|
أحمد عبد المعطي حجازي في مهب النكران
رشا عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2015 - 2007 / 8 / 22 - 02:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من أنت يا من أنت؟ الحارس الغبي لا يعي حكايتي لقد طردت اليوم من غرفتي وصرت ضائعاً بدون اسم هذا أنا، وهذه مدينتي! كتب في قصيدته(أنا والمدينة)، كان ذلك في العام 1957، وبعد خمسين عاماً، حملت الأحداث له، ما يجعل هذه الأبيات بمنزلة مقطوعة استشفافية، حملت رؤية مشهدية ليوم، لم يكن (أحمد عبد المعطي حجازي) ، كاتب هذه الأبيات، ولا جزء كبير من مناصري الحريات الفكرية، ليتوقع قدومه بما حمل، حين تمكنت رموز الاجتثاث الفكري من العبث بأكثر المضامين خصوصية لدى المفكر، حين انتهكت حرمة منزله، وبددت شذرات الحميمية التي تعلق أياً منا بالمكان اليومي لمعيشته، بمزاد علني، تعرض فيه محتويات البيت للبيع في واقعة تحمل من القسوة والترهيب، قدر ما تحمله من الهزل، كما مزاح سمج.
الطرف الآخر في القضية، هو ليس بالتأكيد شخصاً واحداً، يدعى (يوسف البدري)، وإن لعب دور المجسد أو المتحدث الرسمي باسم الموجة-الكابوس التي ربما أحب البعض أن يرجع إرهاصاتها الأولى إلى الحقبة المتوكلية، لكنها بدأت تلقي بظلالها بطريقة فعلية على ساحة الأحداث في مصر منذ بداية التسعينيات، حين تتابعت متوالية من الإجراءات الهستيرية بحق مجموعة من المثقفين والمفكرين المصريين، مقتل الدكتور فرج فودة في العام 1992 لأنه (علماني) كما أجاب قاتله في قاعة المحكمة، إثر فتوى صادرة عن أحد أقطاب الإخوان المسلمين (محمد الغزالي)، ومحاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت الأديب (نجيب محفوظ) بعد مقتل (فودة) بعامين إثر فتوى مشابهة وصمته بالارتداد بسبب رواية (أولاد حارتنا)، والقضية الشهيرة التي سجل بها فكر التقهقر، أكبر معدل (وقاحة) له، حين تم رفع قضية تفريق بين المفكر نصر حامد أبو زيد وزوجته، من قبل رجل قضية (حجازي) نفسه، (يوسف البدري)، واتهام (عبد الصبور شاهين) لأبو زيد بالكفر، بعد مجموعة المؤلفات التي تناول فيها قراءة جديدة للنص القرآني، مما دفعه للهجرة (هارباً) مع زوجته إلى هولندة.
الطريف أن (شاهين) لم يوفر حتى أخاه في الإيمان (البدري) فيما بعد حين اتهمه بالعمالة لإسرائيل، لمجرد أنه (تجرأ) على البوح بانتقاد لكتاب (شاهين): (أبي آدم)، الذي أباح فيه شاهين لنفسه من الجرأة في مناقشة بعض المسلمات الدينية (ككون آدم أبو البشرية كما تذكر القصة القرآنية)، ما استنكره على (أبو زيد).
البندقية واحدة، والطلقة مجهزة دائماً للانسكاب برشاقة في رأس أي ممانع، وبما أن (من تمنطق فقد تزندق) فلن تنفع هنا محاولات فهمي هويدي: لا يحق لأحد أن يتحصن بكتاب الله معلناً من خلفه: أنا الإسلام، ناعتاً بالكفر كل من يعارضه.
لذلك فقد وجد البدري نفسه يوماً في نفس الموقع الذي وضع فيه الكثيرين، ضحية لذات الثقافة الإقصائية- التكفيرية التي أدمنها، أليس اتهام أحدنا بالخيانة تكفيراً بوطنيته؟
ولمن لا يعرف الشيخ البدري بعد كما يجب، فهو (الداعية) صاحب الرقم القياسي في رفع الدعاوى القضائية على كل من تسول له نفسه الخبيثة جريمة انتضاء فكرة، وعدو كل محاولة حداثية لرفد الفكر الإسلامي..
فسوى دعوى التفريق الشهيرة، نجده (محارباً) أو (جندياً) لنتوخى الدقة، شرساً لا يكل عن دخول معارك كلامية وقانونية بين الفينة والأخرى، كلما لمس إهمالاً إعلامياً يبعده عن صورة (حامي حمى الدين وشرطي الأخلاق) في وعي المشاهد، وهو البارع في اختلاق هذه المعارك حين لا يجدها، بأي ذريعة كانت، ولا يمانع حتى في معاركة طواحين الهواء إذا استلزم الأمر ذلك.
هو صاحب الدعوى المقامة ضد الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه التي أفتت بجواز إظهار المرأة المسلمة وجهها وكفيها، دون ضرورة دفنها في النقاب، وهو الذي اعتبر (عمرو خالد) – بغض النظر عن موقفنا من الأخير- غير مستحق لأن يكون داعية، ودعاه أن (يصلح بنفسه ويراعي أحكام الله)، وهو مثير الفتنة الطائفية في الشارع المصري حين أرجع جذور الفقه الشيعي إلى مرجعية يهودية في دراسة له، كما أنه صاحب الدعوى المعروفة التي لجأ فيها إلى القضاء لاستصدار حكم يقضي بالإحضار الجبري لفتاة قبطية، لأنه وجد لنفسه الحق في أن يحاسبها على خياراتها الدينية، واتسعت الدائرة لتورط كاهناً في الكنيسة، مما أدى إلى ظهور بلبلة حقيقية اتخذت لها أبعاداً طائفية، مرة أخرى.
أما (الهاجس) الذي ابتلي به الشيخ (البدري) في الفترة الأخيرة، فتمثل في مجلة (إبداع) التي تعيدنا إلى موضوع الشاعر (حجازي) رئيس تحريرها، والذي وجد فيه البدري مع مجلته تجسيداً للأدب الحر الذي يخشاه، والذي أدى به إلى التهجم على رئيس تحريرها وشاعرين فيها، مرتين مستغلاً القانون الذي أباح له ذلك تحت بند (الحسبة) قبل أن يتم حظرها في المرة الأولى، وبشكل بلاغ للنيابة العامة في المرة الثانية.
مما استفز(حجازي) ودفعه ليكتب عن البدري ماكتبه في مجلة روز اليوسف، ليتمكن الأخير من اقتناصه للمرة الثالثة، محرزاً شبه انتصار شاركته فيه أجهزة الدولة التي ارتضت لبيوت مثقفيها أن تبعثر في مزادات علنية لإرضاء فضيلة الشيخ الموكل بحماية الذات الإلهية بين عبادها.
#رشا_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمم المتحدة على درب عصبة الأمم . . .
المزيد.....
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر
...
-
ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين
...
-
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم
...
-
مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط
...
-
وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|