أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - مكان أسمه - نقرة السلمان














المزيد.....

مكان أسمه - نقرة السلمان


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 617 - 2003 / 10 / 10 - 01:21
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



                 مكان أسمه ( نقرة السلمان )

هل تتذكرون مكان أسمه ( نقرة السلمان )  ؟
هل تذكرون وجع العراق والمكان الذي أكل من أرواحنا ،  وأستلف من أعمارنا ، وسجل أسمه بعمق وبأحرف كبيرة في ذاكرة الشيوعيين .
مكان عراقي في أقصى الأرض القاحلة ، وفي طرف البادية بعيد عن كل مدن الأرض تحيط به الرمال والكثبان  السخية الممتدة حتى الربع الخالي ، مكان عراقي دخل في ذاكرة أمهاتنا اللواتي ذرفن الدموع ونحبن  وأمتلأت  أفواههن بالرمل  والحكايا  والتوسل  بالسجانزأشباه الرجال من عناصر الأمن  والمبيت في العراء دون سقف سوى سماء الله  .
مكان عراقي في أقصى الصحراء  أكل من أجساد شبابنا حين فروا الى رمال السلمان والمملحة والبصية والشبجة  فباتوا أجساداً  دون أرواح في العراء  الفسيح الذي لاتظلله شجرة أو نخلة أو نبات بري يعطي ظلاله سوى العاقول القصير  .
أطفالنا وبناتنا وشيوخنا ونسائنا  يعرفون المكان  ويرتبط بوجوه أخوتهم وآبائهم وسنوات الحرمان  ، كما يرتبط بالفراق والوحشة والانقطاع عن الدنيا .
مكان أرتبط في ذاكرة التاريخ العراقي بأسم  الحزب الشيوعي العراقي ، حتى كاد أن يقترن به ، هو قلعة لقوات البادية ولأنه قصي وبعيد عن أعين الناس وذاكرة الدنيا  صار سجنا ً سياسياً خاصاً للشيوعيين  في العراق .
تحول الى مدرسة يتعلم منها وفيها الشيوعي من رفاقه ، دخله الالاف وخرج منه الالاف ، حتى صار زهواً يتباهى به العراقيون ، وصار حكايا وذكريات وتاريخ ليل طويل ، وأسماء غابت وأسماء لم تزل ترفل بالحياة ، وقطار الموت وطريق غير آهل لايسلكه الا البدو الذين يعرفون أماكن وآثار المسير بين فجاج الرمال  وتموجاتها المتحركة مع مزاج الرياح  .
قوافل من الشباب الذين أرسلتهم  المجالس العرفية ومحاكم أمن الدولة  والمحاكم الأستثنائية ، يلمهم السلمان في أقصى بادية السماوة .
يقيناً أن في ذاكرة كل عراقي حكاية عن ( نقرة السلمان ) !!
لكنه السجن والرمل والموت والبعد عن الحضارة والمدنية والنفي والعقاب المتناسب مع حب العراق .
وهو السجن الذي دخل تاريخ العراق الوطني والجهادي وسيبقى مرتبطاً بالذاكرة العراقية الى زمن طويل .
لكنه القلعة التي عذبت أمهاتنا وشيوخنا حين يركبون السيارات العتيقة ويرحلون بأتجاه أن يكحلوا عيونهم برؤية أحبتهم وفلذات أكبادهم ، ليل داج وسماء ممتلئة بالنجوم تنير الظلمة وتبدد همس الوحشة في تلال الرمال المتحركة التي تربك السير وتوهم السائق .
يانقرة السلمان أيها المكان القصي الذي أكل من عمر أكرادنا وأبنائنا من الكرد الفيلية وصارت عظامهم حجارة الطريق ، وأمتلأت بهم زوايا النقرة ، جريمتهم أنهم  يحبون العراق ، فهل قدر من يحب العراق أن يسكن ( نقرة السلمان ) .
نقرة السلمان التي ضمت الأكراد المنفيين ليتعلموا الموت تحت الشمس أو عطشاً أو كمداً .
هل نكتب في كتب التاريخ عن مكان أسمه ( نقرة السلمان ) نتحدث عنه لأطفالنا ولأبناء العراق الجدد ، نرسم لهم قاعات السجن ونشير لهم الى مكانه القصي الذي لم يستطع أن يذل أهل العراق .
هل نتذكر مكان أسمه ( نقرة السلمان ) يقع في ضمائر الرجال الذين أعطوه من أيامهم ولم يرضخوا لجبروت السلطات الغاشمة ، ومنحوه من أعمارهم ولم يهادنوا الجلادين .
وصارت النقرة حكراً على الحزب الشيوعي ، فما أن تنطق بأسم النقرة حتى يتبادر الذهن لصلابة الشيوعيين ونضالهم وتمسكهم بمبادئهم وقيمهم وأصرارهم على تمجيد حزبهم وعدم التخلي عنه أو التنصل منه مهما كان الثمن ومهما كانت النتائج .
دون أن نغمط تاريخ بقية السجون والمعتقلات في العراق  تبقى ( نقرة السلمان ) مكاناً خاصاً ومؤثراً في الذاكرة ، وبما يحتفظ الناس عنه من حكايا وطرائف وقيم ، تبقى الأمهات الصامدات المؤمنات يحملن في ذاكرتهن قصص تحكيها للأجيال القادمة وعليهن أفراغها لنتذكرها ونستعيدها ، فنحن على أعتاب زمن جديد أستطعنا أن نحيل فيه ( نقرة السلمان ) الى رمز تاريخي ومتحف للرسم والحكايا القديمة  وواحة يستريح فيها البدو والعاملين في المناطق القصية من العراق  بعد أن احالته الذاكرة العراقية السياسية في العراق على التقاعد .
لكن نقرة السلمان ستبقى تجول في ذاكرتنا وتشاركنا في أعمارنا الحلوة منها والمرة ، لكن نقرة السلمان ستبقى أسماً موشوماً بقدرة العراقي وصلابته وصبره كل هذه السنين العجاف لينتهي الطغاة حيث بقيت الشعوب تتجدد ومعها حركتها الوطنية المتألقة .

 



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصابات مافيا جديدة في العراق
- نظرية الخوف والتخويف في العراق
- المؤتمر الوطني للقوى والأحزاب الوطنية
- الشهيد القاضي محمد رئيس أول جمهورية لكردستان
- قوات البيش مركة
- كفاح وحقوق الأكراد
- القاضي مدحت المحمود أسم جدير بمهمة كبيرة
- متى نبدأ ببناء العراق ؟
- القضاء العراقي والمحاكم الخاصة
- أكراد العراق أرضية للشراكة الدائمة
- شهداء العراق تعالوا
- خيمة صفوان لم تزل تنشر ظلالها على العراق
- ولادة عراقية بعد زمن مرير
- الانتحار طريق للشهادة أم مخالفة لأمر الله
- الوثائق العراقية الدامغة
- سماحة حجة الإسلام والمرجع الأعلى للمسلمين آية الله السيد الس ...
- أعداد مسودة الدستور
- الضمير الغافي في زمن صدام ؟
- احتمالات
- رحيل المناضل والمثقف العراقي باسم الصفار في استراليا


المزيد.....




- بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
- هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
- طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا ...
- -حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال ...
- لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص ...
- بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها ...
- مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في ...
- -نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين ...
- بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
- الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - مكان أسمه - نقرة السلمان