|
شياطين العصر ... بحاجة إلى حجارة
محمد الخفاجي
الحوار المتمدن-العدد: 2014 - 2007 / 8 / 21 - 06:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ أن أطيح بنظام البعث في العراق في التاسع من نيسان 2003 ، اتخذت بعض الحكومات العربية مواقف تتسم بالتخبط والازدواجية من خلال سماحها للقوات الاميريكية والمتحالفة معها باستخدام أراضيها ومطاراتها ومياهها الإقليمية وممراتها البحرية وخلجانها للمرور كمحطة ونقطة انطلاق رئيسية للانقضاض على النموذج السيئ لأنظمة التخلف العربي في نهاية القرن العشرين لضرب للنظام الدكتاتوري المتمثل بحزب البعث في العراق وكانت السبب المباشر بإسقاطه ، وقرار القيادات السياسية في تلك الدول سواء كان بإرادتها أو دونه كان العامل المؤثر والقاتل لذلك النظام الغير مأسوف على اندثاره وزواله من الوجود . تحاول هذه الحكومات أن تبرر مواقفها تلك ، فلجأت إلى مكافأة بعض رموز النظام المقبور وذلك بإيواء وتمويل ورعاية واحتضان بعض القيادات السياسية والحزبية المنبوذة من قبل الشعب العراقي التي فرت من الميدان مذعورة بائسة ولم تطلق رصاصة واحدة للدفاع عــــن (رمز عروبتهم ) الذي احتمى منزويا في المكان الذي يعرفه الجميع بعيدا عن الأنظار ولم يمتلك الشجاعة حتى للدفاع عن نفسه ناهيك مبادئه التي طبل لها ، هربا من الشعب لا من القوات الغازية ، وما آل إليه المصير حيث نال الجزاء العادل ، وما يؤسف له إن بعض تلك الأنظمة تعاملت مع هؤلاء الفارين والمنكسرين والمهزومين من وجه عدالة الشعب العراقي الذي عانى من ظلمهم وجورهم وتعسفهم الويلات قبل أن يفروا من عدالة القضاء العراقي ، من اجل تحقيق مقاصدهم الخبيثة واستقبلتهم استقبال الفاتحين المنتصرين وكأنهم ممثلين لشعب العراق ووفرت لهم ملاذا آمنا يتحركون من خلاله لجمع شتاتهم وتنظيم أنفسهم ليعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء ، وسخرت لهم كل ما من شأنه أن يجهض التجربة الوليدة من أموال وقنوات إعلامية تجمل صورتهم التي لايحسدون عليها في نظر أبناء العراق ، ومن خلال تلك المواقف اللامسؤوله ، و بعد أن تكشفت كل الحقائق وانجلت الغمامة التي اكتنفت ضوء الشمس والتي كانت تحول دون رؤية البعض لتلك الجرائم التي لازال يئن منها الصغار والكبار ، وأحرقت الحرث والنسل وأصبحت من الوضوح بحيث لايحجبها غربال، لكن الحقد المتوارث أعمى بصرهم وبصيرتهم وجعل ممن يسمون أنفسهم نخبا ثقافية وإعلامية وسياسية في بعض الأقطار العربية يتمادون في غيهم وغطرستهم الفارغة رغم انجلاء الغمامة بشكل لايقبل الشك ، حيث إن تلك ( النخب ) دأبت على الاستمرار بنهجها العدائي ، ولم تحترم مشاعر الشعب العراقي بكل أطيافه وتوجهاته ، عندما هتف بأعلى الأصوات ...لا لصدام... لا للبعث ...لا لكل من تلطخت أيديهم وأقلامهم ومواقفهم لصالح النظام سواء كانوا عربا أو حتى المحسوبين على الغرب أمثال ( كلوي ) الذي أعمته المصلحة في امتصاص دماء العراقيين والمتاجرة بها واتخاذه من مأساة طفولة ( مريم) سبيلا للتضليل والخداع ، ولم يكتفي بسيده صدام بالقيام بهذا الدور الذي هو مؤهلا لإجادته والتفنن في تطويره لاجتثاث كل خير من ارض العراق وتوزيعها هدايا لكل من هب ودب من أصقاع العالم العربي والإسلامي والغربي وحتى بعض الأفارقة كانوا يغرفون من أموالنا بسخاء (القائد الضرورة) الذي حرم أبناءنا من ابسط مستلزمات الحياة الأساسية ، ونحن لا نفاجئ بتلك السلوكيات ، ولكن كنا نتوقع بعد انكشاف تلك الحقائق أن تتعض تلك الحكومات التي تسمي نفسها عربية أو بعض النخب الذين الصقوا بالعروبة لصقا وان تراجع مواقفها وتصحح مسيرتها الخاطئة طيلة الفترة السابقة وتعتذر لمن الم بهم الحيف والظلم والقهر والعسف والاستبداد ،،، (( لم يحدث هذا الذي لانتوقعه من هؤلاء )) نراهم ينبرون متسارعين مبررين لتلك المواقف متذرعين بالاحتلال ومعظم بلدانهم قد احتلت منذ زمن طويل ، وحين يواجهون بالحقائق يقفون حائرين متسمرين كالحجر الأصم الذي لا روح فيه ، لايعرفون ماذا يقولون سوى التخبط والتزمت بتلك المواقف التي ملئها الشعارات التي أوصلتهم للمستنقع الضحل الذي يلفهم بين ثناياه ، تلك الشعارات التي تلاشت حين لوحوا بها ردحا من الزمن وبحت أصواتهم حتى تمكنوا من تضليل بعض الجماهير الساذجة من الأقطار العربية ، وجاء التغيير في العراق الذي زلزل تلك العروش الكارتونية المتهرئة التي لا تمتلك مقومات القوة والبقاء والاستمرار إلا من خلال القتل والتدمير والتكفير ومصادرة الحريات والآراء التي تنبذ أطروحاتهم وأفكارهم المتحجرة ... لا نلومهم فهذا ديدنهم ...نراهم يحاولون بكل الوسائل والطرق الخبيثة الملتوية وتحت مسميات لم نألفها ولم نسمع بها منذ نشوء الديمقراطيات في العالم ، (كالمحاصصة الطائفية ) (وحكومة الاستحقاق الوطني ) والعفو العام عن القتلة والمجرمين دون أن تكون للقضاء الكلمة الفصل في البت في تلك القضايا ،وإسدال الستار عن حقوق الضحايا والمتضررين الذي لحق بهم الحيف ، وتأهيلهم وإشراكهم في العملية السياسية و((عفا الله عما سلف)) وان تطوى صفحة الماضي وكأن شيئا لم يكن ... وإلا فان الوضع لن يستقر في العراق وستستمر دوامة العنف و القتل للأبرياء إلى يحقق ( المناضلون ) أهدافهم في ( الوحدة والحرية والاشتراكية ). إن تلك النظم تحاول أن تضفي الشرعية لوجودهم ولتعفيهم من تلك الجرائم التي اقترفت طيلة خمس وثلاثون عاما ولازالت تلك الجرائم هم من يحتضنها ويمهد لها ويعبئ من اجل استفحالها للضغط على القوى والأحزاب صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير للقبول بالأمر الواقع الذي يحاولون فرضه بسيف الإرهاب وسطوته وجبروته ، ومساومة الحكومات المتعاقبة التي تدعي تمثيلها للمجتمع وتعتقد إنها تملتك الشرعية من خلال الانتخابات والأصابع البنفسجية التي جاءت بها والتي نسيت تلك الملايين بمجرد الجلوس على الكراسي الهزازة ، وصدقوا أنهم مسئولون يحكمون العراق من الشمال الى الجنوب ، نقول لهم الحق في إن يصدقوا فأنهم فعلا يمسكون بزمام الأمور ، في المنطقة الخضراء ، ولكن أين هم من الذين أوصلوهم لهذه المراكز ...؟ وتسلقهم دفة السلطة بطرق غير عادية ... قد تكون أو لاتكون ، كما يشكك البعض بشرعيتها من عدمه – من كل ما يحدث – لا نريد شيئا ... سوى أن تكون تلك الحكومة منصفة في تعاملها مع هؤلاء الذي لازالوا يستبيحون دماء هذا الشعب المظلوم الذي ينزف دما وقيحا من كثرة الإحباط .. .رحمة بنا يا أيتها الحكومة التي لم تعرف الإنصاف لأكثر من أربعة سنوات ، قفي ولو لمرة واحدة مع المهجرين والمشردين والمهاجرين والجياع والمظلومين ، عذرا ... فقد اكتفيتم حد الإشباع والتخمة من الجاه والمال ونسائم المنطقة الخضراء المحصنة ، وتركتم الناس بين المطرقة والسندان ، مطرقة الإرهاب وسندان فقدان الخدمات والعوز في كل شيء ... كفاكم شعارات ... تحرروا من خضرائكم وعيشوا بين الناس لتعرفوا احتياجاتهم ومعاناتهم ومصائبهم ، فالحجاج دائما يلقمون الشيطان حجرا لتكتمل مراسم حجهم ، لكن العراقيون سيكون حجرهم اقوي واشد وطأة على الذين انسلخوا عن جماهيرهم وأغوتهم وأغرتهم الرواتب والكنى ،وشطوا عن برامجهم السياسية – إن كانت لديهم برامج - فقد يبلغ السيل الزبى كما يقولون ولا حصانة لمن لايحصن نفسه من الآثام
#محمد_الخفاجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤسسات المجتمع المدني ... بين الشعار والتطبيق
-
الإرهاب .. ومواجهته؟؟
-
الارهاب ... ومواجهته
-
العراق ... ومحنة الثقافة
-
الطفولة بين احضان الارصفة والتشرد
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|