|
مراسيم محاربة المسيحية في العراق
سلام ابراهيم عطوف كبة
الحوار المتمدن-العدد: 2016 - 2007 / 8 / 23 - 11:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعاني مسيحيو بلادنا اليوم من المخلفات الدكتاتورية وخزعبلات الطائفية السياسية والارهاب . وكانت السلطات العراقية قد اصدرت قرارات عنصرية – تعسفية جائرة ضد مسيحيي وكلدان العراق ومعادية للدين المسيحي .. باشراف مباشر من صدام حسين ، لازال جميعها ساري المفعول ، وتستند عليها الطائفية السياسية الحاكمة وعصاباتها الميليشياتية المسلحة في الاعمال الارهابية المستمرة ضد المؤسسة الدينية المسيحية السمحاء. وكانت القرارات سابقة الذكر قد استهدفت اذلال وتقليص نشاط الكنائس المسيحية في العراق ودعم سياسة التعريب التعسفي . ومن هذه القرارات : 1. مرسوم اجبار جميع ادارات وقساوسة الكنائس العراقية الارتباط مباشرة بوزارة الاوقاف . ويشمل المرسوم كنيسة المشرق بفرعيها الكلداني والآثوري ، الكنيسة السريانية بفرعيها الارثوذكسي والكاثوليكي ، والكنيسة الارمنية ، وغيرها من المنابر الكنسية . واستهدف المرسوم القضاء على استقلالية كنيسة المشرق التي تتولى مسؤولية 90% من مسيحيي العراق ، والسيطرة على جميع الاموال والممتلكات التابعة للكنائس . وردت السلطات العراقية على مطالب المطارنة بالغاء المرسوم " خيروا ما بين المصادرة الكاملة للاموال او ان توضع تحت تصرف ورعاية وزارة الاوقاف مباشرة ". 2. مرسوم وزاري يرفض ان يتم بموجبه تدريس الديانة المسيحية اذا لم يكن المدرس حاصلا على درجة الماجستير فما فوق ، وهذا يشمل المدارس ذات الغالبية المسيحية .... بمعنى آخر اغلاق الدروس بالكامل لأن هناك عدد قليل جدا من المدرسين تتوفر فيهم هذه المؤهلات . 3. قرار يجبر الابناء على اعتناق الاسلام حال زواج احد الوالدين من الديانة الاسلامية . 4. قرار رئاسي منع بموجبه الآباء من تسمية اطفالهم الجدد باية اسماء غير عربية او اسلامية . 5. اغلاق الاذاعة الناطقة بالسريانية في بغداد والتي كانت تبث برامجها مدة 2 ساعة / يوم فقط !. 6. اجبار البطرياركية الكلدانية وبقية الكنائس على اضافة مقتطفات من اقوال صدام حسين بجانب اقوال المسيح يسوع (ع) في التقاويم الكنسية لعام 2002. 7. تهجم صحيفة بابل في مقالات خالية من التوقيع على الديانة المسيحية واظهار افضلية الاسلام على المسيحية !. ليس غريبا اليوم ان تجد شعارا سياسيا لجيش المهدي ويتوعد بظهور المهدي المنتظر مثلا معلقا على جدران احدى الكنائس ( انظر : الكنائس في كرادة خارج / بغداد ) مثلما تجد صورة جدارية كبيرة لمقتدى الصدر تزين مدخل وزارة الكهرباء العراقية! ... هكذا تعاني المنظمات غير الحكومية والمؤسساتية المدنية والدوائر الحكومية من اللغو الخطاباتي للمسؤولين والتدخلات الحكومية والميليشياتية بكافة أشكالها وعلى الأخص استخدام سلاح التشريع لفرض وصاية الاستبداد الحكومي عليها . لماذا يتخوف سياسيو المحاصصة الطائفية من الاثنيات والاقليات القومية والديانات غير الاسلامية ؟! ان الحكومة العراقية تبدو من حيث الشكل والاطار القانوني متسقة مع المعايير الديموقراطية الاساسية لكنها، في جوهرها، تفتقد الى المحتوى الديموقراطي. واعتمدت الحكومة المحاصصة غير السياسية الديموغرافية اساسا لتشكيلها وليس المحاصصة السياسية التي ترتكز الى عدد المقاعد ، كما همشت مشاركة المرأة... كل ذلك عطل ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية التي تقتضي (المحاسبة والمراقبة والمساءلة) وصولا الى سحب الثقة من هذه التشكيلة الوزارية او تلك اذا اقتضى الامر ذلك .ان ترويج الطائفية هي ذات السياسة التي اوجدها وعمل بها نظام الاستبداد في حكم البلاد ... وبدلا من احداث التغيير الاساسي على تلك السياسة واتباع السياسة الوطنية العقلانية الحضارية مورست نفس الاساليب والادوات الطائفية والاثنية ولم تتخذ الاجراءات الحازمة لملاحقة الصدامية في الاجهزة القمعية الامر الذي تسبب في خلق الاحتقان الكبير في الشارع وتفجر الارهاب ليلجأ الناس للاحتماء بالمكونات الاولية لهم وهي المرجعيات الطائفية والاثنية !.... وتقود ديمقراطية الطوائف والأعراق إلى انهيار العقيدة الوطنية الحافظة لمصالح البلاد السياسية- الاقتصادية اي تواصل تفكك التشكيلة الوطنية وإبقاءها في حدود العجز عن بناء دولة ديمقراطية مستقلة ، واعتماد ديمقراطية منبثقة من التوازن الأهلي المرتكز على الحماية الخارجية وإبقاء المشاركة الأجنبية في صياغة المستقبل السياسي - الاقتصادي للعراق .. هكذا يعيش الشعب العراقي ، وتعيش المؤسسة الدينية المسيحية في جحيم حرب طاحنة، بين تفخيخ السيارات وانفجار العبوات الناسفة، وقتل وخطف الأبرياء واغتيال المثقفين والتهجير القسري، في هجمة بربرية لم يشهدها العراق منذ عصر هولاكو، وبين الانقسامات التي استشرت في أعضاء الجسد العراقي المتعب الذي سرى في جميع مظاهر حياته. علت الأصوات تزرع الشقاق بين مواطني البلد الواحد ، منادين ومتوعدين باسم الإسلام والتمذهب الطائفي، محتضنين الموت بدل الحياة، محاولين إعادة عجلة التاريخ إلى العصر البدائي... والضحية هو المواطن العراقي الذي اختلطت عليه الأوراق والمسميات. ان الطائفية والتخلف والجهل هي الد اعداء الديمقراطية فليس بالامكان بناء بلد متعدد القوميات والاديان والطوائف على اساس طائفي دكتاتوري وليس من مصلحة الوحدة الوطنية للشعب العراقي انتهاج سياسة " الغاية تبرر الوسيلة" لأن هذا النهج هو الذي سيدمر البلاد ويمزق وحدة الشعب..
#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البراغماتية والمنهج الطائفي السياسي في العراق
-
اليزيدية والجهل والتخلف والارهاب
-
شهرستانية خوجة علي .. ملة علي
-
نوري المالكي.. لماذا هذا اللف والدوران والمراوحة في نفس المك
...
-
القضاء العراقي ومسؤولو قطاع الكهرباء
-
الديالكتيك الاجتماعي للثورة الصينية
-
المدخل السلمي لبحوث الهندسة الوراثية في العراق
-
الضوضاء وصناعة الموت الهادئ في العراق
-
اللغات الوطنية للشعب العراقي والترجمة الآلية
-
دفاع سلام ابراهيم عطوف كبة امام الحنقبازيات الطائفية الشيعية
...
-
الأنصار الشيوعيون العراقيون ... الريادة والمعالم التاريخية
-
العمل الاستشاري الهندسي ودعم الاعمار في العراق
-
المؤسسة العسكرية في العراق الجديد
-
القضية الفلاحية في العراق المعاصر – القسم الثالث
-
القضية الفلاحية في العراق المعاصر- القسم الثاني
-
القضية الفلاحية في العراق المعاصر – القسم الاول
-
الطاقة الكهربائية على ضوء برنامج الحزب الشيوعي العراقي
-
ثقافات الجوهر المتماثل والمظهر المختلف
-
المساجد والحسينيات في بغداد .. اذاعات غير رسمية وظهير للعصاب
...
-
الانفراج السياسي والتعديلات الدستورية في العراق
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|