خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 2012 - 2007 / 8 / 19 - 10:46
المحور:
القضية الفلسطينية
في المدخل الرئيسي للمستشفى التخصصي بمدينة نابلس يواجهك إعلان معلق في صدر قسم الاستقبال يقول : ( مستشفانا خاص لا يقبل تحويلات سلطة – الإدارة ).. رأيت الإعلان فاستوقفني ولفت انتباهي.. قرأته أكثر من مرة، وقمت بتصويره بجهاز السيلكوم الذي احمله.. وتساءلت في نفسي لماذا وضع هذا الإعلان.. وما المقصود به..؟؟ ولم تطل دهشتي كثيرا وجاءت الإجابة من مسئول كبير في المستشفى دخل قسم الاستقبال حانقا، ووراءه سيدة نابلسية، حيث طلب منها قراءة ذلك الإعلان جيدا، قائلا لها : ستدفعي كامل تكاليف علاج مريضك-- حتى ولو كان معك تحويل مصدق ومختوم وموقع من اكبر مسئول حكومي.. لأننا أوقفنا التعامل مع تحويلات السلطة منذ زمن طويل، ونحن قمنا بوضع الإعلان هنا منعا للإحراج-- للمريض ولنا.. كانت هذه الكلمات جافة بالنسبة لي، إذ يبدو أن السيدة هي من الوسط الفقير في مدينة نابلس ( وهو الوسط الذي تقول الإحصائيات أن نسبته الآن تزيد عن أل 60% من السكان، نظرا للحصار المشدد المفروض على المدينة من بداية الانتفاضة ولغاية اليوم ).. سالت احد الموظفين : ما سبب توقيف التعامل مع تحويلات السلطة..؟؟ فأجاب بمرارة: لان ديون المستشفى على السلطة قد تراكمت بشكل مذهل، وهي ( أي السلطة) لا تلتزم بدفع مستحقات المستشفى المترتبة على التحويلات.. وأضاف الموظف أن المستشفى ورغم انه خاص واستثماري-- قرر وقف التعامل مع السلطة..
عدت للتفكير في الموضوع، وقلت في نفسي أن المستشفى لم يضع هذا الإعلان إلا بعد أن فاض كيله، وتهاوت ثقته تماما بالسلطة.. وسالت موظفا آخر: الم يدخل المستشفى مسئول كبير يغار على سمعة السلطة ويغضب ويعترض وضع على هذا الإعلان-- الذي هو بمثابة فضيحة مجلجلة للسلطة ويسيء إلى سمعتها..؟؟ فأجاب ذلك الموظف ضاحكا: أبدا لم يعترض احد على الإعلان رغم أن المسئولين ( وما أكثرهم ) يدخلون المستشفى باستمرار.. فقلت في نفسي-- يبدو أن جلد أولئك المسئولين قد تخن وأصبح مثل جلد التماسيح، وأنهم فقدوا مشاعر الغيرة تجاه سمعة السلطة-- التي لحم أكتافهم من خيرها-- ومن المؤكد أن موضوع الإعلان في المستشفى التخصصي يشير إلى حجم الفوضى والفساد اللذان تغلغلا في أجهزة الحكومة الرسمية، وهو الفساد الذي كشفت بعض تقارير الحكومة-- الخاصة بتحويلات العلاج-- انه كان يكلف موازنة السلطة سنويا عشرات الملايين-- كانت تذهب هدرا وهباء، حتى أن البعض من ( العارفين ) يتجرا ليقول: أن بعض المسئولين – عندنا- هم شركاء في ملكية مستشفيات خاصة بالخارج، وهم بدورهم كانوا يوجهون المرضى للسفر إليها والعلاج فيها ( رغم توفر نفس العلاج عندنا هنا في الداخل )، كي تمتلئ خزائن مالهم، وينهبوا ما تيسر من المال العام.. ويبقى السؤال مفتوحا وموجها إلى السيد الرئيس أبو مازن-- متى ستفي بوعدك الانتخابي عندما كنت مرشحا للرئاسة.. وقلت حينها للجماهير أعدكم بالإصلاح..!! كما ويبقى السؤال لكل الشرفاء والمخلصين-- ماذا تنتظرون لخوض معركة التغيير لدحر الفساد والمفسدين..؟؟
مخيم الفارعة -- 17/8/2007
#خالد_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟