أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كفاح حسن - أحلام كالأوهام..و أوهام كالأحلام















المزيد.....

أحلام كالأوهام..و أوهام كالأحلام


كفاح حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2020 - 2007 / 8 / 27 - 03:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


منذ سقوط بغداد، و إنهيار نظام صدام البائد، كان لدي شوق كبير للسفر إلى العراق. فمنذ أن تركت مربع صباي و شبابي، كان أملي في أن أعود إليه سريعا. و كلما تقادمت الأحداث تحول إلى حلم. و لم أنفرد بذلك الحلم، فقد شاركني فيه العشرات، بل المئات، و ربما الألوف، ممن إضطروا إلى ترك البلاد، تحت ضغط الإرهاب و القمع الدمويين. و بعد أن ضاق بنا الوطن، أو ربما لم نجد أسهل من ترك الوطن، تلقفتنا المنافي لتنهش مافي داخلنا من أحلام.

و لم تمضي سوى بضعة أشهر ، حتى إندلعت الحرب العراقية الإيرانية ، و التي دفعتنا للتصور بأن النظام الدموي سينهار تحت ثقل الحرب. و تسارعنا إلى ترك المنافي و الإلتحاق بوديان شمال العراق، لتكن قاعدتنا للإنقضاض على النظام الدكتاتوري، و تحقيق حلمنا في بناء عراق ديمقراطي حر يعيش فيه أبنائه مرفهين. لقد توهمنا في إن النظام سيسقط بسهولة، و ما سفرنا إلى الوديان سوى رحلة سريعة تصل بنا إلى الحبيبة بغداد.

وفي وديان شمال العراق الكردي، غمرنا أهالي المنطقة المغلوبين على أمرهم بوافر الدعم و العون. ولكن لسوء الحظ، و ربما لسوء التخطيط، أو لردائة الأحلام، غرقنا في إقتتال داخلي عشائري، إقتتال شغلنا عن تحقيق حلمنا في العودة إلى بغداد. لقد كان هناك بون شاسع مابين ماينتظره عامة الناس، و ما بين صراع قادة الأحزاب و الميليشيات على السلطة.

و بدلا من أن نعود إلى بغداد، إضطررنا للعودة صاغرين إلى المنافي. و في هذه الرحلة إختلطت أحلامنا بأوهامنا، فضعنا مابين الأحلام و الأوهام. و كصحوة تسبق سكرة الموت، جاءت إنتفاضة شعبنا العارمة، بعد إنهيار قوة النظام العسكرية تحت ضربات جيوش جرارة غزت المنطقة، لتقتلعه من الكويت. و لكن هذه الجيوش لم تكن راغبة في رؤية شعبنا يتحرر من طوقه، فأعادته إلى الطوق، بإعطائها لصدام و زمرته جرعة حياة جديدة.

و بسقوط بغداد ، تجدد الأمل في العودة ، ولكن عودة لإبن ضال، إنتظره أهله طويلا حتى يأسوا من عودته، و إبن عاد إلى أحلام فقدها بأوهام لاتشبع.

فأي بغداد، و أي عراق وجدناه بعد إنهيار صدام، تحت جزمات البسطال الأمريكي. إن موقف اليسار العراقي من الإحتلال سواء قبل الإحتلال أو خلاله ، إكتنفه الكثير من الغموض و التناقض. ففي وقت إنطلاقنا في تظاهرات عمت عواصم أوربا و مدنها ضد الخيار العسكري لإسقاط صدام، حضر مؤتمر لندن وفد و أفراد عن اليسار العراقي، و في هذا المؤتمر تم التمهيد لدعم إحتلال عسكري أمريكي للعراق، بحجة تخليص شعبنا من نظام عجز عن إسقاطه بقواه الذاتية!! إن هذا الموقف المزدوج أضر كثيرا بمصداقية المشروع السياسي المستقل لليسار العراقي. و لست بصدد إستعراض الأحداث التي رافقت الإحتلال، و التي أدت إلى تهميش دور اليسار العراقي.

فبغداد 2003 هي ليست كبغداد عام 1973. لقد هربنا من بغداد عندما كان اليسار هو سيد الشارع، و عدنا إليها بعد ثلاثين عاما لنجدها تعيش بعيدا عن اليسار العلماني، بل و تستنكف منه. ومن السهل تحميل نظام صدام مسؤلية هذا التدهور. و لكن ألم يخطيء اليسار بتركه ساحة الوطن خالية. ألم يستطع اليسار من أن يجد وسائل نضال و عمل واقعية تبقيه وسط الناس . إن أحلام اليسار المشروعة في السبعنيات طوتها أوهام سياسة لجأت إلى الحلول السهلة.. حلول من يريد خوض المياه دون أن يبتل.

و قبل أكثر من سنة إحتد الحوار و تزاحمت المقالات في تناول وضع اليسار العراقي و دوره في الحياة السياسية، على ضوء التحضير لعقد مؤتمر الحزب الشيوعي العراقي الثامن. وكانت معظم هذه الكتابات تتناول أحلام مبالغ فيها. و لقد إتخذت عهدا على نفسي في عدم الإنجرار وراء هذه الأحلام. فعلينا العيش في الواقع. فأحلام اليسار طيلة العقود المنصرمة قادتنا إلى أوهام.

و لكن حلمي في العودة إلى العراق، و إلحاح ولدي ذو التسع سنوات الذي ولد في الغربة، و لا يرطن العربية في زيارة وطن أبيه، قادتني إلى قطع تذاكر السفر لي و له على متن الطائرة السويدية المتوجهة إلى السليمانية في منتصف شهر تموز الماضي. لقد كان ولدي سعيدا بسفرته، لأنه عثر على جذور يفتخر بها. لكن والده رجع خائبا.

لقد تعمدت أن أزور و أختلط بعامة الناس، و خاصة ممن كنت قد عاشرتهم خلال فترة عملي في فصائل أنصار الحزب الشيوعي العراقي في منطقة أربيل و كويسنجق. و هناك تذكرت عبارة كان يرددها بإستمرار الفقيد توما توماس (أبو جوزيف) و هي مشتقة من مقولة لأحد مفكري الثورة الفرنسية. وتقول العبارة " الثورة يخطط لها الفلاسفة و ينفذها الأبطال و يجني ثمارها الجبناء". و هذا الحال وجدته في سفرتي الأخيرة. فأبطال البيشمركة من مختلف الفصائل يعانون ضيق العيش، و يكافحون من أجل لقمة عيش شريفة بينما الآخرون يجنون الثمار! في مدينة كويسنجق فوجئت بأن أرى مقاتلين البيشمركة الشجعان يركضون صباح مساء من أجل لقمة العيش ، بينما يجلس في المؤسسات الحكومية و مقرات الأحزاب أناس أستغرب كيف سمح لهم الوصول إلى هذه المواقع. و هذا هو الحال في أربيل ، كربلاء، الناصرية، البصرة و بغداد و معظم مدن العراق.

في بغداد 1973 كان حب الوطن و التضحية في سبيله شعار يلتزم به جيل الشبيبة الصاعد. وفي بغداد 2003 أفتقد حب الوطن، فالإنتماء إلى الوطن أصبح أمرا معيبا. في وقتنا كان الإنتماء للوطن فخرا، و من المعيب الإنتماء للعشيرة أو الطائفة أو ما شابهها. لقد نختلف في إنتمائاتنا السياسية، ولكن كنا نتفق على إنتمائنا للوطن. في وقتنا كان اليسار و الفكر اليساري سيد الشارع بدون منازع. وفي عراق اليوم أصبح اليسار جزء من الديكور السياسي في البلد، إنه مجرد لافتة تفتقد الحول و القوة.

إن اليسار في العراق يعيش في أزمة نتحمل نحن جميعا مسؤليتها، فإن تراكم الأخطاء و الخلط مابين الأحلام و الأوهام خلال عقود من السنين أدت إلى الوضع المزري لليسار حاليا.

و أكتب هنا إلى الجيل الجديد في العراق،الذي أرهقته حروب الميليشيات، وأفقدته الأجهزة الحكومية الفاسدة ثقته بالمستقبل. إن أملي كبير في إنه سيستفيد من تجربتنا، و أن يعرف الحدود مابين الأحلام و الأوهام، و أن يتجنب الحلول السهلة، فإنها كجرعات السم المعسولة!


كفاح حسن
السويد
أواخر آب 2007



#كفاح_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجموع تصيح ..إعدم!!؟
- من لم يمت بالسيف مات بدونه
- نفتح قلوبنا لنلقاك ياوضاح
- أستاذنا العزيز..وصلت الوصية، ولكن ما باليد حيلة! - تعقيب على ...
- في وداع النصير أكرم
- وضاح..كفاك جيلان محمولان على سفر!
- غادرتنا..لتسكن قلوبنا


المزيد.....




- أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم ...
- الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
- تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
- بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م ...
- موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو ...
- بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا ...
- شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ ...
- بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت ...
- بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كفاح حسن - أحلام كالأوهام..و أوهام كالأحلام