|
قاتل يستحق البراءة
خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 2022 - 2007 / 8 / 29 - 11:28
المحور:
القضية الفلسطينية
ما الذي أبقاه المحتلون لنا من فسحة للوصول إلى حقوقنا الوطنية العادلة المشروعة بالسبل السلمية..؟؟ وماذا يفعل شعبنا وهو يواجه يوميا مسلسل القتل والاجتياحات وقصف المنازل والمؤسسات والاعتقال والتعذيب الوحشي .. وهو يرى سياسة مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وتضييق الخناق على الشعب حتى الموت بالاغلاقات والحواجز .. وبإقفال سوق العمل لتجويع الشعب وإذلاله.. وهو يتلفت فيجد الجدار الرهيب يلتف حول رقبته كالأفعى السامة.. وينظر فيجد إسرائيل وبفعل ممنهج تدمر الإمكانيات المادية لبناء دولتنا الفلسطينية مستقلة.. إنهم يدفعونا دفعا كي نتجه جميعا لانتهاج طريق العنف-- بشكل منظم وغير منظم.. إنهم عامدين وبغباء منقطع النظير يثيرون فينا غريزة الثار والانتقام، ويقهرونا ليزرعوا في قلوبنا كل مشاعر الحقد الأسود ضدهم.. وبذلك يقفلون والى الأبد كل إمكانيات التعايش مستقبلا بيننا وبينهم في كيانين مستقلين يجاور احدهما الآخر ويحسن جواره.. معتقدين واهمين ان إرهابهم وجرائمهم ستدفع شعبنا للهجرة وإخلاء الأرض لهم ليتحقق حلمهم الأبدي. أقول ذلك وقد قرأت قصة البطل الفلسطيني ( بهجت شقيرات ) ابن قرية السواحرة القريبة من القدس.. ذلك الشاب الذي لم ينتمي يوما لأي فصيل سياسي، وعاش مواطنا فلسطينيا عاديا يعمل كل صباح كعامل عادي ويتحول بعد الظهر إلى مزارع في ارض آبائه وأجداده.. بهجت الذي حكمته محكمة الاحتلال مؤبدين وسبع سنوات، بتهمة القتل لحارس للجدار الذي نهب أرضه الفلسطينية ودمر أحلامه التي اجتهد لتحويلها إلى واقع.. ماذا كان ينتظر المحتلون من مالك للأرض يرى أشجار زيتونه يتم تدميرها واقتلاعها أمام عينيه، وهو الذي سقاها بعرقه لحظة بلحظة، حتى نمت وكبرت وصارت مصدر دخل له يسد به جزء من حاجة أسرته المادية.. ماذا ينتظر قادة دولة إسرائيل من فلاح فلسطيني تحاصر أرضه، ويقام بينها وبينه جدار وأسلاك شائكة، وتفصله عنها بوابات بحيث لا يستطيع الوصول إليها إلا بتصريح امني من جيش الاحتلال.. بهجت فلسطيني-- وما فعله يعتبر ثمرة حقيقية لما زرعته أيدي المحتلين في نفوس كل أبناء شعبنا.. لقد زرعوا الحقد والكراهية ( لهم ولكل شيء يمت إليهم بصلة )، ومثلما فعل بهجت فعل الكثيرون قبله، ومن المؤكد ان أكثرية فلسطينية تتنامى لتسير على نفس الدرب-- ليس حبا بالقتل ولا بالدماء .. ولكن لأنه لم يعد هناك أفق سياسي أمام الناس، وبغياب الأفق الواضح يتعزز الاتجاه نحو العنف.. ويخطئ المحتلون كثيرا ان ظنوا ان اليأس والإحباط يمكن ان يؤدي إلى خضوع الفلسطينيين وكسر مقاومتهم .. والأخطر الذي على المحتلون معرفته-- ان هذه المقاومة التي تتجلى بالعمل الفردي الانتقامي تصبح وبالتدريج سلوكا قد يتجه إليه كل مظلوم أو مقهور أو صاحب حق.. فبهجت الذي حاول المحققون جاهدين إجباره على الاعتراف بأنه فعل فعلته بأوامر من احد التنظيمات ولم ينجحوا .. بهجت قهر محققيه بصموده في الزنازين ليعلن للعالم ان الشعب المقهور والمظلوم سيمارس حتما ما يراه مناسبا-- ليرد على جرائم المحتلين، وان المظلوم والمقهور لن ينتظر كثيرا حتى يجد من يضمه إلى احد التنظيمات الفلسطينية.. بل سيباشر تنفيذ ما يعتقد شخصيا انه يشفي غليله من قاهريه.. والجريمة تتجلى أكثر في ما يسمى بالمحاكم العسكرية الإسرائيلية، التي لم تستمع لدفاع بهجت، ولم تنظر في الأسباب التي دفعته لقتل حارس الجدار.. تلك المحاكم التي لا ينتظر منها أبناء الشعب المظلوم خيرا ولا عدلا.. فكل فلسطيني مقتنع بأنه متهم ومدان حتى قبل ان تستمع إليه تلك المحاكم الصورية.. وكل فلسطيني يعرف ان العشرات من الجرائم التي يرتكبها المستوطنون-- وتحت سمع وبصر جيش الاحتلال، وأحيانا تحت ضوء عدسات وكالات الأنباء-- كل تلك الجرائم إما ان يتم تبرئة فاعليها.. أو إصدار أحكام سخيفة مخففة جدا بحقهم.. ولم الفلسطينيون تلك الحادثة التي قتل بها مواطن إسرائيلي يقيم في النقب مواطن عربي من سكان النقب أيضا.. كيف قتله وهو اعزل وبدم بارد، بحجة انه شعر ان ذلك العربي قد هدد حياته.. وكيف برأت محاكم دولة الديمقراطية الزائفة إسرائيل ذلك القاتل الإسرائيلي وأخذت بحججه وتبريراته.. وبعد .. فبهجت شقيرات قاتل .. لكن السؤال: قتل من.. ولماذا قام بفعلته..؟؟ لقد قتل بهجت من سرق أرضه واتلف أشجاره ليخنقه ويقتله.. أليست سرقة الأرض ونهبها وإقامة جدار الفصل جريمة..؟؟ الم تصدر محكمة العدل الدولية في لاهاي قرارا باعتبار هذا الجدار جريمة وانه غير شرعي..؟؟ أولم تطالب بإزالته..؟؟ أم ان المحاكم الإسرائيلية لا تعترف بعدالة محكمة لاهاي..؟؟ فلو كانت محاكم دولة الاحتلال الإسرائيلي تعترف بالعدالة الدولية-- لكان بهجت شقيرات الآن خارج السجن وقد نال البراءة، لأنه دافع عن نفسه وعن عائلته وأرضه وشرفه، متصديا لفعل اعتبرته محكمة لاهاي الدولية جريمة، واعتبرت القائمين عليه مجرمين يستحقون المثول أمام محكمة الجرائم الدولية.. مخيم الفارعة – نابلس – فلسطين 26/8/2007
#خالد_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجدار.. فضائح بالانتظار
-
عيب يا حكومة
-
قاضي كعب داير
-
الا الخبز يا رئيس
-
الهاربون من غزة
-
قصيدة رثاء للقائد الشعبي الفلسطيني يحيى ابو فرحة -- دمعة وفا
...
-
كلمة تأبين الفقيد يحيى أبو فرحة التي القاها خالد منصور باسم
...
-
قمع المتظاهرين سنّة المستبدين
-
تصريح صحفي من خالد منصور – عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب -
...
-
لا حياد ولا تبعية
-
انت في القلب يا غزة
-
حلمنا الذي تحول الى كابوس
-
نداء من الشبكة الدولية للشباب الفلسطيني من أجل السلام والحيا
...
-
واخيرا فعلها ابو مازن
-
شعارات وهتافات لمظاهرة في ذكرى حرب حزيران
-
هتافات لمظاهرة عمالية في رام الله أمام رئاسة الوزراء 29/5/20
...
-
الخمسة الكبار .. ذنوبهم اكبر
-
العمال الزراعيين في فلسطين والاستغلال الفظيع
-
في الحنين للديار الفلسطينية الاولى - ليلة من ليالي ام الزينا
...
-
في ذكرى النكبة الكبرى للشعب الفلسطيني - مخاوف وثوابت اللاجئي
...
المزيد.....
-
ترامب يريد معادن أوكرانيا الثمينة والنادرة مقابل الدعم المال
...
-
الصفدي يكشف عن رسالة لوزير الخارجية الأمريكي بشأن -حل الدولت
...
-
قاعدة عسكرية تركية وسط سوريا.. أنقرة ستوسع حضورها العسكري في
...
-
بعد سنوات في قيادة الناتو.. ينس ستولتنبرغ على رأس وزارة الم
...
-
شتاينماير يتفقد قوات بلاده في الأردن ويجري محادثات مع الملك
...
-
حاكم ولاية تكساس يوجّه الحرس الوطني بفرض قانون الهجرة على ال
...
-
بيدرسون يعلق على -نجاح المرحلة الانتقالية السياسية في سوريا-
...
-
تحذير جديد.. ارتفاع -مقلق- في مستويات البلاستيك الدقيق داخل
...
-
بيسكوف: العالم يصبح متعدد الأقطاب ولا يمكن تجاهل ذلك
-
حل لغز الغبار المشع الذي جاء إلى أوروبا من إفريقيا
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|