|
قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي- (7)
جاسم الحلوائي
الحوار المتمدن-العدد: 2016 - 2007 / 8 / 23 - 11:07
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
عندما بدأت كتابة هذا المسلسل، وفي الحلقة الأولى منه ذكرت ما يلي: "لا أنوي إستعراض الكتاب في قراءتي له ولا تقييم فصوله الستين. إن ما سأقوم به هو التوقف عند بعض الأمور التي لفتت إنتباهي، أو التي أرى من المفيد إثارة الإنتباه اليها". ومنذ الحلقات الأولى تلقيت تشجيعا على جمع الحلقات في كتيب، فحورت مهمة القراءة السابقة الى مهمة التوقف في المحطات الهامة من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، وقد إتخذ الموضوع هذا المنحى بعد الحلقات الأربعة الخاصة بعهد الرفيق الرفيق فهد، وذلك يتطلب الإستطراد أحيانا في بعض المواضيع، مما يقتضى التنويه.
20
بعد إعتقال بهاء الدين نوري في نيسان 1953 تولى الرفيق كريم أحمد الداود، أقرب معاوني بهاء الدين، مسؤولية سكرتارية اللجنة المركزية للحزب، حتى هروب حميد عثمان من السجن في حزيران 1954. وضمت اللجنة الى جانب كريم أحمد كل من ناصر عبود وعبد الله عمر محي الدين (كاكه فلاح) وسليم الجلبي ورشيد عارف. (*) في هذه الفترة كان حميد عثمان قد وطد، وهو في سجن بعقوبة، زعامته للحزب. فقد عهد بإدارة المنظمة الحزبية في السجن الى لجنة يترأسها الشهيد مهدي حميد وراح ينصرف هو الى شؤون الحزب العامة. وفي هذا الإطار أيضاً أصدر في نهاية 1953 مجلة (كفاح السجين الثوري) نصف الشهرية، ليتخذ منها أداة لتوجيه سياسات الحزب إزاء القضايا المختلفة التي تواجهه، ولتنشيط الحياة الفكرية بين السجناء الشيوعيين في ذات الوقت. فحين تسلم كريم أحمد مهمة سكرتارية اللجنة المركزية، كان مقتنعاً بأن قائد الحزب الفعلي هو حميد عثمان، وراح يشاوره في أهم الأمور.
ولهذا السبب، يرى سباهي، وهو محق في ذلك، أن سياسات الحزب وخطابه الى الجماهير تأرجحت في تلك الفترة بين الإنشداد الى سياسات الماضي المتياسرة والمتفاقمة الآن بتأثير حميد عثمان، وبين التطلع الجاد الى حل العقد التي تعترض سبيل الحزب وفق خط جديد وعملي. ويستشهد الكاتب سباهي بالعديد من الأمثلة المأخوذة من جريدة "القاعدة" للتدليل على رأيه. ويعزو سباهي هذا التأرجح الى عاملين: الأول تأثر الحزب بالإنحسار الذي طرأ على الإتجاهات اليسارية المتطرفة في سياسات الأحزاب الشيوعية في كل من سوريا ولبنان وايران، والتي إستبدلت دعوتها الى الأنظمة الديمقراطية الشعبية، بالدعوة الى الأنظمة الوطنية الديمقراطية والجبهات الوطنية، ولم يكن ذلك بمعزل عن التخفيف العملي لنهج التشدد الستاليني على أصعدة مختلفة، في القيادة السوفيتية بعد وفاة ستالين. لم يشر سباهي الى هذا العامل، وقد أشار اليه الباحث حنا بطاطو بالقول: " ولا شك أن موت ستالين في تلك السنة، الذي أدى عموماً الى مزيد من المرونة في الأفكار السوفيتية والسلوك السوفيتي، ومهد الطريق أمام التغيير. وفي ما يخص المشرق العربي، كان خالد بكداش أول من خرج بالإستنتاجات الضرورية، ـ أو بشكل أدق ـ عبر عنها. وأعلن بكداش في تشرين الثاني (نوفمبر) 1953، وفي صحيفة "مكتب إعلام الأحزاب الشيوعية والعمالية"، أنه "ليس أمامنا نحن العرب طريقاً غير طريق الجبهة الوطنية الواسعة [المضادة للإمبريالية] التي يجب أن توحد العمال والفلاحين والشرائح الوسطى من سكان المدن وقطاعات واسعة من البرجوازية الوطنية".(1)
أما العامل الثاني فيتمثل في تنامي نضج الكوادر الحزبية وتزايد تعرفهم على الأدب الماركسي. ففي تلك الفترة كثر عدد الذين عادوا الى الوطن من اوربا بعد أن أنهوا دراساتهم وهم يحملون معهم صوراً عن تقاليد النشاط السياسي في هذه البلدان. وتأثروا بنضال الأحزاب الشيوعية فيها، وإطلعوا على تقاليدها وتجاربها في العمل، ولا سيما في فرنسا وبريطانيا. وإضافة الى ذلك تنامت علاقة الحزب بالأحزاب الشيوعية وإزداد إطلاع أعضائه على تجارب هذه الأحزاب من خلال ما تنقله جريدة "القاعدة" من الصحافة الأجنبية، ومن الإحتكاك المباشر في المهرجانات العالمية وغيرها. (2)
21
في كانون الثاني 1954، دعا كريم أحمد، سكرتير اللجنة المركزية، الى عقد إجتماع للجنة لمناقشة وإقرار تقرير أعد مسودته بالتشاور مع أعضائها بعنوان "جبهة الكفاح الوطني ضد الإستعمار والحرب"، وإستلمت اللجنة المركزية مقترحات وملاحظات الرفاق في سجن بعقوبة وناقشتها بجدية. وفي هذه المناسبة دعي الشهيد حسين أحمد الرضي (سلام عادل) الى المشاركة في الإجتماع، بعد أن قررت اللجنة ضمه اليها كعضو وليس مرشحا. (وكان الرفيق آنذاك سكرتيراً للمنطقة الجنوبية حيث ظهرت كفاءته القيادية السياسية والتنظيمة في إدارة وتوجيه الإضرابات التي جرت في البصرة، وخاصة إضراب عمال النفط الذي بدأ في كانون الأول 1953.) "وقد ساهم الرفيق سلام عادل مساهمة جدية في أفكارها (المسودة) وموضوعاتها وصياغتها وإغنائها" (3)
يتوقف التقرير بوجه خاص، كما يشير سباهي، عند قيادة بهاء الدين نوري ويصفها بالبيروقراطية والفردية...الخ. وتناول كذلك موضوعة الإنعزالية، وأكد إنها ثمرة السياسات اليسارية في السياسة والتنظيم. وتجنب الحديث عن أهداف الحزب البعيدة "لكي لايربك أعمال الحزب ويعزله عن الجماهير". وعلى هذا الأساس أخذ التقرير على ميثاق باسم (بهاء الدين نوري) خلطه بين الأهداف البعيدة والآنية وأدى الى أخطاء مربكة. وبعد أن إستثنى الحزب الوطني الديمقراطي، وصف التقرير جميع الأحزاب الأخرى، بما في ذلك حزبي الجبهة الشعبية والإستقلال، بالرجعية والمساوِمة وبأعداء السلام والديمقراطية! هكذا نرى أن التقرير يعكس التأرجح في سياسة الحزب، في عهد قيادة الرفيق كريم أحمد، بين التطرف اليساري والخط الثوري الصحيح. ويظهر أن توفير القناعة بتعديل نهج الحزب السياسي والفكري لم يكن بالأمر الهين مع إستمرار تأثير حميد عثمان على الحزب وهو في سجنه ، كما يرى سباهي، وأنا أؤيده في ذلك.. (4)
إنعكس التأرجح في سياسة الحزب في التطبيق العملي أيضا، فبعد بضعة أشهر من صدور تقرير "جبهة الكفاح الوطني ضد الإستعمار والحرب"، وكان سلام عادل مسؤولاً عن العلاقات الوطنية إضافة الى مسؤولية قيادة منظمة بغداد، دخل الحزب مع أحزاب المعارضة وبضمنها حزب الإستقلال، الذي سبق وأن وصفه الحزب بأوصاف معادية، في الجبهة الإنتخابية ببرنامجها الوطني الديمقراطي. وقد فازت الجبهة ﺒ 11 مقعداً في البرلمان، فلم تحتملهم الفئة الحاكمة و المستبد نوري السعيد، فحل البرلمان بعد جلسة الإفتتاح مباشرة.
وجرت تحركات جماهيرية واسعة آنذاك ضد الحلف التركي ـ الباكستاني الذي كانت الحكومة العراقبة، ومن ورائها الدول الإستعمارية، تسعى لربط العراق به. وقد لعبت جميع المنظمات الديمقرطية وحركة أنصار السلام، التي عقدت مؤتمرها الأول في تموز 1954، دوراً مرموقاً في هذا النضال. وهنا نلاحظ مرونة في التحرك وربط صحيح بين النشاط السري والعلني للحزب.
خلال هذه الفترة أعيدت علاقات الحزب بالحركة الشيوعية العالمية، إذ شارك الرفيق سلام عادل في مؤتمر الأحزاب الشيوعية لدول الكومونولث البريطاني، مندوبا عن الحزب وتلبية للدعوة الموجه له، وذلك في نيسان 1954. وقد لقي تقرير سلام عادل في المؤتمر ترحيبا حاراً وقوبل بالهتاف بحياة الحزب الشيوعي العراقي من قبل المؤتمرين. وبناء على إقتراح نائب رئيس الحزب الشيوعي البريطاني ﭙالم دات، قرر المؤتمر إرسال تحية حارة الى الحزب الشيوعي العراقي، جاء فيها:
" أيها الرفاق الأعزاء، لقد أعجب إعجاباً عميقاً جميع مندوبي الأحزاب الشقيقة وكل الحاضرين للنضج السياسي المتنامي في الحزب الشيوعي العراقي.. وقد هز مشاعرهم ذلك الوضع الرائع لشجاعة الحزب وتضحياته في قيادة المعارك العظيمة للعمال والفلاحين والطلاب والمثقفين ولكل أولئك الذين يقاومون السيطرة الإستعمارية الأجنبية و(قرقوزها) الرجعية في العراق"
وهكذا وبعد خمس سنوات من محاولة الإستعمار والرجعية المحلية القضاء على الحزب الشيوعي العراقي، أصبح الحزب، رغم كل الصعوبات والمشاكل والثغرات في عمله، قوة طليعية ليس في الحركة الوطنية العراقية فحسب، بل وقوة مرموقة في الحركة الشيوعية العالمية أيضا.(5)
22
دبرت منظمة الحزب في سجن بعقوبة المركزي عملية تهريب حميد عثمان من السجن في 16 حزيران 1954. وأعقب ذلك فرار فرحان طعمة ومن ثم هادي هاشم خلال عشرة أيام. وما أن إلتقى عثمان بالرفيق كريم أحمد حتى سلمه الأخير سكرتارية اللجنة المركزية، كأمر مفروغ منه. وكانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي تضم حينذاك الى جانب حميد عثمان كل من كريم أحمد، سلام عادل، سليم الجلبي، هادي هاشم، فرحان طعمة، ناصر عبود، عبد الله عمر محي الدين (كاكه فلاح)، وعطشان ضيول.
وإذ عنون سباهي الفصل الذي كرس لعهد كريم أحمد ـ سلام عادل "خطوة الى الأمام..." فقد عنون عهد حميد عثمان "خطوتان الى الوراء" مستعيراً وموزعاً عنوان كتاب شهير للينين على الفصلين. وكان الكاتب محقاً، فبدلاً من الدعوة الى حكومة وطنية ديمقراطية تعادي الإستعمار وتعمل من أجل السلم والديمقراطية، وتجنب إدخال البلاد في مشاريع الدفاع الحربية التي يخطط لها الإستعمار، عاد الحديث يجري عن "إن حزبنا الشيوعي المسلح بنظرية علمية يرى إن إستقلالنا الناجز وحل مشاكلنا الإجتماعية لا تحل إلا بإقامة سلطة شعبية تحت قيادة الطبقة العاملة، حكومة شعبية تحدد علاقاتها الخارجية بنفس النهج الذي سارت عليه دول الديمقراطية الشعبية في اوربا وآسيا"(6)
اما على الصعيد التنظيمي وحياة الحزب الداخلية فكان حميد عثمان بيروقراطياً وفردياً. وقد إصطدم هذا السلوك بنمو الوعي داخل الحزب. وكان الرفيق سلام عادل أبرز المتصدين لسلوك حميد عثمان السياسي والتنظيمي الخاطئين. وقد إعترض منذ البدء على توليه سكرتارية اللجنة المركزية. ويتذكر الرفيق كريم أحمد الحوار التالي الذي دار بينه وبين سلام عادل حول الموضوع إياه: "... فقلت له: سلمت قيادة اللجنة المركزية الى حميد عثمان ولم أعد سكرتيراً... فسأل: هل إجتمعت اللجنة المركزية وقررت هذا الإجراء؟ أجبت: كلا، لأني إعتبرت المسألة طبيعية، لأن الرفاق السجناء وهم كوادر قيادية في السجن قد إعتبروا أن حميد هو قائد الحزب بلا منازع، فعندما يكون في أحضان الحزب يمارس دوره القيادي في الحزب. فقال: أنا أعترض على هذا الإجراء وأعتبره عملا فردياً منك. إذ كان من الواجب عرض المسألة على اللجنة المركزية التي هي صاحبة الحق في ذلك، ثم أن حميد ليس بالقائد بلا منازع إذ إنه بيروقراطي فردي يعيش على الصراعات بين الرفاق، وغير جامع لوحدة الحزب والقيادة، وحتى مستواه السياسي لم يبلغ درجة قيادة الحزب.
لم يأخذ الرفيق كريم أحمد أقوال الرفيق سلام عادل الهامة والمسؤولة على محمل الجد. ويتضح ذلك من تعليقه عليها بالقول: "حينها إعتبرت هذه المطالعة (مطالعة سلام عادل) من باب الصراعات السجنية التي يجب مكافحتها والقضاء عليها في حياتنا الحزبية..."!؟ (7)
وعندما أعاد حميد عثمان توزيع العمل على أعضاء اللحنة المركزية، نحى الرفيق سلام عادل عن قيادة منظمة بغداد وعن مسؤولية العلاقات الوطنية. وبعد تجميده لبعض الوقت، أبعده عن مركز القيادة وذلك بإناطة مسؤولية منظمات الفرات الأوسط به.
في صيف عام 1954، وتزامناً مع تولي حميد عثمان قيادة الحزب، أصبح نوري السعيد رئيساً للوزراء من جديد. وقد أصدر من 22 آب إلى 12 تشرين الأول جملة من المراسيم التعسفية التي أشتهرت بإسم (المراسيم السعيدية). كانت هذه المراسيم معادية لأبسط الحقوق الديمقراطية ومخالفة بوقاحة لدستور البلاد. وكانت باكورة هذه المراسيم مرسوم حل المجلس النيابي، الذي لم يعقد سوى جلسة واحدة إنتخب فيها رئيسه. ولم يحظر نوري السعيد نشاط الأحزاب المجازة فحسب، بل حلّ جميع الجمعيات المجازة بمختلف أنواعها واغراضها أيضاً، والغى إمتيازات جميع الصحف. وأجاز فقط ثلاث صحف موالية للحكومة. وألزم نوري السعيد السجناء الشيوعيين الذين ينهون محكومياتهم بإعطاء براءة من الشيوعية والتعهد بخدمة الملك وإلا ستسقط عنهم الجنسية العراقية. وأقدمت حكومته فعلا على إسقاط الجنسية عن عدد من الشيوعيين والديمقراطيين، ومن بينهم المحاميان المشهوران توفيق منير نائب رئيس نقابة المحامين وكامل القزانجي، وتم تسفيرهما إلى تركيا. كما اسقطت الجنسية عن عدد من الوطنيين ممن كانوا خارج البلاد وهم عزيز شريف وصفاء الحافظ وكاظم السماوي وعدنان الراوي.
وبادرت حكومة نوري السعيد بشن حملة إعتقالات واسعة في صفوف القوى الوطنية. وفصل عدد كبير من أساتذة الجامعات والمدرسين والمعلمين والموظفين والطلبة ذوي الميول الوطنية والديمقراطية وحجزوهم في معسكرات تحت عنوان إداء الخدمة العسكرية. وباتت (البراءة) من الشيوعية مطلوبة للقبول في الكليات حتى ولو كان المرء قومياً! وأضحى جلياً بأن كل هذه الإجراءات هي مقدمة وتمهيد لربط العراق بالأحلاف العسكرية الأمبريالية. وعلى اثر تلك الإجراءات بدأت الحركة الوطنية الديمقراطية تعاني من التراجع. لقد كانت الحركة الوطنية في جزر، فلم تتمكن من التصدي الفعّال لإحباط مساعي الحكومة لعقد الحلف.
والغريب في الأمر أن حميد عثمان لم يشخص هذا الجزر في الحركة، بل كان يرى بأن هناك غلياناً ووضعاًً ثورياً ناضجاً للقيام بإنتفاضة. وتنفيذاً لتوجيهاته، إنطلقت ما كان يعرف ﺒ"المظاهرات الخاطفة"، حيث زُجّت كوادر وأعضاء الحزب فيها لتثوير الجماهير، ولكن دون جدوى.(8) ويشير بطاطو "الى أنه ورط الحزب الشيوعي،تكراراً، في مواجهات مكلفة لامعنى لها مع الشرطة. وفي إحدى المناسبات ـ في أيلول (سبتمبر) 1954 ـ رفع شعار" الإضراب السياسي العام"، وفي مناسبة أخرى ـ في كانون الثاني (يناير) 1955ـ رفع شعار "الكفاح المسلح". وضغط عثمان كذلك بإتجاه بناء" جيش شعبي ثوري" وبإتجاه تغطية الريف ﺑ "القلاع الثورية". وما من شك في إنه كان واقعا خلال هذه الفترة تحت تأثير أفكار ماو تسي ـ تونغ. وكان، هو نفسه، قد شدد أكثر من مرة على أهمية تجربة الشيوعيين الصينيين". (9)
في الأول من أيار أصدر حميد عثمان، دون الرجوع الى اللجنة المركزية برنامجاً مرحلياً جديدا للحزب نشر بإسمه في جريدة "القاعدة"، وعرف لاحقاً ﺑ"إطلاقات أيار". وكان يريد منه أن يكون ميثاقاً للحزب يحل محل المواثيق القديمة. ولم تكن أهدافه تختلف من حيث الجوهر عما جاء في تقرير ( جبهة الكفاح الوطني ضد الإستعمار والحرب)، الذي أقرته اللجنة المركزية في مطلع عام 1954.
أثار تصرف عثمان حفيظة اللجنة المركزية. وقد أوقف سلام عادل توزيع البرنامج المذكور في منظمة الفرات الأوسط. وإلتقى سلام بعثمان طالبا منه إيقاف توزيعه وعقد إجتماع للجنة المركزية لمناقشة وإقرار مثل هذه الوثيقة الخطيرة. وعقد الإجتماع في حزيران 1955. وحوسب في الإجتماع حميد عثمان على عدم عقده إجتماعا للجنة المركزية قبل إصدار الوثيقة. وتحدث جميع الرفاق مؤكدين على الأهمية الإستثنائية للإجتماع في مثل تلك الظروف العصيبة التي يمر بها العراق والحركة الوطنية. فتعلل عثمان بالمرض وطلب الذهاب الى بيته للراحة وكلف سلام عادل بإدارة الإجتماع الذي ظل منعقداً. و لم يأت حميد عثمان في اليوم التالي، وتبين إنه قد سافر الى مدينة كركوك. فأرسلت اللجنة المركزية الرفيق ناصرعبود للعودة به. وفعلاً عاد به ناصر عبود الى إجتماع اللجنة المركزية حيث حوسب على هروبه الى كركوك وكذلك على جميع مخالفاته،وهي:
1ـ إنفراده في معالجة القضايا الهامة التي تواجه البلاد.
2ـ تفريطه بكثير من كوادر وأعضاء الحزب في نشاطات تعتمد قوى الحزب وحده، كالمظاهرات الخاطفة ومجموعات الهتاف في المقاهي ودور السينما وغيرها.
3 ـ إتباعه سياسات خاطئة وإنعزالية في التعامل مع الأحزاب والقوى الأخرى.
4 ـ إقدامه على وضع ونشر برنامج جديد للحزب من دون مشاورة اللجنة المركزية وإستحصال موافقتها عليه.
وللأسباب التي تتعلق بأخطائه كسكرتير للحزب، تقرر تنحيته عن هذه المسؤولية. وإنتخبت اللجنة المركزية سلام عادل بالإجماع سكرتيراً لها. وعوقب حميد عثمان على هروبه الى كركوك وتعريضه الإجتماع الى خطر جدي لو القي القبض عليه خلال الرحلة، بتجميد عضويته في اللجنة المركزية. (10) بذلك طوى الحزب عهدا، يمتد من إعدام قيادته التاريخية (فهد،حازم وصارم) في عام 1949 حتى إستلام الرفيق سلام عادل قيادة الحزب في أواسط عام 1955. وكان عهداً يتسم، بإستثناء فترة (كريم أحمد ـ سلام عادل)، بالتطرف اليساري والإنعزالية والقيادة الفردية. وعلى أي حال, فهو، بإخفاقاته ونجاحاته، جزء هام من تاريخ وتراث الحزب الشيوعي العراقي المجيد. ________________________________________ * لم يذكر سباهي إسم رشيدعارف ج2 ص121. وقد ذكره كريم أحمد في مذكراته.ص98. (1) حنا بطاطو مصدر سابق. ص351. (2) راجع سباهي. المصدر السابق. ص122 وما يليها. (3) كريم أحمد. "المسيرة". الطبعة الأولى 2006. مطبعة شهاب ـ أربيل. (4) راجع سباهي. المصدر السابق. ص 131 ـ 132 ـ 133 (5) راجع زكي خيري وسعاد خيري. مصدر سابق ص 205. أنظر كذلك سباهي. المصدر السابق. ص136 وما يليها. (6) راجع سباهي. المصدر السابق. ص146 (7) كريم أحمد. مصدر سابق. ص111. (8) راجع سباهي. المصدر السابق. ص 149 وما يليها. (9) حنا بطاطو مصدر سابق. ص343 (10) ثمينة ناجي يوسف ونزار خالد. مصدر سابق. ص95. أنظر كذلك سباهي. المصدر السابق. ص 158 و160.
#جاسم_الحلوائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في كتاب عزيزسباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق-
...
-
قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق
...
-
قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق
...
-
قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق
...
-
قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق
...
-
قراءة في كتاب عزيزسباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق-
...
-
تعليق على مقال - كيف عشت الحقيقة -
-
هل كانت تحالفات الحزب الشيوعي العراقي كارثية؟
-
حسن عوينة مناضل .. يُقتدى
-
كتاب - لحقيقة كما عشتها
-
التراث الإشتراكي في مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي
-
حول تغيير إسم الحزب الشيوعي العراقي
-
ملاحظات على مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي
-
ملاحظات على مشروع النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي
-
رسائل عزيزة
-
نبذة مختصرة عن مدينة كربلاء
-
سنوات بين دمشق وطهران ( 6 )
-
سنوات بين دمشق وطهران 5
-
سنوات بين دمشق وطهران 4
-
سنوات بين دمشق وطهران - 3
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|