|
مازالت -ألتاديس- تستغفل المغاربة بمباركة وتزكية الحكومة
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 2017 - 2007 / 8 / 24 - 11:31
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
مازالت "ألتاديس" تستغفل المغاربة بمباركة وتزكية الحكومة عشية تسليم مقاليدها للبريطانيين "اللهم سم بلادي ولا سم البراني"
لقد صالت شركة "ألتاديس" وجالت في المغرب بعد أن اكتسحت كل رأسمال شركة التبغ سنة 2006 بامتصاصها لـ 20 في المائة من الأسهم ("مسمار جحا") التي كانت بحوزة الدولة. وبعد أن تمكنت من التحكم في قطاع التبغ ومسكت بجميع دواليب احتكاره، ها هي الآن تعرضه للبيع، من موقع قوة وتحكم، متفاخرة أن رقم المعاملات ناهز 14 مليون درهما، وبذلك يكون الإسبان والفرنسيون قد سلَّموا مفاتيح التحكم في رقبة قطاع التبغ المغربي للبريطانيين عبر شركة "امبريال طاباكو" ذات الصيت العالمي في المجال، للتحكم فيه. بعد أن حققت المجموعة الإسبانية – الفرنسية "التاديس" أرباحا طائلة منذ أن وضعت يدها على شركة التبغ، عبر استغفال المغاربة والتحايل على القانون المحلي والأعراف الدولية وتقاليد عالمنا القروي بمباركة وتزكية حكومتنا الموقرة، الآن تسلم "بنية وسوق التبغ المغربي"، القطاع المربح على الدوام ومهما كانت الأحوال، للبريطانيين ليستمروا في جني الأرباح والمزيد من استبلاد المغاربة في المدينة والبادية. والحالة هذه، وفي حدود "أضعف الإيمان"، سيفعل بنا البريطانيون ما سبق وأن فعله بنا الإسبان والفرنسيون، وطبعا بمباركة وتزكية حكومتنا، والأيام القادمة كفيلة بتأكيد هذا. هذه هي "ألتاديس"، بعد أن استحوذت على أرباح مهمة طيلة وجودها بالمغرب، هيأت المناخ لبيع القطاع بما يناهز 179 مليار درهم لـ "إمبريال طاباكو". وإذا كان منير الماجدي بدأ مشواره "لملياديري" على سكة "سلطنة الإشهار" - التي شكلت، بفعل ولي نعمته الأول الوزير المخلوع إدريس البصري، دولة في قلب دولة فإن مجموعة ألتاديس أسست دواليب وآليات احتكار لهف "الأرباح" على مسار "استبلاد المغاربة والتحايل على القانون والأعراف بمباركة الحكومة". منذ أن حل الإسبان والفرنسيون بـ "فتح" قطاع التبغ المغربي وتمكنت ألتاديس من 80 في المائة من رأسمال شركة التبغ بواسطة "وصفة عبر الوحدات العمومية المربحة والمتألقة للبيع في المزاد العلني" والمعروفة بـ "الخوصصة"، لم تعر هذه الشركة أي اهتمام للقانون المحلي، ولا للأعراف الدولية، ما دام الأمر يتعلق بالمغرب، وليس بإسبانيا أو بفرنسا. بدأت "ألتاديس" مشوارها بتهييء المناخ وتجميع الشروط للترويج لمنتوجاتها (كولواز، فورتونا، فين...) على حساب تحطيم بعض الماركات عرفت بأنها مغربية، مثل "الكتبية" التي قيل إنها لم تحقق الدرجة المقبولة والمرضية من الرواج وظلت موصومة بالكساد في السوق المغربي. قد تكون هذه الدفوعات قريبة شيئا ما من الواقع، لكن ما قول القائمين على أمور "ألتاديس" بخصوص سجائر "ماركيز" والتي ظلت تعرف رواجا كبيرا في صفوف أوسع فئات المدخنين بالمغرب؟ في البداية أغرقت "ألتاديس" السوق بعلب سجائر "ماركيز" ذات نكهة مخالفة للتي اعتادها المدخنون، فبدأ هؤلاء يبحثون على علب "ماركيز" ذات النكهة المعهودة، ونشأت شبه شبكات لمركزة "العلب القديمة"، وتألق في هذا المضمار جماعة من بائعي السجائر "ماركيز"، وموازاة مع اهتزاز مستهلكي "ماركيز"، وما أكثرهم، اكتسحت سجائر "كولواز" و"فورتونا"، ذات الثمن القريب جدا من "ماركيز"، حيث الفارق بينها لا يتعدى 3.50 درهم فقط، وتساءل الكثيرون بخصوص هذه الخطة التي توشي برائحة قريبة من رائحة جملة من تعليمات حكماء صهيون". آنذاك راج شعار، وصفه أصحابه بالوطني على كل حال، يذكرنا بالجملة المثبتة على علبة "وقيد السبع" صفراء كاشفة اللون: "بشرائكم المنتوج الوطني تساهمون في اقتصاد البلاد"، وهو "اللهم سم بلادي ولا سم البراني". كانت هذه، هي الجولة الأولى من فتوحات الشركة الإسبانية – الفرنسية، "ألتاديس"، تلتها جولات استبلاد المغاربة في المدينة والبادية، المثقفون منهم والأميون على حد سواء، وذلك بعد أن ضمنت تواطؤ ومباركة حكومتنا الموقرة. كانت تلك هي الخطة الجديدة، من سلسلة فتوحات "ألتاديس" متمحورة حول الإشهار والدعاية العلنية والمكشوفة للسجائر في نقط بيعها على امتداد المملكة السعيدة، ومازالت الشركة المذكورة مستمرة في استراتيجيتها حتى الآن، منذ سنة 2003 على الأقل. بدأ الإشهار بـ "كولواز" ثم تلتها "فورتونا" فـ "فين"، وكلها، على امتداد أربع سنوات الأخيرة، حملات دعائية شنت في الصيف وظلت تتزامن معه. ففي كل نقطة بيع وفي كل مكان وحين، من طنجة إلى الكويرة يصادف الرجل والمرأة، الطفل والشاب والكهل والشيخ، المريض والمعافى، إشهار السجائر الفرنسية والإسبانية والدعوات للمساهمة في مسابقات للفوز بجوائز بعد اقتناء علبة سجائر. كيف تم السماح لهذا الإشهار الذائع الصيت على امتداد أكثر من أربع سنوات في جميع أركان المغرب، "النافع منه وغير النافع"، في الحواضر والبوادي، علما أنه فعلا ينافي القانون الجاري به العمل ويضرب الوازع الأخلاقي والإنساني؟ في البداية اختبأت حكومتنا الموقرة وراء تداعيات توجيهات وتعليمات المؤسسات المالية الدولية، المفروضة في إطار التوجه الليبرالي المتوحش الذي فرض فرضا على بلادنا، فهل هذا هو السبب أم أن السبب الحقيقي، المراد التستر عليه، هو ما وقع في قطاع تبغنا، مجرد انعكاس من انعكاسات الخوصصة المرتجلة، أم أن ما جرى هو هفوة تكررت على امتداد أكثر من أربع سنوات ومازالت تتكرر إلى يومنا هذا؟ فكيف لحكومة أن تبارك وتزكي قبول الدوس على قوانين جارية المفعول ومكفول لها أن تحرص على احترامها؟ أم أن ضغوطات أصحاب رؤوس الأموال وصلت إلى حد يجعل الحكومة تستبلد المواطنين؟ من المعلوم أن أباطرة السيجارة في العالم يعملون على شراء ذمم بعض القائمين على الأمور لتسهيل انحراف تطبيق مقتضيات القانون الرامية صراحة لمنع الدعاية والإشهار الخاصين بالتدخين والسجائر، سيما وأن هؤلاء الأباطرة لاحظوا ازدياد الأصوات الحريصة على هذا المنع، كما حاولوا شراء ذمم بعض العلماء للتعليق على الأبحاث المرتبطة بعلاقة السرطان بالتدخين لتبيان قصورها ولو أدى الأمر إلى الاختلاق والتزوير، كما عملوا على منع نشر المقالات والدراسات الخاصة بأضرار التدخين. لكن ماذا يقول القانون الجاري بالمغرب في هذا المضمار؟ كجميع دول العالم، نتوفر نحن كذلك على قانون يدعى قانون مناهضة التدخين، وهو القانون رقم 16-91 المنشور في الجريدة الرسمية منذ 2 غشت 1995، دخل حيز التنفيذ منذ 3 فبراير 1996. ركز هذا القانون على 3 نقط جوهرية: - حظر التدخين في الأماكن العمومية. - منع القيام بالإشهار لفائدة التدخين والتبغ. - إلزامية إثبات عبارة "التدخين مضر للصحة" على ظهر العلبة. ومع ذلك تمادت "ألتاديس" في استبلاد المغاربة مع استمرارها في اعتماد استراتيجية دعائية كبيرة الجدوى، دون أن تحرك أية جهة مسؤولة ساكنا. إن أسلوب الدعاية المعتمدة من طرف "التاديس" بالمغرب هو من الأساليب الأكثر جدوى وفعالية، من أحدث وسائل الإعلام أو استعمال الملابس وبعض الأدوات والأكسيسوارات، إنه أسلوب يمس جميع فئات الشعب المغربي ويغطي كل شبر من التراب الوطني. وذلك لأن نقط ومحالات بيع السجائر تغطي كافة أرجاء المغرب، أكثر من أي تغطية أخرى في قطاع الأمن أو التعليم أو الصحة، علما أن أغلب نقط البيع لا تقتصر على عرض السجائر فقط للبيع، بل إنها في أغلبيتها الساحقة أماكن ومحلات لبيع وعرض مختلف المواد الغذائية، لاسيما في الأحياء الشعبية والمداشر، وبذلك تكون الدعاية موجهة لعموم الفئات ولمختلف الأعمار وغير محصورة على المدخنين. هذا في وقت يفيد فيه أكثر من مصدر أن السجائر الفرنسية والإسبانية (كولواز وفورتونا) فقدت الكثير من نفوذها في أسواق بلدانها والسوق الأوروبية بفعل الدعاية المضادة للتدخين وبفعل قوة تحرك فعاليات المجتمع المدني. وبذلك اضطرت للبحث عن أسواق جديدة بديلة فوجدت في حكومتنا الموقرة السند الكبير لتمكينها من السطو على السوق المغربية بواسطة الخوصصة مع توفير الشروط المريحة لها لتنمية أرباحها. إن القانون رقم 15-91 المناهض للتدخين ينص بواضح العبارة على منع أي دعاية للسجائر وعلى كتابة "التدخين مضر بالصحة" على كل عبلة سجائر، وبالرغم من ذلك يتم استغفال المغاربة والتحايل على مقتضيات هذا القانون، إذ إن هناك دعاية وإشهار مستمران ودائمان، والعبارة المفروضة بمقتضى ذلك القانون تكتب بخط ميكروسكوبي وبلون يجعل منها شبه محجوبة لا تكاد تبين، فعلى علبة "فورتونا" نلاحظ أن العبارة صغيرة جدا بلون باهت على مساحة بيضاء وتحت عبارة "FORTUNA" بالأسود بخط يضاعف حجم العبارة أكثر من 15 مرة، وتحت عبارة FILTER بالأحمر الفاقع بخط يضاعف 10 مرات خط العبارة التي لا تكاد تبين. أما في علبة "وانستون" الأمريكية، نجد أن العبارة المفروضة ميكروسكوبية كذلك ومثبتة تحت عبارة FULL-RICHE FLAVOR (أي غني ومنعش) مكتوبة بخط ولون بارزين جدا يفجع العين. في حين إن الحكومات التي تحترم مواطنيها ولا تستبلدهم فرضت أن تكتب عبارة "السجائر تقتل" بخط حجمه أكبر وأبرز من أي عبارة أخرى متواجدة على العلبة، كيفما كان مصدرها، لتكون واضحة للعيان من الوهلة الأولى دونما عناء، لأن الغرض منها هو إخبار المستهلك ليتحمل مسؤوليته كاملة وليس السعي لاستغفاله أو استبلاده كما هو الشأن عندنا. مقابل كل هذا ماذا تقدم شركة "ألتاديس" للمغرب، علاوة على أجور وضرائب وجب الكشف عنها ليطلع عليها المغاربة" لتقييمها، تساهم الشركة المذكورة في حملات من "أجل بيئة نظيفة"، خصوصا في تنظيف الشواطئ خلال فصل الصيف وتمويل بعض الأنشطة لتمكين الأطفال من تزيين جدران بعض المصطفات برسومات وإثبات لوحات إشهارية خاصة بحماية البيئة بمداخل الشواطئ المغربية. هذا في وقت لم نلاحظ فيه أي تحرك من جانب جمعيات حماية المستهلك في هذا المجال ولم يتم التفكير ولو في رفع دعوى ضد الشركة المذكورة نظرا لتماديها في استبلاد المغاربة؟ كما أنه، عوض أن تعمل حكومتنا على تفعيل القانون وتطبيقه في هذا المضمار، وهذا أضعف الإيمان – وأن تجتهد في توسيع مقتضياته وترسيخها، فإنها تبدو وكأنها زكت وباركت كل ما كانت تقوم به "ألتاديس" من دعاية وإشهار للتدخين في جميع نقط بيعها بالمدن والمداشر، حتى في تلك النقط القريبة من المدارس الابتدائية والحدائق، ولا محالة أنها ستفعل نفس الشيء مع البريطانيين. إدريس ولد القابلة
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البوليساريو تحرك أجنحتها في الداخل لخلق القلاقل في الصحراء
-
فؤاد عال الهمة
-
مافيا جنرالات يسيئون للملك والشعب
-
لكل حصيلته
-
أطر العسكر تربّت على معاداة كل ما هو تحرري وتقدمي
-
قميص عثمان الذي ينسب إلى الجيش راجع إلى كونه جهاز أبكم
-
السلطة الحقيقية للحكم بالمغرب بيد الجيش
-
كيف كان نظام الحسن الثاني يزور الانتخابات؟ الحلقة الأخيرة
-
تزوير الانتخابات اتخذ من قبل القصر قبل وصول البصري إلى وزارة
...
-
تزور الانتخابات ليظل الطابع المخزني للدولة هو الغالب
-
تحرك المجلس الدستوري لم يتم إلا بعد مراسلة الملك
-
الدستور الممنوح أصل التزوير
-
هل نحن أهل فساد وإحباط واكتئاب رغما عنا؟
-
-طبخة- جديدة في طور الإعداد بنبركة يتقاضى أجرا من مخابرات إم
...
-
كيف كان نظام الحسن الثاني يزور الانتخابات؟ الحلقة 1
-
كيف كان نظام الحسن الثاني يزور الانتخابات؟ الحلقة 2
-
تداعيات مشروع القانون الجديد للصحافة
-
بعد أن مسكت أمريكا بملف الصحراء واشنطن بدأت تخطط لإعدام البو
...
-
نتمنى أن يتعامل القضاء مع دعوتنا بشكل نزيه
-
المحنة التي تمر بها أمتنا هي التي صنعت ظاهرة الظواهري وابن ل
...
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|