دروس في النحو والإملاء :الدرس الرابع عشر : النحو الساكن / مقدمة وتعاريف

علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 616 - 2003 / 10 / 9 - 03:28
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

                                                              

  أكتب هذا الدرس وقد  شاءت المصادفات أن يكون اليوم هو الاثنين الثاني والعشرين  من أيلول / سبتمبر ، وستمر بعد بضعة (فائدة :  بضع وبضعة تفيد العدد بين ثلاثة وتسعة )  أيام الذكرى الخامسة لرحيل أستاذي ورفيقي الشيخ هادي العلوي المفكر والمعجمي الذي قدم للغة العربية ثلاثة قواميس من معجمه " المعجم العربي المعاصر " والذي لم يسعفه الأجل لإتمام قواميسه السبعة الأخرى . لقد بذل الراحل جهودا جبارة في أعوامه  الأخيرة لموضوع  تسهيل وتبسيط اللغة العربية التي خنقها الإكليروس اللغوي المحافظ في قوانين وقواعد جامدة وشديدة التعقيد . وكان من جملة الأمور التي توقف عندها ومارسها هو موضوع النحو الساكن البسيط والذي يسهل الكتابة والقراءة بعيدا عن التقعر والحذلقة والنحو المبالغ فيه والمعقد .  ولهذا فسوف أعتمد بشكل رئيسي في تقديم هذه الدروس للتعريف بالنحو الساكن على ما كتبه الراحل في كتابه ( المعجم العربي الجديد .. المقدمة / دار الحوار / اللاذقية 1983 ) والذي سأرمز له اختصارا بكلمة " المقدمة " وعلى مقدمة ( المعجم العربي المعاصر / قاموس الإنسان والمجتمع 1997) .

لقد  شئت أن أبدأ دروس النحو بموضوع النحو الساكن الذي سأخصص له نحوا من سبعة دروس ،ليأخذ الدارس فكرة عن الموضوع قبل أن يبدأ بدروس النحو المعرب المتحرك ، وهدفي الحقيقي من ذلك ،إضافة إلى ما تقدم، هو تقديم النحو العربي بشكل جديد ،متطور ،سهل و أنيق ، يبتعد عن التعقيد والحذلقة ولا يأخذ من القواعد إلا ما هو ضروري جدا لمنع اختلاط المعاني وتفادي اللبس .

والنحو الساكن عكس النحو المتحرك أو المعرب ، فإذا كان تعريف الإعراب يقول : هو تغيير أواخر الكلمات لاختلاف العوامل الداخلة عليها وهو يكون إما لفظا نحو  ( أثمرَ النخل ُ) أو تقديرا نحو ( قتلَ الجنديُّ الأمريكيُّ الفتى العراقيَّ )حيث كلمة الفتى تعرب مفعولا به منصوب وعلامة نصبة الفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها الثقل ،  أو محلا نحو ( هذا الوزيرُ الجديدُ كانَ جلاداً في عهد صدام  ) فهذا اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ .

   إذا كان هذا هو تعريف الإعراب ، فالنحو الساكن هو ذلك الأسلوب في اللغة المكتوبة والملفوظة الذي لا يتقيد بتلك العوامل والعلامات على أواخر الكلمات بل يسكنها تبسطا للكلام ولا يأخذ بالحركات إلا في ما يخشى وقوع اللبس والاختلاط فيه وهو قليل ونادر .

النحو الساكن إذن ،وهو عدم التقيد الحرفي بقواعد الإعراب، و ترك حركات ضبط الكلمات والاكتفاء بالسكون في الحالات التي لا يخشى فيها اللبس واختلاط المعنى . وكان اللغوي المصري د. تمام حسان قد سبق الراحل العلوي إلى هذا الموضوع في دراسة مهمة عنوانها " القرائن النحوية و اطراح العامل والإعرابيين التقديري والمحلي " نشرها في مجلة " اللسان العربي 1971 .وبموجب هذه الدراسة تكون مهمة الإعراب تلافي اللبس واختلاط المعاني ، فإذا توفرت القرائن المانعة لحدوث اللبس والاختلاط أهملت جميع القواعد والشروط النحوية التقليدية .

ولتوضيح هذا المعنى يشرح لنا أبو الحسن العلوي أن للإعراب وظيفتين:

-      الأولى هي إيضاح المعنى المقصود من الكلام بالتمييز بين حركات المفردات .

فأنت حين تكتب ( ساعد خالد سمير ) بالنحو الساكن أي دون حركات لا يفهم القارئ أو السامع من هو الذي قام بفعل المساعدة ومن هو الذي وقع عليه الفعل "ساعدَ " . أما حين تقول ( ساعدَ خالدٌ سميرا ) أو ( ساعدَ خالداً  سميرٌ ) فسيكون الفاعل معروفا والمفعول معروفا أيضا من خلال الرفع بالضمة والنصب بالفتحة  أما في صيغ المثنى والجمع فالأمر يتكرر ولكن علامات الإعراب الفرعية أي الياء والنون .. لاحظ هذا المثال : ( هزم المقاومين العراقيين المحتلين الأمريكيين ) لا نفهم من هذا القول من المنتصر ومن المهزوم لعدم ضبط الكلمات إعرابيا ، و ستكون العبارة مفهومة حين نقول ( هزم المقاومون العراقيون المحتلين الأمريكيين ) أما قولنا في الجمل التي تبدأ بأفعال لازمة ( انتصر المقاومين على الغزاة  ) فالمعنى واضح مع أن القاعدة توجب رفع الفاعل ( المقاومون )  وهذه مجرد أمثلة بسيط على النحو الساكن .

أما الوظيفة الثانية للإعراب فهي موسقة الكلمات والعبارات أي  إعطاؤها إيقاعا موسيقيا خاصا وهذه الوظيفة خاصة بالشعر بنوعية العمودي والحر .

 

وإلى اللقاء في الدرس القادم /الخامس عشر لنستكمل الحديث عن النحو الساكن / الهدف والكيفية .

#علاء_اللامي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات