أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال الغوّار - هيمنةالسياسي ...وتشويه المشهد الثقافي















المزيد.....

هيمنةالسياسي ...وتشويه المشهد الثقافي


طلال الغوّار

الحوار المتمدن-العدد: 2020 - 2007 / 8 / 27 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يكاد ان يكون المشهد الثقافي في العراق بعد الاحتلال متداخلا ومضطربا ,لما يحتويه من توجهات متناقضة ومواقف مختلفة ,ومن الصعوبة بمكان ان تستجلي صوره وملامحه إلى حد ما,وقد يعد التنوع والتعدد في الحياة الثقافية والسياسية أمرا ايجابيا وصحيا يدفع بالاتجاه الذي يغني الثقافة ويطورها وإثرائها ويسهم في التوسع بآفاقها ,إذا أوجد لها المناخات السليمة والإطار الوطني الصحيح الذي يجد فيه هذا التنوع مساحته للتفاعل الايجابي المثمر ,وفي الوقت نفسه إذا ما اعتمد المشتغلون بها والحاملون همومها على رؤية موضوعية واضحة في تأشير الأهداف المشتركة,ويرتكز هذا التنوع على المكونات التاريخية والثوابت الوطنية والقومية ومضامينها الإنسانية , غير ان الحالة في المشهد الثقافي اليوم في العراق لم تعد بهذه الصورة التي تعكس حالة التنوع الايجابي الذي ينتج الجديد المعبر عن متطلبات الحياة وملبيا الحاجات الإنسانية والروحية ,بل على العكس تماما ,فقد استطاع المحتل والقوى المتحالفة معه من توظيف هذا التنوع بما يخدم مخططاتهم وأهدافهم ,بغية تمزيق النسيج الثقافي للمجتمع العراقي ,فاعتمدت على آليات مختلفة من اجل إشاعة ثقافة بديلة,ومن بين هذه الآليات آلية الإزاحة للمفاهيم والأفكار والقيم أو آلية التفسير بالمقلوب وغيرها من أساليب التشويه والتدمير. ومن اجل ذلك وظفت الكثير من المنظمات والهيئات وقوى تحت عناوين وأسماء مختلفة وأفراد من مثقفين وسياسيين ليصبحوا تحت هذه المظلة أو تلك سواء كانوا داخل العراق أو خارجه ووفرت لذلك كل أساليب الدعم المادي والمعنوي بما في ذلك وسائل الإعلام المتميزة بامكاناتها المتطورة .
وفي هذا الشأن ذهب بعض الكتاب والأدباء وتحت غطاء مصطلح (الواقعية)و (العقلانية)ليتعاملوا مع هذا الواقع المتأزم ويجعلوا من هذه الحالة الشاذة والطارئة أمرا واقعا يجب التعامل معه بلهجته وقوانينه وذهبوا بعيدا في الاستسلام بدلا من يجدوا في هذه الواقعية والعقلانية الرؤية الموضوعية التي تسبر اغوارالواقع وتتحرى فيه لتكشف عن مكامن الضعف والقوة وتأشر أسباب تأزما ته وتفهم قوانينه المحركة له, فقد استعار البعض من هولاء الكثير من هذه المصطلحات والمفاهيم ليزينوا ألسنتهم على شاشات الفضائيات وغيرها من وسائل إعلام المسخرة لهم وهم يتحدثون عن العراق وكأنه انتزع ثوبه العربي ولا هوية له ليتطابق خطابهم هذا مع الخطاب الثقافي ولأعلامي للمشروع الأمريكي _ الصهيوني وبادعاء العصرنة والحرية والتحضر ,في حين ان اغلبهم بعيدون كل البعد عن ذلك , فالطائفية والعنصرية والفئوية تفح من أفواههم برائحتها النتنة وهي وراء كل مواقفهم وسلوكهم .
وبرغم هذا التداخل والاضطراب الذي يكتنف المشهد الثقافي , فأن هناك ما يمكن تشخيصه في هذا المشهد بشكل جلي وواضح ,ولعله يشكل ابرز صوره وأخطرها في الوقت نفسه وهو خضوع ما هو ثقافي إلى المتن السياسي والسياسي الديني (الطائفي)ومعطياته ,مما افقد الثقافة دورها وأهميتها في رسم معالم الحياة فهي التي تزود المجتمع بالرؤى والأفكار والتصورات وبالتالي هي التي تمنح الحياة شكلها وتجعلها متميزة عن الأخرى ,ومن هنا جاء ارتباط الثقافة بالهوية بل هي تشكل المرتكز الرئيس لها , فالثقافي دائما يرتقي على ما هو سياسي ان لم يكن متوازيا وبعكسه يحدث الخلل والاضطراب وتشّوه الهوية .
وهذا ما يحدث في العراق بتغليب السياسي وجعل ما هو ثقافي حالة تابعة له , وقد عمد المحتل ومن تحالف معه إلى العمل في هذا الاتجاه والوصول إلى ما هو عليه اليوم , والحالة الأكثر شذوذا ليس فقط في هيمنة السياسة عن ما هو ثقافي ,بل توثيق الصلة بما هو د يني (طائفي ومذهبي ) ,وهنا يتقدم الرابط الطائفي أو المذهبي والاثني على الرابط الوطني ان نقل يلغيه تماما ,فالعراقي وفي منظورهم الخاص هذا لم يعد موجودا كمواطن إلا ضمن الوجود الطائفي _السياسي , وفي هذه الحالة قطعوا الصلة مع الثقافة العراقية التي هي كتنوع ضمن وحدة الثقافة العربية ولا تمت بصلة إلى هوية المجتمع العراقي فالهوية التي ينشدونها تبنى على نفي الأخر وترى في (الطائفة) هوية كلية ومطلقة بسقف سياسي يحاول ان يجعل من خصوصيته حالة عامة ليهيمن على الأطراف الأخرى ويحولهم إلى أتباع وهوامش وإشاعة ثقافة ضيقة وأحادية تمارس عملية الإقصاء للآخر بل وإلغاءه حتى كوجود جسدي لينتج عن ذلك هذه الصراعات الطائفية وما ترتب عنها من قتل على الهوية والخطف والتهجير ألقسري وتدمير ألاماكن الدينية وإحداث الشروخات العمودية في المجتمع العراقي وصولا إلى ما يهدف إليه المشروع الأمريكي والأطراف الأخرى التي وجدت مشتركاتها في أهداف هذا المشروع وهو تقسيم العراق على أسس طائفية واثنية .ان هذا التوجه لم ينحصر في جهة معينة أو فئة وإنما هناك أكثر من ذلك تنطق باللهجة نفسها وتمارس السلوك ذاته ولكنها متقاطعة ومتصارعة في الوقت نفسه .
وإذا كان هناك في المشهد الثقافي تيارا ثقافيا يدعوا إلى فصل الديني عن ما هو سياسي ,وخير من يمثل هذا التيار هو عدد من المثقفين والأدباء والكتاب الذين عقدوا مؤتمرهم في عمان ليتمخض عنه تأسيس (المجلس العراقي للثقافة) وبالرغم من تميزه بطروحات علمانية ونبذ للتوجهات الطائفية وما نتج عنها من اقتتال طائفي ودعوة إلى اخذ الثقافة دورها في بناء الحياة وتفعيل دور المثقف, فهو في الوقت نفسه خاضعا للمتن السياسي الذي يملي عليه الكثير من المواقف ويحجم دوره الثقافي , وبالتالي لم يخرج عن دائرة التبعية السياسية الغربية,والذي يرى في ثقافة المنظومة الأمريكية هي الحالة الحضارية الارقى وتنزع عنها أي مفهوم تسلطي استعماري . فما صدر عن المؤتمر لم نلمس فيه أي موقف ضد الاحتلال وافرازاته وتداعياته الكارثية, فالخطاب الذي اعتمدوه فيه الكثير من التطابق مع خطاب المشروع الأمريكي, وخصوصا ما يتعلق بهوية العراق العربية ولم يروا فيه ما يهدد وحدة الكيان الوطني للعراق ووحدة وتماسك النسيج الثقافي وعمقه العربي ,كما ان الموقف المتشدد من الإرهاب الذي تضمنه خطابهم والدعوة لمحاربته وإشاعة ثقافة التسامح والحوار, فانه يلتقي مع خطاب المحتل والقوى السياسية المتحالفة معه , في عدم التفريق بين الإرهاب والمقاومة التي هي كحق مشروع لكل الشعوب التي تتعرض للاحتلال والغزو .
وإزاء هذه الصور التي هي من ضمن المشهد الثقافي , يقف في الطرف الأخر مثقفون وأدباء وكتاب ,موزعون داخل العراق وخارجه,يمثلون موقفا ثقافيا يتعارض مع ما ذكرناه, وفي حقيقة الأمر إنهم يمثلون الثقافة الحقيقية في العراق بعمقها الوطني والعربي والإنساني ويتصدون للمحتل وسماسرته الذين يحاولون ان يتركوا بصماتهم على المشهد الثقافي وتشويه الهوية الثقافية العربية وتأسيسا على ذلك فأن الأمر يتطلب من كل المثقفين ان يحددوا معاني العمل الثقافي الايجابي الفعال في مواجهة ذلك ووضع آلية التعامل النضالي مع هذه التوجهات المدمرة .فالثقافة لا يمكن تكون كما يراها المنقادون إلى المحتل(شأنا ضيقا)وعابر,بل هي مكون وجداني وعقلي واجتماعي متفاعل مع الأخر ومع المتغير وهاضما لما هو مستجد ,فانتظام المثقفين في جبهة ثقافية حالة ضرورية تتحمل مسؤولية المواجهة لكل هذه والطروحات المقلوبة ولكل محاولات الاختراق والتشويه وما روجه المحتل وافرزه من رموز وسماسرة ,وتعميق الوعي الثقافي الذي يكون حاضنا للموقف الوطني وكل حالات الرفض الشعبي للاحتلال والعمل على دحض كل الدعاوى التي تخلط بين المقاومة المشروعة والإرهاب .



#طلال_الغوّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امض بنشيدك حتى طرف الروح
- قصائد تحت سماء الرصاص
- مثقفون خارج التأريخ
- السماء تتفتح في اصابعي
- يركضون في قفص
- انهم يثردون خارج الصحن
- ااجعل من جراحك مناديل خضر
- مرايا الغياب
- حكومة في فندق
- اجعل من جراحك مناديل خضر
- انه جرحنا الذي يتلألأ


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال الغوّار - هيمنةالسياسي ...وتشويه المشهد الثقافي