محمد مليطان
الحوار المتمدن-العدد: 2015 - 2007 / 8 / 22 - 02:45
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
لا شيء أصعب في محاربة الفساد من القدرة على تشخيصه، وتحديد مظاهره والشجاعة على مواجهة شخوصه ومحاسبتهم، خاصة في دولة مثل ليبيا، التي تتداخل فيها اعتبارات عديدة لتجهد أي جهد أو محاولة لمعالجة بؤرة من بؤر الفساد الكثيرة.
فالفساد أصبح مؤسسة أكاديمية بكل أطرها الشكلانية، يمنح الألقاب الأكاديمية لرموزه بحيث لا تطالهم نعوت الجهل، ووصمات افتقارهم لمؤهل أكاديمي، وبحيث لا يمكن للمعايير القانونية أن تحد من نشاطهم، أو تمنع من انتشارهم في جسد الدولة المنهك بخلاياهم الخبيثة.
الفساد المؤطر أكاديميا دنس كل ما هو أخلاقي وما هو مقدس، فشخوص الفساد تطالب الآخرين بالامتثال للقانون واحترامه في الوقت الذي يدنسون فيه القانون علانية وبلا مواربة، بل ويتمادون في الصفاقة بمحاكمة الآخرين بهذا القانون (المدنس)، ويُسخَِّرون (المنخقة والموقودة والمتردية والنطيحة) لإتمام عملية البغاء باسم القانون، وهم في كل ذلك تحت الغطاء الشكلاني للقانون، ولأن الآخر لا يهتم كثيرا بمطاردة خيوط اللعبة معهم فإنه سرعان ما ينسحب تاركا الساحة لهذه الكائنات تعيث فيها وتبيض، وتتزايد خلاياها السرطانية في جسد الدولة.
الشيء الوحيد الذي لم تستطع مراكز البحوث والمختبرات بأكاديمية الفساد أن تجد له حلا ينسجم معها هو العقل الجمعي للشعب، فمن غير الممكن أن تقنع أفراد الشعب أن يكفوا عن إلقاء اللعنات على الفساد، ولأن أفراد الشعب تحرروا من شكلانية المتابعات القانونية فهم على قدر كاف من الوعي والميكنة العقلية التي تكفي للتعرف على الفاسدين وتعيينهم، ومن ثم إلحاق اللعنات بهم في شخوصهم، وبأسمائهم، وهي المساحة التي لم تفلح أكاديمية الفساد في اختراقها قانونيا لتسخر (المنخقة وأخواتها) لملاحقتها والانتقام منها.. وباسم القانون طبعا.
#محمد_مليطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟