أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راني خوري - دولة الخلافة.. أسطورة الحل.















المزيد.....


دولة الخلافة.. أسطورة الحل.


راني خوري

الحوار المتمدن-العدد: 2015 - 2007 / 8 / 22 - 02:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن الحديث مع من يدعون لإقامة دولة إسلامية، مهما اختلف، لا يخرج عن نقطتين أو موضوعين وهما: عودة الخلافة وتطبيق الشريعة. والقارئ الواعي والمتميز يعرف ويستنتج على الفور أن هاتين النقطتين ما هما إلا نقطة واحدة، فالأولى تدعو للثانية، والثانية أيضا تتطلب الأولى. وقد أخذ الحديث فيهما حيزا لا بأس به من النقاش والحوار وإن كان من طرف الرافضين لهذه الفكرة أكثر من غيرهم، وأقول هذا لأن الطرف الداعي لهذه الفكرة لا يناقش و لا يحاور، بل يفرض الفكرة ويستند إلى صحتها بالهالة القدسية المحيطة بها، والتي وصلت في زمننا هذا إلى حد تقديس البشر الذين تجرأ السابقون – في زمنهم أو بعدهم – في مخالفتهم وتناول سيرتهم بل وحتى حمل السلاح في وجههم واغتيالهم عند الضرورة، كما حدث مع عثمان بن عفان الخليفة الراشدي الثالث، والذي وصلت الجرأة بمخالفيه إلى التمثيل بجثته وهو الذي لقبه النبي بذي النورين، وهو الذي بشّر به النبي أنه من المبشرين بالجنة (1)، والذي تستحي الملائكة منه بحسب الحديث الشريف (2). أو حتى ما حدث بين أم المؤمنين عائشة التي أمر الرسول بأخذ نصف الدين عنها والتي أقرأها جبريل السلام (3) وبين علي ابن الخطاب الذي جعل الرسول مكانته منه بمكانة هارون من موسى (4) وأقصد هنا ما حدث بينهما في حرب الجمل. أو في أبسط الأحوال اعتراض علي بن أبي طالب لخلافة أبي بكر، هذا الاعتراض الذي تمثل في رفضه المبايعة لأبي بكر حتى تم إقناعه بالعدول عن فكرته!!

ما يدعوني للكتابة في هذا الموضوع هو ما بدى مؤخرا في إندونيسيا على يد حزب التحرير الأصولي، والذي جمع حشود البسطاء العاشقين لفكرة سريالية مفادها أن سعادتهم وحلول مشاكلهم لن يكون إلا بعودة دولة الخلافة، وهم ليسوا الأولين، فدعوات تنظيم القاعدة مؤسسة على نفس الفكرة، وشهدنا التطبيق العملي لهذه الفكرة في أفغانستان، وبتولي أمير المؤمنين الملا عمر للخلافة الإسلامية، وما أدته هذه الخلافة من دور هام في الهجوم على الولايات المتحدة في غزوة مانهاتن والتي نتج عنها احتلال لأفغانستان وتدمير شامل للعراق، وزعزعة لاستقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها. ومثال آخر يتمثل في وصول "حماس" للسلطة والديمقراطية التي نشرتها والتي تمثلت بقتل أبناء الجلدة الواحدة، والدين الواحد والتمثيل بجثث الموتى وسحبهم في الطرقات وهو الأسلوب العام لهذه الحركات في التعامل مع المخالفين من أجل البقاء في السلطة، أو التفجيرات المتتالية في المغرب العربي التي لا تطال إلا أناسا أبرياء.

وقد يقول قائل بأننا نكتب في موضوع تم الحديث فيه مطولا، وقد يقول آخر بأننا لسنا مسلمين فلم نكتب في الإسلام والشأن الإسلامي، وأرد على الأولين بالقول أنني لا أرى مانعا في إعادة ما نقوله تأكيدا على الأفكار خاصة عندما يكررون ما يقولون، علما أنهم يعتمدون أسلوب التلقين لا الحوار والنقاش، فلا أحد مهم يرد على الدعوات والأفكار التي يطلقها المخالفون لهم، ويصدق بهم المثل القائل "أذن من طين وأذن من عجين"، ولا زالوا يخدعون البسطاء بوعودهم بانشاء المدينة الفاضلة التي أسس لها الإسلام حسب زعمهم، معتمدين على الجهل المطلق والمطبق الذي أصاب شعوبنا نتيجة لفساد الحكام والأنظمة والحكومات التي فشلت فشلا ذريعا في التواصل مع أبناء الشعب وفي تأمين احتياجاته ومتطلباته، والتي هبط بها المستوى إلى أنشاء الآلاف من معاهد تحفيظ القرآن بدلا من المدارس والجامعات والمشافي، فقدمت بذلك خدمة جليلة لطيور الظلام في السيطرة على المجتمع بالسيطرة على عقول أبناء الوطن، وبتحويل تفكيرهم عن الهام من الأحداث في الوطن والعالم إلى التفكير ببول ونخامة ونكاح وطهور وقتل وملك يمين وجرائم شرف وتكفير وتفجير وعذارى وحور عين..إلخ من برامج التوعية والتعليم والتربية الإسلامية، مما ترك الحبل على غاربه للسارقين من أتباع الحكومة والمزمرين لها. ولذلك فإننا نرى أن لاعيب في أن نستمر في كشف زيف دعواهم عبر الكتابة والكتابة واستمرار الكتابة في ما جعلوه مقدسا وإن كان وهما وسرابا، معتمدين في ذلك على أن الخطاب والنقاش والحديث، لهم سمة الاستمرار إلى أن ينكشف الحق الذي يدعو له أحد الطرفين، والخلل فيما يدعو له الطرف الآخر.

وأما لمن يقولون بأننا لسنا مسلمين فلم نكتب في الشأن الإسلامي فنرد بالقول أن الإسلام أولا من تدخل في شؤون الغير سواء بانتقاد العقيدة والأفكار، أو بفرض الأحكام على غير المسلمين كفرض الجزية وفرض الجهاد ضدهم حتى يؤمنوا بالإسلام أو يطردوا من ديارهم التي عاشوا فيها دهورا آباء وأجداد، وتكفيرهم وتحليل سبي نسائهم وهدم معابدهم والتضييق عليهم بالطرقات وغيره من أساليب العدل والمساواة والرحمة. أما ثانيا فإن موضوع الخلاقة ليس شأنا إسلاميا وحسب، فالخليفة المطلوب هنا هو حاكم للمسلمين ولغير المسلمين وبالتالي فهي دعوة لتسليم حياتنا ومصائرنا وشؤوننا بيد شخص له الكلمة المطلقة في تدبير شؤوننا، وبالتالي فمن أبسط الحقوق أن نختار وأن نناقش ما سيحل بنا، وليس من العدل أن يطلب منا أن نساق للذبح دون أن ننبس ببنت شفة، ويقال في المستقبل بأننا رحبنا وهللنا لهذا الخليفة لما يمثله من روح تسامح ووداعة، ولأنه لم يحكم إلا بالحق، وهي فرصتنا لكي نجعل أرواحنا تنطق في المستقبل لتعبر عن رأينا، دون أن ندع الفرصة للغير لكي يعبر عن رأينا حسب رأيه ومعتقده ومنظوره. وثالثا أن من يدعو للخلافة هو من نادى بأن الإسلام دين ودولة ومصحف وسيف، فهو من أراد للإسلام أن يهبط من مكانته السماوية كدين إلى مكانته الأرضية كدولة، ومن مكانته كدعوة للحوار والمتمثلة في كونه رسالته كتابية حسب ما يقولون إلى مكانته العدائية كسيف بتار مسلط على الرقاب والألسنة، فإن ناقشنا كغير مسلمين فإنما نناقش الدولة المطالبين بالعيش فيها وهو حقنا كأبناء أصيلين للأرض التي نشأنا وتربينا وترعرنا عليها، دون أن يزاود أحد علينا بالمواطنة والوطنية والمواقف الشريفة حيث لم يسجل التاريخ ضدنا حادثة قتل أو اغتصاب لأبناء جلدتنا ووطننا فلنا السبق في المجال الوطني، وأيضا فإننا نناقش السيف الذي يودون تسليطه على رقاب الجميع، وهم من يطالبوننا ويدعوننا لاستبدال الحذاء العسكري الذي ابتلينا به، بسيف بتار لا يميز بين رقبة وأخرى، فالكل تحت هذا النصل متساوون عندما يخرجون عن أفكارهم ويخالفونهم وإن كان بالرأي، وهو ما شهدناه في العراق ودمشق ولبنان وفلسطين والأردن ومصر والخليج والمغرب والسودان والصومال وإيران وباكستان والهند واختصارا... أينما تواجدوا.

إن طرح موضوع الخلافة يجعلنا نتساءل عن الأسلوب الذي سيتم فيه اختيار الخليفة، فهل هو أسلوب الاقتراع؟ حيث أنهم يروجون لدعوتهم بأنها لا تناقض الديمقراطية وروحها، خاصة وأن الأمر سيكون شورى بينهم وهو ما أقره القرآن؟! وهنا تتقاذف الأسئلة التي لا بد لنا أن نجد لها جوابا، فهل هذه الشورى ستشمل جميع أبناء الشعب على اختلاف عقائدهم ودياناتهم وأفكارهم؟ أم أن الشورى ستكون حكرا على المسلمين فقط؟ وإن كانت حكرا على المسلمين فقط، فأي المسلمين سيكون له حق المشاركة في الشورى؟ هل يحق للشيعة أو الإسماعيلية أو العلوية أو الدروز المشاركة؟ وهل سيحق للمرأة المشاركة؟ وإن شاركت هل سيكون صوتها كاملا ومساويا للرجل؟ أم أن صوت مرأتين سيكون مساويا لرجل واحد بناء على أحكام القرآن في شهادة المرأة؟! وأي سن أو أي عمر هو الذي يحق فيه للمرء أن يشارك في عملية الشورى؟ خاصة أن العمر هو بدعة حديثة بعد أن كان البلوغ مقترنا بنبت وظهور شعر العانة!!

إن التجربة التاريخية لاختيار الخليفة لم تخبرنا قط بتنظيم عملية انتخاب واقتراع أو شورى حسب تسميتهم، فالآية القرآنية نزلت حتى قبل أن يكون هنالك تفكير في الخلافة، وحسب القرطبي فهي نزلت تمتدح الأنصار في تشاورهم حول أمر النبي حين سمعوا بظهوره، فلا أحد كان يفكر آنذاك بموت مؤسس الإسلام حتى يروج إلى أن هذه الآية هي أساس لعملية ديمقراطية. بل أن عملية الشورى في تفسير ابن كثير لهذه الآية، تظهر أن الخليفة عمر عند وفاته جعل الشورى في ستة نفر فقط من بين جميع المسلمين (5)، ولم نقرأ أي ذكر لهذه الآية عند اختيار الخليفة الأول أبا بكر في اجتماع سقيفة بني ساعدة، بل ما حدث وقتها هو الخلاف بين القرشيين والأنصار بل حتى بين القرشيين والقرشيين أنفسهم – رفض الإمام علي مبايعة أبي بكر – ووصل الأمر لتنظيم الخلافة لاستنباط قواعد جديدة تجعل الأمر واجبا في اختيار الخليفة من قريش دوما!! وهو ما أسس لخلافة راشدة تليها خلافة أموية تليها خلافة عباسية. وبالتالي فإن كلمة بينهم أيضا لم تجعل أمر الشورى بين المسلمين، بل بين أولي الأمر فقط، وما حدث عند وفاة الخليفة عمر هو أنه وحده من أقر النفر الستة الذين سيتم من بينهم اختيار الخليفة فيما بينهم. وفي أيامنا هذه لم يختلف شيئا في الأمر، فالدول الإسلامية قائمة في زمننا هذا، فطالبان أسست لخلافة الملا عمر الذي كان مقررا له أن يحكم مدى حياته، وإيران مقرة لولاية الفقيه فيها، ولكني سآخذ دولة عربية أكثر قربا للواقع المدني التنظيمي وأعطي مثالا لذلك المملكة العربية السعودية وهي القائمة على مباديء وأنظمة إسلامية، وكي لا نعطي صورة من خيالنا أورد نصا لقرار تشكيل مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية ونظام هذا المجلس (6) – الرابط موجود في أسفل الصفحة ضمن الهامش، وللقاريء أن يرى أن كل الأمور تعود في إقرارها للملك الفرد!! وأن كل الواجبات والحقوق يتم تعيينها بأمر ملكي، وأن من يقوم بعملية الاختيار وفق قاعدة الشورى هو أيضا الملك وهو ما يتضح في المادة الثالثة!! وإذا خلا محل احد اعضاء مجلس الشورى لاي سبب، يختار الملك من يحل محله ويصدر بذلك امر ملكي وذلك وفق المادة السابعة. أما القسم في المادة الحادية عشر فهو بالولاء للدين ثم الملك وبعدها يأتي ذكر الوطن!!

وقد يستغرب شخص مما أقول والمثل الذي أعطيت، ويرد بالقول أن المملكة العربية السعودية، ليست مثالا لنظام الخلافة، فهي مؤسسة مبنية على نظام ملكي وليس خلافي!! وهو نظام وراثة عائلي ليس فيه من الخلافة الإسلامية بشيء. والتاريخ يرد على هذا القول لا أنا، بأن من وضع أسس الخلافة جعل الأساس فيها أن يكون الخليفة قرشيا!! فما المانع أن يكون بدل قرشي، سعودي – وأعني من آل سعود – فبالله عليكم أليس الأسهل العثور على سعودي من آل سعود في عصرنا من العثور على قرشي؟! وأما عن النظام الملكي الوراثي، ألم تكن الخلافة وراثة في الخلافتين الأموية والعباسية؟ أفلا ترون معنى أن يكون الخليفة قرشيا أن نظام الاختيار هو بالوراثة؟! حتى في عهد الراشدين، فمعنى القرشي لا يعني أيا كان من قريش، فالخلفاء الراشدون الأربعة ذوو صلة قربى من الرسول!! وحتى في الخلافتين الأموية والعباسية لم تخرج المسألة عن علاقة القربى مع الرسول!! بل أقول أيضا أن هذا النظام الملكي أكثر أمنا واستقرارا مما حدثنا به التاريخ من أساليب انتقال الخلافة. فبعيدا عن أبي بكر – بطل حروب الردة، والتي تمثل معارضة واقعية لمن يحاط بهالة القدسية – وعمر وعثمان – الذي انتهت خلافته بقتله ودفنه في مقابر اليهود لا المسلمين!! – نجد أن الخلافة في زمن علي كانت مصدرا للحروب وعدم الاستقرار، فبين حرب مع عائشة إلى حروب مع الخارجين عليه إلى حرب مع معاوية بن أبي سفيان، على الرغم – وكما سبق أن ذكرنا – أن مكانته إلى الرسول بمكانة هارون من موسى!!

إذا واختصارا، فنظام الشورى الإسلامي لم يقدم حلا آنذاك ليقدم حلا اليوم، وإن هذا المبدأ لم يكن البديل للديمقراطية الحالية التي أوصلت حماس في فلسطين والإخوان المسلمين في مصر وأردوغان وغول إلى السلطة. وان المسألة في الاختيار كانت – ولا زالت – محصورة في عدد من الأشخاص لاختيار الحاكم، وهو ما نراه في اختيار قادة حماس أو المرشد العام للإخوان المسلمين. ناهيك عن أن الأساليب التي تذكرها كتب التاريخ الإسلامية تبين أن نظام الخلافة تنوع في أساليب الاستفتاء بدءا من الاختيار المباشر للخليفة من قبل مجموعة من الأعيان، إلى الاختيار بالحرب، وإلى الفرض بالسيف إنتقالا إلى نظام الوراثة.

ونأتي إلى نقطة ثانية هامة في نقاشنا حول نظام الخلافة وتطبيق الشريعة وهي: من هو المرشح لتولي منصب الخليفة؟ فكما قلنا سابقا أن البحث عن القرشيين وبينهم لم يعد ممكنا، فهل من بديل لذلك؟ هل يرشح لنا الداعون لهذه الخلافة أسماء عدة لنعرف من مِن المسلمين في هذا العصر يصلح حسب رأيهم لتولي هذا المنصب؟ وما المعايير التي اتبعوها في اختيار هذا الخليفة؟ هل سيقومون بتسمية القرضاوي؟ نظرا لفتاويه العظيمة حول الجهاد؟ والتي لا يمر يوم إلا ويدفع أبناء العراق دماءهم ثمنا لها بالمئات من الضحايا والقتلى ، وهو – القرضاوي – الجالس في بلد لا يعدو كونه محمية أمريكية؟ ولم نسمع منه يوما تكفيرا لحكام قطر المتعاملين مع اليهود والنصارى. أم لعله سيقوم بمبايعة أمير قطر للخلافة اقتداء بعمر بن الخطاب عندما بايع أبا بكر. ولعلهم سيرشحون لنا المرشد العام للإخوان المسلمين الذي أثبت أن شعوره الوطني لا يعدو كونه أكثر من نفحة غازات تخرج من المؤخرة فتذر الوطن بما فيه ذرو الرياح؟ أو لعل المرشح سيكون من قيادات حماس التي وصلت بالديمقراطية إلى السلطة فداستها بحذاء عسكري وبانقلاب دموي؟ وكان كافيا لغفرانهم إعلان خالد مشعل أن ما حدث كان فيه "بعض" الخطأ!! وأن نقبل ذقن طويل العمر ذاته عندما دعى إلى الهدوء وضبط النفس والعودة إلى الحوار!! أم لعلهم سيطرحون اسم أحد المقيمين في أوروبا من رؤوس الإرهاب – وهم كثر – مستفيدين من حماية القوانين المدنية السائدة في تلك البلدان والتي تتيح لهم ممارسة أنشطتهم الإرهابية، متخفين بعباءات رئيس مركز دراسات أو رجل أعمال أو إعلامي؟ وهم الذين ينادون بعودة الخلافة والتي أتمناها أن تعود فقط لتقطف رقابهم!! منظرين علينا بأساطير عدل وأوهام حرية ومساواة لم تكن في أي عهد من عهود الخلافة. وإن سألتهم عن سبب إقامتهم في تلك البلدان لقالوا لك أن مناخ الحريات منعدم في باقي البدان، ولباعونا مقولتهم السخيفة أن أوروبا وأمريكا بهما إسلام ولكن لا يوجد بهما مسلمون!! أليس غريبا أن الفكر الديني الإسلامي الأصولي هو السائد الآن في منطقتنا ويقال لنا بعدها يوجد مسلمون ولكن لا يوجد إسلام؟! ونزيد تساؤلاتنا تساؤلات حول إمكانية اختيار خليفة للمسلمين من جنوب شرق آسيا أو من وسط أفريقيا؟ وهل سيكون هذا الشخص قادرا على تسيير أمور المسلمين – ولن أقول غيرهم – في العراق أو مصر أو المغرب؟ وهل سيطرح برامجه الإصلاحية بناء على تفهمه لخصوصيات البلدان؟ أم أنه سيوحى إليه بوحي جديد، خاصة وأن الكتاب والسنة لم يتطرقا لمواضيع الإسكان والتنمية والتعليم والصحة والخدمات وغيرها، إلا أن كنا سنعود للبحث من جديد في كتب الطب النبوي والأدعية والتعاويذ عما غفل عن أعيننا من وصفات!؟. كما أن هذه الكتب لم تأتي بشيء حول تنظيم العلاقات الدولية إقتصاديا أو معرفيا أو ثقافيا. ولا حول بنية الدولة والحكومة والوزارات والمجالس والهيئات وغيرها من أساسيات الدولة الحديثة. ولا أرى إلا أن تنظيم القاعدة كان الأكثر صدقا في اختيار الملا عمر خليفة للمسلمين، وهو من يوافق على أي شيء عندما يقدم له مال أسامة بن لادن، وهو الذين عين أمراءه في العراق على رأس إمارة العراق الإسلامية، وفي المغرب العربي ممثلا بزعيم جناح تنظيم القاعدة في المغرب العربي. وهما من يمثلان روح العدالة والمساواة في نظام الخلافة الذي يدعون إليه، خاصة وأن قنابلهم ومفجراتهم لا تميز بين كبير وصغير، رجل وامرأة، مواطن أو سائح، مدني أو عسكري.

إن الأسلوب الذي يتبعه أولئك الوصوليون والمتمثل بدغدغة المشاعر بخيالات وأساطير لا تبني واقعا، ومخاطبة العواطف وإثارتها بقصص زائفة حول العدل والمساواة والحرية التي كانت سائدة في سالف العصر والأوان والتي لا نجدها حتى في الكتب، لا يزيد طيننا الذي نعيش فيه إلا بلة، وبينما يسعى الجميع لاستنباط حلول جذرية وجديدة لكافة المشاكل التي تعترض سبيل البشرية بعيدا عن الطمع بالسلطة والأطماع السياسية والمالية، نجدهم لا ينفكون يجرون المجتمعات إلى قرون بائتة لم تقدم ولم تثمر شيئا إلا للمجموعة الأولى المؤسسة لحزبها السياسي والذي حصنته بالقدسية لكل من عاش في زمن ماض، حتى ولو كان من البشر الذين لم يجد السابقون – وأوكد عليها – غضاضة في تقويمهم حتى ولو بحد السيف، بينما تروج لنا حلولهم التي لم تنفع في زمانهم على أنها الترياق والدواء الشافي لكل ما أصابنا من أمراض.

الهوامش

1- صحيح البخاري، المناقب، مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي رضي الله عنه، حديث رقم 3419
http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=0&Rec=5577

2- صحيح مسلم، فضائل الصحابة، من فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه، حديث رقم 4414
http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=1&Rec=5672

3- صحيح البخاري، المناقب، فضل عائشة رضي الله عنها حديث رقم 3484
http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=0&Rec=5665

4- صحيح البخاري، المناقب، مناقب علي بن أبي طالب، الحديث رقم 3419
http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=0&Rec=5590

5- سورة الشورى، الأية 38 تفسير ابن كثير
http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?l=arb&taf=KATHEER&nType=1&nSora=42&nAya=38

6- قاعدة النصوص القانونية، مواد النص القانوني المتعلق بنظام هيئة الشورى في المملكة العربية السعودية
http://www.arab-ipu.org/pdb/RelatedArticlesGvnSPName.asp?SPName=CHRN&StructuredIndexCode=0&LawBookID=021020015653771&Year1=&Year



#راني_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكرا مفتي الجمهورية..رسالة البول وصلت!!
- إرضاع الكبير...حجاب جديد للمرأة
- يوم الجمعة المقدس
- مصر في ذمة الله!!
- دعاء وزهرة ويا باقي النساء... من كانوا بلا خطيئة رجموكن بحجر ...
- أمريكا..و أحداث الحادي عشر من أكتوبر.!!
- الكتابة .... للعقلاء!!
- إلغاء عقوبة الإعدام ...والنوم في العسل.
- ابتعدوا عن الحيطان..وغنوا لها!!
- تفسير جديد للقرآن بالانكليزية!!
- نيسان عاد..فتحية لرجال السياسة والدين.
- يا أهل العراق، يا أهل الشقاق يا أهل النفاق!!.
- وفاء سلطان...والحيوانات!!!
- بن لادن...سنة حلوة يا جميل
- بيكاسو ....والزرقاوي!!!
- بيكاسو...والزرقاوي!!!.
- مشكلة عقل وليست مسألة حجاب
- قبر يسوع ، سفينة المال الغارقة الجديدة!!
- عبدالكريم نبيل سليمان...الكتابة في الدين والسياسة خط أحمر!!.
- وفاء سلطان والمتخلفين عقليا!!


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راني خوري - دولة الخلافة.. أسطورة الحل.