|
متى يعلنون وفاة الشمال
عادل الامين
الحوار المتمدن-العدد: 2014 - 2007 / 8 / 21 - 10:41
المحور:
سيرة ذاتية
هجرة النخيل "حتى هذه اللحظة إني العن الزمن الذي اغتال طفولتنا السعيدة.. كل هذه الكتابات ماهى إلا حنين إلي ماضي لن يعود أبدا ********************
هجرة النخيل
من وحي قصيدة باللغة الانجليزية لشاعر مدينتنا وفيلسوفها حمزة محمد الحسن..اسم القصيدة the green eye* ويرمز بها الى حصاة التمر او نواة التمر فى مدينة عطبره التى تقع عند ملتقى نهر عطبره بنهرالنيل عند حافة وادى العميق الذى يمتد من الشرق الى الغرب,تقف اشجار النخيل الجليلة فى شموخ فى منطقة الحلفا وهى محملة بالتمور وتاتى الرياح اللواقح وتسقط هذه الاشجار ثمارها في مجري النهر المتمرد ، يأتي هذا النهر المجنون مندفعا من مرتفعات اريتريا ، يدفع الزبد أمامه ، ويحمل هذه الاجنة ويقذفها في رحم النيل الهادي القادم من الجنوب في منطقة المقرن عند الجسر الحديدي القديم يحمل النيل البذور "the Green Eye" ويتجه شمالا فتجرفها الامواج إلي كل من ضفتي النهر وتنمو هذه النوي في مكانها الجديد وتصبح افراد من غابات النخيل التي يعج بها شمالنا الحبيب وتتساال.. هل هذا موطن الاجداد .. وهجرة أسماك السالمون العكسية .. أم أنها سنة الحياة المندفعة من الشرق إلي الغرب كنهر مدينتنا المتمرد .. بين محطتين الميلاد والموت. قد سألت البحر / النخيل يوماً هل أنا يا بحر/ نخسيل منك ؟ أم صحيح ما رواه بعضهم عني وعنك ضحكت أمواجه / أوراقه مني وقالت لست ادري !?
**********
RISE OF SUNSET*ديوان شعر بالغة الانجليزية صدر فى اليمن لشاعر مدينتنا حمزة محمد الحسن
********************************* حكاية النخيل هذه الشجرة المباركة ، شبهها الله في محكم تنزيلة ب"لا اله إلا الله " ( الم تري كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) صدق الله العظم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :أن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم أفتحدثوني ما هي ؟ فوقع الناس من شجر البوادي قال عبد الله وقع في نفسي أنها النخلة فأستحيت ثم قالوا حدثنا يا رسول الله ، قال هي النخلة " .. وفي رواية أخري "باب الحياء في العلم " ... بعد أن ساق الحديث وفيه زيادة. فحدثت أبي بما وقع في نفس فقال: لأن تكون قلتها أحب إلي من أن اكون كذا وكذا يضرب المثل ذكر في الاثر عندما خلق الله حواء من ضلع ادم بقي جزء خلق الله منه النخلة ، وأصبحت النخلة عمت البشر. علميا يمتاز هذا الشجر ( النخيل ) بانه مكون من ذكر وأنثي ويسمي ثنائي الجنس احادي المسكن، والتمر غني بالمعادن ويعتبر وجبة غذائية. اقتصاديا كل أجزاء هذه الشجرة صالحة لأستخدام البشر . الاوراق المخلفة تصنع منها الحصائر والسلال ، الالياف تصنع منها الحبال والحراشف تستخدم كوقود ، والجزع سقف للمنازل والعرجون علف للدواب ووقود أيضا . معنويا للحلم بالنخيل يقذف بالحجارة فيلقي تمراً. ************* ? فىعام1970 عدنا من لبنان حيث كان أبى الذي تخرج من الجامعة الأمريكية في بيروت..بعيني طفل كنت أتتذكر معالم مدينتنا عطبره,حي الداخلة الذي نقيم فيه سألت عن أصدقائي و وصديقاتي تفرقوا ومن مات مات،سهام صديقة الطفولة ماتت سقطت من باص الدامر كعادة الأولاد الشواطين التعلق بمؤخرة البص لازلت اذكر شعرها الذهبي وملامحها الغجرية,على ود فرحين هكذا نسمى أصدقاء الطفولة بأمهاتهم،غرق في النيل،كان من اعز أصدقائي هكذا كانت الحياة في منظوري الطفولى رحيل دائم من المنبع إلى المصب بين محطتين يمتد عمر الإنسان الأمر الأكبر والأجمل هذا العام كان زواج عمى حسين الذي كان يعمل محاسبا في مستشفى عطبره ولكم إن لا تصدقو مدى حب السودانيين للفرح أنذراك لمجرد زواج موظف بسيط مثل عمى حسين ..انتشرت إرهاصات الفرح وعمت كل الأهل والأصدقاء في المدينة واصبح البيت خلية نحل،تم حجز عربة قطار كاملة..لان الزواج سيمتد من المدينة ألي بلدتنا في الشمال مورا..التي هاجر منها جدي احمد الأمين كهجرة النخيل وكان النزوح ألي مدن النخيل بعد ظهور مرفق السكة حديد وسودنه الخدمة المدنية التي استوعبت كل هجرات الشمال...إلى ذلك الوقت من السبعينات كانت الهجرة معقولة،كانت الأرياف عامرة بالخضرة والماء والوجه الحسن دعونا نعود للهجرة العكسية لحصاة التمر التي أمثلها أنا ورحلة العودة للبحث عن الجذور عبر كرنفال الفرح الذي يجسده زواج عمى حسين الطيب الذي اجله كثيرا في يوم السفر تقاطر الناس من كل حدب وصوب الجدود والاعمام والعمات وامتلأت عربة القطار عن اخرها وسط أهازيج الفرح وضرب الدفوف،تم إلحاق العربة بقطار كريمة الذي يسافر شمالا إلي مدينة كريمة. بدأت الرحلة وأنا أجلس عند النافذة واشاهد المحطات تتوالى ومعالم الخضرة وحقول القمح تمتد كالبساط وأشجار النخيل تقف في جلال علي مد البصر .. كانت الرحلة طويلة وجميلة إلي مدينتنا كريمة. ممن هناك تم توزيع الناس في عربات بد فورد ونيسان .. كم تم توزيع الباقين علي الباخرة النيلية . كانت هناك العديد من البواخر التي تمخر الماء بين دنقلا وكريمة لها أسماء جميلة "عطارد ـ كربكان ـ الزهراء ـ الجلاء " كان نصيبنا نحن والأسرة أن نسافر بميكروباس فورد إلي مورا .. بدأت الرحلة ليلا وانطلقنا في بحورمن الرمال علي اليمين وحقول لا نهائية من القمح علي اليسار ... وصلنا بيت جدي الكبير المتعدد الحجرات .. كانت "البلد" كما نطلق عليها مليئة بالناس والحياة .كما أن زواج عمي ألبسنا حلة من الفرح المقيم ، تم توزيع المدعوين علي كل بيوت البلدة حيث فرش الديوان بالملايات الزاهية وفرشت الارض بالرمال النظيفة وعلي ما اذكر استمر العرس أربعين يوما بكل طقوسه الكثيرة .آنذاك كما أخبرتكم نحن شعب له قدرة غير عادية علي صناعة الفرح .. كانت جرار من المشهيات الروحية البلدية تقبع مدفونة إلى منصفها في أرض السقائف الباردة وهي جزء أساسي من طقوس العرس .. الناس بقيت معنا في فرح دائم بفعل خمور مصنوعة من التمر والذرة ولها أسماء عدة "الدكاي ، البقنية، والشربوت"أما الطرب فمن النوع الشعبي والعزف علي آلة الطنبور مع كورس والتصفيق بالأيادي وإيقاع خاص بمنطقة الشايقية سمي الدليب وآخر يسمي الشتم .. والرقص مختلط حيث يقف الرجال صفوف ويضربون بأرجلهم إيقاعات اسبه بألدبكة اللبنانية وترقص النساء رقصة الوزين وهي تشبه عملية الغزل بين الطيور ..وما أشبه أهلي الطيبون بالطيور...
********* حقول القمح أكثر ما أسعدني آنذاك الخضرة الممتدة من النيل حتى تخوم القرية حقول القمح والبرسيم وأشجار النخيل والمانجو والليمون.. كانت المزارع تسمي "التحتانية" لأنها جهة النيل . المنظر الثاني هو الرمال التي تجسد الزحف الصحراوي ، تلك الرمال العنيدة التي تمطتي ظهور البيوت في رغبة وقحة لدفن القرية .. من أجمل السيموفنية في اذني عند الغروب ثغاء البهائم ونهيق الحمير وصوت طلمبة الماء الذي يتداعي من بعد " دق ـ دق ـدق ...دق" أما سيموفنية الصباح فتبدأ بصياح الديك ونداءات أهل القرية ، انهم اهل القري ينامون باكراً ويستيقظون باكرا قبل شروق الشمس . كما كانت تفعل جدتي الحرم ..هذه الجدة الحديث عنها يطول ومن الذكريات السيموفنية صوت الطواحين في سوق البلدة الصغير وهي تطحن القمح السوداني الذي نزرعه في حقولنا "تك.. تك... تك.." هذا القمح الطاهر الذي تنتجه حقولنا تقوم النساء بعجنه وإنضاجه علي نار "الدوكة" وهي قطعة مستديرة من الفولاذ الصلب ،سوداء بفعل السخام تجلس علي ثلاثة اسافي "إداريات " ويوضع الوقود من جريد وحراشف النخيل (الكروق) ونحن نصنع نوعين من أقراص الطحين احدهما سميكة في الفطور والأخرى رقيقة مثل القماش
***************** الرحلة الثانية إلي الجذور
خيمة السعودية دف ما بتدفيك لبن اليهودية بلدك ينسيك قمحا جاك من أمريكا خازوق ركب فيكـــا ما بكفيك غير خير بواديك؟* مضت عشر سنوات علي الرحلة الأولى بحثا عن الجذور...نحن الآن في عام 1980م في العطلة الصيفية ،أغسطس .. هذا العام تقرر أن تسافرالوالدة إلى البلد للأشراف علي عملية حصاد التمر (حش التمر) وكنت أنا مرافق ومعي خالد ابن خالتي والذي أراه لاول مرة ، ذلك لأنهم كانوا في غرب السودان، والده يعمل في السكة حديد .. خالد أصبح من أعز أصدقائي وأقرب ا نسان إلى قلبي ..وذلك للرحلة الجميلة بالقطار ولكن هذه المرة تقدم بنا العمر ولم نعد أطفالا .. اختبرت هذا العام لدخول الجامعة..بدأ الترهل يدب في مرفق السكة حديد وأصبح هناك قطار واحد في الأسبوع يزحف كالسلحفاة عبر محطات ، كانت مظاهر الجدب واختفاء حقول القمح التدريجي من كل المناطق التي لا زالت ذكراها الخضراء عالقة في اروقة ذاكرتي الطفولية ,وصلنا مدينة كريمة وركبنا سيارة إلي مورا ثم إلي كوري بلد أمي .. هناك يبدو أن الرمال انتصرت أخيرا . كانت البيوت شبه خالية فقد تهدم بيت جدي الذي كنت أعتز به كثيرا ، تساقطت معظم حجراته وبدت البلدة خالية وكئيبة، تغيرت المعالم والعادات وهاجر معظم الشباب وبقي الرعيل الأول من الأجداد يشرف علي أشجار النخيل، اختفت حقول القمح وواختفت الطواحين وظهرت الأفران والخبز الإفرنجي الناصع البياض كغرف المستشفيات .. وظهرت المعونة الأمريكية وتلوثت بلادنا بالدقيق الأمريكي وبدأ السحت يغزوا أجسادنا ودب فيها الوهن ..أخذت الامور تسير من سئ الي أسوأ . جلسنا في البلد خمسة عشر يوما تقريباً .قمت مع أمي وابن خالتي بالاشتراك في عملية حصاد التمر ووضعه في جوالات وجاء كبار التجار لشراء التمر بثمن بخس ..ثم عدنا مرة أخري إلي كريمة ومنها بالقطار إلي عطبرة .. انتهت رحلتي الثانية إلي الشمال وأنطبع في ذاكرتي شئ واحد .. أن هناك أشياء بدأت تموت ببط شديد ، شئ أسمه الريف السوداني الغني بالناس و المشاعر الفياضة وإن الزحف والهجرة إلي مدن النخيل أتخذ شكل وبائي ... وكما عبر شاعر العامية محمد الحسن سالم الحميد ( الحزب الشيوعي السوداني ) من أبناء الشمالية بكلماته البسيطة عن الملعونة الأمريكية {وما هي إلا إرهاصات للجوع الذي جاء لاحقاً ودخل السودان في النفق المظلم
#عادل_الامين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كن اباذر...!!!!
-
حكاية لم يروها النهر
-
قائمة السفاح(يونس محمود)
-
حب الناس العاديين
-
تداعيات الزول السوداني في اليمن
-
العلمانية هي مناة الثالثة الاخرى
-
الاتجاه المعاكس:العلمانيون والاسلاميون العرب وجهين لعملة واح
...
-
سيرة مدينة(10)عين شمس
-
دراسات سودانية:(10)الجبر والاختيار
-
دراسات سودانية(4)المدنية والحضارة
-
سيرة مدينة: ....بيت الشاتي...........
-
حدث في معسكر اللاسلكي
-
كانوا في زيارة ابنهم ال(ديك..تور)ا
-
الغجر..أول دروس الحرية
-
فضائية الحوار المتمدن
-
ملامح من الفكر السوداني المعاصر(6-7):الاسلام والسلام
-
ملامح من الفكرالسوداني المعاصر(5-7):آيات الاصول وآيات الفروع
...
-
ملامح من الفكر السوداني المعاصر:(4-7)المجتمع العبودي،المراة،
...
-
ملامح من الفكرالسوداني(3_7):الفرد والمجتمع
-
ملامح من الفكر السوداني المعاصر(2-7) نشاة المجتمع
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|