عبد الرزاق السويراوي
الحوار المتمدن-العدد: 2017 - 2007 / 8 / 24 - 05:11
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
إبتداءاً أرى من الضروري التنويه الى أنني لا أهدف من وراء عنوان المقال , التعرض بسوء الى أيّ من النخب السياسية العراقية , مهما كان توجهها السياسي أو الفكري, وإنما أجدني أحد العراقيين , الذين عقدوا ويعقدون الآمال على العملية السياسية الجارية في العراق , من أنْ تحثّ خطاها , لتنأى بهم بعيدا عن مخالب القلق الذي بات يفترس نفوس العراقيين الذين أنهكتهم حالة فقدان الأمن والأستقرار التي تتسيّد الآن , الشارع العراقي دون منازع . ولكن ... أنّى يتحقق ذلك وعواصف الأختلاف والفرقة لدى النخب السياسية , تجتاح العراق وبكل الإتجاهات . أنا لا أريد هنا , التوسل بكلمات الوعظ لهذا الطرف أو ذاك , ولكني ألفت النظر من باب التذكير , الى وجود مفارقة كبيرة يملأ دخانها سماء العراق , تلك هي , أنّ كل النخب السياسية ودون إستثناء , تعتقد جازمة , بصحة مواقفها وطروحاتها وخطابها السياسي وطريقة فهمها ومعالجتها وقراءتها لكل المستجدات أو لكل ما هو جارٍ من حراك سياسي , ليس هذا فحسب , وإنما كل طرف سياسي , يعتقد أيضاً , بدرجة ما من القناعة , بعدم صواب طروحات ومواقف الطرف أو الأطراف الأخرى .من هنا يمكننا طرح التساؤل الآتي : إذا كانت كلّ النخب السياسية تعتقد بصحة مواقفها وفهمها لمتطلبات المرحلة وضروراتها , إذاً , هذا التوتر الحاصل والإضطراب السياسي الذي تشهده الساحة السياسية العراقية ,نعزوه لمنْ ؟ وما هو مصدره ؟ وما هي العوامل التي تغذّيه وتنمّيه ؟
بالتأكيد إنّ الإجابة عن هذا التساؤلات تحيلنا مرة أخرى الى جوهر المفارقة التي أشرت إليها , طالما أنّ كلّ النخب السياسية , متمسكة بما لديها من قناعات لا تحيد عنها , والتي لا تخرج عن إطار أنها الأقرب الى الصواب وتحمّل في الوقت ذاته , الأطراف الأخرى , مسؤولية ما قد يحصل من إخفاقات في العملية السياسية , متناسين بأنّ هذه الإخفاقات التي يمكن معالجتها , إذا ما إستمرت وتائرها في الشد والتصاعد , فأن هذا يعني , أنّ العملية السياسية مرشحة لمواجهة أزمة , ربما لم يشهد العراق مثيلا لها عبر تاريخه السياسي الطويل , وذلك من حيث النتائج الخطيرة التي سوف تترتب عليها . ولا أعتقد بأن هذه الحقيقة غائبة عن ذهنية سياسيينا . إضافة الى ذلك , فأنّ هناك حقيقة أخرى تلقي ايضا بثقلها الواضح على الواقع السياسي العراقي , وأعني بها , الغياب الملحوظ لروح الإيثار الذي يُفترض أن يكون حاضرا لدى جميع النخب السياسية , وأن تكون مصلحة الشعب العراقي هي الماثلة في سلم الأولويات , لكي يتمكن الجميع من أنْ يجنبوا الشعب العراقي من وقوع كارثة لا سامح الله قد تحرق الأخضر قبل اليابس .
وبالعودة الى التساؤل الذي حمل عنوان المقال , نتمنى أنْ تكون الإجابة ,بأنّ النخب السياسية لا زالت الفرصة أمامها كبيرة , وأيضا ما زال الشعب العراقي يتوسم فيهم , بإيلاء إيثار مصلحة شعبهم أولاً , لأنه هو الأولى بالتضحية قبل أيّ شيء آخر.
#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟