل للحرب في العراق مبررات خلقية؟!
- تحيا الدولة الكردية
- لماذا الخوف من دولة كردية
- لعبد الباري عطوان
- الكرد قرون الحديد أولو البأس الشديد؟
- لمن تقرع الأجراس ياعرب؟!
- الكرد وحرب الخليج الثالثة
- ….. ونقول: -إنما المؤمنون إخوة
- هذه الحرب، إلى أين ؟
- الكرد السوريون بين المهانة والخيانة
- الجريمة والعقاب


المزيد.....




- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جان كورد - متى يعلنون وفاة الحركة التصحيحية ؟!