عندما ينظر المرء إلى الأحوال المزرية التي تعيشها البلدان العربية ـ بدءاً من الجزائر والسودان ، مروراً بالعراق والسعودية وانتهاء بسورية ومصر ـ لا يمكنه إلا أن يصاب بالدهشة ، ليس لعمق الأزمة البنيوية الشاملة وحسب ، بل ولتشابه أعراض هذه الأزمة : التمتع باستهلاك قشور الحداثة دون الولوج فيها كعملية تاريخية لها شروطها ومتطلباتها. صراع قومي هنا وهناك ، انتقاص حقوق الأقلّيات القومية هنا وهناك ، التغاضي عن التوترات المزمنة على خلفية مذهبية هنا وهنا وهناك ، وكأن الموضوع يُسوّى بالإجراءات التعسفية والإهمال المتعمد . وغير ذلك كثير من المشاكل والتعقيدات ، التي نرجو جميعاً أن نهتدي فنعمل ، جادّين ، على دراستها وتشخيصها ـ كي نحاول إيجاد حلول لها . وإلا فالجميع سيدفع الثمن . بل إننا ندفعه هنا وهناك كل يوم . ربما هذا ضرب من الخيال . لان جميع بلداننا قد ابتليت ، وعلى مدى عقود ، بقيادات ليس فقط لا تستشف المستقبل ( اللهم باستثناء مستقبل الكرسي في السلطة ) ، وإنما لا تقرأ الماضي .. بل لا تقرأ الحاضر .! وكنموذج على التفكير الضيق الأفق وغياب الإحساس بالمسؤولية التاريخية ( أساسه العنجهية ومشاعر العظمة التي تصيب زعامات الأنظمة الشمولية : جمهورية أو ملكية ) تجاه شعوبها ومواطنيها ، ها أنذا أرسل لكم ترجمة لوثيقة سرية من أرشيف اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي السابق . أخي القارئ ، وأنت تقرأ المادة ، أرجو ان تحاول إسقاط مضمونها على هذا البلد " العربي " ( أو الإسلامي ) هنا وهناك . و أرجو ان تكتشف بنفسك كم هم كثيرون عندنا أمثال بريجنيف و سوسلوف وغيرهم . أولئك الذين ساهموا ، من خلال أنانيتهم وحبهم للسلطة ، في انهيار تجربة كبيرة وإهانة شعوب عظيمة .
د . إبراهيم استنبولي
من الوثائق السرية للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي :
الشيشان و الأنغوش[1] ضد الروس
تشير وثائق اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي ، والتي تم رفع صفة السرية عنها ، إلى أن أسطورة الاخوّة بين شعوب الاتحاد السوفييتي ، كانت مجرد أسطورة بما في ذلك خلال العهد السوفييتي . فقد كانت كراهية الشيشانيين والانغوش تجاه الروس معضلة حقيقة منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي .
بداية العام 1970 . الاتحاد السوفييتي يعيش عصر الاشتراكية المتطورة . وقد تم ، كذا ، حلُّ المسألة القومية بالكامل وبشكل نهائي . كما تم التخلص من بقايا الفكر الديني . كما إن التربية الإلحادية ، خصوصاً عند جيل الشباب ، قد حققت الانتصار ، كذا . حتى في الجمهوريات و المناطق الإسلامية فإن المادية الديالكتيكية قد تغلّبت على المثالية الدينية ( الإسلامية ) الساذجة . البلاد تسير بخطى ثابتة نحو بناء مستقبل شيوعي وضّاء .
بالضبط في مثل تلك الروحية كانت خطب المسؤولين الحزبيين والقادة الحكوميين ، نُشرت المقالات في الصحافة الرسمية ، ومن هذا المنطلق تم إصدار الكتب المدرسية في الفلسفة والتاريخ والدين . بينما الواقع كان بعيداً تماما عن المثال ، خاصة في مجال التربية الإلحادية والقضايا القومية . واكثر ما يثير الدهشة هو ان ذلك كان معروفاً في الدوائر العليا للسلطة ـ المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي . نعم عرِفوا ، لكنهم ادعوا عدم معرفتهم . الكلام يبدو مستهجناً . لكن الأمر هو فعلاً كذلك . وكبرهان على ذلك ـ الوثائق التي تم رفع غطاء السرية عنها حديثاً . خلال أكثر من 30 سنة وتحت ختم " سري " ، " سري للغاية " و " ليس للنشر " كانت تُحفظ هذه الوثائق خلف سبعة أقفال ، على رفوف قسم التوجيه الإيديولوجي في اللجنة المركزية . على اغلبها توجد توقيع بريجنيف ، سوسلوف وغيرهم من أعضاء المكتب السياسي مع حاشية وحيدة " تم الاطلاع " . ومن دون أية توجيهات مكتوبة .
في بداية عام 1970 أرسل النائب الأول لرئيس مجلس الشؤون الدينية ( مجلس شؤون الأديان ) لدى مجلس وزراء الاتحاد السوفييتي أ. بارمينكوف إلى اللجنة المركزية " تقريراً مفصلاً عن حالة كل من الدين الإسلامي ، الكاثوليكي ، البروتستانتي ، اليهودي ، والبوذية ، وعن كنائس المسيحيين الإنجيليين ـ البابتيست Baptists وفرقهم " . وعند التطرق للعقيدة الإسلامية فقد أشار التقرير ، على وجه الخصوص ، إلى انه مع نهاية عام 1969 بلغ عدد المؤسسات المرخصة ( المساجد ) 314 ، حيث " عمل " بشكل رسمي 543 رجل دين . وأن المؤسسات المرخصة تحوز على الدعم المتنامي للسكان . فإذا كان مجموع مداخيل هذه الهيئات الإسلامية قد بلغ عام 1966 حوالي 1752547 روبل ، فإنه بعد 4 سنوات فقط قد إلى 2559739 روبل . خلال سنوات طويلة ظلّ ثابتاً عدد المؤمنين الذين يؤمون هذه الجوامع المرخّصة ( ليس اقل من 150 ألف ) . وإن نسبة الشباب تبلغ 25 % من المشاركين في هذه الأنشطة الدينية .
تجدر الإشارة ، يتابع أ . بارمينكوف ، إلى أن ظاهرة التدين بين الشعوب التي كانت في السابق تعتنق الإسلام ، ولعدة أسباب ( لا يسميها ) ، بالمقارنة مع الشعوب الأخرى ، تعتبر عالية نسبياً . إن كون الإسلام هو السائد لقرون طويلة ، قد ساعد في أن تصبح تقاليد كثيرة جزءاً لا يتجزأ من حياة وفكر هذه الشعوب ، وأن يتم التقيد بها إلى يومنا هذا على أنها شعبية ومن التراث ، وليس من قبل المؤمنين فقط ، بل ومن قبل الكثير من غير المؤمنين . في مناطق مأهولة كثيرة تُجرى عملية الختان تقريبا لجميع الأولاد . و تتمتع بشعبية كبيرة طقوس اختيار الاسم للمولود الجديد . كما إن الزواج على الطريقة الشرعية يجري في اغلب الأحياء السكنية . واحد من أهم الطقوس الشائعة هو تجويد القرآن والغناء الديني ( حوالي 86 % ) . واكثر ما يدعو للقلق هو مشاركة الشيوعيين والكومسوموليين ( أعضاء اتحاد الشبيبة الشيوعية ) وكذلك بعض المثقفين في تلك الاحتفالات .
حسب رأي الاختصاصيين في مجلس شؤون الأديان ، إن نشاط 314 مركز عبادة مرخصة لا يعكس بشكل كامل الحجم الفعلي لوضع الإسلام في الاتحاد السوفييتي . إن مراكز العبادة هذه ، التي تشكل فقط 1 % من عددها في مرحلة ما قبل الثورة ، لا يمكنها أن تلبي الحاجات العبادية للسكان . لذلك ، بالإضافة لتلك المراكز ، هناك عدد كبير من المساجد الغير مرخصة ومعها الذين يقومون على خدمتها . ففي كل حي سكني ، حيث يعيش المؤمنون ، قد تم تنظيم الحياة العبادية بهذه الطريقة أو تلك . مثلاً ، في بشكيريا[2] ينشط 80 " مؤسسة ومجموعة من المسلمين غير مرخّص لهم " ، في جمهورية كاراتشايف ـ تشركيسيا[3] يوجد 15 جامع مرخص و47 غير مرخصة . وفي جمهورية تتاريا[4] ذات الحكم الذاتي يعمل 42 ، وفي مناطق اومسك ، كويبيشيف و اورينبورغ [5] بالتسلسل 60 ، 18 و 25 ، وفي قرغيزيا[6] ـ 177 ، في كازاخستان ـ 51 ، في تركمنستان ـ 14 مؤسسة إسلامية غير معلنة . الملفت للنظر أن السلطات المحلية لم تتخذ أية إجراءات من اجل وقف نشاط المؤسسات والجماعات الغير نظامية ، والتي على رأسها يقف أشخاص يتمتعون بنفوذ كبير بين المؤمنين .
إن أحد المؤشرات لانتشار الخرافات الدينية بين السكان يعتبر استمرار ظاهرة الحج إلى ما يسمى " الأماكن المقدسة " ـ إلى قبور وأضرحة رجالات الإسلام التاريخيين والأسطوريين ، ورجال اللاهوت الإسلامي ، وكذلك إلى السفوح والثغور " ذات التأثير السحري " وغير ذلك من المصادر المختلفة . يوجد اكبر عدد من تلك الأماكن ـ 95 ـ في اوزبكستان ، 43 ـ في تركمنستان ، 10 ـ في قرغيزيا ، 22 ـ في أذربيجان . بالتحديد ورد ذكر " حادثة " واحدة مع المكان المقدس " باباراتما ـ بيري Babaratma - piri " ، الواقع في منطقة .. من جمهورية أذربيجان السوفييتية . إنه عبارة عن ضريح صغير و جامع غير كبير ، وهما موجودان في حرم مقبرة قديمة بالقرب من قرية تازا ـ كيند ، و كما لو انه ، كذا ، يشفي من أمراض كثيرة . وقد رفع المسؤولون في مجلس المدينة اكثر من مرة تقارير إلى الجهات العليا الوصائية حول أن هذا المركز لم يعد يعمل . لكن في عام 1969 أقرت لجنة خاصة انه لا زال يقوم بنشاطه . وقد تمت مصادرة 75 سماور ( إبريق كبير خاص بصنع الشاي ) ، 100 من جلود الغنم وأشياء أخرى يستخدمها الحجاج . بعد ذلك قدّم المسؤولون في المنطقة إلى مجلس وزراء الجمهورية وعداً بأن المركز " سيوقف عن النشاط قريباً " . لكن هذا لم يحصل حتى هذا التاريخ .
مساحة هامة من التقرير يشغل " الوضع الديني في جمهورية الشيشان والانغوش ذات الحكم الذاتي " . يلحظ التقرير أن الشيشان والانغوش يعتنقون المذهب السني في الإسلام ، وأنهم يقرّون ويتقيدون بشكل كامل بأحكام القرآن وهم يدافعون بحماس كبير عن الشريعة . ومن الصعب أن تجد في الجمهورية حياً سكنياً لا يوجد فيه اقل من 1 ـ 2 ، وربما عدة مجموعات من المؤمنين المنظمين . وفق المعطيات المتواضعة جداً ، ينشط في الجمهورية أعضاء اكثر من 300 مجموعة من الفرق الدينية المتعصبة ، والذي يبلغ تعدادهم اكثر من 15000 شخص . كما يمارس نشاطاً دينياً اكثر من 500 ملاّ " غير مسجلين " . وفي الأعوام الأخيرة ظهرت جماعات متدينة نسائية . تقوم هذه المجموعات بالسيطرة ، من دون تفويض ، على الجوامع الشاغرة ، كما ويبنون جوامع جديدة . ففي عام 1969 ، في منطقة نازران وحدها ، في 10 من 12 من الأحياء السكنية كانت توجد جوامع مشيدة أو قيد الإنشاء .
ومن ثم يؤكد التقرير بشكل خاص ، كيف أن المراكز العبادية والشخصيات الاجتماعية تمارس تأثيراً كبيراً على جوانب عديدة ومختلفة من حياة سكان الجمهورية . إنهم يتدخلون في الحياة الشخصية للمؤمنين ، يفرضون عليهم كيفية التصرف إزاء هذا أو ذاك من المواقف . كما انهم يشجعون الناس على رفض المشاركة في الحياة الاجتماعية ، ينكرون أهمية العلم ، يحاربون تعليم الأطفال في المدارس والانتماء إلى اتحاد الشبيبة الشيوعي ( الكومسمول ) . كما انهم يحاولون بشتى السبل إحياء الأفكار الرجعية القديمة ، التعصب القومي ، مشاعر الكراهية بين القوميات ، الفساد ونشاط المحاكم الشرعية .
في شهر نيسان من عام 1969 وفي بلدة آلتيفو من منطقة نازاروف جرى لقاء الشخصيات الدينية والعشائرية ذات النفوذ ، حيث بلغ عدد المشاركين 180 شخصاً . وقد تم هناك إقرار وثيقة باسم " ملخص من مقررات اللقاء " ، حيث تم ، مثلاً ، تحديد قيمة التعويضات عن جريمة القتل ( 5000 روبل ) ، قيمة المهر ( 1000 روبل + خروف ) ، كما تم تحديد مقاييس أخرى متعلقة بدفن الموتى ، بالطلاق ، التزويج ، وعلاقات الأقرباء بالرابطة الدموية . يمكن القول ، إن هذه الوثيقة قد أصبحت لها قوة القانون بالنسبة للكثير من ممثلي الشعبين الشيشاني والانغوشي ، ذلك أن مؤلفي " الخلاصة ... " قد أشاروا بجدية كاملة إلى ان " كل مخالف لأي من البنود الكثيرة الواردة أعلاه سيحُرم من أية علاقات متبادلة مع الناس وفق العادات والتقاليد المحلية . "
بكلمة واحدة ، إن أصحاب النفوذ من الشخصيات الدينية يقومون بصياغة الرأي العام ، يُخضعون لنفوذهم مجموعات كبيرة من الناس ، يزرعون الإسلام ، يكرهون المؤمنين على التزام العادات القديمة . لقد نشأت حالة ، حيث إن رفض الأحكام الدينية ـ فكيف الأمر مع محاولة الوقوف ضدها ـ يتم تقييمه من قبل الكثيرين كعلامة على السلوك السيئ المنحرف ، كما لو انه رفض لعادات وتقاليد هذا الشعب الذي ينتمي إليه الرافض ، بل لدرجة انه قد يعتبر خيانة ذلك الشخص بالنسبة لشعبه . وأما الذين يجرؤن على اتخاذ مواقف ضد الإسلام ـ فهم يتعرضون للتهديد ويجري التضييق عليهم عن طريق خلق وضع يصعب تحمله . إنهم لا يتركون " من دون اهتمامهم " أولئك العاملين ، الذين يقدمون محاضرات في التربية الإلحادية أو يكتبون مقالات بهذا المحتوى .
في الختام ، يذكّر أ . بارمينكوف انه قبل عام 1944 ( قبل التهجير القسري للشيشانيين ) كانت توجد الجوامع في جميع الأحياء السكنية على امتداد كل جمهورية الشيشان والانغوش . أما في الوقت الحالي ، على الرغم من وجود عدد كبير من المؤسسات الناشطة بالفعل ، ليس هناك حتى ولو مجموعة واحدة مسجلة بشكل قانوني . هذه المعضلة ـ مع وجود كنائس ( اثنتان ) وبيت عبادة للبابتيست ، قد تجاوزت الحدود الصرف للناحية الدينية. يجري نقاش هذه المسألة ليس فقط من قبل المؤمنين ، بل وكذلك من قبل شريحة كبيرة من المثقفين والشباب ، وكثيراً ما يفسر هذا على انه انتقاص للحقوق القومية ، كما لو انه لازالت قائمة عدم الثقة بهم . وفي أحيان كثيرة يقوم شبان من عمر 19 – 20 سنة بتوزيع منشورات تدعو صراحة إلى افتتاح المساجد بالقوة.
على مدى السنتين التاليتين لم تتخذ أية قرارات بشأن الوضع في جمهورية الشيشان والانغوش على ضوء تقرير نائب رئيس المجلس لشؤون الأديان . وفقط في عام 1973 ، بعد أعمال التخريب في العاصمة الشيشانية ( 15 – 18 كانون الثاني ) تم اتخاذ قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي " حول المظاهر الشوفينية المعادية للمجتمع في مدينة غروزني " . على الفور سافرت إلى الجمهورية لجنة من العاملين في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي وفي مجلس وزراء جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفييتية . هدفها ـ المشاركة في التحضير وإجراء مؤتمرات فروع الحزب الشيوعي السوفييتي وكذلك مؤتمرات الشعب الحزبية في المدن والأحياء ، حيث تمت مناقشة المهام الملقاة على عاتق الهيئات الحزبية في الظروف القائمة . بعد عودة اللجنة إلى موسكو قام قسم الدعاية وقسم التنظيم الحزبي في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي ( نائبا الرئيس في القسمين بالتسلسل هما يو. سكلاروف و غ . لابتشينسكي ) بتحضير تقرير خاص ، والذي تحت ختم " سري " تم رفعه إلى سكرتاريا اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي ، بهدف عرضه على جميع المسؤولين والشخصيات المهتمة بالأمر .
لقد لحظ التقرير انه أثناء الزيارة قدمت اللجنة المساعدة اللازمة في إجراء 32 مؤتمر حزبي ، وفيها جميعها تم إقرار صوابية الإجراءات التي أقدمت عليها الهيئات الحزبية والسوفييتية والإدارية تجاه العناصر النشطة في التظاهرات الشوفينية المعادية للأعراف الاجتماعية . تم فصل 23 شخص من صفوف الحزب الشيوعي السوفييتي ، و من الكومسمول ـ 18 ، اعفي من مناصبهم 9 أشخاص ، 14 – أحيلوا إلى المحاكم الجنائية . . اكثر من 450 شخص " تمت مناقشة وضعهم " في اجتماعات العمال في مكان عملهم . تم في المؤتمرات الحزبية التأكيد بقوة على ضرورة المحاربة الحاسمة لجميع مظاهر التعصب القومي والنشاط المخالف للقانون من قبل المجموعات الدينية ، وجرى هناك الحديث حول ضرورة التحليل الموضوعي ، وعلى أسس طبقية ، عند إلقاء الضوء على تاريخ الشعب الشيشاني والانغوشي .
واحدة من الخطوات اللازمة لحل المشكلة يمكن اعتبار الاجتماع الموسع ، على مستوى الجمهورية ، للعاملين في حقل التربية والتعليم الشعبي . لقد تمت مناقشة مهام استكمال الانتقال إلى جعل التعليم الإلزامي شاملاً و العمل على تقوية التربية الفكرية والسياسية ، وكذلك التربية الأممية والإلحادية بين الشبيبة المتعلمة .
الجزء الثاني من التقرير كان اكثر تفصيلاً وتحديداً . تمت الإشارة إلى أن العناصر الشوفينية لم تستسلم ولم تقبل الهزيمة ـ والكثيرون منهم يخططون لمتابعة الصراع ، يقومون بإذكاء الفتنة بين السكان . هناك حالات عندما قامت بعض العناصر الدينية والشوفينية المتعصبة بالتهديد بالقتل للشيوعيين والغير حزبيين ، الذين يدينون أعمال التعصب ومظاهر التطرف القومي . تشاع أكاذيب كما لو أنها غير قانونية تلك الاجراءات ،التي تتخذ بحق أولئك الذين ينظمون ويقومون بأعمال الشغب على أساس شوفيني .
إن اكثر ما يدعو للقلق هو واقع أن العناصر القومية المتطرفة يطلقون الإهانات والتهديدات ، ويقومون بأعمال الاستفزاز والاضطهاد تجاه الأهالي من القوميات الأخرى ، خصوصا الروس ، مما يضطر هؤلاء الأخيرين للهجرة إلى خارج حدود الجمهورية . وكمثال على ذلك ورد مثال حي سونجسين ، الذي " خلال الـ3 سنوات الأخيرة " هجره حوالي 9000 مواطن روسي ، بما في ذلك 780 منهم في الربع الأول من عام 1973 .
مع الأخذ بعين الاعتبار التدين الزائد والنشاط الكثيف لرجال الدين المسلمين ، فقد تقرر تلبية طلب المنظمة الحزبية للحزب الشيوعي السوفييتي في جمهورية الشيشان والانغوش من اجل زيادة عدد العاملين في قسم الدعاية والتوجيه . إن مهمة الموجهين الجدد ستقتصر على مسائل الدعاية الإلحادية .
من الواضح أن الخطوات المتخذة لم تكن كافية ، ولا بأي شكل من الأشكال ، من اجل تهدئة الوضع . وقد وصلت الأمور إلى ذروتها في صيف عام 1991 ، بعد إقرار مجلس السوفييت الأعلى في جمهورية روسيا السوفييتية الاتحادية الاشتراكية قانون " حول إعادة الاعتبار للشعوب التي تعرضت للاضطهاد " . عن كل " المشاغبات وأعمال الفوضى " في جمهورية الشيشان والانغوش ، رفع قسم السياسة القومية التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي مذكرة سرية مفصلّة ، وقد أعدها المستشار فيه أ . إيميلياننكو بتاريخ 21 حزيران 1991 . لكن المذكرة لم تصل إلى أعضاء المكتب السياسي . لم يكن الوقت وقت الشيشان . لقد عاش الاتحاد السوفييتي والحزب الشيوعي السوفييتي آخر أيامهما . فقد حدث في القفقاس ما كان يجب أن يحدث .
تم الاعتماد على مركز حفظ الوثائق الحديثة .
البرافدا . عبر الانترنيت . المحرر فلاديمير ليفين .
ترجمة د . إبراهيم استنبولي
[email protected]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الشيشانيون ـ شعب في جمهورية الشيشان والانغوش ذات الحكم الذاتي في الاتحاد السوفييتي السابق . تعدادهم 611.000 في الجمهورية ومجموعهم اكثر من 756000 في كل الاتحاد السوفييتي . إحصاء عام 1979
الأنغوش ـ شعب يقطن في القفقاس ، في نفس الجمهورية . تعدادهم بالتوافق 134.700 ـ 186000 ( إحصاء عام 1979 ) .
[2] بشكيريا ـ جمهورية ذات حكم ذاتي ضمن روسيا الاتحادية . عاصمتها مدينة اوفا .
[3] فقط بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق أصبحت جمهورية كاراتشايف ـ تشركيسيا ذات الحكم الذاتي . في شمال القفقاس الكبير . العاصمة مدينة تشير كيسك .متعددة القوميات والأعراق ، لكن بشكل خاص يقطنها الـ : كارات شاي ،الشركس والروس .
[4] تتاريا أو جمهورية التتار ذات الحكم الذاتي . ضمن جمهورية روسيا الاتحادية . العاصمة مدينة قازان . تقطنها شعوب من قوميات وأعراق متعددة .
[5] اومسك :مدينة روسية تم تأسيسها عام 1716
كويبيشيف هناك مدينتان روسيتان بهذا الاسم . واحدة في تتاريا ( سباسك قبل 1926 ) والثانية سامارا قبل عام ( وهذه هي المقصودة هنا ) 1935 .
اورينبورغ ـ مدينة روسية على نهر الاورال . أسست عام 1735 .
[6] قرغيزيا ـ جمهورية مستقلة في شمال شرق آسيا الوسطى . عدد السكان حوالي 3685000 ( تعداد عام 1981 ) . العاصمة سابقا مدينة فر ونزه